"سكانضال" يسجل في تاريخ الأكاديمية الجهوية طنجةتطوان -الحلقة الثالثة- يذكر الخنوسي أن العثور على رئيس مكتب جمعية الآباء المنتهية صلاحيته لم يكن بالأمر الهين، نظرا لانتمائه لطبقة اجتماعية معينة وكذا لانشغالاته، ولكن وبعد إلحاح وإصرار تم ربط الاتصال به، وبعد أن انتقلت على قدمي الى منزله يقول الخنوسي حضر في النهاية إلى المؤسسة وأبدى تفهما للوضع بل واستعدادا للتعاون. بعدها كان أول ما راسلت في شأنه النائب شوقي هو قضية الأشغال، في المراسلة الأولى سألته عن موافاتي بنسبة تقدمها وفي الثانية التمست منه عدم مواصلتها أثناء أيام الدراسة إلا أنه لم يرد على الأولى ولم يبد اهتماما بالثانية حيث تواصلت أشغال الصباغة أيام الدراسة وقت العمل. شيء طبيعي يقول الخنوسي أن تواصل المؤسسة العمل بالصيغة التي عمل بها سلفه، بعد بتر الجزء العلوي منها وتحويله الى مركز جهوي للتكنولوجات التربوية، والتي هي صيغة التوقيت المسترسل، المرخص به من طرف النائب البياضي إلى حين انتهاء الأشغال من جهة، ومن جهة أخرى لعدم وجود أي أمر من النيابة بالتوقف عن العمل به. وبعد مرور ما يناهز شهرين من الدراسة، يسترسل الخنوسي "تلقيت مكالمة من السيد رئيس مصلحة الشؤون التربوية يطلب مني الحضور لمكتبه في الحال فهرعت لتلبية طلبه". و يضيف "كانت أوامره أن أغير صيغة العمل من المسترسل إلى الصيغة الثانية فورا، وذلك بسبب الشكايات التي وردت عليه حسب قوله من طرف بعض المدراء، يستنكرون استئثار مدرسة ابن خلدون بالعمل بالمسترسل بينما يعملون بالتوقيت العادي". "استغربت في الحقيقة من المبرر ولكنني لم أعترض، كما لم أجد جوابا لتساؤلي، فإذا كانت صيغة المسترسل التي هي إكراه بالنسبة للمدير، تفرض علي تناول وجبة الغذاء في المؤسسة، فمن يا ترى يكون هذا المدير الذي يتمنى ذلك؟" يورد الخنوسي. وقد كان ردي على اقتراحه أن الصيغة الثانية تعني أن يغادر التلاميذ المدرسة مساء في الساعة السادسة وعشرين دقيقة في بعض الأيام، وهو أمر فيه ما فيه من المغامرة، لأن الحي معروف بتواجد بعض العناصر المشبوهة أحيانا من شأنها أن تؤذي التلاميذ وكذا الأمهات اللواتي تأتين لاستقبال بناتهن عند الخروج، إلا أنه دحض رأيي بل اعتبر الحي كأحسن الأحياء في تطوان، يقول الخنوسي. و يضيف لم ينس أن يسألني قبل أن أغادر مكتبه إن كنت أفضل أن أتوصل بتعليماته كتابيا أم أكتفي بها شفويا، فأجبت أن التعليمات الشفوية تكفي وأنني سأقوم باللازم لتنفيذها. ويستطرد بالقول "في المؤسسة، وبعد تدارس الأمر مع المجالس واستطلاع رأي بعض الآباء، اتضح أن تنزيل تلك التعليمات دون إشراك أولياء التلاميذ قد يسبب موجة استياء يصعب احتواءها، فما كان لي ألا أن أخبرت السلطات بأنني سأعقد اجتماعا للآباء بالمؤسسة بصفة مستعجلة". و يسرد الخنوسي كيف حضر السيد رئيس المكتب المنتهي الصلاحية وعوني سلطة وزهاء ثمانين من الآباء والأمهات والأولياء للاجتماع، وفي كلمتي ذكرتهم بدور الآباء المحوري في توفير الأجواء الملائمة لتمدرس الأبناء كما أطلعتهم على ما قد تقدم عليه المؤسسة من تغيير في جداول حصص التلاميذ، وبعدي تناول السيد الرئيس المذكور الكلمة ليقول وبكل براءة أنه لم لكن يباشر الحسابات وأنه كان يضع كامل الثقة في المدير وأنه لا يتوفر حتى على طابع