بحضور عبد النباوي والداكي.. طنجة تحتضن ندوة دولية حول مكافحة جرائم غسل الأموال    ماركا الإسبانية: أيوب الكعبي الميزة الرئيسية لنتائج أولمبياكوس الجيدة    القضاء يصدر حكمه في حق طبيب التجميل "الحسن التازي" وشبكته    خبير تغذية يوصي بتناول هذا الخضار قبل النوم: فوائده مذهلة    تشييع جثمان النويضي .. سياسيون وحقوقيون يعددون مناقب الراحل (فيديو)    لقجع: لو تدخلت في تعيين الحكام لفاز المغرب ب"الكان" والعلاقة القوية بين مصر والمغرب معروفة للجميع    لجنة من الفيفا تحل بملعب سانية الرمل بتطوان.. هل يعرف أشغال توسعة؟    الدورة الثالثة للمعرض الدولي للأركان من 08 إلى 12 ماي الجاري بأكادير    تفاعل أمني مع شريط فيديو متداول يوقف شابا متورطا في سرقة سيارة    من مكناس.. وزير الصحة يعطي انطلاقة خدمات 14 مركزا للرعاية الصحية الأولية على مستوى الجهة    مطالبات في لبنان بحجب تطبيق تيك توك إثر استخدامه من عصابة متورطة بشبهات جرائم جنسية    بانجول.. افتتاح سفارة المملكة المغربية في غامبيا    بالصور والفيديو: شعلة الحراك الطلابي الأمريكي تمتد إلى جامعات حول العالم    مركز الإصلاح والتهذيب عين السبع بالدار البيضاء.. انطلاقة الملتقى الربيعي للتأهيل والإبداع لفائدة النزلاء الأحداث    انطلاق المقابلات الشفوية للمترشحين للمشاركة في إحصاء 2024    الأمثال العامية بتطوان... (589)    حموشي تباحث مع السفير المفوض فوق العادة للسعودية المعتمد بالمغرب بخصوص تطوير التعاون الأمني بين البلدين    السيولة البنكية.. تراجع العجز ليصل إلى 144,7 مليار درهم    صفعة جديدة لنظام العسكر.. ال"طاس" ترفض الطلب الاستعجالي لل"فاف" بخصوص مباراة بركان واتحاد العاصمة    منظمة دولية: المغرب يتقدم في مؤشر حرية الصحافة والجزائر تواصل قمعها للصحافيين    السجن يستقبل مستشار وزير العدل السابق    العصبة الوطنية تعلن عن برنامج مباريات ربع نهائي كأس العرش    لأسباب لوجستيكية .. تأجيل اجتماع اللجنة التحضيرية للتضامن مع الشعب القبايلي    باكستان تطلق أول قمر اصطناعي لاستكشاف سطح القمر    "التلغراف" البريطانية تكشف تفاصيل النفق السككي بين المغرب واسبانيا    دراسة… الأطفال المولودون بعد حمل بمساعدة طبية لا يواجهون خطر الإصابة بالسرطان    باستعراضات فنية وحضور عازفين موهوبين.. الصويرة تحتضن الدورة ال25 لمهرجان كناوة    المغرب يسجل 13 إصابة جديدة بكورونا    عكس برنامج حكومة أخنوش.. مندوبية التخطيط تكشف عن ارتفاع معدل البطالة في المغرب    إسبانيا تستقبل أزيد من 16 مليون سائح خلال الربع الأول من العام 2024، ما يعد رقما قياسيا    ريم فكري تكشف عن معاناتها مع اغتيال زوجها والخلاف مع والديه    حكومة فرنسا تفرق داعمي غزة بالقوة    كوت ديفوار تكتشف أكبر منجم للذهب    الملك محمد السادس يهنئ رئيس بولندا    "فاو": ارتفاع أسعار الغذاء عالميا    المغرب يفكك خلية كانت تحضر لتنفيذ اعمال إرهابية    بعد إلغاء موريتانيا الزيادة في رسومها الجمركية.. أسعار الخضر والفواكه مرشحة للارتفاع    سعر الذهب يواصل الانخفاض للأسبوع الثاني على التوالي    دراسة تربط الغضب المتكرر بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب    مراسلون بلا حدود عن 2024.. ضغوط سياسية على الاعلام والشرق الأوسط "الأخطر"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    بركة يعلن عن خارطة طريق للبنيات التحتية استعدادًا لكأس العالم 2030    