في سياق رده على من يتهمونه بعلاقات مع "الدولة العميقة"، قال الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، بلهجة حاسمة: "أنا لا أعرف ما هي الدولة العميقة إلى اليوم، رغم أنني كنت رئيس حكومة، ومن يكذب عليّ فهو كاذب، والكاذب لا يمكن الوثوق به". وفي معرض انتقاداته لحكومة عزيز أخنوش، قال إن المزاج الشعبي غير راضٍ عنها، وإن المغاربة لا يستسيغون طريقة تدبيرها، موجها خطابه لرئيس الحكومة الحالي: "المغاربة لم يعودوا راضين عن حكومتك، ولم يعودوا راغبين في استمرارها". وقد ورد ذلك في كلمة مطولة ألقاها عبد الإله بنكيران يوم الأحد 7 دجنبر خلال لقاء تواصلي لحزب العدالة والتنمية بجهة مراكشآسفي.
واعتبر بنكيران أن أداء الحكومة الحالية يتسم بغياب الفعالية والانشغال بقضايا جانبية، قائلا: "هذه الحكومة تجلس وتتخبط في قراراتها، ولا يظهر أنها تعمل لصالح المواطنين". وعند حديثه عن تجربته الحكومية، بدا بنكيران مدافعا بقوة عما يعتبره "إنجازات" عهده، خاصة في ملف المقاصة، قائلا: "أنا الذي قمت بإصلاح المقاصة وأعتز بذلك وأفتخر، لأن أموال المواطنين كانت ستضيع". واستطرد في لهجة لا تخلو من الفخر: "لولا حل المقاصة ما كنا لنجد المال لا للتعليم ولا للصحة". وتوقف عند موقع حزبه اليوم، مؤكدا أن حزب العدالة والتنمية في نظره بصدد استعادة مكانته، حيث قال: "الناس يقولون اليوم إن العدالة والتنمية هو الحزب الأول، ونحن نرغب في أن نكون الأوائل، ولن ترهبنا الظروف ولا الأحداث الجانبية". وأضاف: "لقد انتصرنا في الانتخابات المقبلة قبل الدخول إليها"، في إشارة منه إلى ثقته في تغير المزاج الشعبي. واستعاد الأمين العام مسارا امتد خمسين سنة في العمل العام، بالحديث عن دخوله المبكر إلى العمل السياسي، قائلا إن حياته كان يمكن أن تكون "عادية هادئة"، لكنه أوضح أن الأقدار قادته إلى مسار مختلف منذ شبابه، موضحا: "لقد شاءت أقدار الله أن أدخل هذا المسار منذ خمسين عاما، وكان يمكن أن تكون حياتي عادية، لكنني دخلت هذا الطريق بإرادة الله". كما توقف بنكيران عند علاقته بالمؤسسة الملكية، مؤكدا موقفه الثابت منها، مستحضرا ما تلقاه من توجيهات مباشرة من الملك الراحل الحسن الثاني، حيث قال: "انتقاد الملك ينبغي أن يكون بوقار واحترام، لأن جلالة الملك رمز الدولة، وإذا مس الإنسان هذا الرمز اختل توازن البلاد". وأكد في السياق ذاته أنه يعتبر أي إساءة إلى الملك "عداء للوطن". وبخصوص المشاركة السياسية، وجّه بنكيران رسالة مباشرة للناخبين، مؤكداً أن الانتخابات هي الوسيلة الوحيدة للتغيير، قائلاً: "يا أيها المغاربة، استيقظوا، لا خيار لكم إلا الانتخابات. لن تقوموا بثورة، ولو قمتم بها لتدهورت أحوالكم أكثر". كما شدّد على ضرورة التسجيل والمشاركة، مبرزاً أن الامتناع عن التصويت يؤدي دائماً إلى نتائج غير مرغوبة. وفي حديثه عن مفهوم الحكم الرشيد، قال بنكيران إن البلاد تحتاج إلى نماذج جادة في التدبير، مؤكداً: "أبناؤكم يحتاجون إلى حكم رشيد، لكن للأسف لا نرى مظاهر هذا الحكم في كثير من المؤسسات، إلا في بعض الجهات، ومن بينها العدالة والتنمية".