السميرس: الحوامض فَقَدَ 40 ألف هكتار.. والوسطاء يُضرّون بالمنتِج والمستهلك    "الأشبال" في مجموعة صعبة بالمونديال    تطورات حادثة البرانص 2 بطنجة: وفاة أحد الشابين المصابين متأثرًا بجروح بليغة    المنتخب المغربي في مجموعة الموت بكأس العالم لأقل من 20 سنة    تنظيم الدولة الإسلامية يعلن مسؤوليته عن "أول هجوم" يستهدف القوات الحكومية السورية الجديدة منذ سقوط الأسد    اعتقال عشريني متهم بتسريب امتحانات البكالوريا عبر الواتساب    رئيس "كومادير" يؤكد استفادة الفلاحين الصغار من دعم عمومي إجمالي بلغ 52 مليار درهم    تحقيق ألماني يكشف: مرتزقة البوليساريو قاتلوا في سوريا بدعم جزائري–إيراني إبان عهد الأسد    سيدي ولد التاه على رأس البنك الإفريقي للتنمية: موريتانيا تقتنص لحظة تاريخية في قلب إفريقيا    النيابة العامة بأكادير تكشف تفاصيل الإيقاع ب 8 أشخاص على خلفية غش امتحانات الباكالوريا    تفاصيل الإيقاع بمتورطين في عمليات الغش بامتحانات الباكالوريا    سيارة تصدم شرطيا بطنجة والسائق في حالة فرار    برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى أفراد أسرة المرحومة الفنانة نعيمة بوحمالة    الرباط تحتضن أول مكتب إفريقي للأمم المتحدة للسياحة للابتكار    عقوبات تأديبية بسبب شبهة تلاعب في إحدى مباريات البطولة    حماس "ترفض" مقترح أمريكا للهدنة    المغرب- إسبانيا.. توقيع بروتوكولات اتفاق لأربعة مشاريع كاتالونية باستثمار إجمالي قدره 500 مليون درهم    جريدة "العلم" تجري حواراً حصرياً مع وزير الخارجية المصري    تنصيب ابن مدينة تطوان الأستاذ أيوب التجكاني قاضيا بالمحكمة الابتدائية بالداخلة    تعيينات جديدة في مناصب عليا    بينهم 11% من الخصوصي.. نصف مليون تلميذ يجتازون امتحانات البكالوريا    وكيل الملك بالحسيمة يعلن توقيف مسير مجموعة واتساب متورطة في تسريب امتحانات البكالوريا    مجلس المنافسة يؤاخذ شركة "غلوفو"    الملك يعزي أسرة الفنانة نعيمة بوحمالة    الولايات المتحدة تلغي عقدا ب590 مليون دولار مع موديرنا لتطوير لقاح ضد إنفلونزا الطيور    نشرة إنذارية: موجة حر الخميس والجمعة بعدد من مناطق المملك    تشابي ألونسو يحسم مستقبل ابن الناظور إبراهيم دياز داخل ريال مدريد    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم يتعلق بالصناعة السينمائية وبإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي    مليار مستخدم لأداة الذكاء الاصطناعي "ميتا إي آي" (زوكربيرغ)    زخات تؤجل منافسات جائزة التبوريدة    الكيني نغوغي وا تيونغو يفارق "الأدب الإفريقي"    "مسناوة" تفتتح فعاليات الدورة الثانية من مهرجان "أرواح غيوانية"    ما لم يُذبح بعد    استطلاع: جل المغاربة متخوفون من تأثير الغش والتسول والتحرش على صورة المغرب خلال "المونديال"    كابوس إسهال المسافرين .. الأسباب وسبل الوقاية    رقمنة.. السغروشني تدعو في لقاء بإستونيا إلى تعاون مثمر يغطي عددا من المجالات    انخفاض أسعار الإنتاج الصناعي في المغرب خلال أبريل 2025    الركراكي: سأترك منصبي لغوارديولا أو أنشيلوتي إذا قادا المغرب للفوز بكأس إفريقيا    إيلون ماسك يؤكد خروجه من الحكومة الأميركية    تشييع جثمان الفنانة نعيمة بوحمالة بالدار البيضاء    إسرائيل تعلن إقامة 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية    