تعد مواقع التواصل الإجتماعي مجموعة من البرامج المصممة لتسهيل التواصل بين الناس، والانفتاح على العالم وقد احتلت هذه المواقع "السوشيال ميديا" في السنوات الأخيرة الحيز الأكبر في حياتنا الاجتماعية، لكونها ربطت العالم أجمع وأزالت الحدود لدرجة بات العالم مدينة صغيرة تختلط فيها الثقافات والعادات. هذا النمط الذي طغى على الحياة الجديدة، له تأثيرات منها الإيجابي ومنها السلبي، وخاصة على العلاقات الزوجية التي تعد محرك أي مجتمع، فما هي هذه المؤثرات، وكيف انعكست على المجتمع؟ تقول صفاء المفريج، كوتش، وخبيرة في العلاقات الزوجية أن السوشيال ميديا يمكن أن تؤثر بشكل سلبي على العلاقات العاطفية والاجتماعية، لأنها تزيد من المقارنات والتوقعات الغير منطقية، فقد يعتقد كثير من الأفراد أنه يجد ملاذًا للترفيه في وسائل التواصل الاجتماعي بعيدًا عن مشكلات الزواج أو العلاقة العاطفية، ولكن الحقيقة عكس ذلك بسبب، لوجود عدة منشورات غير حقيقة تخبرنا بأن الزواج أمر جميل وكله مميزات فقط.. وأوضحت الكوتش صفاء، بأن انتشار صور لأسر السعيدة يعتقد لآخرون أن حياتهم كلها رغد وسعادة، ويتساءل الفرد "لماذا حياتي حزينة مع زوجي أو زوجتي؟"لأن رؤيتنا لمنشورات متنوعة تجعلنا نقارن حالنا دائمًا بالغير، وتزيد من سقف توقعاتنا في علاقتنا العاطفية. برود الحياة الزوجية قالت صفاء المفريج، أن الانتشار الواسع للهواتف المحمولة الذكية بات لكل أفراد المجتمع هاتف خاص، ومن ضمن هؤلاء الأفراد الأزواج فقد يجتمع الزوجان على طاولة الطعام، لكن كل منهما منهمك في هاتفه المحمول وحتى إن قرأ أو سمع شيئا لطيفا يرسله برسالة لشريكه بدل أن يحكيه. ووفق ذلك، يهدر كل من الشريكين في عصر "السوشيال ميديا" فرصة التعبير وإبداء المشاعر الطبيعية، وشيئاً فشيئاً يبتعد الأزواج عن بعضهم البعض ويصبح كلٌّ منهما جاهلا لمشاعر الآخر ما يفرحه أو يحزنه، ويسود البرود في العلاقة الزوجية مع قلة الحوار مما يجعل هذه العلاقة هشة وقابلة للانتهاء مع أول مشكلة قد تواجههما. علاقات وهمية وغيرة بين الأزواج ترى الخبيرة في العلاقات الزوجين، أن هذه الدهاليز الافتراضية أدت إلى نشوء حالات جديدة من العلاقات الوهمية سواء عند الرجال أو النساء، حيث اختبأ الطرفان في قوقعة الشاشة، ولعدم وجود رادع أو مراقب، ولاعتقادهم أن الإفصاح عن المشاعر لا يعدّ جريمة أو عيبا في العلاقات غير المكشوفة. وتابعت المتحدثة،" ثبت بأن السوشيال ميديا تزيد من غيرة الفرد خاصة إذا كان بطبيعته غيورًا، فإنه سيكون أشد تأثرًا ومراقبة لشريك حياته وتصرفاته، كإبداء تعليق أو إعجاب على منشورات الأصدقاء، وثبت أن استخدام فيسبوك يزيد من مشاعر الغيرة، والشك في العلاقات العاطفية وعدم الثقة. غياب الحوار والتواصل داخل الأسرة والطلاق النفسي ترى صفاء المفريج،أن الحوار الهادف وبناء والتواصل بين الزوجين، بات منعدما، لأن مواقع التواصل الاجتماعي أخذت حيزا كبيرا في حياة الأزواج، وهذا ما اعتبرته الكوتش أمرا خطيرا ظهر تأثيره جليا على الحياة الزوجية التي تعاني أمراضا مزمنة اليوم من أخطرها تبلد المشاعر والجفاء وعدم الشعور بالآخر، قائلة "نرى بوضوح الحالة التي آل إليها الكثير من الأزواج، فتخيلوا معي ذلك المشهد الذي يتكرر كثيرا، إذ نجد الزوج والزوجة والأطفال وعلى الرغم من تواجدهم في نفس المكان، إلا أنهم منعزلين تماماً عن بعضهم بسبب انشغال كل منهم بهاتفه النقال، متابعا لمواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي أدى إلى الشعور بالحرمان من الألفة والسكينة التي غابت عن الكثير من الأسر." وخلصت صفاء المفريج، إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي، تؤدي أحيانا كثيرة إلى الطلاق النفسي بين الزوجي دون أي مقاومة منهما ويعني الطلاق النفسي انعزالهما نفسيا وعاطفيا عن بعضهما البعض، نتيجة للانشغال بأمور أخرى طغت على الحميمية بينهما وسببت ضياعهما.