أفاد عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب ليوم الاثنين 22 دجنبر الجاري، بأن قطاع سيارات الأجرة يشكل مرفقا حيويا يضم أزيد من 77 ألف مركبة ويشغّل نحو 180 ألف سائق، مؤكدا أن الوزارة انخرطت في مسار إصلاحي يعتمد التأهيل التنظيمي والعصرنة الرقمية وأكد وزير الداخلية أن العدد الإجمالي لأسطول سيارات الأجرة بالمملكة يبلغ حوالي 77 ألفا و200 سيارة، منها 44 ألفا و650 سيارة من الصنف الأول، التي تشتغل في المجالات الحضرية وشبه الحضرية والقروية، و32 ألفا و550 سيارة من الصنف الثاني التي تشتغل حصريا داخل المدن. وأبرز أن هذا القطاع يشغّل ما يقارب 180 ألف سائق، "مما يبرز الأهمية الاقتصادية والاجتماعية البالغة لهذا المرفق الحيوي"، مذكرا بأن النقل بواسطة سيارات الأجرة يشكل أحد الأعمدة الأساسية للتنقل اليومي للمواطنين.
وأوضح لفتيت أن السلطات الإقليمية، بمواكبة من المصالح المركزية لوزارة الداخلية، عملت خلال السنوات الأخيرة على تنزيل جملة من الإجراءات في إطار خارطة طريق مندمجة تروم تحسين آليات تنظيم القطاع وحكامة تدبيره. وفي هذا السياق، أشار إلى تحيين القرارات التنظيمية المحلية المحددة للمساطر والتدابير المرتبطة بطلبات الترخيص، ومواصفات المركبات، وشروط استغلالها، إلى جانب تكريس مهنية استغلال سيارات الأجرة من خلال حصر رخص الاستغلال على السائقين المهنيين وعدم المصادقة على تفويت الاستغلال بالنسبة لأي عقد جديد أو عند تجديد عقود الاستغلال بالنسبة للمستغلين المهنيين. تحديث أسطول "الطاكسي" وفيما يتعلق بتحديث الأسطول، أكد وزير الداخلية أن برنامج دعم تجديد سيارات الأجرة مكّن، بعد تمديده لعدة فترات، من تجديد حوالي 80 في المائة من الأسطول، وتقليص متوسط عمر المركبات المستعملة من 25 سنة إلى 8 سنوات، مبرزا أن هذا البرنامج "توقف مرحليا منذ نهاية سنة 2021 في انتظار استشراف آفاقه المستقبلية". كما شدد على أن الوزارة تواصل جهودها من أجل تحسين جودة خدمات سيارات الأجرة، عبر تعزيز التحسيس والمراقبة لفرض احترام معايير الخدمة والتسعيرة المحددة، والتصدي لكل الممارسات المخالفة للقوانين الجاري بها العمل وأخلاقيات المهنة. وفي هذا الإطار، كشف لفتيت أنه تم تسجيل ما يناهز 5000 مخالفة خلال سنة 2025، نتج عنها السحب المؤقت أو النهائي لما يقارب 1500 رخصة ثقة، مضيفا أن الوزارة تعمل على تعميم برامج التكوين لفائدة السائقين المهنيين، وتطوير وعصرنة خدمات سيارات الأجرة من خلال تطوير منظومة معلوماتية لتدبير هذا المرفق، وإطلاق خدمات حجز سيارات الأجرة عبر شبابيك ومنصات رقمية. ورغم هذه النتائج، أقر وزير الداخلية بأن القطاع لا يزال يواجه مجموعة من الإكراهات، من بينها "عدم رضا فئة عريضة من المرتفقين عن نوعية وجودة الخدمات المقدمة، وغياب التوازن بين العرض والطلب في عدة مناطق، ومحدودية الإطار القانوني المؤطر للقطاع، وهشاشة نموذج استغلال رخص سيارات الأجرة المعتمد، وتعدد المتدخلين والنزاعات القائمة بينهم". التطبيقات وأنظمة الوساطة كما توقف