جدول مواعيد مباريات المنتخب المغربي في أولمبياد باريس 2024    تركيا توقف التبادل التجاري مع إسرائيل بسبب "المأساة الإنسانية" في غزة    حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية الاسلامي يعلن ترشح رئيسه للانتخابات الرئاسية في موريتانيا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    مجلة "الصقيلة" في عددها الرابع والعشرين تحاور القاص والإعلامي عبد العالي بركات وتستحضر الشاعر الراحل محمد الجيدي    عدلي يشيد بتألق "ليفركوزن" في روما    اختتام الدورة الثانية لملتقى المعتمد الدولي للشعر    شمس الضحى أطاع الله الفني والإنساني في مسارها التشكيلي    تكريم حار للفنان نعمان لحلو في وزان    هل ما يزال مكيافيلي ملهما بالنسبة للسياسيين؟    مهرجان أيت عتاب يروج للثقافة المحلية    العقائد النصرانية    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة        الطيب حمضي ل"رسالة24″: ليست هناك أي علاقة سببية بين لقاح أسترازينيكا والأعراض الجانبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدستور الجديد: منعطف كبير في تاريخ الديموقراطية بالمغرب

يعتبر مشروع الدستور الجديد الذي سيعرض على الاستفتاء في فاتح يوليوز المقبل منعطفا ديمقراطيا كبيرا في تاريخ الديموقراطية بالمغرب، ولبنة غير مسبوقة في تكريس بناء صرح الدولة الحديثة الضامنة لكرامة مواطنيها واستقرار مؤسساتها.
** دستور من جيل جديد
لقد جاء مشروع الدستور الجديد ثمرة مسعى تشاركي غير مسبوق في تاريخ الديموقراطية بالمغرب، يكرس إصلاحا سياسيا ومجتمعيا كبيرا بما يجعله دستور المواطن والمشاركة والحكامة الجيدة. فهو يكرس، إضافة الى المبادئ الأساسية للسلط وتنظيمها، ثلاث ركائز أساسية تتمثل في الحقوق والحريات الأساسية، الحكامة الجيدة والجهوية المتقدمة.
ولعل ما يميز هذا المشروع استناده الى هندسة متناسقة ومتوازنة ومجددة تنسجم مع روح الدساتير الأكثر حداثة. فالأمر يتعلق بنص محكم، صيغ بأسلوب دقيق ويتضمن 180 فصلا، جمعت تحت 14 بابا وتتصدره ديباجة قوية وافية المضمون، تمثل جزءا لا يتجزأ من الدستور.
** تكريس لأسس الهوية المغربية المتعددة والمتفتحة
فبخصوص الهوية المغربية، يؤكد مشروع الدستور الجديد أن المغرب دولة إسلامية ذات سيادة متشبثة بوحدتها الترابية وفاعلة ضمن المجموعة الدولية. وينص على أن الاسلام دين الدولة التي تضمن للجميع حرية ممارسة الشعائر الدينية، وعلى تكريس الأمة المغربية لوحدتها على التنوع المستمد من روافدها التي رسخت هويتها العربية والأمازيغية والحسانية والصحراوية -الافريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية، وكذا على تشبث الشعب المغربي بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار من أجل التفاهم بين مختلف الحضارات الانسانية.
إلى ذلك يشكل المشروع الجديد اعترافا دستوريا بحقوق المواطنين المقيمين بالخارج، بما في ذلك الحق في الانتخاب والتمثيلية وفي المساهمة في تنمية وتقدم بلدهم الأصلي، خاصة مع دسترة مجلس الجالية المغربية بالخارج كمؤسسة تسهر على مصالح هذه الجالية.
** تجديد التعاقد اللغوي الوطني في إطار التعددية المسؤولة والانفتاح
على الصعيد اللغوي، تم ترسيخ مكانة اللغة العربية كلغة رسمية والتنصيص على وسائل النهوض بها، واعتبار الامازيغية لغة رسمية الى جانب العربية مع الاحالة على قانون تنظيمي يحدد كيفيات ادماجها في التعليم وفي القطاعات ذات الاولوية في الحياة العامة .
