حموشي يجري زيارة عمل إلى الإمارات العربية المتحدة لتعزيز لتعاون الثنائي بين البلدين    الجامعة الوطنية لأرباب محطات الوقود تنبّه الوزيرة بنعلي إلى استفحال ظاهرة البيع غير القانوني للمحروقات    وزير الفلاحة يسمح بذبح إناث الأغنام والماعز غير الحوامل في خطوة مثيره للجدل    محام: أسطول الصمود سيتوجه للجنائية الدولية جراء الاعتداء بالمسيرات    إدانة ساركوزي بخمس سنوات سجنا    "جبهة دعم فلسطين" تحشد لمسيرة 5 أكتوبر بالرباط وتجدد المطالبة بسراح مناهضي التطبيع    برنامج مباريات "أشبال الأطلس" في كأس العالم بالشيلي    أشرف حكيمي ينفي تهمة الاغتصاب "الكاذبة" ويؤكد أنه "مرتاح البال"        بيان حقيقة: ولاية أمن مراكش تنفي مزاعم منسوبة لعناصر الأمن الوطني بمطار مراكش المنارة تم نقلها على لسان مواطنة أجنبية    تنديد بفض وقفة احتجاجية لساكنة "كيش لوداية" بالقوة ومطالب بسراح الموقوفين وإنصاف المتضررين    اعتداء بشع يثير التضامن مع إيمان ويفتح نقاش حماية النساء من العنف    مونديال ال(شيلي 2025) لأقل من 20 سنة .."أشبال الأطلس" يطمحون لتحقيق إنجاز عالمي جديد لكرة القدم المغربية    "يوتيوب" تطرح ميزة جديدة تتيح إخفاء نوافذ التوصيات التي تظهر في نهاية مقاطع الفيديو    مونتريال.. المغرب وروسيا يبحثان سبل تعزيز الربط بين البلدين في مجال النقل    طقس الخميس.. زخات رعدية فوق الريف وانخفاض في درجات الحرارة شمال المملكة    الرئيس الصيني يشارك في احتفالات الذكرى السبعين لتأسيس منطقة شينجيانغ    الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة، مناسبة لإبراز رؤية المغرب (أخنوش)    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    المكتب الإقليمي للجامعة الوطنية للصحة بالمضيق الفنيدق يطلق بيان استنكاري حاد حول تدهور الأوضاع الصحية    توقيف متورطين في تعنيف واحتجاز قاصر داخل سيارة بقلعة السراغنة..    الجامعة تكشف عن تعيينات حكام الجولة الثالثة من البطولة الاحترافية        تراجع أسعار النفط بعدما سجلت أعلى مستوياتها في 7 أسابيع    بينهم 11 بمجزرة.. إسرائيل تقتل 19 فلسطينيا بقطاع غزة الخميس    مساءلة وزير التربية الوطنية حول "تعثرات" مشروع مدارس الريادة        حموشي يجري زيارة عمل إلى الإمارات العربية المتحدة    اجتماع يواكب مبادرة المغرب للساحل    بطولة فرنسا.. توقيف مدرب مرسيليا دي تزيربي مباراة واحدة        زيدان: السياحة المستدامة تشكل "فرصة واعدة" لبناء نموذج اقتصادي مغربي أكثر صلابة    نيويورك.. أخنوش يتباحث مع رئيسة المفوضية الأوروبية    إطلاق اتفاقية متعددة الأطراف بالرباط لمكافحة المنشطات في المجال الرياضي    إصابة نحو 50 إسرائيلياً في هجوم بطائرة بمسيّرة يمنيّة على إيلات    بابوا غينيا الجديدة تجدد تأكيد دعمها لمغربية الصحراء، ولسيادة المملكة على أقاليمها الجنوبية، وللمخطط المغربي للحكم الذاتي    قيوح يحشد لتمكين المغرب من مقعد دائم بمجلس المنظمة العالمية للطيران    زامبيا تجدد تأكيد دعمها لسيادة المغرب على صحرائه    طنجة.. أزمة الصرف الصحي ومياه الأمطار تُهدد منطقة "أوف شور بلازا" ودعوات عاجلة لوالي الجهة للتدخل        عمر عزيمان يتوج بالجائزة الدولية "ذاكرة من أجل الديمقراطية والسلم"    "لامورا..الحب في زمن الحرب" للمخرج الراحل محمد اسماعيل يدخل سباق القاعات السينمائية    TV5MONDE تحتفي بالفرنكوفونية المغربية في سهرة ثقافية خاصة    مهرجان "عيطة بلادي" يكشف تفاصيل نسخته الأولى في الدار البيضاء    سناء العلوي… من تكريم وزان إلى لجنة تحكيم سلا    قراءة في مسرحية «عيشه ومش عيشه»: «الوجود الإنساني لا يفهم إلا في ضوء تناقضاته»    6 روايات عن العائلة إلى المرحلة النهائية من جائزة "بوكر"    مؤسسة الدوحة للأفلام تسلط الضوء على الأصوات الفلسطينية في مهرجان الدوحة السينمائي    منظمة الصحة العالمية: لا علاقة مؤكدة بين الباراسيتامول والتوحد    دراسة: تلوث الهواء قد يضر ببصر الأطفال    دراسة: غثيان الحمل الشديد يرفع خطر الإصابة بأمراض نفسية            المشي المنتظم يقلل خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة (دراسة)    بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمة “إقرأْ” التي لا تقرأ؟
