الباطرونا تدعو لعطلة استثنائية    تقارير بريطانية: موقف لندن الجديد "اعتراف فعلي" بسيادة المغرب على صحرائه    توقيع اتفاقية مقر بالرباط لإحداث مكتب إقليمي لمنظمة مؤتمر لاهاي للقانون الدولي الخاص    بورصة الدار البيضاء تفتتح على مكاسب    إسبانيا تحقق رقما قياسيا جديدا بلغ 25,6 مليون سائح أجنبي عند متم أبريل الماضي    العلج يدعو القطاع الخاص لمنح عطلة استثنائية بمناسبة عيد الأضحى    "الشركة الجهوية" تنطلق بجهة الرباط    بنسعيد: التعاون العربي في مجال المكتبات الوطنية ليس خيارا بل ضرورة استراتيجية لمواجهة التحديات    أسماء لمنور تتوج بجائزة "أفضل مطربة عربية" في جوائز DAF BAMA Music Awards 2025    انطلاق محاكمة سعد لمجرد بفرنسا    مغربي يتوّج بجائزة "سلطان العويس"    "وقفات مع العشر".. عنوان حلقة جديدة من برنامج "خير الأيام" عبر يوتيوب    السعودية: إخراج أكثر من 205 آلاف شخص من مكة حاولوا الحج بدون تصريح    محمد الأمين الإسماعيلي في ذمة الله    ماجدة الرومي تنضم إلى قائمة نجوم الدورة العشرين لمهرجان موازين    أسعار المحروقات تعود للارتفاع في المغرب رغم التراجع العالمي        سالم عبد الفتاح ل"رسالة 24″: بريطانيا تُكرس الشراكة التاريخية مع المغرب وتكشف دور الجزائر في النزاع        مونديال 2030 ينعش النقاش حول التوزيع العادل للمشاريع بالمغرب        أشرف حكيمي ضمن التشكيلة المثالية لدوري أبطال أوروبا    جلسة حاسمة في قضية المهدوي… والمطالب تتعالى بإسقاط التهم الجنائية    باحثون يطورون أداة لرصد أمراض معدية في أقل من 10 دقائق    توقيف أربعيني عرض فتاتين للاعتداء بالشارع العام بأكادير    في المؤتمر الإقليمي الخامس للصويرة .. إدريس لشكر الكاتب الأول للحزب: المعارضة الاتحادية ستمارس دورها الرقابي المسؤول بعيدا عن النفاق السياسي    دورة سادسة للمهرجان الدولي للفيلم الكوميدي بالرباط    تجربة الفنان التشكيلي المغربي: سيمفونية الألوان    ديستانكت يكشف عن ألبومه المرتقب «BABABA WORLD» بمشاركة نجوم عالميين    قدم أداء مقبولا ويحتاج إلى مزيد من العمل.. الوداد يتعثر من جديد قبل انطلاق كأس العالم للأندية    إتحاد طنجة يتوج بطلا للنسخة الأولى لكأس الصداقة المغربي الإسباني والعصبة الوطنية للكرة المتنوعة تتفوق على نظيرتها الإسبانية    سفينة من "أسطول الحرية" محملة بمساعدات إنسانية تبحر إلى غزة من إيطاليا    توقعات أحوال الطقس اليوم الاثنين    المقاولة المغربية تعيش حالة اختناق غير مسبوقة في غياب التحفيز وضعف التنافسية    الحجاج يتوافدون إلى مكة وسط تدابير مشددة ودرجات حرارة مرتفعة    وقفة احتجاجية بآسفي تجسّد مأساة عائلة النجار في غزة    حكيمي يترجم موسمه الاستثنائي مع سان جرمان بلقب ثان في مسيرته الاحترافية    أخبار الساحة    المغرب تحول إلى عاصمة عالمية للدبلوماسية البرلمانية (رؤساء أربعة برلمانات إقليمية بأمريكا اللاتينية)    أطباء بلا حدود تحمّل مؤسسة أمريكية مسؤولية الفوضى وسقوط قتلى أثناء توزيع المساعدات في رفح    نص رسالة الملك محمد السادس إلى المشاركين في دورة سنة 2025 لملتقى 'إبراهيم لنهاية الأسبوع حول الحكامة'    الذهب يرتفع في ظل تراجع الدولار وتهديد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة    79 معتقلا في احتفالات سان جرمان    قافلة "حفظ الذاكرة إقرار للعدالة والإنصاف" تجوب المغرب أواخر يونيو المقبل    تأهل نهضة بركان إلى ربع النهائي بفوزه على الكوكب المراكشي (3 – 0)        الفيضانات في غرب الصين تدمر عشرات المنازل والطرق    تصفيات مونديال 2026: المنتخب الايطالي يفتقد خدمات مدافعيه بونجورنو وأتشيربي    حادث مروع بطريق الحرارين في طنجة يودي بحياة شاب ويصيب مرافقه بجروح خطيرة    لدغة أفعى تُنهي حياة أربعيني بجماعة بوقرة بإقليم وزان    المغرب ينتزع أربعة عشرة ميدالية ، منها أربع ذهبيات خلال بطولة العالم للمواي طاي بتركيا    يوميات حاج (2): في الإحرام تتساوى الرتب وتسقط الأقنعة الزائفة    السجائر الإلكترونية المستخدمة لمرة واحدة تهدد الصحة والبيئة!    معهد للسلامة يوصي بتدابير مفيدة لمواجهة حرارة الصيف في العمل    الوفد الرسمي للحجاج المغاربة يتوجه إلى الديار المقدسة    البرازيل تحقق في 12 إصابة جديدة مشتبه بها بإنفلونزا الطيور    العثور على "حشيش" في مكونات حلوى أطفال شهيرة في هولندا    مخترع حبوب الإجهاض الطبي يغادر دنيا الناس    









محمد بوخزار "مغارب كم": حركة 20 فبراير أمام خطر المقامرة برصيدها السياسي
نشر في مغارب كم يوم 18 - 06 - 2011

لم تقنع عناصر تدعي انتسابها لحركة 20 فبراير، وهذا من حقها، بما تضمنته الوثيقة الدستورية المعروضة على الشعب المغربي للفصل فيها، بالموافقة أو الرفض.
ولتأكيد موقفها الرافض للدستور، دعت الحركة، حسبما تناقلته مصادر صحافية اليوم السبت، إلى الخروج يوم غد الأحد إلى الشوارع للتعبير سلميا كما قالت، عن رفضها للدستور الجديد؛ ما يعتبر من وجهة نظر محللين كثيرين تسرعا واستباقا للأحداث من طرف الحركة الاحتجاجية. ويتساءل نفس المحللين إذا كان المعترضون قد أخذوا الوقت الكافي للتعمق فعلا في هندسة الدستور الجديد ، المغاير ، في الشكل والمضمون والبناء والمقاصد والنيات، للوثيقة الحالية التي استفتي المغاربة عليها عام 1996.
وتجنبا للإفراط في الإشادة بالدستور المعروض على الاستفتاء، يمكن القول بكل موضوعية إنه ينقل المغرب، بعزيمة وإرادة مشتركة، للدخول في العهد الديمقراطي الحديث بما يشبه المواصفات المتعارف عليها عالميا. ولم يكن ملك المغرب مبالغا حين وصفه بأنه يمثل "تعاقدا جديدا" ليس بين الملكية والشعب بل بين المغاربة أجمعين، بكافة أطيافهم ومكوناتهم وتطلعاتهم نحو المستقبل الأفضل.
وكما قال الملك الراحل الحسن الثاني، في خضم النقاش الذي جرى مع المعارضة الوطنية الممثلة في" الكتلة الديمقراطية" عام 1992 بخصوص موقفها المتردد من المشاركة في الاستفتاء وقول "نعم" فإن الدستور ليس قرآنا منزلا ، بل يمكن أن يخضع للتعديل كلما دعت الضرورة التاريخية والمصلحة العامة لذلك . هذا مبدأ ينسحب(والقول ليس للملك الراحل) على كل الدساتير ، علما أن الأمم المتقدمة تسعى دائما إلى الاتفاق على وثيقة دستورية طويلة الأمد، تتسم بالمرونة والصياغة المحكمة والبناء المتماسك وبعد النظر، بل واللجوء إلى نوع من الالتباس الإيجابي في الصياغة اللغوية، ما يتيح الفرصة للآليات الدستورية والاجتهاد الفقهي لممارسة تأويل وقراءة للمتن الدستوري تبعا لزوايا ووجهات نظر المفسرين.