الناظور.. افتتاح معمل "أليون" الصيني المتخصص في صناعة شفرات توربينات الرياح    الإعلان عن تنظيم الدورة التاسعة للجائزة الوطنية لأمهر الصناع برسم سنة 2025    %10 من سكان غزة ضحايا الإبادة الإسرائيلية    لارغيت يكشف كواليس غير معروفة عن اختيار حكيمي تمثيل المغرب عِوض إسبانيا    المدافع جوناثان تاه يوقع مع بايرن ميونيخ حتى 2029    سؤال الأنوار وعوائق التنوير في العالم العربي الإسلامي    طقس حار يعم عددا من مناطق المملكة اليوم الخميس    جائزة الملك فيصل تدشن في إسبانيا كتاب رياض الشعراء في قصور الحمراء    بحضور الرباعي المغربي.. الأهلي يتوج بلقب الدوري المصري للمرة 45 في تاريخه    الصين تفتح أبوابها أمام الخليجيين دون تأشيرة اعتبارًا من يونيو المقبل    ضمنها تعزيز المناعة.. هذه فوائد شرب الماء من الأواني الفخارية    من تهافت الفلاسفة إلى "تهافت اللحامة"    بن كيران وسكر "ستيڤيا"    حمضي يعطي إرشادات ذهبية تقي من موجات الحرارة    موريتانيا تكشف حقيقة سقوط طائرة الحجاج    الخوف كوسيلة للهيمنة: كيف شوّه بعض رجال الدين صورة الله؟ بقلم // محمد بوفتاس    السعودية: 107 آلاف طائف في الساعة يستوعبها صحن المطاف في الحرم المكي    









امحمد بن عبود: المآثر التاريخية للمدينة العتيقة بتطوان تعرف تدهورا
نشر في بريس تطوان يوم 16 - 07 - 2020

س. كيف ترى إشكالية إنقاذ التراث الثقافي لمدينة تطوان العتيقة وماهي الأولويات التي يجب التركيز عليها؟
ج . تعتبر مدينة تطوان العتيقة من أجمل المدن التاريخية في المغرب ولكن مآثرها التاريخية في المغرب تعرف تدهورا مما يطرح ضرورة ترميمها بحدة.
أولا، يجب إحصاء جميع المآثر التاريخية ثم يجب وضع برنامج لترميمها -في المدى القريب و المدى البعيد- لأن التعامل مع التراث يتطلب التأني والانضباط ولا يقبل الاستعجال والعشوائية.
ثانيا، يجب التركيز على التدخل مع اختيار المشاريع ذات التأثير على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.
المشاريع الثقافية مهمة ولكن يجب استثمار التراث الثقافي اقتصاديا.
* يجب معالجة مشكل تنظيم التجارة في المدينة العتيقة. لا يمكن للسياحة أن تنتعش بدون ضمان الأمن. أتساءل، ألا يمكن للسلطات التي أقفلت باب سبتة أن تجد حلا جذريا لمشكل الباعة المتجولين؟
ألا يمكن وضع رقم على كل متجر في المدينة العتيقة لوضع نهاية لظاهرة تحويل المنازل الخاصة ذات القيمة التراثية إلى متاجر؟ لماذا لا يتم إنشاء أسواق لطيفة على غرار سوق الحوت والسوق الذي أنشأ في حي الطرانكات بدل تأسيس أسواق القرب داخل أسوار المدينة؟
* هناك مآثر تاريخية تنفرد بها مدينة تطوان تتعرض الآن للإهمال والانهيار وهي مآثر تاريخية من شأنها أن تساهم بشكل فعال في إنعاش الحركة السياحية وخلق فرص الشغل للساكنة. أعني تحديدا سجن المطامر ودار ابن مرزوق الذي تطالب جمعية تطاون بترميمها لإنشاء متحف المطامر. يتعلق الأمر بكنيسة وسجن من القرن 16م.
ويتعلق الأمر بأهم مشروع يمكن إنجازه ليس فقط لإنقاذ معلمة تاريخية فريدة من نوعها بل لأن هذا المتحف سوف يجلب الزائرين المغاربة والأجانب من جميع أنحاء العالم.
* إن المقبرة الإسلامية لتطوان مقبرة تاريخية يعود بناؤها إلى تأسيس المدينة العتيقة. فيها معالم تاريخية فريدة كمقابر المجاهدين الغرناطيين الذين بنو المدينة منذ القرن 16م.
