بقلم: توفيق عزوز * في ما لاشك فيه أن الدينامية الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية الذي يعيشها المغرب تحت ما يسمى"التجربة الاستثنائية" أو مغرب الاستثناء ان صح التعبير، قد قطعت أشواطا في الاستباق نحو تنزيل الديمقراطية و مرتكزاتها و تقريبها من المواطن البسيط، قد لا يختلف اثنان في المشروعية الثقافية و الاختلاف الايديولوجي لدى المغرب فهي مسألة صحية في جسد بنية المغرب الاجتماعية، فعندما نقول بنية المغرب الاجتماعية نقصد بالدرجة الأولى الطبقات الاجتماعية في مختلف توجهاتها و مكانتها داخل صلب المجتمع المغربي، وبالدرجة الثانية علاقة الملكية المواطنة بالمنتوج المجتمع و الافرازات الذي يفرزها النمو الإجتماعي المغربي (احتجاحات،مظاهرات، وقفات، حرية الرأي …)، في هذا المضمار نجد المفكر المغربي المهدي المنجرة يقول في كتابه قيمة القيم" ان مستقبل المجتمع المغربي لو صب في قالب المستقبل سيعتبره ظاهرة مسبقة المقصد و محددة المسار" و يعزز كلامه الدكتور عبد الله العروي في مفهوم القبيلة" أساس النظام الاجتماعي هو السلطة والطاعة" وعلاقة امارة المؤمنين ما هي الا ارث و شرعية تاريخية. ان جل المواقف السياسية عبر التاريخ كانت و لازالت تؤيد الدينامية الاجتماعية بآعتبارها المنطلق الأساسي نحو ترسيخ الديمقراطية و تنزيل مشاريع الإصلاح، ومما يذكر في هذا السياق حركة 23مارس، حركة الى الأمام و حركة 20 فبراير، وهلم جر من الحركات التي انبثقت من صلب المجتمع و كونت هوة و غذت المثلث الطبقي (الكداح، الطبقة المتوسطة،البرجوازية) للبنية الاجتماعية للمغرب، فهذا الأخير يمكن اعتباره من الأسباب الرئيسية في قيام الثورات و الاطاحة بأمراء و ملوك و حكام يقول ماركس في هذا السياق "يجب على صراع الطبقات الاجتماعية التعبير عن طريق الحركات السياسية"، ويقول "لجويل رونيه" في كتابه "ثورة البروليتاريا" أن صراع الطبقات أصبح صراعا اعلاميا فمن يحتكر الاعلام يحتكر الثرواث ووسائل الانتاج"، فجميع النظريات و الدراسات ذهبت بالاجماع على ان سبب الثوراث و المظاهرات سببها الهوة الفارقة بين عناصر المثلث الطبقي، فالمغرب كباقي بلدان العالم الثالث يراوح مكانه في العدالة الاجتماعية بسبب تحكم السلطة المركزية في الاعلام، اذا فمسألة المظاهرات و الاحتقان الاجتماعي في المغرب هي مسألة طبقية و صراع بين المثلت الطبقي. الان نحن أمام مواجة هذه التحديات لترسيخ قيم المواطنة و تنزيل مقترحات دستورية، لا أخفيكم علما أنني معجب باللامركزية و اللاتمركز، أي الجهوية الموسعة التي تنهجها بلادنا رغم مجموعة من الاكراهات و الصراعات السياسية التي تعرقل تنزيل مجموعة من المشاريع (الحسيمة منارة المتوسط نموذجا)، لكن تقبل الصدمة و الاعتراف بها ومحاولة التغلب عليها هي الطريق الامثل للتقدم و الازدهار يقول أرنولد توينبي في نظرية التحدي و الاستجابة "أنه كلما ازداد التحدي تصاعدت قوة الإستجابة حتى تصل بأصحابها إلى ما يسميه ب "الوسيلة الذهبية"، والتي تتلخص في أنَّ أي حضارة تقوم بمواجهة التحدي بسلسلة من الإستجابات التي قد تكون أحياناً غير ناجحة في مواجهة التحديات التي تعترض طريق النهضة والحضارة، ولكن بالتحدي وكثرة المحاولات المتنوعة تهتدي الأمم إلى الحل النموذجي الذي يقودها بأمان إلى النهضة والحضارة، وتكون بذلك قد وصلت إلى الوسيلة الذهبية" ويضرب مثال لدولة اليابان حيث يقول" ولعل هذه النظرية تمثلت في الدولة اليابانية الحديثة التي درست عيوبها وخططت لمستقبلها وإنتقلت من دمار القنبلة الذرية إلى ما هي عليه اليوم من الإبداع في الصناعة والمعرفة". عموما، تبقى النظريات و الدراسات التي تجرى على العالم الثالث محل اشكال عميق و نقاش مستفيض مع مختلف التوجهات و التيارات، لكن مما يثلج الصدر هو ما نراه من توجه مغربي جديد قل مثاله في دول الجوار، فحرية التعبير مخولة في اطار القانون، و النقد البناء صحي في جسد الدولة و المجتمع، و حب الوطن و الوطنية يجب أن تترسخ في شخصية أبناء الغذ بعدما كادت تفقد في سنوات مضت و راهنية الحاضر بسبب انعدام الثقة بين المؤسسات على حد سواء، فبعض من هذه الأشياء تفرض نوع من التوجه، يقول ويليام شكسبير" أصعب معركة في الحياة عندما يدفعك الناس لتكون شخصا أخر" فالثقة اما تدفعك الى التشبث بالمؤسسات أو ما لا يحمد عقباه … * طالب باحث