فالنص الجديد يكرس سياسة لغوية وثقافية فاعلة ومتناسقة تروم الحفاظ على اللغات الوطنية والرسمية والنهوض بها وتشجيع تعلم اللغات الأجنبية التي تتيح الانفتاح والانخراط في مجتمع المعرفة، وخاصة من خلال إحداث مجلس أعلى للغات والثقافة المغربية.
** دستور يكرس التشبث بترسانة متقدمة من المبادئ والقيم الديمقراطية
على المستوى ترسيخ البناء الديمقراطي، يكرس مشروع الدستور الجديد تشبث المملكة بترسانة متقدمة من المبادئ والقيم الديمقراطية كخيار لا رجعة فيه من أجل بناء دولة الحق والقانون ومجتمع عادل ومتضامن حيث السيادة في يد الامة التي تمارسها عن طريق الاستفتاء وبواسطة ممثليها.
وفي هذا السياق، ينص مشروع الدستور على فصل مرن ومتوازن للسلط وعلى سمو الدستور الذي تخضع له كل السلط بدون استثناء مع امكانية لجوء أي مواطن له أهلية التقاضي الى الطعن في دستورية القوانين.
كما ينص على سمو القانون، الذي هو التعبير الأسمى عن إرادة الأمة، وعلى مساواة جميع المواطنات والمواطنين أمامه. ويؤكد المشروع على انتخاب ممثلي الشعب داخل الهيآت المنتخبة الوطنية والترابية بالاقتراع العام المباشر وبشكل تكون فيه الانتخابات الحرة النزيهة والشفافة أساس الشرعية والتمثيلية الديمقراطية، وعلى مبدأ الربط بين ممارسة المسؤوليات والمحاسبة.
وينص المشروع أيضا على اعتماد تنظيم ترابي يرتكز على اللامركزية والجهوية المتقدمة ويتيح تحويلا مهما للاختصاصات من المركز الى الجهات وعلى آليات جديدة للديمقراطية المباشرة تتمثل في الحق في المبادرة التشريعية بما يتيح للمواطنات والمواطنين الحق في تقديم مقترحات في المجال التشريعي، وعرائض الى السلطات العمومية سواء على المستوى الوطني أو الجهوي.
** نظام دستوري جديد يكرس ملكية دستورية ديمقراطية برلمانية واجتماعية
يؤكد المشروع على تكريس الملكية المواطنة الضامنة للخيارات الأساسية للأمة والتي تتولى مهام السيادة والتحكيم الأسمى وذلك من خلال تحديد سن رشد الملك في 18 سنة إسوة بكل المواطنين المغاربة وتخويل رئاسة مجلس الوصاية لرئيس المحكمة الدستورية مع تمكين رئيس الحكومة من عضوية هذا المجلس، وكذا من خلال التنصيص على أن شخص الملك لا تنتهك حرمته وعلى الاحترام والتوقير الواجب لشخصه.
كما يكرس مشروع الدستور تمييزا بين صلاحيات الملك بصفته أميرا للمؤمنين (رئيس المجلس العلمي الأعلى الهيأة الوحيدة المؤهلة لاصدار فتاوى رسمية) وبين صلاحياته بصفته رئيس الدولة.
إضافة الى ذلك يكرس النص الجديد مبدأ انبثاق الحكومة عن برلمان منتخب وتخويل رئيسها سلطة تنفيذية فعلية، ويجعل من البرلمان مؤسسة قوية ذات صلاحيات واسعة تشمل ممارسة السلطة التشريعية والتصويت على القوانين، ومراقبة الحكومة وتقييم السياسات العامة.
** توازن مرن للصلاحيات بين التشريعي والتنفيذي
إن الحكومة وفقا لمشروع الدستور الجديد مسؤولة أمام مجلس النواب غير أنه يمكن لرئيس الحكومة حل هذه الغرفة بمقتضى مرسوم صادر عن مجلس وزاري .
وللملك، كسلطة تحكيمية، صلاحية حل مجلسي البرلمان أو أحدهما فقط وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيسي مجلسي البرلمان ورئيس المجلس الدستوري.
كما ينص مشروع الدستور الجديد على تكريس سلطة قضائية مستقلة وفقا للمعايير المتعارف عليها عالميا.
