على إثر الفاجعة التي حلت بأسرة البحارة الكبيرة بميناء الحسيمة عقب غرق مركب "العودة " صباح الإثنين 10/06/2013 بإحدى الضواحي البحرية القريبة من الحسيمة، نتيجة سوء أحوال الطقس التي تسببت في انقلاب المركب بمن فيه من البحارة الثمانية ، نجا منهم 4 بينما عثر على جثتين وبقي الإثنين منهم في عداد المفقودين إلى حدود اللحظة .. واعتبارا لحجم الخسارة التي تكبدها القطاع البحري بهذه الفاجعة الإنسانية بفقدان بحارة لا ذنب لهم سوى الذود وسعيهم وراء لقمة العيش ضمن شروط مهنية أقل ما يقال عنها أنها غاية في الصعوبة لا تستجيب لمتطلبات العمل السليم . ولقد سبق لنقابتنا أن نادت لأكثر مرة بتحسين وضعية البحارة المادية والمعنوية بما فيها إيلاء الأهمية القصوى لشروط عملهم التي لا تزداد إلا سوءا وتدهورا ، نتيجة غياب الدعم وتوفير المعدات واللوازم القمينة بضمان عمل ونشاط بحري يستجيب لكل المعايير اللازمة لمهنة البحارة الصعبة والخطيرة باعتبارها مغامرة دائمة وسط عباب البحرالماكر.. وامام هذه الكارثة التي حلت بإخوة لنا كبحارة الصيد التقليدي وعموم المهنيين بميناء الحسيمة ، فإننا نستغرب عدم اهتمام المصالح المختصة بالشؤون البحرية بمصير هؤلاء البحارة ، ولا تنتبه لهم إلا عندما يتعلق الأمر بفرض مزيد من الإجراءات المكبلة لحقوقهم المشروعة ولأنشطتهم المهنية ، كمنعهم من صيد أنواع السمك وفرض مراقبة على الشباك وعلى الحمولة وفرض المزيد من الذعائر والضرائب ...إلخ ولم تكلف ذات المصالح نفسها عناء الاهتمام بتأمين حياة هؤلاء وتوفير الخدمات الاجتماعية المضمونة قانونا وحماية سلامتهم البدنية وكل ما يقيهم من الأخطار المحدقة بهم على الدوام.. فلماذا تتهاون ، ياترى ،هذه المصالح ، في فرض مراقبة زجرية على كل من تجرأ على مغادرة منارة الميناء للإبحار مغامرا بأرواح بشرية في أجواء مناخية لا ترحم ؟ فأين كانت عيون الصاهرين على مراقبة صغائر الأمور وكبائرها بالميناء دون أن يعيروا أي اهتمام لمثل هذه التجاوزات : مصدر مثل هذه المآسي ؟..فكان الأجدر بهذه المصالح الوقوف سدا منيعا امام كل مغامرة بأرواح بشرية في شروط مناخية مماثلة تحسبا لأسوإ الفواجع المتكررة في سجل هذا الميناء ... من جانب آخر، فقد كشفت هذه الكارثة مرة أخرى ،عجز المصالح المختصة عن المواجهة الفعلية وتدخلها الواجب في الوقت المناسب، دون الحديث عن طبيعة الآليات ووسائل الإنقاذ اللازمة لمثل هذه الكوارث ، بحيث لم يسجل وصول فرق الإنقاذ إلا بعد انتشار النبإ على نطاق واسع .... للتذكير، فمثل هذه الأمور كانت موضع احتجاج واسع من قبل المجتمع المدني إبان زلزالي الحسيمة 94/2004 مما كرس وقتذاك مطلب وضع استراتيجية قارة للإنقاذ تعتمد الوسائل المتطورة والمعدات والآليات اللوجيستيكية الكفيلة بمواجهة مثل هذه الكوارث الطبيعية ...لكن لا من تنادي..ليظل منطق المفاجأة والمباغتة وحيرة الصدف سيد الموقف في كل الحوادث التي وقعت أو التي قد تقع لا قدر الله... نسجل كل هذا ، وقلوبنا تغمرها الحسرة والأسى على فقدان هؤلاء الإخوة أجمعين ، ونتقدم باسم مكتبنا النقابي نيابة عن أرباب وبحارة قوارب الصيد التقليدي بميناء الحسيمة ، بأحر التعازي والمواساة لعائلاتهم وزملائهم في العمل وأقاربهم ومعارفهم ، متمنيين للجميع صبرا جميلا في هذا المصاب .