طقس الأحد: انخفاض مرتقب في درجات الحرارة بعدد من الجهات    نقابة: لن نقبل بالتفريط في مصالح البلاد وحقوق العمال بشركة سامير    بطولة إنكلترا: ليفربول يحافظ على بدايته المثالية ويونايتد يعبر تشلسي    ميلوني تأمل حكومة فرنسية محافظة    اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية ينهي المرحلة الثانية بانتصار ثمين ويحافظ على صدارة الترتيب    بركة من قلب الصحراء المغربية: الحكم الذاتي هو الحل الوحيد والسمارة رمز للصمود والنضال    جريمة قتل تهز جماعة العوامة ضواحي طنجة إثر شجار دموي    رئيس "الفيفا" يعاين تقدم أشغال ملعب طنجة الكبير ويُشيد بالكفاءات المغربية        التحول الرقمي يفاقم تحديات الأحزاب في المغرب    الكاف يحدد موعد ومكان السوبر الإفريقي بين بيراميدز ونهضة بركان    ريال مدريد يحقق حلم الطفل أوحيدا    أخنوش: قطاع الصحة يتصدر الأولويات .. وسنواصل تنزيل المشاريع الكبرى    النادي المكناسي يهزم الفتح بهدفين    وفاة شخص بعد اصطدام زورق محمل بالحشيش بدورية للحرس المدني الاسباني            اضطرابات في مطارات أوروبية بسبب خلل إلكتروني أصاب أنظمة تسجيل الركاب    "ثورة المستشفيات".. دعوات للاحتجاج ضد تردي الخدمات الصحية تعم وسائط التواصل الاجتماعي والسلطات في تزنيت وطاطا تحذر    بورتريه: أندري أزولاي.. عرّاب التطبيع الصامت        عبد اللطيف العافية رئيسا للعصبة الجهوية طنجة تطوان الحسيمة لولاية سادسة    فتاة في طنجة تسرق أموالا من حسابات بنكية بعد "تحويلات مشبوهة    "الغد كان هنا" منجية شقرون تقيم معرضا شاعريا بين الذاكرة والضوء    الشرادي يتغنى بالصحراء المغربية في قلب موريتانيا    مشاكل تقنية تمنع إبحار السفينة المغربية الثانية ضمن "أسطول الصمود"    المقاطعة الثقافية لإسرائيل تتسع مستلهمة حركة مناهضة الفصل العنصري    مالي تضع النظام العسكري الجزائري في قفص الاتهام أمام محكمة العدل الدولية    انخفاض الحرارة يبدأ الثلاثاء بالمغرب    حموشي يجري زيارة عمل إلى أنقرة بدعوة رسمية من السلطات التركية (بلاغ)    الانبعاثات الكربونية في أوربا تبلغ أعلى مستوى منذ 23 عاما (كوبرنيكوس)        هجوم سيبراني يربك حركة السفر في عدة مطارات أوروبية رئيسية    "على غير العادة".. بريطانيا تفتح المجال لتجنيد جواسيس حول العالم بشكل علني        وزير خارجية الصين: المغرب كان سبّاقاً لمدّ الجسور معنا.. وبكين مستعدة لشراكة أوسع وأعمق    دراسة.. النحافة المفرطة أخطر على الصحة من السمنة    قيوح يجتمع بنظيره الدنماركي لتعزيز شراكة تتعلق بالنقل البحري    انفصال مفاجئ لابنة نجاة عتابو بعد 24 ساعة من الزواج    فيفا: 4.5 ملايين مشجع شاركوا في المرحلة الأولى من بيع تذاكر مونديال 2026    قانون جديد يكرس مهام مرصد الإجرام        التوظيف الإيديولوجي لحقوق الإنسان يضع البوليساريو تحت مجهر ندوة دولية    بورصة البيضاء تنهي الأسبوع بارتفاع    كيوسك السبت | الحكومة تتجه نحو الحد من تغول الوسطاء في أسواق المنتجات الفلاحية    ولاية أمن الدار البيضاء تتفاعل مع اتهامات سائح لسائق "طاكسي"    تأهب داخل الحلف الأطلسي.. روسيا تنفي انتهاك مقاتلاتها المجال الجوي الإستوني    الرسالة الملكية في المولد النبوي    "الملجأ الذري" يصطدم بنجاح "لا كاسا دي بابيل"    مساء اليوم فى برنامج "مدارات" : صورة حاضرة فاس في الذاكرة الشعرية    تقنية جديدة تحول خلايا الدم إلى علاج للسكتات الدماغية        تسجيل 480 حالة إصابة محلية بحمى "شيكونغونيا" في فرنسا    الذكاء الاصطناعي وتحديات الخطاب الديني عنوان ندوة علمية لإحدى مدارس التعليم العتيق بدكالة    خبير: قيادة المقاتلات تمثل أخطر مهنة في العالم    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



درب بالرحمون بوجدة أو مأساة العهد الجديد
نشر في الشرق المغربية يوم 25 - 03 - 2010

مسالك الفقر بوجدة متشعبة تمس أحياء كثيرة توجد في عمق المدينة غير بعيدة عن أصحاب القرار
الذين أثقلوا المدينة بشعاراتهم عبر مكاتبهم المكيفة .
