دعت حركة "التوحيد والإصلاح" إلى استثمار الاحتجاجات الشبابية في مراجعة السياسات العمومية، وتحسين شروط العيش والثقة بين الدولة والمجتمع. وأكد رئيس الحركة أوس رمال أن هذه الاحتجاجات ليست الأولى في تاريخ المغرب، لكنها بلا شك من الأقوى والأوسع من حيث المشاركة والامتداد الجغرافي، وقد أظهرت حجم الاحتقان الاجتماعي وتطلعات فئات واسعة إلى إصلاحات أعمق وأسرع.
واعتبر في حوار مع موقع "عربي21" أن المغرب يمتلك رصيدا معتبرا من الخبرة في تدبير مثل هذه الأوضاع، وهو ما يساعد على الحفاظ على الاستقرار العام، لافتا أن المطالب ظلّت في عمومها اجتماعية واقتصادية مشروعة، تعكس رغبة في الإصلاح لا في القطيعة. وأبرز رمال أن جذور هذه الاحتجاجات مرتبطة أساسا بالأوضاع الاجتماعية الصعبة، خصوصا لدى فئة الشباب التي تعاني البطالة وضبابية المستقبل. كما أن التدهور المستمر في التعليم العمومي والصحة العمومية، مقابل الارتفاع المهول في كلفة التعليم الخصوصي والعلاج في المصحات الخاصة، زاد من شعور المواطنين باللاعدالة، كل ذلك ولّد احتقانا عاما يحتاج إلى معالجة شجاعة تعيد الثقة وتفتح أفق الأمل أمام الأجيال الصاعدة. وشدد على أن مطالب هذا الجيل، كما عبّر عنها من خلال حراك "جيل زد 212′′، واقعية ومشروعة؛ فهي تتمحور حول قضايا أساسية كالصحة والتعليم والعدالة الاجتماعية، وهي حقوق أصيلة يكفلها الدستور ويؤكدها الحس الوطني العام، والمغرب، بما يتوفر عليه من خيرات بشرية وطبيعية ومن مؤسسات قائمة، قادر على الاستجابة لهذه المطالب وتحقيق ما هو أكثر، إذا توفرت الإرادة والإدارة الجيدة للموارد. وأشار رمال أنه ينبغي التحرر من منطق "حكومة رجال الأعمال" التي تُقاس إنجازاتها بمؤشرات الأسواق والأرباح، لا بمستوى العدل والكرامة في معيشة الناس. قد آن الأوان لتحويل بوصلة الدولة نحو المشاريع التي تعود بالنفع المباشر على الشباب في التشغيل والتعليم والصحة والسكن، وتأجيل المشاريع الضخمة التي لا يشعر المواطن بثمارها إلا بعد عقود؛ فالثقة لا تُستعاد بالكلمات، بل بالنتائج التي يلمسها الناس في حياتهم اليومية.