الفريق الاشتراكي: التقطيع الانتخابي يحتاج مراجعة جذرية ودعم الأحزاب ضرورة للديمقراطية وليس امتيازاً    الاتحاد يضع مذكرة اقتراحاته بخصوص تحيين وتفصيل خطة الحكم الذاتي بالصحراء المغربية    ولد الرشيد: اجتماع العيون يرسّخ الشراكة الإفريقية ويجعل التقييم رافعة للتنمية المستدامة    الاتحاد الأوروبي: لا اعتراف لنا ب"الجمهورية الصحراوية" وحضورها في القمة لا يغير موقفنا        يونيسف تحصي مقتل طفلين فلسطينيين على الأقل يوميا في غزة منذ وقف إطلاق النار    صاحبة الجلالة أم "صاحبة جلال"    الحسيمة.. الغموض يلف حادثة إطلاق نار ببني بوعياش    السكتيوي يعلن لائحة المنتخب الرديف المشاركة في كأس العرب    حظر جمع وتسويق الصدفيات بتارغة-الشماعلة وجنان النيش-أمتار الغرب    المنتخب المغربي للسيدات داخل القاعة ينهزم أمام نظيره الأرجنتيني    صحف إسبانية .. المغرب يؤكد مكانته على قمة كرة القدم العالمية    مندوبية بنموسى.. معدلات التضخم تواصل منحاها التراجعي    وفاة رضيع في الطرامواي تولد في العراء الطبي بسلا تهز الرأي العام    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت        تحت شعار "مشاركة الأطفال في تنمية إفريقيا".. افتتاح المنتدى الافريقي لبرلمان الطفل بالرباط    تسريب منسوب ل "المجلس الوطني للصحافة" يثير جدلاً واسعاً حول طريقة تدبير الملفات التأديبية واستقلال القضاء    الاتحاد العام للفلاحين يتدارس ملف إعادة تشكيل القطيع الوطني    المطر يُعرّي أخطاء البشر !    من 28 نقطة… النص الحرفي لخطة ترامب لوقف الحرب في أوكرانيا    حكيمي وبن صغير في القوائم النهائية لجوائز "غلوب سوكر"    النفط يواصل التراجع وسط ضغط أمريكي لإبرام اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا    بعد الهدنة في لبنان.. حصيلة دموية ثقيلة إثر استهدافات الإسرائيلية    لوحة بورتريه لفريدا كاهلو تصبح أغلى عمل فني من إنجاز امرأة    اختتام مهرجان سينما الذاكرة المشتركة بالناظور وتتويج أبرز الأعمال    القوة الجوية المغربية تقتني 10 مروحيات "إتش 225 إم" من إيرباص    "الأول يكشف تفاصيل استنطاق "بوز فلو".. الرابور أمام القضاء بسبب اتهامات مرتبطة بمضامين أغانيه    أمل موكادور لكرة القدم الشاطئية بطلا للمغرب لسنة 2025    تتويج سفير المغرب لدى الأرجنتين ضمن "قادة التحول في أمريكا اللاتينية"    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم يتعلق بتطبيق الضريبة على القيمة المضافة    سيراليون تجدد دعمها للوحدة الترابية للمغرب وتعبر عن ارتياح بالغ باعتماد القرار التاريخي 2797    المغرب يرتقي إلى المرتبة السادسة عالميا في مؤشر الأداء المناخي 2026    مهرجان الدوحة السينمائي 2025 يفتتح فعالياته معززاً مكانة قطر في المشهد السينمائي العالمي    مراكش: استئناف هدم مساكن العسكريين وقدماء المحاربين... وتعويضات تشمل بقعاً أرضية ومساعدات للبناء    اعتداء خطير بمستعجلات مستشفى بني ملال يخرج النقابة الوطنية للصحة للاحتجاج والتصعيد    كيوسك الجمعة | المنظومة المؤطرة للانتخابات تهدف إلى تخليق العملية الانتخابية والسياسية    المغرب يرأس المجلس الدولي للزيتون لعام 2026    30 دولة تعارض مسودة اتفاق "كوب30"    المغربي إدريس علواني يحصد الميدالية