اعتبرت فاطمة التامني النائبة البرلمانية عن "فدرالية اليسار الديمقراطي" أن مشروع قانون المسطرة الجنائية بصيغته الحالية لا يستجيب لانتظارات بناء عدالة تضمن الحقوق والحريات. وأضافت في الجلسة التي عقدها مجلس النواب، أمس الثلاثاء لمناقشة المشروع والتصويت عليه، أن المشروع لا ينسجم مع التزامات المغرب الدولية في مجال حقوف الإنسان، وخاصة مناهضة التعذيب وضمان المحاكمة العادلة.
وانتقدت التامني الهيمنة الأمنية التي يكرسها هذا النص، من خلال توسيع صلاحيات الضابطة القضائية دون رقابة فعالة، خاصة في مرحلة الحراسة النظرية، وحرمان المتهم من الضمانات الأساسية كالحضور الفوري للمحامي، والتسجيل السمعي البصري للاستماع، وهو ما يعرض المتهمين للتعسف ويضعف قرينة البراءة. وسجلت بأسف استمرار التساهل مع الفساد، حيث يبقي المشروع على مقاربة زجرية ضد الفئات الهشة بينما لا يضع آليات فعالة لتجريم ومتابعة جرائم الفساد المالي، ونهب المال العام، بل الأسوأ من ذلك يمنع المشروع جمعيات المجتمع المدني من تقديم شكايات في هذا المجال، مما يشكل انتكاسة صريحة لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتقويضا لدور الرقابة المجتمعية المنصوص عليها في الدستور. وأكدت التامني أن المشروع يمثل نكوصا عن مقتضيات الفصل 12 من الدستور الذي ينص على إشراك الجمعيات في تتبع السياسات العمومية، ويضعف دور الرقابة الشعبية. وشددت على أنه كان من المفروض أن يكون هناك اجتهاد في تجريم الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح، وليس تعبيد الطريق لتوفير الحماية للمتورطين في شبهات نهب المال العام من خلال المادتين 4 و 7 من المشروع، متسائلة عن كم قضايا الابتزاز التي يتذرع بها وزير العدل للتضييق على المجتمع المدني في محاربة الفساد. ولفتت إلى أن هناك متابعات بالعشرات بل بالمئات في حق منتخبين متورطين في قضايا الفساد ونهب وتبديد الأموال العمومية، وبالتالي فإن الوزير مطالب أن يعطينيا القرائن المتعلقة بالابتزاز. وانتقدت التامني في ذات الوقت تعامل وهبي مع المؤسسات الدستورية التي قدمت رأيا بشأن هذا المشروع وكأنه يمتلك الحقيقة المطلقة، على حد قولها. وسجلت أيضا غياب آليات التكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف في المشروع، وتهميش مقاربة الوقاية وإعادة الإدماج مقابل تغليب الردع والعقاب، ومنح سلطة شبه مطلقة للنيابة العامة دون آليات شفافة للمراقبة والمساءلة، مما يتنافى مع مبادئ المحاكمة العادلة واستقلال القضاء. وأشارت أنه لهذه الأسباب ترفض "فدرالية اليسار" مشروع قانون المسطرة الجنائية بصيغته الحالية، داعية إلى إعادة صياغته بمنظور حقوفي ديمقراطي يضع المواطن في قلب العدالة، ويجعل من محاربة الفساد أولوية حقيقية.