الجمعية. لقد كان اعتراض "شرذمة" الآباء التي قادت المعارضة يومذاك على تغيير استعمال الزمن اعتراضا شرسا، مصحوبا بالتهديد بالقيام بمظاهرة وتنظيم مسيرة تنديدية إلى النيابة والأكاديمية. أما بخصوص تجديد مكتب جمعية الآباء فقد قاطعوا حتى مناقشته، رافضين رفضا مطلقا تجديد الثقة في الرئيس السابق، ومعترضين في نفس الوقت، وفي جو عمته الفوضى والصخب، على أن يترشح أيا كان لذلك. ما يعني أن المؤسسة كانت تتعرض لعمليتي تخريب مدروس و ممنهج متوازيتين في نفس الوقت، واحدة من الداخل والأخرى من الخارج. و تلقائيا تم الرد على السيد رئيس مصلحة الشؤون التربوية بالاعتذار عن عدم إمكانية تنفيذ طلبه الشفوي بسبب ما قد ينجم عنه من فوضى وإخلال بالأمن العام. واستمرت الحياة يقول الخنوسي رغم ما ينطوي عليه العمل بدون جمعية الآباء من عراقيل وصعوبات. ومع بداية الأمطار يقول الخنوسي، صعدت للطابق الفوقي رفقة إحدى الأطرلتفقد حالة التسربات من السقف الذي كانت الأشغال جارية فيه. "وكم كان هول الصدمة مؤثرا في نفسي لما رأيت كما هائلا من أرشيف المؤسسة ملقى على أرضية الجناح الأيمن من الطابق العلوي وبطول الممر حتى مكان المرافق الذي كان مفروشا بكميات منه تحت بقايا النوافذ ومتلاشيات المكاتب ومواد البناء والغبار وكل ما يؤثث عادة المشاهد في أوراش البناء العشوائية"، يصف الخنوسي. كانت جريمة في نظري، إتلاف ذاكرة مرفق عام بطريقة همجية، خصوصا وأن آثار المشي كانت تظهر على بعض الوثائق المطروحة أرضا لأن أقداما داستها مرارا ذهابا وإيابا. "محرقة فعلية وراءها رهط لا أخلاق لهم، لكن كيف حصلت؟"، يتساءل الخنوسي. ألم يكن بالمؤسسة من هو ملزم بالحفاظ على مكوناتها؟ ألم يلاحظ أحد إختفاء ذاك الكم الهائل من الأرشيف من مكانه؟ من حمله الى أعلى ومن تعمد إتلافه بتلك الصفة المهينة؟ من تستر على الجاني وبأي مقابل؟ لماذا لم يتم التبليغ بالنازلة الخطيرة؟ من استفاد من عدم التبليغ ومن كان سيخسر في حال الإخبار وماذا كان سيخسر؟. مجمل القول يقول الخنوسي أن التستر على الجاني في هذه الحالة يقتضي أن ينسب فعله لضحية أخرى لتبرئته. والتخلص نهائيا من تهمة التهور والتلاعب بممتلكات مؤسسة عمومية. فمن ستكون هذه الضحية؟. ولكن قبل ذلك، يجب أن نقر أنه من حق المدير الإصرار على معرفة الفاعل واتخاذ ما يلزم في حقه من إجراءات، وفي حال الاستحالة يحق له المطالبة بالاعتذار عما تم إلحاقه من أذى بأرشيف المؤسسة. "كل هذا قبل أن يفكر حتى في معالجة القضية وإلا فإنه سيساهم بدوره في استباحة حرمات باقي المؤسسات وتشجيع المرتكبين على التمادي في غيهم". و وفق الخنوسي دائما فإن أمام هذه المتاهة التي سببها وجود المخالفة وغياب المخالف الفعلي، وبدليل أن إتلاف أرشيف المؤسسة لم يكن منصوصا عليه في دفتر التحملات، يبقى هناك مخالف ضمني مباشر يتحمل المسؤولية فيما حصل ، بدءا من صاحب المشروع أي الجماعة الحضرية، إلى كل الجهات الشريكة فيه، التي وقعت وتتبعت أولم تتتبع الإنجاز وانتهاء بالسيد رئيس مصلحة الشؤون التربوية الذي لا يمكن استثناؤه مع الأسف لأنه هو من يختار المدير الذي يضمن تسيير المرحلة الانتقالية. ومرة أخرى لن يعجب البعض هذا الموقف لأنه عين الصواب. رابط الحلقة السابقة: http://www.presstetouan.com/news14479.html