البرونزية في بطولة إفريقيا للدراجات    مدرب مارسيليا: أكرد لاعب لا يعوض.. وعلينا التأقلم مع غيابه    خطف 52 تلميذا من مدرسة بنيجيريا    وسام حمادة والدة "هند رجب" في افتتاح الدوحة السينمائي:    أجهزة قياس السكري المستمر بين الحياة والألم    زلزال بقوة 5,5 درجات يضرب بنغلادش    المكسيكية فاطمة بوش تتوَّج ملكة جمال الكون بعد جدل واسع    اليوم.. فتيان الأطلس يواجهون البرازيل بأمل المرور إلى نصف نهائي المونديال    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    أجهزة قياس السكر المستمر بين الحياة والألم: نداء أسر الأطفال السكريين لإدماجها في التغطية الصحية    جمعية "السرطان... كلنا معنيون" بتطوان تشارك في مؤتمر عالمي للتحالف الدولي للرعاية الشخصية للسرطان PCCA    الفنان المغربي إِلياه والنجم المصري محمد رمضان يجتمعان في أغنية جديدة    في الحاجة إلى فلسفة "لا"    معمار النص... نص المعمار    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    ارتفاع معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والمراهقين بواقع الضعف خلال العقدين الماضيين    أطباء يوصون بتقليل "شد الجلد" بعد الجراحة    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التويجري ل«المساء»: سوريا مهددة بالتقسيم والحرب الطائفية والموقف الدولي يتميز بالنفاق
نشر في أون مغاربية يوم 11 - 08 - 2012

قال عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، إن ما يجري في سوريا جريمة ضد الإنسانية، في ظل وجود دولة تقتل شعبها وتسميه العدو. ونوه التويجري ب«الحراك المغربي الحضاري»، الذي خرج منه المغرب بمقاربة فريدة وبإنجازات متميزة أشاد بها العالم كله. في هذا الحوار ليومية المساء يتحدث المدير العام لمنظمة الإيسيسكو عن رؤيته للوضع في سوريا، ومسار الربيع العربي، ورؤيته لتجربة الإصلاح المغربية، وعدد من قضايا الأمة العربية والإسلامية.
- بداية، كيف تنظر إلى ما يجري الآن في سوريا؟
ما يجري في سوريا جريمة ضد الإنسانية. دولة تقتل شعبها وتسميه العدو، تقتله بكل أنواع الأسلحة الثقيلة، وتنتهك حرمات البيوت والأسر، وتحرم الشعب من حريته وحقوقه، وتلقي اللوم على العصابات الإجرامية الإرهابية الوهمية. لقد خرج الشعب السوري في مظاهرات سلمية منذ بداية تحركاته، وطالب بالحريات وبالعدل وبالكرامة وبالحقوق، التي تضمنها الدساتير الموجودة في كل الدول الديمقراطية، والتي يكفلها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وقبل هذا تكفلها الشريعة الإسلامية. اليوم سوريا مهددة بالتقسيم، والحرب الطائفية، ومخلفات هذه المأساة الكبرى ستبقى في النفوس والعقول، فهناك مئات الألوف من المهجرين في تركيا ولبنان والأردن والعراق وغيرها، وأبشع ما في هذا كله هو الطائفية المقيتة التي تحركت لتفرز المجتمع السوري، وتحدد من هو المقاوم ومن هو العميل، فأصبح المقاوم هو الذي ينتمي إلى الطائفة التي تحكم، والعميل هو عامة الشعب السوري المطالب بحقوقه وكرامته. بالنسبة إلى الإيسيسكو، فقد وقفت موقفا مبدئيا انسجاما مع قرارات منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية ومنظمة الأمم المتحدة، ونحن ندعو إلى إعطاء الشعب السوري حقوقه، وأن يقرر بنفسه طبيعة النظام الذي يحكمه.