الرحلة قادتنا هذه المرة إلى حي يوجد في قلب المدينة ، المحرك كانت مكالمة هاتفية توصلنا بها كانت عبارة عن استغاثة دوت في سماعة الهاتف ، أصحابها مواطنون يعيشون في الهامش ، خارج مقاييس الحضارة و حقوق المواطنة . يواجهون خطر الموت في كل لحظة . إلى درجة أن البعض منهم عرفوا كيف يغلبون النوم لا يستسلمون للتعب مخافة أن تحدث مصيبة حين ينهار سقف البيت على أفراد أسرهم أو تغمرهم مياه الأمطار.إنها حقيقة سكان درب برحمون الواقع بمحاذاة شارع علال الفاسي غير بعيد عن سوق الفلاح بطريق لازاري .
بمجرد ما حططنا الرحال يهذا الحي ، تجمهر حولنا السكان ودون سابق إعلام ودون أن يتركوا لنا فرصة التعريف بهويتنا آو الحديث عن أسباب مجيئنا ، انهمروا في الحديث عن مآسيهم الكثيرة ,مآسي متراكمة مرتبطة بحياتهم اليومية ، من جانب تكلموا عن سياط الفقر التي تجلد ظهورهم ولا تمنحهم لحظة راحة ، محاربون أرهقتهم معارك الحياة خاصة وان معظمهم يعيشون بطالة قاسية ,ومن جانب آخر تحدثوا عن غياب ادني ضروريات العيش ،لا يتوفر الحي على الماء الصالح للشرب كما لا يتوفر على الكهرباء ولم يتم ربطه بقنوات الواد الحار ، ظلام دامس يفرض على الساكنة القبوع ببيوتهم بمجرد ما يرخي الليل أول خيوطه .
يوجد الحي في الجانب الشرقي من جنان الحاج بندلة طريق سيدي بنشقرون بدرب برحمون ، تقطنه ما يناهز العشرين أسرة تتكدس في سبعة منازل مترهلة آيلة إلى السقوط ، تشكل خطرا محدقا على كل القاطنين.
في كل منزل تتكدس أسرتان إلى ثلاث اسر يحاول أفرادها أن يتضامنوا للتغلب على الأخطار التي تداهمهم مع سقوط الأمطار التي أدت إلى انهيار مجموعة من الأسوار والجدار الأمامي لبيت تقطنه آسرة تتكون إلى جانب الأب وإلام من خمسة أطفال ، يعيشون رعبا حقيقيا ،يضطر الأب أن يبقى ساهرا طول الليل من اجل حماية أطفاله من شتى الأخطار المحدقة خاصة وان الحي لا يعرف معنى الأمن لا تصله دوريات الشرطة ، لا وجود لطريق تؤدي إليه لم تصله بعد أدنى مظاهر الحضارة بل يظن المتواجد به و كانه في القرون الوسطى لم يمسسه العهد الجديد و لا دلالة له هناك ،الاوراش الوطنية الكبرى والصغرى لم تمس حياتهم لا من قريب أو من بعيد .