توجد هذه المقبرة خارج أسوار المدينة العتيقة. تحتاج هذه المقبرة إلى ترميم يراعي بعدها التاريخي والتراثي كما يجب على أي تدخل فيها أن يركز على أبعاد متعددة كمسألة الأمن و الإنارة والتنظيف والحفاظ على طابعها التاريخي واحترام موقعها الجميل المطل على البحر واستغلاله. كما يجب على أي تدخل أن يشتمل جميع مناطق هذه المقبرة الكبيرة بدل تهيئة جزء منها دون الأجزاء الأخرى حتى لا يؤدي ذلك إلى خلل في التوازن. يجب التعامل مع هذه المقبرة بصفتها جزءا من تراث المدينة العتيقة.
* تعتبر المنازل الخاصة من أهم مآثر تطوان ولذلك يجب اعتبار ترميمها من بين الأولويات إذا كان مشكل ترميم المنازل الآيلة للسقوط من أخطر المشاكل التي تهدد سلامة الساكنة مما يفرض تدخلا عاجلا، فهناك منازل تعد بالمآت يجب ترميمها اعتبارا لقيمتها التراثية.
إن التعامل مع هذه المنازل التي يعود بعضها إلى كل قرن من القرون الخمس الأخيرة، يتطلب دراية بتاريخ المدينة وعمرانها وكذلك بالتقنيات التقليدية لترميمها، لذلك فإن إشكالية الحفاظ على هذه المنازل وترميمها من أهم الأولويات للحفاظ على التراث الثقافي والمعماري لمدينة تطوان العتيقة. وعند ترميم هذه المنازل يجب منحها وظائف جديدة من شأنها الحفاظ عليها.
* إن كان إنجاز مشاريع الترميم هام وضروري، يجب أن يستمر طول السنة لمواكبة ظاهرة تدهور المآثر التاريخية.
يمكن تحقيق هذه الخطة إذا تم إشراك بعض الجمعيات المهتمة بالتراث كجمعية تطاون أسمير، في هذه المشاريع، لأن المجتمع المدني مهتم بالحفاظ على تراث المدينة العتيقة الثقافي وتوظيفه للإنعاش الإجتماعي والإقتصادي في نفس الوقت.
س . كانت جمعية تطاون أسمير عضوا في لجنة تتبع المشروع الملكي لترميم مدينة تطوان العتيقة من 2011 إلى 2014. وكانت تحضر في عدد من اجتماعات لجنة التتبع كممثل للمجتمع المدني. فما رأيك في ذلك المشروع وأهميته للحفاظ على التراث الثقافي لمدينة تطوان العتيقة ؟
ج. كان مشروعا رائعا نظرا لمشاركة جميع الوزارات والوكالات والمؤسسات الرسمية فيه. علاوة على بعض جمعيات المدينة المهتمة بترميم المدينة العتيقة. إن المجهود الذي بذل لتنفيذه كان مجهودا جبارا وكان للسيد الوالي محمد اليعقوبي فضل كبير في انطلاقته وفي تنفيذ ما تحقق منه، مع العلم أن المشروع يحظى بتزكية جلالة الملك، وكان موقف الجمعية موقفا مؤيدا لهذا المشروع لأن مدينتنا العتيقة صنفتها منظمة اليونسكو تراثا عالميا وهي بحاجة ماسة إلى الحفاظ على تراثها الثقافي والمعماري الذي أصبح مهددا.
س. خصصت للمشروع الملكي الأول للحفاظ على مدينة تطوان العتيقة ميزانية ضخمة قدرها 315 مليون درهم وكان من المقرر أن تخصص لتمول مجموعة من المشاريع ما بين 2011 و 2014. فماذا تحقق وماذا لم يتحقق من ذلك ؟
ج. هذا صحيح. صرف حسب تقديري %30 من تلك الميزانية ولم تصرف %70 منها. من المؤكد أن على الأقل نصف تلك الميزانية لم يصرف خلال المدة المخصصة لصرفها أي من 2011 إلى 2014. الجانب الإيجابي هو أن ما يصرف كان مهما جدا، لأن مدينة تطوان العتيقة كانت بأمس الحاجة إلى تجديد البنية التحتية التي وصلت إلى وضعية خطيرة جدا. تم تجديد حوالي %90 من شبكة الصرف الصحي والماء الصالح للشرب وشبكة ماء السكوندو وشبكة الهاتف والكهرباء. وتم ترميم الشوارع والساحات العمومية بالحجر مثل العيون والطرنكات وساحة الغرسة الكبيرة. ولكن هناك أحياء برمتها لم ينجز فيها هذا المشروع كليا، منها حي الملاح وحي الطالعة وحي السانية، فما زالت شوارعها بحاجة إلى الترميم. إنطلقت هذه السنة عملية ترميم بعضها في إطار المشروع الملكي الجديد. على كل إن تجديد البنية التحتية للمدينة العتيقة ما بين 2011 و 2014 كلف ميزانية هامة لم يصرف مثلها في المدينة العتيقة منذ الاستقلال سنة 1956 إلى 2011 ولكن الجانب السلبي هو ما لم يصرف من الميزانية المخصصة لذلك المشروع. إن جلالة الملك دشن هذا المشروع في دجنبر 2011 لينفذ و الواقع هو أن جزءا هاما منه لم ينفذ.