- ما تقييمك للموقف الدولي، خاصة العربي والإسلامي؟
الموقف الدولي فيه كثير من النفاق والتسويف والمماطلة، فهناك لجان تذهب وموفودون يأتون، ومراقبون يذهبون ولا يراقبون، والشعب السوري يقتل يوميا وتدمر مدنه ويسمى بالعدو. الشعب السوري أصبح عدو النظام، وهذه من المفارقات العجيبة، بينما العدو هو إسرائيل التي تحتل الجولان، والتي مازالت آمنة مطمئنة، ولم تُحرك هذه القوات لتحرير الجولان. أما الدول العربية والإسلامية، فإن بعضها وقف مواقف قوية قدم فيها الدعم والمساندة، وبعضها لا يزال مترددا، وبعضها صامت، وهذه مأساة أخرى، لأننا هنا لا نتحدث عن وقوف العالم الإسلامي كجهة تتدخل في شؤون الدول التي لها استقلاليتها وسيادتها، لكن القضية هي قضية إنسانية في المقام الأول.
- الوضع في سوريا جاء في سياق الربيع العربي. ما تقييمك لوضع الدول الأخرى بعد أكثر من سنة على الربيع العربي؟
كل دولة تختلف في مسارها وفي التطورات التي حدثت بعد إسقاط الأنظمة فيها، فتونس حدثت فيها انتخابات أنتجت قيام توافق على المناصب القيادية، وهناك أيضا تحركات كبيرة في اتجاه وضع دستور يتفق عليه أبناء الشعب التونسي بكل مكوناته السياسية وانتماءاته الفكرية، والأمور تسير في اتجاه متدرج، وليس هناك خطر يهدد هذه الدولة العضو في الإيسيسكو. جمهورية مصر العربية أيضا خرجت بانتخابات وتم انتخاب رئيس، والآن تم تشكيل الحكومة، وهناك حراك لترسيخ الدولة الحديثة، التي نرجو أن تكون مراعية لمكونات المجتمع المصري المختلفة، فهناك أقباط ومسلمون وهناك تيارات فكرية وثقافية عديدة، ولا بد من مراعاة كل هذه الأمور حتى تتم المحافظة على وحدة هذه الدولة الكبرى في العالم العربي والإسلامي، التي لها مكانتها وتاريخها، والتي يحتاجها العالم الإسلامي في الدفاع عن قضاياه. أما ليبيا فلا تزال في بدايات المسار الذي اختارته لنفسها، وأرجو أن تتبلور الأمور هناك بشكل سريع لتشكيل الحكومة بعد الانتخابات الأخيرة، ووضع الدستور الذي يرتضيه الشعب الليبي، وإعادة بناء المؤسسات على أساس من العدالة والديمقراطية واحترام التنوع وحرية الرأي. لكن أعتقد أن أفضل وأكثر هذه المسارات الإصلاحية رصانة ورشدا هي المقاربة المغربية، لأنني شاهد عليها ومتابع لما توصلت إليه.
- في هذا السياق كيف ترى تجربة الإصلاح المغربية؟
أنا أسميها الحراك المغربي الحضاري، فالشعب المغربي بحكم تاريخه العريق وبحكم طبيعته التي تتميز بخصائص فريدة، طالب كغيره من الشعوب ببعض المطالب المشروعة، وأن يحصل على بعض الاستحقاقات التي رأى أنها لم تتحقق بعد. لكن الشيء المهم في هذه القضية هو أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله برشده وحكمته وبعد نظره وبمحبته لبلده وحرصه على الحفاظ على سيادته ووحدته ونمائه، استجاب لهذه المطالب، ووافق على إدخال تعديلات مهمة على الدستور المغربي، وأن يتم تنظيم انتخابات برلمانية شفافة وواضحة شارك في الإشراف عليها الكثير من الهيئات الدولية والإقليمية، التي شهدت بنزاهتها وشفافيتها، وتنازل جلالته عن بعض الاختصاصات التي كان الدستور القديم يمنحها لجلالته. من خلال هذه الرؤية الإصلاحية وهذا الإخلاص للوطن، وتماسك مكونات المجتمع المغربي السياسية والثقافية والاجتماعية في توجهها نحو الإصلاح والتجديد، ومحافظتها على وحدة الوطن وسلامته من أن يقع فريسة للفوضى والصراعات المدمرة، خرجت المملكة المغربية بمقاربة فريدة وبإنجازات متميزة أشاد بها العالم كله، وأنا أعبر عن وجهة نظري من خلال ما رأيت وما عايشت بحكم وجودي هنا في المملكة المغربية. وأعتقد أن هذه المقاربة فريدة ويجب أن يحتذى بها، والطريق ميسر أمام المملكة المغربية لتحقيق المزيد من التطور والتقدم في مجالات الحياة المختلفة.