نشر في مراكش بريس يوم 31 - 10 - 2010

كان أول ما نزل من الكتاب العزيز كلمة “إقرأ” ، “إقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، إقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم”. وثاني ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الذكر الحكيم ” ن والقلم وما يسطرون”، و نزل أيضا في موضوع القراءة ” الرحمن علم القرآن، خلق الإنسان، علمه البيان”. فالإسلام يحث على القراءة منذ لحظات نزوله الأولى، لأنه لا يمكن أن نفهمه إلا بالعلم والمعرفة، والعلم والمعرفة لن يتأتيا إلا بالقراءة ثم القراءة ثم القراءة. فالله سبحانه وتعالى لا يحب أن يعبد بالجهل، لذلك أمرنا في أمر قرآني نازل على الحبيب محمد عليه الصلاة والسلام هو ب”إقرأ”، وقد فهم الصحابة الكرام والتابعون وعلماء الإسلام في حقب متلاحقة من التاريخ الإسلامي قيمة “إقرأ”، فدرسوا وبحثوا وجاهدوا في كسب المعرفة والقراءة حتى أنتجوا لهذا العالم معارف وعلوما مازال يستفيد منها منذ قرون عديدة مضت إلى حدود هذا الزمن. فأوربا أسست علومها التي جعلتها تتقدم على مؤلفات العلماء المسلمين في الأندلس وغيرها، وهذه حقيقة اعترف بها الأوربيون أنفسهم، في زمن الطفرة التي عاشها المسلون في العلم والمعرفة أكسبتهم لقب ” أمة إقرأ” وهو تاج على رؤوسهم وحقيقة لا يمكن أن ينكرها إلا جاحد.
ولكي لا نقع في مسألة “كان أبي”، سنتحدث عن هذا الزمان ” زمن أمة إقرأ” التي زاحت عن القراءة وتخلت عنها، فالدراسات الميدانية تؤكد أن الشعوب المسلمة من طنجة إلى جاكرتا لا يقرؤون، بل إن نسب القراءة في بعض البلدان الأكثر تخلفا وجهلا من البلاد الإسلامية أكبر من الدول الإسلامية نفسها، كما أن الكثير من دور النشر الكبرى في العالم الإسلامي لا تُقدم على طبع أعداد كبيرة من الكتب الجديدة مخافة ألا تباع، لأن حالة من العزوف الشديد عن الكتاب تعتري الجسد الإسلامي. فقد نجد أن دار نشر معينة تطبع في كتاب جديد ما يقارب 3000 نسخة أو يزيد عنها بأعداد قليلة، فهل هناك كارثة اكبر من هذه عندما توجه 3000 نسخة من كتاب معين، إلى مئآت الملايين من الأشخاص الذين يصنفون في خانة المثقفين والقارئين؟.
كما تشير بعض التقارير إلى أن ما يطبعه الكيان الصهيوني من الكتب يفوق ما يطبعه العرب مجتمعين من المغرب إلى العراق، ومن الأرقام المخيفة أيضا ما نشرته اليونسكو من أن معدل نشر الكتب في العالم العربي لم يتجاوزنسبة 0,7%، وأن نصيب كل مليون عربي 30 كتاباً من الكتب التي تنشر على مستوى العالم، مقارنة مع 584 في أوروبا و 212 في أمريكا . إنها كارثة بكل المقاييس، ونتيجة لهذا نجد مستويات منحطة في اللغة والتعبير باللسان العربي في صفوف الطلبة والإعلاميين والمثقفين والكتاب أنفسهم ، بسبب هذا الإضراب العام المفتوح الذي يعاني منه الكتاب بشتى أنواعه، وقد يُرجع البعض ضعف الإقبال على القراءة لما يشهده العالم من ظهور كثيف للقنوات الفضائية التي جلبت الجمهور إليها وأبعدتهم عن الكتاب والقراءة، فعلا فإن تأثير الإعلام المرئي موجود ولا ينكره أحد، لكن هل كان الناس يقرؤون قبل أن تظهر هذه الفضائيات؟ الجواب طبعا بالنفي، لأن المشكل ليس في كثرة الفضائيات ولكن في الشلل الذي تعاني منه عقولنا، والسجن المؤبد الذي حكمنا به عليها للإبتعاد عن الكتاب، فعين الإشكال هو في العقلية التي تحكمنا والتي تجعلنا دائما نسير ضد التيار ونبقى جاهلين إلى أجل غير مسمى.
