في دراسة ألمانية حديثة، خلص الباحثون إلى أن تطبيقات الإنترنت مثل "تيك توك" و"إنستغرام" أصبحت تشكل خطرًا كبيرا على المراهقين الذين يصبجون فربسة سهلة للمخدرات والكحول. هذا الخطر المحدق، يستدعي الوقوف عند هذه التطبيقات التي أصبحت جزءًا من واقعنا المعاصر. وفي تصريح ل" رسالة 24 "، أكد محسن بنزاكور، أخصائي في علم النفس الاجتماعي، أن منظمة الصحة العالمية سبق لها أن وصفت تعامل المراهقين والراشدين مع مواقع ووسائل التواصل الاجتماعي لمدة ثلاث ساعات يوميًا بالإدمان، موضحًا أن المراهق يظهر عليه علامات المدمن عندما يحاول الابتعاد عن هذه التطبيقات، حيث يعاني من التوتر المرتفع، ويتراجع عنده مستوى العلاقات الأسرية والاجتماعية، كما يؤدي ذلك إلى تدهور الأداء الدراسي. وأشار الأستاذ بنزاكور إلى أن الإدمان على التطبيقات الرقمية يُعلّم المراهق سلوكيات يصعب على المجتمع قبولها بسبب غياب الكفاءة الفكرية اللازمة التي نسميها "المناعة الفكرية" لمحتويات الإنترنت. وبالتالي، فإن التفاعل المستمر مع وسائل التواصل الاجتماعي يضعف البنية النفسية السليمة للمراهق، فيفقد الصبر ولا يؤمن بعامل الوقت. ومع انسيابية مقاطع الفيديو، ينجذب المراهقون نحو هذه التطبيقات بشكل يجعل الزمن يتقلص لصالح الرغبة، مما يعزز مفهوم اللذة ويقلل من القدرة على التحليل، ويؤدي إلى تطور ما يسمى بالإدمان، حيث تصبح الرغبة في الشيء مرتبطة باللذة، ويواجه المراهق صعوبة في التخلي عنها. كما سلط المختص الضوء على انتشار ما يسمى ب"التحديات" عبر الإنترنت، والتي وصفها بأنها خطيرة، مثل تحدي عدم النوم لمدة يومين أو ثلاثة أو الانخراط في ألعاب مميتة ك"الحوت الأزرق"، التي أسفرت عن مقتل العديد من الأطفال والمراهقين في مختلف أنحاء العالم. فهناك إذن سلوكيات عديدة تنشأ من الإنترنت تؤدي إلى أضرار جسدية ونفسية واجتماعية. وفي هذا السياق، يرى الأستاذ بنزاكور أن المسؤولية تقع على جميع المؤسسات، بغض النظر إلى طبيعتها، بدءًا من الأسرة مرورًا بالمدرسة وصولًا إلى الأحزاب والمجتمع المدني. ويتساءل عن السبب الذي يجعل الأطفال والمراهقين يقعون في هذا الإدمان الرقمي، مفسرًا ذلك ببساطة بعدم وجود بدائل أو أن البدائل المتاحة لا توازي جاذبية وسائل التواصل الاجتماعي. كما تساءل عن البرامج والاستراتيجيات التي تقدمها وزارة الأسرة والتضامن لفائدة المراهقين، مشيرًا إلى غياب برامج خاصة لهذه الفئة، خاصة مع تراجع دور الشباب في المجتمع وضعف التأطير الحزبي، وتحول اهتمام المجتمع المدني إلى القضايا السياسية الكبرى وحقوق الإنسان والمرأة. ويؤكد المختص إلى أنه، وفي ظل غياب كل هذه المبادرات، تبقى وسائل التواصل الاجتماعي هي "الونس" الوحيد للمراهقين، في ظل أن التكنولوجيا أصبحت في متناول الجميع. لذلك، يدعو إلى ضرورة إعادة النظر في السياسات المتبعة، آملاً أن لا تقتصر مهام وزارة الانتقال الرقمي على الرقمنة فقط، بل أن تُفكر في آليات لمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي التي تشكل خطرًا على المراهقين، ليس من أجل المراقبة فحسب، بل من أجل وضع برامج لحمايتهم من الوقوع في فخ الإدمان الرقمي.