- كيف عايشت هذا التطور؟
هنا أريد أن أركز على نقطة مهمة، فأنا موجود في المغرب منذ عام 1985. كنت مديرا عاما مساعدا في الإيسيسكو إلى جانب أستاذنا العلامة عبد الهادي بوطالب رحمه الله، ثم أصبحت مديرا عاما، وجدد انتخابي مرات عديدة، وعايشت تطور المنظمة والحراك التنموي والإصلاحي الذي حدث في المملكة المغربية. فانطلاقا من الأمانة العلمية ومن الصدق مع النفس لابد أن أقول إنني لم أجد في هذه المسيرة إلا الحركة التصاعدية نحو الأفضل. فإذا قمنا بقياس وضع المملكة المغربية في السنوات الأولى عندما جئت هنا في الثمانينيات من القرن الماضي وما وصلت إليه اليوم، خاصة في الفترة الأخيرة، في عهد صاحب الجلالة الملك محمد السادس، سنلاحظ التطور الكبير الذي حدث في جميع مناحي الحياة. الطرق السيارة التي تربط شمال المغرب بجنوبه وشرقه بغربه، والمطارات الكبيرة والموانئ الضخمة، البنيات التحتية والمدن الكبيرة المزدهرة، الصناعات الكثيرة، الحراك الاقتصادي، الانفتاح السياسي والثقافي، والحركة العمرانية والتجارية، والاستقرار السياسي والأمن الاجتماعي في مختلف مدن المملكة المغربية من طنجة إلى الكويرة. إن هذا التنوع الذي حصل في المملكة المغربية في مسيرتها التنموية لا يوجد في دول لها طاقات وإمكانات كبيرة من المملكة المغربية، والتي لم تحقق هذا خلال عشرين أو أربعين سنة. لقد حقق المغرب قفزة نوعية خلال ثلاث عشرة سنة، وبالتالي فما حدث هو إنجاز نموذجي ممتاز في طريقه إلى التطور والنماء، ولذلك يجب عدم غمط المملكة المغربية حقها من التقدير والإشادة. مع الأسف هناك بعض الذين يرون أن ما حدث شيء عادي ولا يستحق التنويه، لكن هذا إجحاف وظلم لنهضة فريدة تستحق التنويه والإشادة لتستمر في مسيرتها نحو الأفضل.
- هل سيساعد صعود الإسلاميين في بعض الدول العربية على محاربة ما يسمى بالإسلاموفوبيا؟
يجب أن نفرق بين من يدعي أنه يمثل الإسلام ويقوم بأعمال مخلة يرفضها الإسلام جملة وتفصيلا، أو يتطرف في مواقفه باسم الإسلام، الذي هو دين الاعتدال واليسر، وبين من هو منفتح وعقلاني ووسطي يقدم الصورة المضيئة للإسلام وقيمه ومقاصده. أعتقد أن المسار الوسطي المعتدل المنفتح التنويري هو الذي يجب أن يرسخ وأن يشجع، لأنه هو الذي سيواجه الإسلاموفوبيا، التي شوهت صورة الإسلام والمسلمين في العالم. لذلك فالاعتدال الذي تنهجه بعض التنظيمات التي تتخذ من الإسلام مرجعية أولى لها يجب أن تكون معبرة عن مقاصد الإسلام السمحة، وعن روح الإسلام التي تؤلف بين الناس وتسعى إلى ما فيه الخير لهم وللبشرية جمعاء، حتى نرد على أولئك الذين يتهمون الإسلام بأبشع النعوت، والتي يبقى الإسلام منها براء.
