مات سيبويه، وفي نفسه "شيء من حتى"، وبدوره سيرحل شهر رمضان، وفي نفسه شيء من إلى متى؟ وبسبب ما عاشه طيلة هذه الأيام المعدودات مع المسلمين، من أحداث ساخنة أشد سخونة من ارتفاع درجة حرارة بعض أيام الصيف، سَيَطْرَحُ رمضان هذا السؤال المُؤْرق، "إلى متى والليل لايرحل"، كما أنشد الشاعر الفلسطيني محمود مفلح. وكان طبيعيا أن يودعنا هذا الشهر الجميل، بعد مرور أيام المعدودات بسرعة، وفي نفسه حُرقة ذلك السؤال الذي يتكوم مثل أفعى رقطاء تتلوى على جروحنا المفتوحة المستعصية على الاندمال، بسبب رشها من حين لآخر بذرات ملح تزيد من الألم، وتطرد بصيص الأمل. ولنسترجع سريعا شريط الأحداث، فمع دخول شهر رمضان اجتاحت قوات المغول الصهيونية غزة، غير مُكتفية بالحصار الذي فرضته على القطاع منذ 2007، قتلت الأطفال والنساء والشيوخ، دون رحمة أمام العالم الذي ظل متفرجا على عصابة ترتكب جرائم ضد الإنسانية، في وضح النهار. سيرحل شهر رمضان، حاملا معه خبر محزنا، حيث وصل عدد الشهداء في غزة إلى أزيد من 1050 شهيدا، وأكثر من 6000 جريح، ناهيك عن المنازل التي دمرها هؤلاء الوحوش، والتي بلغت حوالي 1960 منزلا بشكل كامل، و1680 بشكل جزئي، لكنها في جميع الحالات غير صالحة للسكن. سيرحل رمضان حزينا، ويحل العيد حزينا أيضا، وسنستعيد معه البيت الشعري الشهير للمتنبي "عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ"، حيث الوضع في العالم الإسلامي بقي كما هو بل زاد سوءا في كثير من المناطق في العراق وسوريا وليبيا، وفلسطين، حيث العدوان متواصل على قطاع غزة، وكم كان بليغا ذلك "الهاشتاغ" الذي دشنه نشطاء فيسبوكيين على مواقع التواصل الاجتماعي، واختاروا له عنوان "عيد شهيد"، استقبلوا به عيد الفطر المُبارك، يقول ناشط فيسبوكي فلسطيني "لكم عيدكم، و لنا عيد، عيدكم عيد، و عيدنا نحن 1000 شهيد"، فيما صرخ ثان "هذا العام لن نقول عيد سعيد .. سنقولها جميعا : عيد شهيد"، بينما علق ناشط رابع "عيدشهيد من بعدك يا غزة ما إلنا عيد كيف الواحد بدو يحس بالعيد وانتي كل يوم فيكي 100 شهيد إلك و إلنا الله يا عزتنا". في الوقت الذي يقضى فيه المسلمون العيد مع أبنائهم بسلام، يأكلون الحلوى ويزورون الأقارب ويلعبون ويمرحون، يقضي سكان قطاع غزة عيد الفطر المبارك تحت نيران القصف المتواصل، حيث وصل عدد الغارات الجوية الصهيونية إلى أكثر من 6 آلاف غارة القيت فيها اكثر من 150 ألف طن مواد متفجرة. سنفتعل الاحتفال في العيد، وأيدينا على قلبونا ونحن نتابع ما يجري هناك، ولن نحتفل بالعيد بشكل حقيقي إلا بعد تحرير فلسطين واسترجاع جميع الأماكن المُستعمرة، ذلك هو عيدنا الأكبر، وألذ حلوى هو ذلك الطعم الذي نتذوقه بألسنتنا عندما ننحني ونقبل تراب الأرض المسترجعة.