ما الذي يعنيه عدم أخذ نقطي التي أضعها للتلميذ في نهاية السنة الدراسية بعين الاعتبار ؟ ما الذي يعنيه أنني لست صاحب قرار في التقويم النهائي للتلميذ وأن القرار للسيد المدير الذي يحدد عدد الراسبين في كل قسم بناء على الخريطة المدرسية التي تطبخ في مكاتب الأكاديميات بعيدا عن ميدان العمل داخل الفصل الدراسي؟ هكذا كان يصرخ أحد الزملاء حين كان المدير يحدد له رقما معينا يجب أن يعيد السنة الدراسية ضمن صف الراسبين، وهكذا فمن أصل 50 تلميذا نصفهم مازال لم يضبط المهارات الأساسية للإكراهات الموضوعية الذاتية المعروفة يجب أن ينجح 45 للقسم الثاني، ومن الغريب أن أحدهم تغيب لأسابيع عدة أما الأربعة فقد انقطعا شهرين متتابعين وعادا على الأكتاف بفضل برنامج من التلميذ إلى التلميذ لينجح وسط استغرابه الشخصي وذهول عائلته. بنفس الإحساس كان أستاذ في الإعدادي يشرح لزميله:لو كنت أعرف أن النتيجة ستكون بمثل هذه الطريقة. ما تكبدت عناء تصحيح عشرات الأوراق في الفروض والامتحانات الشفوية، وتصحيح الدفاتر من أجل تحديد من هم في المستوى، ومن هم دون ذلك؟ لتهمل الأكاديمية نقطتي وتحدد عتبة معينة يجب أن ينجح كل من حصل عليها . وبنفس المرارة كان يصرخ أب كذلك:ذهبت عند المدير فطلبت منه أن يعيد ابني السنة الدراسية، فمهاراته تافهة، ومازال لا يتوفر على القدرات الأساسية التي يجب أن يكتسبها هذه السنة لتأهيله للمستوى الموالي وكان رد المدير قطعيا : ابنك سينجح أحببت أم كرهت بتعليمات من الوزارة ، وبسخرية لم يجد الأب سوى القول: ألهذا سميتهم جيل مدرسة النجاح *نجحنا بكري.....* وهكذا ومع مرور كل الإصلاحات التي همت المجال التربوي أصبحت نتائج الامتحانات تبدو غير ذات أهمية بالنسبة للتلميذ والمدرس على حد سواء، فبالرغم من كونها تأتي كنتيجة للتقويم التربوي الذي يشمل مستويات عدة والذي يحدد مصير السنة الدراسية بالنسبة للتلميذ، فإنها أصبحت شكلية إذا استثننا قليلا قليلا امتحانات الباكالوريا التي مازالت تحافظ على بعض عذريتها مقارنة بباقي المستويات الأخرى. وعلى صعيد آخر لا تتردد أغلب المؤسسات الخصوصية في إتباع نفس الأساليب والوتيرة مع فارق بسيط يتمثل في طغيان هاجس الربح المادي مما يدفع المسؤولون لرفع النقط بطريقة أوتوماتيكية ناهيك عن النفخ المبالغ فيه في نقط المراقبة المستمرة للتلاميذ في التعليم الثانوي للحصول على المعدل في الامتحانات النهائية جهويا ووطنيا . ومع كل نهاية كل موسم دراسي تتواصل معضلة ومتعة اللعب على الأرقام لدى الوزارة، و تغليب الهاجس الكمي على الجانب الكيفي ،لهذا لا يترددون كذلك في تكديس التلاميذ في علب تسمى ظلما أقساما لبلوغ رقم معين من تعميم التمدرس وبنفس الوتيرة لا يترددون كذلك في إنجاح التلاميذ قسرا وعنفوانا للدلالة على أن المناهج توجد في وضعية سليمة، والدليل هو نسبة النجاح التي أصبحت تفوق رقما معينا ... إن النتائج الكارثية لهذه السياسة اللاتربوية تتجلى في : - انخفاض المستوى التعليمي للتلاميذ بشكل فاضح - فقدان الثقة في المؤسسة العمومية سواء لدى الأساتذة أو الآباء بل وحتى التلاميذ ؟ - تكريس ضعف وهزالة المؤسسات التعليمية ؟ فهل أصبح النظر في طريقة تدبير النجاح في المؤسسة هاجسا يجب على كل المهتمين البحث عن نتائج عاجلة له قبل فوات الأوان، وتسفير تلاميذ فارغي المحتوى عبر الأقسام قبل حلول مرحلة التصفية في الباكالوريا التي تعد هذه السياسة أبرز أسبابها .....