- في السياق ذاته، أصدرت الإيسيسكو منهاج تكوين الصحفيين لمعالجة الصور النمطية حول الإسلام. ما مضمون هذا المنهاج؟
هذا المنهاج تم اعتماده في المؤتمر الإسلامي السابع لوزراء الثقافة، الذي عقد في الجزائر في شهر ديسمبر 2011، واعتمده كذلك المؤتمر الإسلامي التاسع لوزراء الإعلام، الذي عقد في شهر أبريل الماضي في ليبروفيل عاصمة جمهورية الغابون، والذي كلف الإيسيسكو بمتابعة تنفيذه. وهو منهاج دراسي تكويني عملي يتوجه ليس فقط إلى الصحفيين في العالم الإسلامي، ولكن إلى الصحفيين والإعلاميين في كل مكان، لتبصيرهم بكيفية التعامل مع هذه الصور النمطية، لأنها ليست عادلة في كثير من جوانبها. فهي صور مجحفة لها رواسب قديمة تاريخية ودينية ومن منطلقات عنصرية تكره الإسلام والمسلمين، وتقلل من قيمة ما حققه المسلمون عبر التاريخ من إنجازات، ولذلك فالمنهاج يتضمن وحدات دراسية تحدد هذه الصور النمطية، نشأتها وطبيعتها وخصائصها، وكيفية مواجهتها بالحجج والحقائق. وهذا الأمر سيتم عبر دورات تدريبية شرعت الإيسيسكو في تنظيمها في أوربا، بتنسيق مع مؤسسات أكاديمية ومعاهد متخصصة، لكي يتعامل الصحفيون والإعلاميون ليس فقط في العالم الإسلامي، ولكن في دول العالم أجمع مع هذه الظاهرة بالعدل والإنصاف. لا نريد من أولئك أن يكونوا أنصارا لنا يمدحوننا ويقفون بجانبنا، إنما نريد منهم أن يقولوا كلمة الحق، لا أن يزوروا الحقائق ويشوهوا الصور وينقلوا الإشاعات الكاذبة والافتراءات الظالمة، وينشروها على أساس أنها حقائق مسلمة. ما أضر بالإسلام والمسلمين هو المواقف المنحازة، العدوانية والمغرضة التي انطلقت من فكرة كراهية الإسلام والمسلمين وكراهية هذا الدين لتشويهه وتنفير الناس منه. ونحن في الإيسيسكو لنا نشاط آخر بجانب هذا المنهاج، حيث قمنا بعقد ندوات متخصصة وأصدرنا دراسات عديدة، كما تعاونا مع العديد من المنظمات الدولية والإقليمية، ومع عدد من المثقفين والمفكرين في دول مختلفة في العالم، يشاركون في ندواتنا ولقاءاتنا لمعالجة هذه الصور النمطية، ومواجهتها بالحقائق.