لذلك دشن جلالة الملك مشروعا جديدا لترميم مدينة تطوان العتيقة خصصت له ميزانية قدرها 350 مليون درهم.
وإن كانت أقل من ميزانية بعض المدن الأخرى كفاس ومكناس ومراكش، فإن المبلغ مهم بالنسبة لمدينة تطوان العتيقة ولا يمكن لجمعية تطاون أسمير إلا أن ترحب به.
س. ما رأيكم في الميزانية المخصصة للمشروع الملكي الجديد الذي خصصت له ميزانية ضخمة ما بين 2019 و 2023 ؟.
ج. إن هذه الميزانية كافية ولكن تخوفنا في الجمعية يكمن في طريقة صرفها. لا بد أن تطرح مجموعة من التساؤلات في هذا الشأن: هل تتوفر فعلا هذه الميزانية كاملة ؟
س. ما هي المشاريع التي سوف تخصص لتمويلها ؟
ج. إننا نعرف بعض المشاريع ولا نعرف جميع تفاصيلها. بل إن عددا من هذه المشاريع لا زالت في طور الإنجاز وهذا معناه أن لا أحد يعرف تفاصيلها. ونتساءل هل تعمل الإدارة في سرية وما هو دور لجنة التتبع ؟ هل دورها الاقتراح والنقد البناء أم الموافقة على ما يقرر في الإدارات و تنفيذ الأوامر التي تأتي من الرباط ؟
على كل هذا سلوك خاطئ، في رأينا لأن جميع المشاريع تظهر على أرض الواقع ولا يمكن إخفائها.
في هذه الحالة هل المجتمع المدني يعتبر قوة إقتراحية حقيقية تؤخذ ملاحظاتها بجدية ؟
س. ما رأيك في البعد السياسي للمشروع الملكي لإنقاذ مدينة تطوان العتيقة ؟
ج. فعلا هناك بعدا سياسيا لهذا المشروع بالذات لأنه يحظى بالدعم الكامل لجلالة الملك وهذا شرط أساسي لإنجاز أي مشروع من هذا النوع فهو مهم للغاية.
كما يجب مراقبة وثيرة أشغال الترميم. ولكن هناك جوانب أخرى للمشروع لا يجب إغفالها.
أولا ، لقد عبر المجتمع المدني عن دعمه الكامل لهذا المشروع ولقد كانت مواقفنا من هذه الناحية واضحة في جمعية تطاون أسمير ومازال موقفنا ثابتا. وهذا شرط مهم. الهدف من المشروع في نهاية المطاف هو الحفاظ على المدينة العتيقة لسكانها من أجل رفع مستواهم الاقتصادي والحفاظ على التراث التفافي والمعماري للمدينة العتيقة الذي يعتبر جزءا من هويتهم الثقافية الوطنية.
س. يشاع أن جلالة الملك قد يزور المدينة العتيقة في شهر أبريل المقبل ليطلع على أشغال الترميم في المدينة العتيقة.
ج. سيكون ذلك إيجابيا وسوف ترحب به ساكنة المدينة العتيقة كما فعلت في زيارة 2011. ولكن لا يجب على أشغال الترميم أن ترتبط بالزيارات الملكية فقط بل يجب أن تستمر مجانبة لتدهور عمران المدينة و بناياتها التاريخية.
س. وما رأيك في دور الإدارة ؟
ج. إن الإدارة مكلفة بالإشراف على إخراج المشروع للوجود وتدبيره والتنسيق بين الأطراف المتعددة المسؤولية على إنجازه. وهذا أمر معقد نظرا لطبيعة الإدارة نفسها وكذلك لمشاكل التنسيق بين أطرافها وبين إدارة و إدارة أخرى. المشكل الإداري معقد جدا. وهو مشكل سياسي إذا اعتبرنا أن رؤساء الجماعات الحضرية ونوابها المنتخبون يمثلون الأحزاب السياسية. كما أن المسؤولين الإداريين لهم مسؤولية أمام وزاراتهم و كذلك الأحزاب السياسية مع الدوائر العليا وحتى النقابات.ولكنني أفضل أن أنظر إلى الجانب السياسي للمشروع الملكي من زاوية أخرى وهي الزاوية التي ينطلق منها المجتمع المدني.