وأكاد الجزم دون ادعاء، أن حركة 20 فبراير، إذا تبنت موقفا متشنجا وغير عقلاني وواقعي من الدستور الجديد، واختارت أسلوب التحريض على رفضه، فإنها ستقامر برصيدها السياسي والرمزي الذي راكمته منذ مغادرتها غرف الدردشة الالكترونية ونزولها إلى الشوارع والساحات كقوة مطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد. وبإمكان الحركة أن تدعو إلى التصويت ب "لا" على الدستور إذا ارتأت ذلك، كما يمكنها الدعوة إلى المقاطعة ، إذا سمحت لها القوانين الجارية بممارسة ذلك الحق.لكن يجب عليها الانتباه إلى أن الملك محمد السادس، لم يطلب من الشعب في خطابه قول "نعم" مكتفيا بالتعبير عن موقفه كمواطن قبل أن يكون ملكا .
لا يحق للحركة، انطلاقا من منطق السياسة والأخلاق وآداب السلوك، الزعم أن الدستور الجديد "ممنوح" وأن أعضاء لجنة المراجعة والآلية السياسية ما هم إلا "كراكيز" يأتمرون بما يوحى إليهم به. هذا سلوك لا يليق بشباب متعلم، ينزع نحو إعلاء القيم النبيلة في المجتمع.والطامة الكبرى أن مواقف استنكرت ربط الدستور بالوحدة الترابية. إنه موقف مفرط في العدمية.
لو كانت حركة 20 فبراير، واقعية لما قاطعت الدعوة التي توصلت بها من لجنة الصياغة. كان بإمكانها أن تعبر عن مطالبها وانتظاراتها، بل لأوكلت لفقهائها إذا كان في صفوفها خبراء في الدستور، صياغة دستور بديل وعرضه على الرأي العام الوطني والمكونات الحزبية والحقوقية والجمعوية، إسهاما منها في نقاش عميق وبناء لإغناء أي مشروع دستوري وللتأثير الإيجابي على لجنة المراجعة.
على العكس، استمرت الحركة في الدعوة إلى التظاهر الأسبوعي في الشوارع، بشكل مضحك في بعض الأحيان، رافعة شعارات متضاربة تتراوح بين طلب الشغل والحد من غلاء المعيشة، أو إطلاق سراح المعتقلين ومحاربة رموز الفساد.. وهي في مجملها شعارات أو مطالب ليست مرفوضة في حد ذاتها وإنما التحفظ على توقيتها. بما أن المغرب فتح ورشا دستوريا كان يفترض في "الحركة" أن ترفع أو تخفض سقف المطالب في هذا الاتجاه، وتفصلها عن المطالب الاجتماعية التي يمكن الاستجابة إليها كليا أوجزئيا بقرار حكومي، بينما يتطلب الوصول إلى صيغة دستورية متوافق عليها كثيرا من الصبر والأناة وتجنب الإفراط في تضخيم قوة الذات والاستهانة بقوة الآخرين.
وفي هذا الصدد، تنسى الحركة، ما أخذته على سبيل المثال "مدونة السير" من نقاش صاخب وأخذ ورد وحروب كلامية، قبل إقرارها بما يشبه القوة. ولو اتبعنا المسطرة الديمقراطية المثلى والاستجابة لكل الفئات صاحبة المصلحة، لما أمكن التوصل إلى تلك الصيغة التوفيقية للمدونة. هذا دون التذكير بأن مستعملي الطرق لا يطبقونها بالكامل حتى الآن.
لا بد للحركة من الانتباه إلى أن زخمها بدأ في التراجع، ما يهدد جذوتها بالانطفاء ، في حال استمرارها في تبني خطاب التصعيد غير المجدي والذي لم يعد له مبرر، بعد الإعلان عن الدستور الجديد وترحيب كافة القوى السياسية والفعاليات الاجتماعية بمضمونه، على اعتبار أنه خطوة كبيرة في سبيل إرساء دعائم الدولة الحديثة. إذا لم تختر هذه الوجهة فإن صدامها سيكون مع أغلب الأحزاب السياسية وأكثرها تعبيرا عن اتجاهات الرأي العام المغربي.
قد تجر بعض الأصوات العدمية من اليسار الراديكالي واليمين الديني المتشدد، الحركة إلى النفق المسدود، خدمة لأجندات تجهل مقاصدها وأهدافها، ولذلك يكون من الواجب على العقلاء في الحركة وهم كثيرون، ممارسة دور التهدئة وتغليب العقل على العواطف. لا ينتهي الإصلاح السياسي بين ليلة وأخرى. إنه مسار طويل وشاق وصعب، يتطلب تضافر القيادات الحكيمة من مختلف الأعمار والتخلي عن أسلوب الثأر السياسي.
يمكن للحركة أن تحافظ على دورها في الاعتراض الناضج والإسهام بالاقتراح البناء، فما لا يدرك جله لا يترك كله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.