- الملاحظ هو اهتمامكم المتزايد بالمجال الإعلامي، ما المغزى من ذلك؟
الإعلام أصبح سلطة مهمة في العالم، خاصة في ظل ثورة وسائل الاتصال والمعلومات الحديثة، حيث أصبحت الكرة الأرضية قرية كونية، يتصل أبناؤها بعضهم ببعض بسرعة من خلال الإنترنت وشبكات التواصل والرسائل الإلكترونية. لذلك نحن حريصون على ألا تستغل هذه الثورة العلمية والمعلوماتية استغلالا بشعا يسيء إلى القيم والمبادئ الإنسانية والقوانين الدولية وحقوق الإنسان. حرية التعبير يجب أن تقف عند حدود حقوق الإنسان، لأنه إذا اعتدينا عليها لم تعد هذه حرية تعبير، وإنما تصبح حرية تشهير وتدمير وإساءة. فالمطلوب هو أن يكون هناك توازن بين حرية التعبير، التي هي حق من حقوق الإنسان، وبين حقوق الآخرين في الحفاظ على كرامتهم وعلى مصالحهم المشروعة وعلى ذواتهم المصانة، وألا تنتهك بالإساءة والقذف والسب والافتراء. لذلك لابد من إحداث هذا التوازن في هذين المسارين، وإذا وصلنا إلى هذه النتائج، عندئذ سنكون مثاليين. صحيح أن المثالية صعبة المنال، لكنننا نسعى إلى أن نكون مثاليين بالقوانين المنظمة لهذا المجال. فالمثالية هي السير نحو الأفضل، والإسلام هو الدين الذي دعا إلى أن يكون الإنسان صالحا وفاضلا. ولذلك نولي أهمية بالغة بالقضايا المرتبطة بتطوير القوانين والتشريعات الإعلامية في الدول الأعضاء والتحسيس بضرورة احترام أخلاقيات مهنة الصحافة، وتنمية القدرات المهنية للإعلاميين في العالم الإسلامي والإعلاميين المسلمين المشتغلين في أوربا. وخطة عملنا الحالية والمقبلة تتضمن برامج وأنشطة ومشاريع تهدف إلى تطوير هذه المجالات في الدول الأعضاء. كما شرعنا في تنفيذ خطة عمل يشرف عليها قسم الإعلام في الإيسيسكو تركز على أولويات، منها بناء الثقة وتعزيز علاقات التعاون مع ممثلي وسائل الإعلام في دولة المقر والعالم الإسلامي والإعلام الدولي، وتعزيز انفتاح الإيسيسكو على محيطها الثقافي والإعلامي والأكاديمي في دولة المقر، وتطوير طرق صياغة أخبار الإيسيسكو وتنويع أساليب نشرها ورقيا وإلكترونيا.
- ماذا حققت الإيسيسكو بعد مرور 30 سنة على إنشائها؟
مسيرة منظمة الإيسيسكو منذ إنشائها في عام 1982 وحتى اليوم كانت ناجحة ومتصاعدة في إنجازاتها. إذ استطاعت المنظمة خلال هذه العقود الثلاثة أن تنفذ خطة تأسيسية وخطة ثنائية، وتسع خطط ثلاثية حافلة بمئات البرامج والأنشطة التربوية والعلمية والاتصالية، وثلاث خطط متوسطة المدى، ووضعت 16 استراتيجية قطاعية في مجالات اختصاص المنظمة، وأنشأت مكتبين إقليميين ومراكز تربوية في العديد من الدول، ووضعت مشاريع كبرى مثل مشروع الحوار بين الثقافات والحضارات وبرنامج العواصم الثقافية الإسلامية، وانفتحت على المجتمع الدولي، فارتبطت بعلاقات تعاون وثيقة مع كبريات المنظمات الدولية والإقليمية، وفي مقدمتها منظمة اليونيسكو، ومجلس أوربا، ومنظمات الأمم المتحدة المختلفة. كما استطاعت المنظمة خلال الثلاثين سنة الماضية أن تطور نشاطها الداخلي وهياكلها وإجراءاتها ووسائل العمل فيها، وتمكنت من بناء هذا المقر الكبير، الذي أصبح يوفر لها فرصا أفضل للعمل، بما يحتويه من قاعات ومن وسائل عمل مختلفة، ومن أطر متنوعة من دول عديدة تعمل ليل نهار من أجل ترقية العمل وتجويده، واستمراريته في تحقيق أهداف المنظمة. وقد استطاعت المنظمة خلال هذه الفترة أن تصبح شريكا محترما في الساحة الدولية، فنحن اليوم أصبحنا، بحكم هذه العلاقات الوثيقة مع المجتمع الدولي، نمثل العالم الإسلامي في أهم المجالات الإنمائية، وهي التربية والعلوم والثقافة والاتصال. فنحن شركاء فاعلون لكبريات المنظمات، نساهم بالفكر، والمال والتخطيط، والتنظيم والتنفيذ.