إذا كان المشروع الملكي مشروعا إيجابيا يسانده الجميع على مستوى الخطاب وإذا حصل عليه الإجماع فيجب أن نتعامل معه انطلاقا من مقاييس احترافية. المشكل هنا وهو سياسي، إن السلطات المحلية المشرفة على تنفيذ المشروع تعتمد الطرح الأمني بالدرجة الأولى وكثيرا ما يكون ذلك على حساب المقاييس الموضوعية للحفاظ على التراث الثقافي للمدن العتيقة. وهذا هو المشكل الذي تتخبط الإدارة المركزية والجهوية والمحلية فيه، إن مشاكل المدن العتيقة المغربية جميعا بما فيها تطوان، هي مشاكل تتمحور أغلبها حول التخطيط والتشريع والتدبير والتمويل وخصوصا مسألة ترميم المآثر التاريخية. لهذا فإنني أنطلق دائما من المستوى المركزي عندما أحلل أوضاع مدينة تطوان العتيقة كنموذج لباقي المدن المغربة العتيقة.
أرى بأن الإدارة بحاجة إلى التجديد إذا أرادت أن تجد حلولا حقيقية لمشاكل ترميم المدن العتيقة وترميم مآثرها التاريخية اعتمادا على مواد وتقنيات تقليدية، وذلك لن يحدث إلا بالرجوع إلى المتخصصين في الحفاظ على التراث الثقافي والمعماري لمدننا العتيقة كما يجب أخد خصوصة كل مدينة عتيقة. وإلا فكيف نعتمد نفس المواد والتقنيات لترمم الأقواس في منازل مدينة فاس وهي مصنوعة من الجبص وأقواس مدينة الرباط وهي مصنوعة من الحجر؟ وكيف تكلف شركات غير متخصصة بترميم الزليج التطواني في المساجد والزوايا و المنازل الخاصة والسقايات العمومية. وأصحاب هذه الشركات لا يفرقون بين الزليج التطواني و الزليج الفاسي ؟
ستكون النتيجة سلبية وهذا ما يحصل. بل يعتمدون الزليج العصري في الترميم ويستعملون ألوانا لا تنطبق مع الزليج التقليدي، لا في تطوان ولا في مكناس ولا في أي مكان. هكذا يندثر التراث.
س. هل يجب للإدارة أن تتعاون مع بعض الجمعيات للتغلب على مشاكلها؟
ج. نعم هذا شرط أساسي ما دام الأمر يخص مصلحة مشتركة. إن التعاون حاصل، ولكن يجب تطويره.
س. كيف ترى انطلاقة المشروع الجديد هو يهدف إلى استكمال ما لم يتحقق في المشروع الملكي الأول، مع إضافات جديدة.
ج. أولا. يجب مجانبة بعض الأخطاء التي ارتكبت في تدبير المشروع الملكي الأول.
ثانيا، يجب تحديد الأولويات بالتنسيق مع المجتمع المدني وليس في إدارات وراء أبواب مغلقة.
ثالثا، يجب تنفيذ ما يتم تقريره والإعلان عن تنفيذه.
رابعا، يجب على لجنة التتبع أن تمارس مهمتها على أرض الواقع.
خامسا، يجب صرف الميزانيات بطريقة عقلانية.
سادسا، يجب اعتبار التراث الثقافي لمدينة تطوان العتيقة من بين الأولويات. ويجب اعتبار العنصر الاجتماعي من بين الأولويات، أيضا لأن الترميم يتم لصالح السكان ومن أجل تحسين أوضاعهم الاقتصادية عن طريق إنعاش السياحة وخلق مناصب جديدة للشعل مثلا. هناك معادلة لا يجب إغفالها وهي ضرورة ترميم التراث مع توظيفه واستثماره.
