دخلت جهة طنجة–تطوان–الحسيمة، مرحلة التنفيذ العملي لآليات الميثاق الجديد للاستثمار، عبر إطلاق قافلة جهوية تروم تعريف المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة بنظام دعم غير مسبوق، يستهدف تعميم المواكبة وتسريع الاندماج الاقتصادي على المستوى المحلي. وتمثل القافلة، التي افتتحت أولى محطاتها من مدينة العرائش، ترجمة مباشرة لخطاب الاستثمار الذي قادت المملكة خلال السنوات الأخيرة، وتحولا من التعبئة المركزية نحو التفعيل الترابي، في محاولة لتقليص الفجوة بين الإطار المؤسساتي والاحتياجات الميدانية للمقاولين الشباب وحاملي المشاريع. وبمبادرة من المركز الجهوي للاستثمار، وبتنسيق مع السلطات المحلية والقطاعات الوزارية المعنية، تستهدف القافلة سبعة أقاليم بشكل تدريجي، تشمل إلى جانب العرائش كلا من طنجة–أصيلة، تطوان، الحسيمة، وزان، فحص–أنجرة، والمضيق–الفنيدق، مع عقد لقاءات مباشرة، وورشات تفاعلية، ومساحات للإنصات والتوجيه. ويتيح نظام الدعم الجديد، الذي يشكل حجر الزاوية في ميثاق الاستثمار المفعل سنة 2023، ثلاث منح متكاملة: منحة للتشغيل مخصصة لإحداث مناصب شغل قارة، منحة ترابية لتحفيز الاستثمار في المناطق ذات الأولوية، ومنحة قطاعية لتوجيه المشاريع نحو الأنشطة المستقبلية ذات الأثر الاستراتيجي. ويمكن أن يصل إجمالي الدعم العمومي إلى 30 في المائة من قيمة الاستثمار المؤهل، مع إمكانية التراكم مع التحفيزات الجهوية. وأكد عامل إقليمالعرائش، العالمين بوعاصم، أن هذه القافلة تجسد التزام الدولة بجعل الاستثمار أداة لتثمين الإمكانات الترابية وتحقيق العدالة المجالية، مشددا على أن السياق الوطني الحالي يتميز بالانتقال من منطق الترويج إلى منطق الإنجاز، في ظل التوجيهات الملكية الساعية إلى تسريع وتيرة التنمية الترابية. وأوضح المسؤول الإقليمي أن تقوية المقاولات المحلية لا يمكن فصلها عن الدينامية الجديدة التي يشهدها المغرب، لاسيما مع دخول الميثاق الاستثماري حيز التنفيذ، وبدء تنزيل مقتضيات النموذج التنموي الجديد، ما يضع الجهات في صلب الرهانات الاقتصادية الوطنية. من جانبه، أبرز المدير العام للمركز الجهوي للاستثمار، ياسين التازي، أن الهدف من القافلة هو تعزيز سياسة القرب تجاه المقاولات، وتمكين حاملي المشاريع من الولوج إلى مواكبة عملية تتلاءم مع طبيعة مشاريعهم، مشيرا إلى أن المركز يسعى إلى تبسيط الولوج إلى منظومة الدعم وتفكيك التعقيدات الإدارية، التي ظلت تشكل عائقا أمام فئات واسعة من المستثمرين المحليين. وأضاف التازي أن جهة طنجة–تطوان–الحسيمة تراهن على دينامية مقاولاتية واعدة، لاسيما في صفوف الشباب، إلا أن الحاجة قائمة لتقوية قدرات الفاعلين، وتيسير شروط الانطلاق في بيئة تنظيمية ومالية محفزة. وقال إن القافلة ليست مناسبة دعائية، بل مسار متعدد المحطات يدمج التوجيه، التكوين، والمواكبة. وشهدت محطة العرائش مشاركة مكثفة من مقاولين شباب، أدلوا بمداخلات ركزت على التحديات العملية التي تواجه المشاريع الناشئة، منها صعوبة فهم المساطر الرقمية، والحاجة إلى تقوية العرض التكويني المواكب، وأهمية الاعتراف بالكفاءات المحلية كرافعة لتعزيز النسيج الاقتصادي الجهوي. وعرض خلال اللقاء شريط مرئي يبرز مؤهلات الجهة، كما قدم عرض تقني مفصل حول طريقة الاستفادة من النظام الجديد، وشروط الحصول على المنح، والمساطر المعتمدة، بما في ذلك المنصة الرقمية المخصصة لتقديم الطلبات. ويمثل هذا التطور استمرارية مباشرة لمسار التعبئة الجهوية الذي أطلقه المركز خلال الأشهر الماضية، حيث احتضنت مدينة طنجة لقاء موسعا مطلع الخريف، خصص لتفسير محاور الميثاق الجديد، بحضور ممثلين عن القطاعات المالية، والجماعات الترابية، والبنوك، وهيئات المواكبة. وينتظر أن تختتم القافلة جولتها قبل نهاية السنة الجارية، مع استخلاص خلاصات عملية من مختلف محطاتها، تشكل مرجعا لتجويد السياسات العمومية الجهوية في مجال دعم المقاولات، ضمن رؤية وطنية تسعى إلى تحويل الاستثمار إلى رافعة مركزية للإدماج الاجتماعي وتكافؤ الفرص الترابية.