رغم أن المغرب يحقق أرقاما قياسية في عدد الوافدين سنويا، فإن العائدات من العملة الصعبة تظل دون مستوى طموحات القطاع السياحي، خاصة عند مقارنتها بدول تحقق أعدادا أقل من السياح لكنها تتفوق في المداخيل. فهل يكمن الخلل في عدد الزوار أم في طبيعة المنتوج السياحي الموجه إليهم؟ في تصريح ل"رسالة 24″،أوضح الخبير في المجال السياحي زوبير بوحوث أن المغرب، رغم تحقيقه أرقاما مرتفعة في عدد الوافدين، يظل بعيدا عن تحقيق الاستفادة الاقتصادية المرجوة من القطاع السياحي، مقارنة بدول أخرى مثل تركيا أو مصر. وأكد أن التحدي الأكبر يكمن في رفع مستوى العائدات من العملة الصعبة، لا الاكتفاء بزيادة أعداد الزوار. وأشار بوحوث إلى أن دولا مثل تركيا تعتمد بشكل شبه كلي على السياحة الدولية، حيث يشكل السياح الأجانب ما بين 90% و95% من إجمالي الوافدين، وهو ما ينطبق أيضا على إسبانيا وفرنسا. في المقابل، يشكل أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج نسبة كبيرة من الوافدين إلى المملكة، تصل في بعض الفترات إلى نحو نصف العدد الإجمالي. وخلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة، وخاصة في فترة "عملية مرحبا"، يسجل توافد كثيف للجالية، ما يرفع أعداد الوافدين، لكن أثرهم على مداخيل العملة الصعبة يبقى محدودا، نظرا لكون إنفاقهم السياحي أقل بكثير مقارنة بالسياح الأجانب، خاصة فيما يتعلق بالإقامة في الفنادق أو استهلاك المنتوجات والخدمات السياحية الموجهة للسوق الدولية. وأوضح الخبير أن الأرقام تكشف الفجوة بوضوح؛ ففي سنة 2023-2024، بلغ عدد مغاربة العالم القادمين إلى المملكة حوالي 8.6 مليون، وهو تقريبا نفس عدد السياح الأجانب، إلا أن إنفاق السياح الدوليين قارب 17 مليون ليلة سياحية، في حين لم يتجاوز إنفاق الجالية 0.7% من هذا المبلغ. وعند المقارنة مع مصر، يقول بوحوث، يتضح الفارق الكبير؛ ففي سنة 2024، استقبل المغرب 17.4 مليون سائح، مقابل 15.7 مليون لمصر، أي بزيادة 1.7 مليون زائر لصالح المغرب. ورغم ذلك، حققت مصر مداخيل تقترب من 15 مليار دولار، في حين لم تتجاوز مداخيل المغرب 11 مليار دولار. واختتم بوحوث تصريحه بالتأكيد على أن الحل يكمن في تطوير منتوج سياحي قادر على استقطاب السياح الأجانب ذوي القدرة الإنفاقية العالية، وتكييف العرض السياحي ليستجيب لتطلعاتهم، إلى جانب تشجيع الجالية المغربية على استهلاك أوسع للعرض السياحي الوطني.