سابعا، يمكن إشراك بعض الجمعيات ذات التجربة في مجال الحفاظ على التراث والتي تعتبر جمعية تطاون أسمير على رأسها في إنجاز بعض المشاريع التي لها تجربة ايجابية في مجالها، وعلى رأسها ترميم المنازل الخاصة في مدينة تطوان العتيقة. أنجزنا مشروعا رائدا في هذا المجال هو ترميم خمسة منازل من خمسة قرون. إلا أن مشروعنا هو عبارة عن نموذج للتدخل ولا يمكننا أن نعوض الدولة ونتدخل في مجالها. ولكن يمكن للدولة أن تستفيد من تجربتنا إذا اقتنع أصحاب القرار بذلك.
هناك نتيجة لم يقتنع بها عدد من الناس رغم وضوحها. وهي فشلت الدولة في تعاملها مع التراث الثقافي والمعماري للمدن العتيقة على المستوى الوطني. ولذلك على المسؤولين أن يبحثوا عن بدائل على المستوى المحلي ليعمم تطبيقه على الصعيد الوطني. هذا واضح انطلاقا من الطرح الذي يركز على الحفاظ على التراث الثقافي ولكنه ليس واضحا بالنسبة للذين يتعاملون مع التراث انطلاقا من المنظور الأمني. إن التراث لا يشكل أي خطر على أحد، بل إن الإهمال وسوء التدبير هو الذي يهدده باندثاره. ولذلك لابد من التعاون بين الإدارة والمجتمع المدني في مجال الحفاظ على تراث مدننا التاريخية. إنني أتكلم انطلاقا من تجربة جمعية تطاون أسمير في مجال التراث، فنحن نعتبر تراث المدينة العتيقة من بين الأولويات منذ تأسيسنا لهذه الجمعية سنة 1995.
س. كيف تلخص الوضعية الراهنة لتطور أشغال المشروع الملكي الجديد (2019-2023)؟
ج. انطلقت بعض المشاريع ولم تنطلق مشاريع أخرى. انطلقت أعمال ترميم أزقة حي الملاح بشكل جيد فنرجو أن تنطلق أشغال ترميم أحياء شعبية أخرى كحي السانية وحي الطلعة. وهناك بعض الهفوات التي يجب تصحيحها كترميم شارع المطامر وهو شارع تجاري مهم، خصوصا الجزء الذي يوجد فوق سجن المطامر. ما زلنا ننتظر انطلاقة أعمال هذا المشروع.
وانطلقت أشغال الضلالات الخشبية في عدد من الأحياء التجارية من باب العقلة إلى ساحة المصداع وفي شارع العيون وشارع الطرانكات، فشكل ذلك إضافة إيجابية. وانطلقت أيضا أشغال ترميم السقايات فأرجو أن يتقنوا العمل هذه المرة.
وهناك مجموعة من المآثر التاريخية التي انطلقت أشغالها كترميم دار البومبا وقصبة جبل درسة وكذلك ترميم المقبرة الإسلامية الكبرى. كل هذا تحرك في شهر يوليوز الماضي عند وصول جلالة الملك إلى تطوان لقضاء جزء من عطلته الصيفية. ما زالت الحركة قائمة فهناك إشاعات حول زيارة مقبلة لجلالة الملك إلى تطوان. لذلك نرجو أن تنطلق أشغال المشاريع الأخرى حتى يتطلع الملك على تطورها.
إن جل المشاريع الهامة ضمن المشروع الملكي مازالت متعثرة أو لم تنطلق أشغالها لحد الآن ومنها ترميم متحف المطامر ودار ابن مرزوق. وترميم المنازل الآيلة للسقوط ومشروع التشوير وتنظيم التجارة و إيجاد حل لمشكل الباعة المتجولين وتفعيل إنعاش السياحة في المدينة العتيقة. لقد طالت مدة دراسة هذه المشاريع وإننا ننتظر تفعيلها قريبا إن شاء الله، فيجب احترام المدة المحددة لإنجاز المشروع الملكي هذه المرة وهي المدة الممتدة ما بين 2019-2023 . وإلا لماذا تم تحديد مدة إنجاز المشروع الملكي؟
انطلقت أعمال مشاريع هامة للترميم ضمن المشروع الملكي ولكن المشكل يكمن في عدم إتقان إنجازها ويعود هذا إلى مجانبة المسؤولين للاستشارة مع أعضاء المجتمع المدني.
إننا متفائلون جدا بنتائج المشروع الملكي الجديد. كما نعتبر هذا المشروع مهما ليس لمدينة تطوان فحسب بل بالنسبة لجميع المدن العتيقة المغربية لأننا نبحث جميعا عن النموذج المثالي للتعامل مع تراث المدن التاريخية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.