طالبت الجمعية المغربية للتخدير والإنعاش، وجمعية الجنوب لممرضي التخدير والإنعاش، وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي بتقنين مسطرة إدارية وبروتوكول وطني للتكفل التخديري التمريضي الاستعجالي بالعمليات الجراحية المستعجلة في ظل غياب طبيب في التخدير والإنعاش، وذلك في رسالة بعثتها إلى الوزير بمناسبة اليوم العالمي للتخدير، الذي يصادف السادس عشر من أكتوبر من كل سنة. وأوضحت الرسالة، التي حملت توقيع الهيئتين -ووصل موقع "لكم" نظير منها- أن هذا الحدث يُعدّ فرصة سانحة لإيصال تطلعات وهموم ممرضي التخدير والإنعاش إلى الوزير، في ظل المستجدات التي تعرفها المنظومة الصحية الوطنية، واستمرار الجمود التشريعي في هذا المجال منذ سنة 1960، رغم الحركية التشريعية التي شهدها العقدان الأخيران.
ومن أبرز المحطات التي استندت إليها الرسالة، الفصل 3 من المرسوم رقم 2.59.058 الصادر سنة 1960 المتعلق بتحديد قائمة الأعمال الطبية التي يجوز للممرض مباشرتها، والمادة 22 من قرار وزير الصحة رقم 177.06 الصادر سنة 2006 بشأن تحديد المصنف العام للأعمال المهنية، إلى جانب المادة 6 من القانون رقم 43.13 المتعلق بمزاولة مهنة التمريض الصادر سنة 2016، وكذا المادة 2 من قرار وزير الصحة رقم 2150.18 الصادر سنة 2018 المحدد لقائمة الأعمال المنوطة بموظفي هيئة الممرضين وتقنيي الصحة المشتركة بين الوزارات، علاوة على مذكرة المصلحة رقم 68 بتاريخ 7 دجنبر 2022 المتعلقة بضمان استمرارية خدمات التخدير والإنعاش. ونبهت الرسالة إلى أنه استنادًا إلى هذه النصوص القانونية وإلى ما استقر عليه الاجتهاد القضائي المغربي، تم تكريس قاعدتين أساسيتين: الأولى أنه لا تُجرى العمليات الجراحية المبرمجة إلا بحضور فعلي لطبيب متخصص في التخدير والإنعاش، حيث يزاول ممرضو التخدير مهامهم تحت إشرافه ومسؤوليته المباشرة؛ والثانية تتعلق بتكليف ممرضي التخدير والإنعاش، بصفة استثنائية ومؤقتة، بتأمين التدخلات الاستعجالية التي يقررها الطبيب الجراح والتي لا تحتمل التأجيل في حال غياب الطبيب المتخصص في التخدير والإنعاش. غير أن الحالة الثانية تظل تطرح إشكاليات قانونية ومهنية دقيقة، لما قد يترتب عنها من تبعات جنائية شخصية على الممرضين، بالنظر إلى الطبيعة الخطرة لأعمال التخدير، وإلى تداخلها مع أعمال الإدارة المحلية، وكذا مع مقتضيات المرسوم رقم 2.06.623 المتعلق بإحداث تعويض عن الحراسة والخدمة الإلزامية والمداومة بالمؤسسات الصحية. وبينما دعت الهيئتان إلى حسم تشريعي واضح بخصوص حالات الاستعجال، وذلك إلى حين صدور لائحة الأعمال التمريضية الواقعية المنصوص عليها في المادة 9 من المرسوم رقم 2.17.535 المتعلق بالنظام الأساسي الخاص بهيئة الممرضين وتقنيي الصحة المشتركة بين الوزارات، التمستا من الوزارة -باعتبارهما قوة اقتراحية وشريكًا مهنيًا ملتزمًا- إدراج جملة من النقاط خلال الإعداد لأي نص تنظيمي أو تشريعي ذي صلة بالموضوع. وتشمل هذه المطالب إصدار نصوص قانونية توضح المسطرة الإدارية الواجب اتباعها قبل اتخاذ قرار التخدير الاستعجالي، واعتماد مطبوع وطني رسمي يوثق قرار التدخل التمريضي التخديري الاستعجالي من طرف الطبيب الجراح وممثل الإدارة المختص، والعمل على توحيد النموذج الوطني لملف التخدير، وإعداد بروتوكول وطني للتخدير التمريضي الاستعجالي مصادق عليه من طرف الوزارة، مع تحيينه بصفة دورية، إلى جانب تحديد الحالات الجراحية الاستعجالية التي يُسمح فيها حصريًا بالتدخل التخديري التمريضي في غياب الطبيب المتخصص. كما شددت رسالة الهيئتين على ضرورة توعية الأطباء الجراحين بمسؤولياتهم القانونية الشخصية تجاه الحالات المستعجلة، وتعزيز الثقة والتعاون بين ممرضي التخدير والأطباء وممثلي الإدارة، من خلال التواصل والتأطير والتكوين المستمر، وكذلك تحديد الإجراءات الواجب اتباعها في الحالات التي يتعذر فيها التحاق طبيب التخدير في الوقت المناسب أمام حالة استعجالية لا تحتمل التأجيل.