تُباشر عدة مدن بشمال المغرب عمليات تحيين جديدة لوثائق التهيئة الحضرية، ضمن مسار مؤسساتي يهدف إلى تنظيم المجال الترابي ومواكبة تحولات التوسع العمراني التي تعرفها الجهة. وتندرج هذه العمليات في إطار مراجعة المخططات التوجيهية الكبرى، التي تشكل الأساس المرجعي لتوزيع الاستعمالات وتوجيه الاستثمارات على المستوى المحلي والجهوي. وأطلقت الوكالة الحضرية لطنجة ورش إعداد مخطط توجيهي جديد للتهيئة العمرانية (SDAU)، يغطي مجالاً ترابياً يتجاوز ألف كيلومتر مربع، ويشمل كلاً من عمالة طنجة–أصيلةوإقليم الفحص–أنجرة. ويأتي هذا المشروع استجابة لضرورة ملائمة التخطيط المجالي مع المشاريع المهيكلة الكبرى، وتوسع المناطق الصناعية والخدماتية التي غيرت البنية الوظيفية للمجال الترابي خلال السنوات الأخيرة. وتهدف هذه الوثيقة المرجعية، استنادا إلى المعطيات التقنية المتوفرة، إلى إعادة النظر في التنطيق وتحديد تخصيصات الأراضي، فضلاً عن تحيين ضوابط التعمير لتتلاءم مع متطلبات الاستثمار والسكن. ويركز المخطط على إدماج المعطيات المتعلقة بالكثافة السكانية، وتخطيط شبكات التنقل، والبنيات التحتية الأساسية، لضمان تنمية مجالية متوازنة. وفي المحور الساحلي الشرقي للجهة، يشمل الورش التخطيطي إقليميتطوانوالمضيق–الفنيدق، حيث تخضع وثائق التعمير السارية للمراجعة لملاءمتها مع المتغيرات السوسيو-اقتصادية. وتكتسي هذه العملية صبغة خاصة، إذ تندرج في إطار إعادة هيكلة النشاط الاقتصادي المحلي عقب إغلاق معبر باب سبتةالمحتلة، وما استتبعه من حاجيات جديدة على مستوى المناطق اللوجستية والتجهيزات العمومية. وعلى مستوى إقليمالعرائش، باشرت المصالح المختصة مسطرة مراجعة تصاميم التهيئة (PA)، بناءً على مؤشرات ديمغرافية وعمرانية رصدت تزايداً ملحوظاً في وتيرة البناء وتوسعاً للمدارات الحضرية، خصوصاً في الأحواض السكنية المحيطة بالمدينة والمراكز القروية الصاعدة. وتُنجز هذه الوثائق تحت الإشراف التقني للوكالات الحضرية المختصة ترابياً، وبتنسيق وثيق مع العمالات والأقاليم والجماعات الترابية المعنية. وتعتمد العملية على دراسات ميدانية دقيقة وتحليلات طوبوغرافية واجتماعية، تمهيداً لعرض المشاريع على اللجنة التقنية المحلية، قبل إخضاعها لمسطرة البحث العلني لتمكين العموم من إبداء ملاحظاتهم، ثم عرضها للمصادقة النهائية. وتنص دفاتر التحملات المؤطرة لهذه الدراسات على وجوب استحضار البعد البيئي، وضمان التناسق بين مختلف الوظائف المجالية، ومعالجة إشكاليات التجزئات غير القانونية والبناء في المناطق غير المجهزة، بهدف الحد من التفاوتات المجالية وتوجيه التوسع العمراني نحو فضاءات تستجيب لمعايير التجهيز. وتتنزل هذه الدينامية في إطار توجه وطني يروم تحديث ترسانة وثائق التعمير وتجاوز محدودية التخطيط المبني على وثائق متقادمة، في ظل ارتفاع حجم الاستثمار العمومي. ومن المنتظر أن تحدد هذه الوثائق التوجهات العامة للتنظيم المجالي للعقد المقبل، لتشكل الإطار المرجعي الملزم لكافة المتدخلين في تدبير الشأن المحلي وتنفيذ مشاريع البنية التحتية.