- هل تستهدفون غير المسلمين؟
نعم نستهدف المسلمين وغير المسلمين، وأحد سفراء الإيسيسكو للحوار بين الحضارات هو شخصية سويسرية مسيحية، هو جون بول كارتيرون، رئيس منتدى كرامز مونتانا، وهو متعاطف مع العالم الإسلامي. هذا دليل على أن لنا وجودا في الساحة الدولية، وأن الشخصيات الثقافية المهمة في الغرب تعترف بالإيسيسكو وتتعاون معها.
- نعود إلى الشأن الداخلي للمنظمة. ما حقيقة «طرد» موظفة مغربية من الإيسيسكو؟
أولا، الإيسيسكو منظمة دولية لها ميثاقها وأنظمتها التي أقرتها الهيئات الدستورية للمنظمة، أي المجلس التنفيذي والمؤتمر العام. وتحكم العلاقة بين المنظمة والمملكة المغربية اتفاقية المقر التي وقعها وزير الشؤون الخارجية والتعاون للمملكة المغربية والمدير العام للمنظمة، والتي تنص على حصانتها وامتيازاتها وكل المسائل التي تهمها من قريب أو من بعيد. المنظمة تضم في إدارتها العديد من الموظفين من جنسيات مختلفة من الدول الأعضاء، وأغلبهم من المملكة المغربية، وأغلب هؤلاء تم توظيفهم بتوجيهات مني شخصيا، والموظفون في الإيسيسكو قسمان، موظفون مرسمون وموظفون متعاقدون. المرسمون هم الذين تنطبق عليهم مواد نظام الموظفين، والموظفون المتعاقدون تحكم عملهم المادة العاشرة من نظام الموظفين، التي تنص على أن عقد العمل هو الذي يحكم علاقة المتعاقد بالمنظمة. الذي أحدث هذه الضوضاء هو متعاقد تم توظيفه بشكل مباشر، ولم يكن مرشحا من أي جهة، وصدرت عنه تصرفات غير لائقة، في أمور ليس للمنظمة مصلحة فيها وليست منسجمة مع أنظمتها ولوائحها وقوانينها، فلم يجدد عقده، وهذا حق مخول للإدارة بناء على مواد العقد، فخرج ينشر معلومات مغلوطة، ويهاجم المنظمة ويفتري عليها، ويهاجمني شخصيا بعبارات غير لائقة، ويتكلم باسم الموظفين المغاربة دون أن يكلفوه بذلك، ثم كانت قضية موظفة متعاقدة وظفتها في العام الماضي لأن شخصية أحترمها توسطت لها، وهي ليست لديها خبرة سابقة، لكنني فوجئت بها توجه لي رسالة إنذارية عن طريق أحد المحامين تنذرني بأن أصحح وضعها خلال عشرة أيام، وعقد العمل الخاص بها لم يبلغ بعد نهايته.
- هل هذا الأمر مخالف لقوانين المنظمة؟
بالطبع هذا التصرف مخالف للعقد نفسه ولأنظمة المنظمة ولوائحها، فهي لم تتصل بي ولا بأحد المسؤولين للتعبير عن مطلبها، كما أنها وقعت عقد العمل بمحض إرادتها، ولم تعترض على شروطه. لذلك فقد تجاوزت كل الإجراءات والسلم الإداري ومقتضيات العقد، ووجهت إلي رسالة إنذارية وكأن المدير العام ارتكب جرما ضدها. لقد أرسلت الإدارة المعنية في الإيسيسكو توضيحات وافية بشأن الموضوع إلى وسائل الإعلام الإلكترونية، التي لجأت إليها هذه الموظفة لنشر شكايتها وترويج افتراءاتها، من قبيل كونها أستاذة باحثة أو أنه تم طردها بشكل تعسفي، وهذا أمر غير صحيح. الأمر ليس طردا، بل فسخ عقد كما ينص على ذلك العقد نفسه في مادته الثالثة، لا أقل ولا أكثر. وأود أن أشير هنا إلى أن حقوق المعنية بالأمر المنصوص عليها في العقد مضمونة، والإجراءات الإدارية ذات الصلة تقوم بها حاليا الإدارة المعنية في الإيسيسكو. وعلى كل حال إذا أرادت أن تقدم شكوى ضد إدارة الإيسيسكو فالقضاء المغربي موجود، ونحن نحترمه ونقدر مواقفه ونثق في نزاهته وعدالته. كما أن النظام الداخلي لصندوق التعويض عن التوقف النهائي عن العمل ينص على أن المنازعات يفصل فيها المجلس التنفيذي للإيسيسكو.
