تلقت كل من الجزائر وجبهة البوليساريو ضربة دبلوماسية جديدة، عقب إعلان المملكة المتحدة دعمها لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، والتحاقها بركب الدول المؤيدة لمغربية الصحراء. الأمر الذي يستدعي التساؤل عن وقع على الاعتراف التاريخي على مستقبل ملف النزاع المفتعل. وفي هذا الصدد اعتبر محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، في تصريح لرسالة 24 أن الموقف البريطاني الأخير الداعم لمبادرة الحكم الذاتي المغربية يشكل تحولا استراتيجيا في مسار نزاع الصحراء، بالنظر إلى الوزن الدولي الكبير للمملكة المتحدة كعضو دائم في مجلس الأمن، وتمتعها بحق النقض (الفيتو)، إضافة إلى تأثيرها الواسع في عدة تكتلات دولية، كالكومنولث، وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، فضلاً عن علاقاتها المتينة مع دول الاتحاد الأوروبي رغم خروجها منه. وأوضح عبد الفتاح أن هذا الموقف من شأنه أن يعزز الدينامية الدبلوماسية التي راكمتها المملكة المغربية، كما يسهم في تقويض الأطروحات الانفصالية التي تمر بحالة من التراجع والتفكك، خاصة في ظل ما وصفه ب"رد الفعل المتشنج" من قبل الخارجية الجزائرية، الذي أكد، حسب قوله، تورط الجزائر كطرف مباشر في هذا النزاع الإقليمي. وأضاف المتحدث أن دعم بريطانيا لمقترح الحكم الذاتي يكرّس تقارباً تاريخياً بين الرباط ولندن، يقوم على احترام السيادة والوحدة الترابية، ويتجلى في الشراكة الاستراتيجية الموقعة بين البلدين بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والتي شملت قطاعات حيوية كالصناعة، والطاقة، والفلاحة، بما في ذلك المنتجات القادمة من الأقاليم الجنوبية. وأشار إلى أن المحكمة الإدارية البريطانية كانت قد أصدرت سابقاً حكماً لصالح الاتفاقيات الفلاحية بين البلدين، وهو ما يسمح بدخول المنتجات القادمة من الأقاليم الصحراوية إلى السوق البريطانية، ما يُعد اعترافاً عملياً بمغربية الصحراء. كما شدد على أن المملكة المتحدة لا تكتفي بالدعم السياسي، بل تنخرط في خطوات عملية، من خلال استثمارات مباشرة مرتقبة في الأقاليم الجنوبية، ما يعزز اعترافها الواقعي بالسيادة المغربية على المنطقة. ولفت عبد الفتاح إلى البعد التاريخي للموقف البريطاني، مشيراً إلى وجود وثائق تاريخية تثبت التبعية السياسية للأقاليم الجنوبية لملوك الدولة العلوية، وهي وثائق صادرة في سياقات مختلفة عن العلاقات المغربية البريطانية. واعتبر أن الموقف البريطاني يساهم في بلورة توجه جديد داخل مجلس الأمن، حيث بات أغلب الأعضاء الدائمين يميلون إلى دعم الطرح المغربي، بينما يظل موقف روسيا والصين رافضا للتعاطي مع الكيان الانفصالي، في إطار شراكة استراتيجية مع المغرب تتضمن اعترافاً ضمنياً بمغربية الصحراء. وختم بالتأكيد على أن هذه المتغيرات تفرض على الأممالمتحدة مراجعة مقاربتها تجاه النزاع، بما يتماشى مع الدينامية الدبلوماسية الدولية، ومع واقع السيادة المغربية على أقاليمها الجنوبية.