قال الأستاذ الجامعي تاج الدين الحسيني، أمس الاثنين، إن خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى ال42 للمسيرة الخضراء، يشكل منعطفا مهما في قضية الوحدة الترابية لأن جلالته ربط بين الماضي والحاضر توقعا لمستقبل أفضل في معالجة هذا الموضوع. وأبرز تاج الدين الحسيني، في تصريح بالمناسبة، أن جلالة الملك محمد السادس أكد على الخطاب الذي سبق للمغفور له الملك محمد الخامس أن ألقاه في محاميد الغزلان، وأكد أكثر من ذلك على أن المغرب كان أول من طرح قضية الصحراء في الأممالمتحدة، على اعتبار أن "المملكة كانت قد دخلت مع إسبانيا في معاهدة للاستقلال". وأوضح أنه تم تحرير باقي المناطق التي لم تشملها تلك الاتفاقية بشكل تدريجي، "فلاحظنا كيف أنه تم تحرير إقليم طرفاية في 1959، وفي 1963 اضطر المغرب إلى أن يدرج قضية الصحراء ضمن الأقاليم التي لم تتمتع بعد بحريتها في إطار لجنة تصفية الاستعمار، كما لاحظنا كيف أنه توصل في 1969 إلى اتفاق مع إسبانيا بخصوص منطقة سيدي إفني". وأكد الأستاذ الجامعي أن المسيرة الخضراء هي التي أجبرت إسبانيا على الإذعان ومكنت المغرب من استرجاع صحرائه. وأبرز تاج الدين الحسيني أن تذكير صاحب الجلالة بخطاب محاميد الغزلان ينطوي على أهمية أساسية لأنه أكد على المستوى الموضوعي بأن قضية الصحراء بالنسبة للمغرب أصبحت منتهية، مضيفا "أن المغاربة مستعدون للتضحية بالغالي والثمين من أجل الحفاظ على وحدتهم الترابية وأن أي إمكانية لأي تسوية كيفما كان نوعها من طرف الأممالمتحدة لا يمكن أن ترى النور مادامت ستمس بالسيادة المغربية، أي نقطة اللاعودة مع المنتظم الدولي في ما يتعلق بهدا الموضوع". وأضاف أن جلالة الملك ألح في الخطاب على أن المنهج الذي وضعه مجلس الأمن، باعتباره الهيأة الدولية الوحيدة المكلفة برعاية مسار التسوية، سيبقى هو خارطة الطريق التي يمكن أن تطبق بالنسبة لملف الصحراء وأنه لا يمكن اللجوء إلى أي مسطرة أخرى، وبذلك أغلق الباب أمام أي محاولة للانحراف بمسار التسوية عن المرجعيات المعتمدة.. من جهة أخرى، أبرز الأستاذ الجامعي الأهمية القصوى للخطاب الملكي على الصعيد الداخلي، "إذ أن المغرب يقوم على مبدأ الوحدة في ظل التعدد وأن تعددية مشارب المغاربة من أندلسيين وصحراوين وأفارقة وأمازيغ وعرب لا يشكل أي نشاز على مستوى الوحدة الوطنية بل يزكي هذه الوحدة ويدعمها"، ولذلك، يضيف تاج الدين الحسيني، "لاحظنا إشارة واضحة في الخطاب الملكي إلى ضرورة تشجيع الثقافة الحسانية والتراث الحساني على أساس أنه مساهمة قوية إلى جانب باقي المناطق الأخرى في هذه الوحدة المغربية القائمة على التعدد". كما أشار الأكاديمي المغربي إلى أن جلالة الملك ألح في خطابه على مسألة التنمية الاقتصادية بالأقاليم الجنوبية والتي سيستمر المغرب في دعمها بقوة، مع التأكيد على أهمية تكريس الخيار الديمقراطي بالمنطقة وتمكين ساكنتها من تسيير شؤونهم بأنفسهم، وعدم الوقوف مكتوفي الأيدي في انتظار الحل المنشود. وخلص تاج الدين الحسيني إلى أن الخطاب الملكي سيشكل بكل تأكيد منعطفا مهما في مقاربة المغرب لموضوع وحدته الترابية وتنبيها للمجتمع الدولي بعدم الانسياق وراء "أحلام الجزائر وترهاتها"، مشيرا إلى أن المغرب لا يهتم فقط بالسكان الموجودين تحت سيادته داخل الصحراء وإنما أيضا "بوضعية مواطنيه الآخرين الذين لا يزالون في تندوف وتحت إشراف الجزائر".