- هل صحيح أن الخارجية المغربية نبهت المنظمة حول هذه الحالات؟
أبدا. أؤكد لك أن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية تحترم الإيسيسكو وتحترم استقلاليتها، ونحن نتعاون مع هذه الوزارة تعاونا وثيقا، والأمر نفسه مع باقي الوزارات المعنية بقضايا التربية والعلوم والثقافة والاتصال في المملكة المغربية، وخاصة مع وزارة التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، التي يرأس وزيرها اللجنة الوطنية المغربية للتربية والثقافة والعلوم، وهي جهة الاختصاص في العلاقة مع الإيسيسكو. وممثلة المغرب في المجلس التنفيذي والمسؤولون في وزارة الشؤون الخارجية والتعاون في المملكة المغربية يعرفون أن للإيسيسكو أنظمة ولوائح وقوانين تطبق على موظفيها. وفي اتفاقية المقر تقول الحكومة المغربية إنها تعترف بأن جميع موظفي المنظمة مسؤولون أمام المدير العام، وأن المدير العام مسؤول أمام المؤتمر العام.
- ماذا عن وجودك على رأس الإدارة العامة أكثر من عشرين سنة؟
هذا موضوع أشكركم على طرحه لأنه يحتاج إلى توضيح. المدير العام للإيسيسكو ينتخبه المؤتمر العام المكون من 50 دولة عضوا من المناطق الثلاث العربية والإفريقية والآسيوية. وقد انتخبت بالإجماع مديرا عاما للإيسيسكو أول مرة عام 1991، وبعدها تم تجديد انتخابي في الدورات التالية للمؤتمر بالإجماع، ولم تتخلف دولة واحدة عن تأييد انتخابي، ولم يترشح أحد للمنصب. وميثاق الإيسيسكو كان ينص على أن المؤتمر العام ينتخب المدير العام لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد. وبعد أن أكملنا بناء المقر عام 2006، قدمت اقتراحا إلى المجلس التنفيذي لتغيير هذه المادة لكي تصبح فترة ولاية المدير العام ثلاث سنوات قابلة للتجديد مرتين فقط، وتم اعتماد ما تقدمت به من طرف المؤتمر العام التاسع للإيسيسكو، الذي عقد في مقر المنظمة في شهر ديسمبر سنة 2006. الانتخابات التي سبقت عام 2006 كانت تتم في ظل الميثاق غير المعدل، وهي كلها قانونية. وبعدما وافق المؤتمر العام المكون من 50 دولة على التعديل الذي اقترحته، تم انتخابي مديرا عاما للإيسيسكو في المؤتمر العام العاشر الموالي للمؤتمر العام الذي أقر التعديلات بالإجماع، فالمؤتمر العام العاشر انتخبني بناء على الميثاق الجديد المعدل، ولا يمكن أن يكون التعديل بأثر رجعي. ولذلك فإن من يروج لدى الرأي العام الادعاء بعدم شرعية وجودي مديرا عاما للإيسيسكو يمارس التضليل ويشكك في اختيار 50 دولة لشخصي المتواضع، ويتدخل في اختصاص دول ذات سيادة، ومن ضمنها دولة المقر المملكة المغربية.
** المصدر: يومية المساء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.