** ميثاق حقيقي للحقوق والحريات الأساسية منسجم مع المرجعية الدولية
على صعيد الحقوق والحريات، يؤكد المشروع على نبذ كل أشكال التمييز بسبب الجنس أو اللون أو الدين أو الثقافة أو الأصل الاجتماعي أو الإقليمي أو بسبب اللغة أو الإعاقة. وينص على اعتبار المواثيق الدولية كما صادقت عليها المملكة، وفي نطاق أحكام الدستور وقوانين المملكة وهويتها الوطنية، أسمى من القانون الوطني، وعلى النهوض بمنظومة من الحقوق والحريات في مستوى المجتمعات الديموقراطية المتقدمة تشمل الحق في الحياة وفي سلامة الأشخاص والممتلكات وتجريم التعذيب وكل الخروقات الجسيمة والممنهجة لحقوق الانسان وتكريس قرينة البراءة والحق في المحاكمة العادلة وضمان الحقوق الأساسية في مجال الاعتقال والحراسة النظرية وحماية الحياة الخاصة والاتصالات مهما كان شكلها وحريات الفكر والرأي والتعبير وحرية الصحافة والحق في الوصول الى المعلومة.
وينص الدستور على حرية الاجتماع والتجمع والتظاهر السلمي والجمعيات والانتماء النقابي والسياسي.
ويتضمن أيضا مقتضيات لتوسيع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، منها الحق في العلاجات الطبية، والحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، والحق في تربية عصرية سهلة الولوج وذات جودة، والحق في سكن لائق وفي العمل ودعم السلطات العمومية في هذا المجال، فضلا عن الحق في ولوج الوظائف العمومية، وفي بيئة سليمة وتنمية مستدامة.
** مبادئ قوية في مجال تخليق الحياة العامة
من جهة أخرى، يتضمن الدستور التنصيص على مبادئ قوية في مجال تخليق الحياة العامة ودولة الحق الاقتصادي من خلال ترسيخ المبادئ الرئيسية للاقتصاد الاجتماعي للسوق ومن خلال الحق في الملكية، وحرية المقاولة والمنافسة الحرة، ومنع حالات تنازع المصالح، وكذا استغلال التسريبات المخلة بالتنافس النزيه، والممارسات المخالفة لمبادئ المنافسة الحرة والمشروعة في العلاقات الاقتصادية.
وعلاوة على ذلك، ينص مشروع الدستور الجديد على إجراءات قوية من أجل الشفافية ومحاربة الرشوة، تتلخص في تجريم كافة أشكال الانحرافات في مجال تدبير الصناديق والصفقات العمومية وتجريم الرشوة ورواج التأثير والامتياز.
كما ينص مشروع الدستور على منع ترحال البرلمانيين سواء بالنسبة لتغيير الانتماء السياسي أو تغيير الفريق أوالمجموعة البرلمانية، إلى جانب تأطير الاستفادة من الحصانة البرلمانية.
ويدستر هذا المشروع أيضا مجلس المنافسة، والهيأة الوطنية للنزاهة ومحاربة الرشوة والوقاية منها حيث ستتوفر هاتان الهيئتان على آليات للتدخل.
** تكريس خطوة جديدة في مجال تعزيز وضعية وحقوق النساء
بهذا الخصوص، تم تكريس خطوة جديدة في مجال تعزيز وضعية وحقوق النساء، وذلك من خلال المساواة بين الرجل والمٍرأة في الحقوق والحريات ذات الطابع المدني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي، والتزام (دستوري) للدولة المغربية بالعمل على تحقيق المساواة بين الرجال والنساء.
كما توجد امكانية اتخاذ، من خلال القانون، تدابير للميز الايجابي لفائدة النساء في مجال الولوج الى الوظائف المنتخبة، علاوة على إحداث هيئة للمساواة ومحاربة كافة أشكال التمييز.
** وضع دستوري متقدم للفاعلين في مجال الديمقراطية، وللمشاركة وللحكامة الجيدة
عزز مشروع الدستور الدور المركزي للأحزاب السياسية في ممارسة الديمقراطية من خلال الممارسة الانتخابية والمشاركة في مزاولة السلطة على أساس التعددية والتناوب الديمقراطي.
كما تساهم في التأطير والتنشئة السياسية للمواطنين، وكذا تشجيعهم على المشاركة في الحياة السياسية وتدبير الشأن العام.
