نظمت شبكة"WeareMena" الإسرائيلية و جمعية " ميمونة" في المغرب رحلة تضم 25 استاذا مغربيا جلهم من مدينة الصويرة. و قد انطلقت الرحلة يوم الخميس 17 يوليوز 2025 من مطار الدارالبيضاء نحو مدينة برلين ، لزيارة المواقع المرتبطة ب" الهولوكست" في ألمانيا و بلونيا، و الوقوف على معاناة اليهود في هذه الأماكن على يد النازيين. و قد وصف الممثل الإسرائيلي لشبكة "weareMena" السيد جورج استيفن هذه الرحلة بأنها الأولى من نوعها في العالم العربي، و أن طبيعتها تربوية، و أن الزيارات التي تشملها تدخل في إطار برنامج يؤطره مدربون إسرائيليون و عرب، من بينهم مؤرخون و خبراء بيداغوجيون سهروا لمدة طويلة على تحضير مواد تلك البرامج، و أن الهدف من هذا التكوين هو إيصال معرفة معمقة تستند إلى بناء علاقة مباشرة بين المتعلم و أماكن " الهولوكوست" لإستعاب السرديات التاريخية المرتبطة بالموضوع ، و تزويد الأساتدة المشاركين في الرحلة بالأدوات الضرورية لنقل ما استوعبوه باللغة العربية ، و بطريقة تراعي الخصوصيات الثقافية لشمال افريقيا.
إذا علمنا أن الحركة الصهيونية توظف " الهولوكست" لكسب التعاطف و التأييد لدولة إسرائيل، و اتهام كل من ينتقد جرائمها بمعاداة السامية ، فإن ما جاء على لسان المنظمين لهذه الرحلة يفضح بما فيه الكفاية أننا أمام عملية إسرائيلية لغسل أدمغة رجال التعليم في المغرب ، و تسخيرهم كأدوات لنقل السردية الصهيونية . و من الواضح أيضا أن هذا البرنامج قد أعد لتنظيم رحالات تكوينية أخرى تشمل أفواجا جديدة من الأساتدة المغاربة و في مجموع الوطن العربي. إن المثير للإشمئزاز هو أن هذه الحرب الأيديلوجية الصهيونية على الشعب المغربي و أبنائه تتم بشراكة مباشرة مع مؤسسات يقودها مغاربة ، و منها جمعية" ميمونة " التي تحضى برعاية خاصة من طرف السلطات المغربية. بل إن أحد مسؤولي هذه الجمعية ، السيد الكاوكابي، قد صرح في تقديمه للرحلة المذكورة بأن ما تقوم به جمعيته مع الشبكة الإسرائيلية يتماشى مع منظور أعلى سلطة في البلاد ، فيقول أن " الملك محمد السادس قد أكد أن الهولوكست يىبقى أحد أحلك الفصول في تاريخ البشرية ، و يجب أن يتم تدريسه، و إننا نواصل هذه الرؤية لنجعل ثلاميذنا يدركون أن الحقيقة، و التعاطف، و الشجاعة، أمورا ذات أهمية ". انتهى كلام الكاوكابي، لكنه لم يخبرنا إذا ما كانت الشجاعة و الحقيقة ستفرض في برنامج تلك الرحلة الربط بين هولوكست الأمس في ألمانيا النازية، و الهولوكست الفلسطيني الجاري اليوم على يد الصهاينة في غزة. ! ما أظن أن هذا ما تبتغبه شبكة WeareMENA الإسرائيلية . و بارتباط غير مباشر مع هذا الحدث، و في نفس اليوم الذي انطلقت فيه من الدارالبيضاء رحلة الأساتدة المغاربة إلى أماكن النكبة اليهودية في ألمانيا، نظم حزب الحركة الشعبية ندوة شارك فيها جنبا إلى جنب الشيخ المسلم محمد الفزازي و " الحداثي " أحمد عصيد و ممثل الطائفة اليهودية "جاكي كادوش" الذي كان النجم المتألق ، و الذي في كلمة مطولة مليئة بالمشاعر و الحب الزائف طالب البرلمان المغربي بترسيم رأس السنة اليهودية عيدا وطنيا كما هو حال رأس السنة الهجرية و رأس السنة الأمازيغية، و أضاف كخبر سار أنه تلبية لطلب كان قد قدمه سيتم قريبا بناء كنيس يهودي جديد في الحي الشتوي في مراكش ، مع العلم أن في المدينة القديمة يوجد كنبس يهودي كبير ، و أن عدد اليهود المغاربة في مراكش لا يتعدى اليوم مائة و ثلاثون نفرا بعضهم لا يمارس الشعائر الدينية. لكن الأكثر و قاحة وتعبيرا عن التوجه الصهيوني لهذا الشخص الذي يدعي الوطنية و الوفاء للمغرب ، هو ما قام به عندما نهض و سط الجمع ليضع على رأسه خرقة الكاهن الحزان و ينفخ "الشوفار" كما يفعل الصهاينة في اسرائيل، كل مرة يقتحمون فيها ساحة المسجد الأقصى، و يدنسون حرمته المقدسة. إن هذا الطقس الديني الثلموذي ، النفخ في " الشوفار" و هو مزمر مشكل من قرن كبش كبير ، له دلالة سياسية صهيونية لكونه يرمز في الديانة اليهودية إلى بداية خلاص شعب الله المختار، و تشكيل مملكة اسرائيل الكبرى الممتدة من واد النيل في مصر إلى نهر الفرات في العراق، و هو المشروع التوسعي الذي لتحقيقه تخوض اسرائيل حرب الإبادة في غزة و الضفة الغربية، و تحتل أراضي شاسعة من سوريا ولبنان. إن ممثل الطائفة اليهودية يعرف المدلول السياسي لفعلته هذه، لكنه سمح لنفسه بالنفخ في مزمر نبوءة بناء اسرائيل الكبرى في قلب الرباط عاصمة المغرب، لأن أحدا قبله من آكادير ، عبدالله الفرياضي، طلب من بلدية مدينته أن تسقط اسماء شارعي عبدالحيم بوعبيد و علال الفاسي و استبدالهما بأسماء شخصيات يهودية، و في أول صفحة من جريدته " حقائق مغربية'" كتب بخط عريض:" المغرب المملكة المقدسة لبني إسرائيل " دون أن يحرك ساكنا أي مسؤول في الدولة يدعي الغيرة على المقدسات و ثوابث الأمة التي باسمها يدخل للسجون العديد من الوطنيين الديمقراطيين لمجرد كلمة تأول على أنها مسا بتلك المقدسات! لكن في المغرب لا نستغرب كذلك عندما يتم افتتاح كنيس يهودي في جامعة محمد السادس المتعددة التخصصات التقنية في مدينة بن ݣرير، مع أنه لا يوجد أي طالب يهودي في هذه الجامعة. إن مثل هذه الوقائع المفجعة و المفضوحة، إضافة إلى سيل الشراكات التي تمس مختلف القطاعات الأمنية و العسكرية و الإقتصادية والثقافية مع اسرائيل، تشير كلها بوضوح أن التطبيع المغربي تجاوز كل الحدود ليصبح بوابة مشرعة بالكامل لصهينة المجتمع المغربي كأرضية فكرية و سياسية لتعزيز النفود الصهيوني في المغرب، على حساب مصالح شعبه و سيادته الوطنية .