عند تنامي ظاهرة الاعتماد غير المنظم على التطبيقات الهاتفية وأنظمة الوساطة، وتزايد حدة المنافسة غير المشروعة من طرف ممارسي النقل غير المرخص عبر التطبيقات الرقمية، إضافة إلى وجود مقاومة للتغيير من قبل بعض المستفيدين من الوضع القائم، وهو ما "يعقّد عددا من مبادرات الإصلاح". وانطلاقا من هذا التشخيص، أعلن لفتيت أن وزارة الداخلية أطلقت خلال السنة الجارية دراسة استراتيجية معمقة تروم رصد وتشخيص مكامن الخلل، وتقديم اقتراحات كفيلة بتجاوزها وتطوير وتنظيم القطاع. وأوضح أنه بعد الانتهاء من مرحلتي التشخيص ودراسة التجارب الدولية، يعمل الخبراء المكلفون حاليا على تحديد السيناريوهات والتوصيات الممكن اعتمادها لإصلاح وتطوير منظومة سيارات الأجرة، مؤكدا أنه "سيتم، عند إتمام هذه الدراسة، إطلاع مختلف المتدخلين في منظومة النقل بواسطة سيارات الأجرة على نتائجها قبل الشروع في تفعيل مخرجاتها وتنزيل الإجراءات والتدابير المنبثقة عنها". وخلال تعقيبه على مداخلات النواب، شدد وزير الداخلية على أن إشكالية النقل الحضري بصفة عامة وسيارات الأجرة بصفة خاصة "إشكال كبير ومعقد، يمس المواطن والمهنيين في آن واحد"، مبرزا أن المغرب "لا يمكنه اليوم أن يشتغل خارج منطق العصرنة والرقمنة"، وأن اعتماد التطبيقات والتنظيمات الحديثة أصبح أمرا حتميا، شريطة أن يتم ذلك في إطار منظم يحفظ حقوق المهنيين ويستجيب لتطلعات المواطنين. وأضاف قائلا إن الدراسة الجارية "لن تنتج حلولا جاهزة أو موحدة، بل ستأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل جهة وكل مجال ترابي"، مؤكدا أن الهدف هو "تحقيق خدمة ذات جودة دون الإضرار بالمهنيين". حلول واقعية وقابلة للتنزيل وفي مداخلاتهم، عبّر عدد من النواب عن انشغالاتهم بخصوص واقع القطاع، حيث أشاروا إلى ضعف المراقبة الميدانية، وعدم احترام التعريفة والتوقيت، وتقادم جزء من الأسطول، واختلال التوازن بين العرض والطلب، واستمرار إشكالية توزيع رخص الثقة، إضافة إلى التحديات المرتبطة بإدماج التطبيقات الذكية. كما نبه بعض النواب إلى الوضعية "الكارثية" للنقل الحضري في عدد من المدن، وما يترتب عنها من فقدان الثقة في المرفق العمومي، وانتشار وسائل نقل موازية وغير منظمة. ودعا آخرون إلى اعتماد مقاربة شمولية تفتح القطاع للاستثمار والمبادرة الخاصة في إطار دفتر تحملات واضح يضمن جودة الخدمات والأسعار المناسبة، مع الحفاظ على مكتسبات المهنيين وإدماجهم في أي منظومة جديدة عبر التكوين والتأطير والدعم. وقد أكد وزير الداخلية في ختام تعقيبه أن إصلاح منظومة النقل، بما فيها سيارات الأجرة، يندرج ضمن رؤية أوسع لتأهيل النقل الحضري ببلادنا، مبرزا أن الوزارة تعمل بالتوازي على تطوير النقل بواسطة الحافلات وتعميمه بجودة عالية في مختلف المدن، معتبرا أن "النقل العمومي الجيد شرط أساسي لمصالحة المواطن مع هذا المرفق الحيوي"، ومشددا على أن الحلول المرتقبة لقطاع سيارات الأجرة ستكون "واقعية وقابلة للتنزيل، وتستجيب لحاجيات المواطنين وتحفظ كرامة ومصالح المهنيين".