وتؤكد وثيقة مشروع الدستور أن تنظيم الأحزاب السياسية وتسييرها يجب أن يكون مطابقا لمبادئ الديمقراطية، كما تشدد على أنه لا يمكن حل أي حزب سياسي أو توقيفه إلا بمقتضى مقرر قضائي.
** اعتراف الدستور بوضع وحقوق خاصة بالمعارضة وتعزيز دور النقابات
إن اعتراف الدستور بوضع وحقوق خاصة بالمعارضة، يميزه ليس فقط على مستوى المنطقة، بل على مستوى العالم، من خلال إقرار حقها في رئاسة، بموجب القانون، الجنة المكلفة بالتشريع بمجلس النواب والولوج المنصف للإعلام العمومي والاستفادة من التمويل العمومي والمشاركة الفعلية في مسطرة التشريع من خلال اقتراحات القوانين، وكذا المشاركة الفعلية في مراقبة الحكومة ولجنة تقصي الحقائق.
كما يعزز مشروع الدستور دور النقابات كفاعلة في مجال الديموقراطية الاجتماعية وأيضا في المجال السياسي من خلال استمرار حضورها بمجلس المستشارين.
** المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية.. أدوار فاعلة في الديموقراطية التشاركية
يقر مشروع الدستور بوضع ودور المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية كأطراف فاعلة في الديموقراطية التشاركية، سواء على المستوى الوطني أو المحلي أو الجماعي.
ويؤكد مشروع الدستور الجديد على دور ومكانة وسائل الإعلام في ترسيخ الديموقراطية وحقوق وحريات المواطنين، إذ ينص على ضمان حرية الصحافة والحق في الإعلام، والتنظيم والتقنين الديموقراطي لقطاع الصحافة والاتصال السمعي البصري بما في ذلك وسائل الإعلام العمومية، حيث تمت دسترة الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري.
كما تحدث بموجب الدستور الجديد فضاءات جديدة للديموقراطية التشاركية وللنهوض بالتنمية البشرية المستدامة، من قبيل المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، بمهمة أساسية تتمثل في إبداء الآراء حول كل السياسات العمومية، والقضايا الوطنية التي تهم التعليم والتكوين والبحث العلمي.
كما يحدث المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، بمهمة تأمين تتبع وضعية الأسرة والطفولة، وإبداء آراء حول المخططات الوطنية المتعلقة بهذه الميادين، وتنشيط النقاش العمومي حول السياسة العمومية في مجال الأسرة.
ويحدث المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، الذي سيتكلف بموجب الدستور بدراسة وتتبع المسائل ذات الصلة، وتقديم اقتراحات حول كل موضوع اقتصادي واجتماعي وثقافي، يهم مباشرة النهوض بأوضاع الشباب والعمل الجمعوي، وتنمية طاقاتهم الإبداعية، وتحفيزهم على الانخراط في الحياة الوطنية، بروح من المواطنة المسؤولة.
** سلطة تنفيذية منبثقة عن أغلبية برلمانية يقودها رئيس حكومة معين من الحزب الذي يتصدر الانتخابات
وأصبح للحكومة، بموجب مشروع الدستور الجديد، رئيس حقيقي، وليس وزيرا أولا، يعين من قبل الملك من الحزب الذي يتصدر الانتخابات التشريعية. وهو يقود وينسق العمل الحكومي، حيث يقوم الوزارء بالمهام المفوضة لهم من قبل رئيس الحكومة. كما أنه ينفذ البرنامج الحكومي الذي نال على أساسه ثقة مجلس النواب.
ولرئيس الحكومة صلاحية الإشراف الفعلي على الإدارة والمؤسسات العمومية بما في ذلك ممثلو الدولة على المستوى اللامركزي. وهو يعين خلال انعقاد مجلس الحكومة سامي الموظفين المدنيين، بمن فيهم الكتاب العامون والمديرون المركزيون للوزارات، ورؤساء الجامعات، ذلك أن بعض المناصب ذات الطبيعة الاستراتيجية وحدها يتم التعيين فيها خلال مجلس الوزراء، باقتراح من رئيس الحكومة وبمبادرة من الوزير المعني.
وسيحدد قانون تنظيمي المبادئ والقواعد المتعلقة بالتعيين في المناصب العليا للوظيفة العمومية، في ما يخص الاختصاص، والشفافية وتكافؤ الفرص.