وفي المغرب الذي هو جزء لا يتجزأ من العالم الإسلامي، يضرب العزوف عن القراءة فيه أرقاما مخيفة فلا تتجاوز عدد النسخ التي تطبع في الكتب الجديدة عدة مئات، بل إن الكارثة أن المغاربة لا يواظبون حتى على قراءة الجرائد فكم من جريدة توقفت عن الصدور بسبب عدم الإقبال على موادها، ويكفي أن تقوم بجولة في الجامعات المغربية التي تعتبر موطن العلم والمعرفة، لتقف عن مدى الإندحار الذي نعيشه، فالطلبة لا يناقشون سوى أنواع الألبسة الجديدة التي خرجت إلى الوجود، وتسريحات الشعر التي تعتبر من الموضة، وإذا سألت أحدهم كم من الكتب قرأ في حياته الدراسية؟ يكون جوابه صاعقا، فالأكثرية الساحقة لم تكمل قراءة كتاب واحد طيلة سنين عديدة من الدراسة، ليبقى حالنا على ما هو عليه ما يجعلنا لا نبارح المربع الأول في الجهل والأمية.
فهل مازلنا نستحق أن نوسم بأمة ” إقرأ”؟ ، أنا أعتقد أن الحال يعبر بما لا يدع مجالا للشك
على أننا أمة يجب أن تسمى “أمة لا تقرأ”. إننا حقيقة لا نقرأ رغم أن الكثير منا يدخل وجهه كل صباح في جرائد الصباح ويوهم نفسه قبل غيره بأنه يقرأ، فقراءة الصحف ليست قراءة، خاصة وأن الغالبية العظمى من صحفنا بشتى تلاوينها- من المحيط إلى الخليج، إلى ماليزيا- تناقش فقط أخبار الحوادث والفضائح والمشاكل، وبلغة خشبية معقدة وعليلة لا تمت إلى اللغة الأصيلة الرصينة بأية علاقة، المهم، الوضع كارثي والأزمة مستفحلة والكتاب يُهجر يوما بعد يوم.
إن حل مشاكلنا جميعا سياسية كانت أو اجتماعية أو اقتصادية يكمن في الرجوع
إلى الكتاب والمصالحة معه، لأنه بالقراءة يكبر الوعي الجمعي ويرتفع المستوى المعرفي والعلمي للمجتمع، ويتطور مستوى الطبقة المثقفة ما ينتج عنه نقاش حقيقي وعميق حول
كل القضايا والمشاكل التي تواجه هذا المجتمع أو ذاك، هذا الوعي الجمعي يؤدي إلى خلق طبقة سياسية واعية تمتلك كل الوسائل العلمية والمعرفية التي تجعلها تؤدي مهمتها
على أحسن وجه وأحسن صورة، ومن محاسن العودة إلى الكتاب ارتفاع مستوى الطبقة المتعلمة ما يؤدي إلى إنتاج كوادر كفأة تنفع البلاد والعباد.
إنه لا مناص لنا من القراءة، فهي الدواء الشافي لكل أمراضنا المستعصية، فرغم الانتقادات الكثيرة التي نوجهها دائما إلى الغرب فلا يمكن أن ننكر أن مجتمعاته مجتمعات قارئة، فيكفي أن تصعد إلى قطار أو تدخل إلى مقهى أو حديقة عمومية لتجد الناس منكبين عل القراءة كأنهم مقبلون على إجراء امتحانات في الكتب والمواضيع التي يطالعونها. كما أن الإحصائيات السنوية في الغرب تخرج بأرقام كبيرة لمبيعات الكتب التي تصل إلى ملايين النسخ التي تباع، إنهم وصلوا إلى كل هذا التطور والازدهار بالقراءة ولا شيء غير القراءة، وهذا يدل على أن القراءة هي عصب الحياة في السياسة والاقتصاد وجميع القطاعات الأخرى. فمتى سنفهم نحن في الدول الإسلامية أن القراءة واجبة علينا لكي نخرج من براثن الجهل والأمية والتخلف الذي نعاني منه منذ عصور؟.
إن الكتاب هو خير جليس في هذا الزمان، يقول الجاحظ:” الكتاب هو الجليس الذي لا يطريك، والصديق الذي لا يغريك، والرفيق الذي لا يملُك، والمستمع الذي لا يستريثك، والجار الذي لايستبطيك، والصاحب الذي لا يريد ما عندك بالملق، ولا يعاملك بالمكر، ولايخدعك بالنفاق، ولا يحتال لك بالكذب.“ ويقول المفكر الجزائري المرموق مالك بن نبي: ” أمة لا تقرأ تموت قبل أوانها”، وسئل العلامة “احمد بدوي” في آخر أيام حياته، بماذا ينصح الشباب؟ ، فأجاب: القراءة ثم القراءة ثم القراءة، فلنقرأ حتى لا نموت قبل أواننا، وحتى نصبح حقا “أمة إقرأ التي تقرأ”.
مولاي محمد إسماعيلي- كاتب صحفي وباحث مغربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.