"الجيلي" و"البيت بول" حل صيف هذا العام مرتبكا في خطواته ومخلفا الكثير من الآثار الجديدة على مستويات عدة، لكن من جهتنا سنحصر الحديث عن أشياء لفتت انتباهنا بشكل قوي وحفزتنا على الكتابة عنها من حيث لا ندري، وبوسعنا اختزال هذه الأشياء في ظاهرتين أثارتا الكثير من الجدل على مستوى مدينة تطوان، ويتعلق الأمر بظاهرتي "الجيلي" و"البيت بول". فبالنسبة لظاهرة "الجيلي" فنقصد بها تلك القمصان أو السترات البلاستيكية المشعة ليلا، والتي تكاثرت كالفطر خلال هذا الصيف، حيث وقف الناس مشدوهين أمام هذه الظاهرة الجديدة والغريبة، فأينما وليت وجهك بجل شوارع المدينة، تقع عيناك على رجال مرتدين لهذه السترة "الجيلي" التي ألفنا ارتداءها من قبل رجال الأمن والدرك والجمارك، وربما ذلك ما يمنح هذه السترة نوعا من الهيبة والسلطة حسب أفهام الكثير من المواطنين. ومعلوم جدا أن أغلب مرتادي هذا الزي هم غرباء عن المدينة، امتهنوا حراسة السيارات من تلقاء أنفسهم وبغير سند قانوني يخول لهم القيام بمثل ذلك، فبات الناس يشتكون من الإزعاج الكبير الذي يسببونه لهم جراء فرضهم أداء "واجبات" وقوف السيارات بمختلف شوارع المدينة، حتى أن هؤلاء "الحراس" يكيلون السب والشتم لكل رافض لأداء هذه "الواجبات" وكأن الأمر يتعلق بقانون مسنون دخل حيز التنفيذ وبالتالي ليس بمقدور أحد مخالفة تطبيقه. والأدهى من ذلك، هو أن الكثير من الأطفال غير الراشدين وجدوا في هذه "المهنة" الجديدة ضالتهم، فسارعوا إلى تقليد ما يفعله "الحراس" الكبار، ونهلوا من علم مشايخهم في هذا الميدان، ولبسوا "الجيلي" وشرعوا بدورهم في مضايقة راكبي السيارات وإزعاجهم. أما مايثير العجب العجاب في كل ذلك، فهو حدوث هذه الأمور أمام مرأى ومسمع رجال الأمن والسلطات المحلية الأخرى، الذين يظلون طوال اليوم يجوبون شوارع المدينة من غير أن يتساءلوا عما يقوم به هؤلاء، وكأنهم وجدوا في هؤلاء من يعفيهم من بعض المهام المنوطة بهم والمثقلة لكاهلهم، في الوقت الذي نعرف فيه أن تنظيم هذا المجال هو من اختصاصهم بالذات. وبخصوص "البيت بول" فنعني بها تلك الظاهرة الغريبة أيضا والمتمثلة في اصطحاب البعض لنوع خاص من الكلاب يطلق عليها اسم "البيت بول"، وهي بالمناسبة كلاب تصنف ضمن النوع الخطير والمهاجم للمارة، كما أن صفتها قبيحة ومرعبة حقا، إذ رغم وقوع أحداث مؤلمة على صعيد مدينتنا بسبب مهاجمة هذه الكلاب لبعض الأشخاص والأطفال منهم على وجه أخص، إلا أننا لم نعاين أي إجراء صادر عن رجال السلطة يحد من خطر هذه الكلاب وأصحابها المراهقين الذين يستخدمونها لغايات شتى، مع العلم أن تنامي هذه الظاهرة سيؤدي لا محالة إلى ابتداع أساليب جديدة في الاعتداء على الناس وسرقتهم أيضا، الشيء الذي سيعقد الأمور أكثر ويحول دون معالجة الداء المستفحل في إبانه. وبناء على ما تقدم، نتساءل: متى ستغدو أمور من قبيل أمن وسلامة وحرية وراحة المواطنين من الأولويات الفعلية والانشغالات الحقيقية للمسؤولين محليا؟ وإلى متى سيظل المواطن معتدى عليه ولا يجد آذانا صاغية لشكاويه التي فاقت حدود التصور؟؟ وإذن لنكف قليلا عن سياسة ترك الحبل على الغارب.