في ظل الارتفاع المتزايد في معدلات السمنة، باتت عملية تكميم المعدة محط اهتمام متزايد، سواء من طرف المرضى الذين يعانون من السمنة المفرطة أو حتى من بعض الأشخاص الذين يبحثون عن حلول سريعة لفقدان الوزن. في هذا الحوار، نفتح ملف "تكميم المعدة" مع محمد أشرقي أخصائي أمراض الجهاز الهضمي، للحديث عن طبيعة العملية الفئات المستهدفة، المخاطر المحتملة ومتى تتحول من حل علاجي إلى ظاهرة اجتماعية مثيرة للجدل. ما هو تعريف عملية تكميم المعدة؟ وكيف يتم إجراؤها من الناحية الطبية؟ تعد عملية تكميم المعدة إجراء جراحيا يهدف إلى تقليص حجم المعدة من أجل الحد من كميات الطعام التي يتناولها المريض، وبالتالي مساعدته على فقدان الوزن بشكل فعال. يتم تنفيذ هذه العملية بطريقتين أساسيتين، الطريقة الأولى والأكثر تقليدية هي الجراحة التنظيرية، حيث يحدث الجراح ثقوبا صغيرة في البطن ويقوم باستئصال حوالي 60 إلى 70 بالمئة من المعدة، ثم يزال الجزء المقطوع بشكل نهائي من الجسم. هذه الطريقة تُعرف باسم "Sleeve gastrectomy" وهي الأكثر شيوعا. أما الطريقة الثانية، فهي تقنية جديدة نسبيا بدأت تعتمد في الولاياتالمتحدة وأوروبا وبعض دول الشرق الأوسط، وتقوم على إدخال منظار عبر الفم دون أي شقوق خارجية حيث تخاط المعدة من الداخل لتقليص حجمها دون استئصال أي جزء منها ومن المنتظر أن تعمم هذه التقنية قريبا في بعض المستشفيات المغربية، وتعتبر أكثر أمانا من حيث المضاعفات الجراحية. ما هي الفئات التي ينصح لها بهذا النوع من العمليات؟ وهل هناك معايير محددة لاختيار المرضى؟ توصى هذه العملية أساسا للأشخاص الذين يعانون من السمنة المرضية، أي الذين يتجاوز مؤشر كتلة الجسم لديهم 35 أو 40، خصوصا عند وجود أمراض مرافقة مثل اضطرابات القلب أو التنفس أو الكبد أو المفاصل ويشترط قبل اتخاذ القرار التأكد من فشل المحاولات السابقة في إنقاص الوزن رغم اتباع حمية غذائية صحية وبرنامج رياضي منتظم. ويفرض على المريض الخضوع لفحوصات دقيقة تشمل تقييما لوظائف القلب والجهاز التنفسي والكبد والجهاز الهضمي، إلى جانب تقييم نفسي يضمن استعداده لتقبل التغيرات الجسدية والنفسية المحتملة بعد العملية، مثل ترهل الجلد أو اضطراب صورة الجسد. لاحظنا انتشار ما يمكن وصفه ب"هوس التكميم"، ما تعليقكم على لجوء عدد متزايد من الأشخاص، خصوصا من غير أصحاب السمنة المفرطة، إلى هذه العملية؟ تسجل مؤخرا زيادة مقلقة في عدد الأشخاص الذين يقبلون على التكميم دون أن تتوفر فيهم المعايير الطبية الدقيقة، ما يعّر عن "هوس التكميم" أكثر مما يعكس ضرورة علاجية. وتعد هذه الظاهرة انزلاقا نحو استخدام جراحة معقدة كوسيلة تجميلية أو حل سريع، بدل أن تستعمل كملاذ أخير لعلاج السمنة المرضية. ويفترض بالأشخاص الذين يعانون من زيادة معتدلة في الوزن أن يعتمدوا على نمط حياة صحي ومتوازن، يجمع بين التغذية السليمة والنشاط البدني، دون اللجوء إلى خيارات قد تعرض صحتهم للخطر مستقبلا. هل تعتبر تكميم المعدة حلا جذريا للسمنة أم أنها تدخل ضمن منظومة علاجية أوسع؟ تندرج عملية التكميم ضمن منظومة علاجية شاملة ولا تعد حلا جذريا بحد ذاتها. وتستوجب هذه الجراحة التزاما صارما بنظام غذائي دقيق ومتابعة طبية مستمرة، لأن إهمال هذه الضوابط قد يؤدي إلى تمدد المعدة مجددا خلال سنوات القادمة، مما يفقد العملية فعاليتها تدريجيا. ما هي أبرز المضاعفات والمخاطر الصحية التي قد تصاحب عملية تكميم المعدة، سواء مباشرة بعد العملية أو على المدى الطويل؟ ترافق عملية التكميم بعض المضاعفات سواء خلال الجراحة أو بعدها، وتظهر أحيانا مضاعفات فورية كالنزيف الالتهابات، أو تسرب من موضع القطع وقد تؤدي في حالات نادرة إلى مضاعفات خطيرة وقد يصاب المريض بصعوبات في الهضم أو قيء مزمن خصوصا في حال عدم الالتزام بتعليمات ما بعد الجراحة. فيما تسجل التقنية الجديدة عبر الفم نسبة مضاعفات أقل نظرا لعدم اللجوء إلى قطع في المعدة لكنها قد تسبب نقصا في بعض العناصر الغذائية مما يفرض تناول مكملات غذائية تحت إشراف طبي. في رأيكم، هل أصبح التكميم "موضة" أكثر من كونه ضرورة طبية؟ تحولت هذه العملية للأسف، إلى ظاهرة اجتماعية أكثر من كونها تدخلا طبيا ضروريا، ويلاحظ إقبال متزايد من شباب وأشخاص لا يعانون من سمنة مرضية على التكميم بدافع التجميل أو الضغط المجتمعي وهو توجه مقلق. و يجب التأكيد على أن العملية تعد تدخلا طبيا دقيقا لعلاج السمنة المرضية فقط ولا ينبغي أن تتحول إلى وسيلة لتحسين المظهر أو مجاراة صيحات الموضة. ما البدائل غير الجراحية التي يمكن أن تحقق نتائج مستدامة في إنقاص الوزن؟ تمثل الحمية الغذائية المتوازنة، الموضوعة تحت إشراف أخصائيي تغذية والمصحوبة بممارسة رياضية منتظمة البديل الأكثر فعالية وأمانا. وتضاف إلى ذلك بعض العلاجات الدوائية الحديثة وحقن مبطئة للشهية أو مبطئة للهضم، لكنها تظل مكلفة ولا ينصح باستخدامها لفترات طويلة بسبب آثارها الجانبية على الكبد والجهاز الهضمي.