** حكومة متضامنة ومسؤولة أمام مجلس النواب
وقد تمت دسترة مجلس الحكومة وتعزيز اختصاصاته، في انسجام مع مجلس الوزراء. وتم منحه صلاحيات خاصة تهم السياسات العمومية والقطاعية ومشاريع قوانين قبل تقديمها للبرلمان، ومشاريع قوانين المالية فضلا عن السلطة التنظيمية والتعيينات.
كما منحت لمجلس الحكومة اختصاصات تداولية في قضايا ونصوص قبل إحالتها على مجلس الوزراء، وتهم التوجهات الاستراتيجية لسياسة الدولة، والتوجهات العامة لمشروع قانون المالية.
** برلمان من مجلسين بسلطات معززة واختصاصات موسعة
بهذا الخصوص، يضع مشروع الدستور الجديد برلمانا من مجلسين بسلطات معززة واختصاصات موسعة، ويكرس هذا النظام سمو مكانة مجلس النواب حيث تم تخويله الكلمة الفصل في مسطرة التشريع، وتم تمكينه وحده من تقديم ملتمس للرقابة.
وأصبح مجلس المستشارين بعدد أقل من الأعضاء (من 90 على الأقل إلى 120 عضوا على الأكثر )، وبسلطات تمت إعادة تأطيرها، من أجل سلاسة أكثر وفاعلية أكبر في سير أشغاله.
ومنح مشروع الدستور لمجلس المستشارين، الذي تمثل فيه الجماعات الترابية (ثلاثة أخماس) والنقابات ومنظمات أرباب العمل (خمسان)، دورا أكثر أهمية في مجال الجماعات الترابية، والقضايا الاجتماعية (قانون الشغل) والمراجعات الدستورية.
ومن جهة أخرى، نص مشروع الدستور الجديد على توسيع المجالات التي يقوم البرلمان بالتشريع فيها إلى أزيد من 50 مجالا، تشمل ممارسة الحقوق والحريات، ومختلف مناحي الحياة المدنية والاقتصادية والاجتماعية.
كما خفض النصاب القانوني المطلوب لتفعيل آليات المراقبة البرلمانية بما في ذلك تقديم ملتمس الرقابة، وتشكيل لجن التقصي، والإحالة على المحكمة الدستورية، وطلب عقد دورة استثنائية، فضلا منع الترحال والتأكيد الواضح على واجب البرلمانيين بالمشاركة في أشغال البرلمان ولجانه.
** الارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة
وارتقى مشروع الدستور الجديد بالقضاء إلى سلطة مستقلة، لتكون في خدمة الحماية الفعلية للحقوق وضمان احترام القوانين، حيث أصبح المجلس الاعلى للسلطة القضائية الذي يترأسه الملك، حجر الزاوية في هذه السلطة، يسهر خاصة على احترام الضمانات الممنوحة لرجال القضاء.
وجاء الدستور الجديد بأربع مميزات أساسية هي إسناد منصب الرئيس المنتدب للمجلس الاعلى للسلطة القضائية إلى رئيس محكمة النقض عوض وزير العدل، وتوسيع تشكيلته لتشمل شخصيات ذات كفاءة وسمعة مشهود لها بهما. كما تم منحه صلاحيات موسعة، تنضاف إلى تلك التي تهم المسار المهني للقضاة، والمراقبة، وتقييم وضعية القضاء والنظام القضائي، وصياغة التوصيات في هذا المجال، فضلا عن جعل تمثيلية النساء القاضيات متلائمة مع أعدادهن ضمن الجسم القضائي.
ومنح مشروع الدستور الجديد ضمانات أساسية قوية للقضاة من أجل العمل بكل استقلالية، بعيدا عن أية أوامر أو تعليمات وفي منأى عن أي ضغط، حيث أوجب على كل قاض رأى أن استقلاليته معرضة للتهديد، أن يخبر بذلك المجلس الاعلى للسطلة القضائية.
وينص مشروع الدستور الجديد على أن كل إخلال من قبل القاضي بواجباته في الاستقلالية والنزاهة يشكل خطأ مهنيا جسيما، وعلى معاقبة كل شخص يحاول التأثير على القاضي بكيفية غير قانونية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.