يعيش سكان حي برحمون في مدينة كبيرة تغيرت ملامحها و تجملت بأبهى الزليج و الفوانيس المكلفة و النافورات المستوردة ، مدينة اصطف فيها النخيل صفا صفا لكن عزلته قاسية و شقية ، تظهر عبر ملامح وجوههم علامات الفقر والبؤس والغضب وقد نقلوا إلينا شيئا من هذا الغضب عبر كلامهم و أصواتهم التي بحت ، لعله يصل إلى المسؤولين بالمدينة ولعلهم يشعرون أن هناك مواطنين يعيشون تحت عتبة الفقر تحولت حياتهم إلى جحيم لا يطاق ، لا يعرفون معنى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، التي تصرف أحيانا في مشاريع وبرامج لا دلالة لها مثل ما وقع بمجموعة مدارس بني وكيل حيث تم إهدار أكثر من مائة ألف درهم على مشروع فارغ مغلف بشعارات زائفة ، تم توزيع دراجات هوائية صغيرة ، هي أقرب إلى اللعب ، على أطفال لا يتعدى عمرهم عشرة أعوام... جعلوهم عرضة لحوادث سير خطيرة و قالوا أمام القنوات التلفزية ، إنهم يحاربون الهدر المدرسي .....بينما تعيش ساكنة درب برحمون الفاقة وتواجه وحدها أخطار انهيار المنازل ولولا الرعاية الإلهية لحدثت كوارث إنسانية تفوق بكثير ما حدث بسبب انهيار صومعة مكناس ,
عبر السكان عن غضبهم عبر تصريحات نارية تحمل مسؤولية ما يمكن ان يقع من كوارث انسانية الى المسؤولين المحليين والى وزارة الإسكان التي أتحفتنا بشعارات لم تتحقق على ارض الواقع من قبيل مدن بدون صفيح في أفق 2010 ، هذا ما جاء على لسان شاب من شباب الحي الذي أعياه الانتظار يقول :"واش حتى نموتوا عاد يجيو يشوفونا واش حنا ماشي مغاربة ، يقولون لنا إن المغرب تغير ، نحن لم نلمس هذا التغيير بل تزداد حياتنا سوءا يوما بعد يوم ...."
أما صاحب البيت المنهار فقد عبر بلغة راقية تدل على أن له حظا من التعليم لكن الظروف اللعينة جعلته يستقر بهذا الحي مع أسرته منذ ما يناهز العشرين سنة يقول ":...أشعرنا السلطات بمأساتنا ولم يزرنا أحد سقط الجدار الأمامي للبيت الذي اكتريه واحمد الله انه لم يصب احدا من أبنائي ، أخبرت السيد القائد ، منعوني من إعادة بنائه ,شيخ الحومة قام بزيارتنا و لم يسمحوا لي بإعادة بنائه على الرغم من أن بعض المحسنين منحوا لي يد العون لمباشرة إعادة البناء ،أعيش بدون جدار أمامي منذ اكثر من شهر ، أصارع الأمطار وأبيت الليل في محاولة يائسة لحماية البيت من أن تغمره المياه ، لا أنام مخافة أن يلحق الأذى أبنائي من طرف المشردين والمعتوهين واللصوص ، أتوجه بندائي إلى المسؤولين ،انظروا إلى مأساتنا بعين الرحمة ، ابحثوا لنا عن حل ، عار أن نعيش في العهد الجديد حياة العصر الحجري..."
منافذ الحي تغلق بمجرد ما تسقط الأمطار ، المياه سرعان ما تغمر المنازل لم تعد الجدران قادرة على حماية الساكنة من البرد بل أصبحت تشكل خطرا ما يستوجب تدخلا عاجلا لحماية حوالي ثمانين فردا جلهم من الشيوخ والأطفال .
إن معاناة ساكنة حي برحمون لا تقف عند هذه الحدود وإنما وجدناهم يصارعون خطر الإصابة بأمراض مزمنة ، لأ نهم لا يتوفرون على قنوات الصرف الصحي وهناك من المواطنين من أتت الأمطار على مراحيضهم فأدبروا على قضاء الحاجة في الخلاء وتزداد خطورة الإصابة بالأمراض بسبب استعمالهم لمياه يجلبونهما من بئر مهجورة لا تتوفر على أدنى شروط السلامة الصحية ، الحنفية الوحيدة التي كانوا يتزودون منها بالماء الشروب تم حذفها أواخر شهر فبراير وفي هذا الصدد تقول إحدى نساء الحي : " راحنا نشربوا مالحاسي اللي كا يطيحوا فيه لمشوش ولكلاب ما عندنا لاين على هاد الما لمسخ وراحنا حتى حنا ولينا كي لكلاب فهاد لبلاد واش حنا ماشي مغاربة ..."
في نفس السياق تدخل شيخ مسن ملتمسا من جريدتنا أن توصل صوتهم إلى المسؤولين سواء في مدينة وجدة أو إن اقتضى الحال في مدينة الرباط يقول:"..... ماراحناش عايشين ، ولادنا راهم يتعذبوا لا خدمة لازطمة وزايدة علينا الشتا قهرتنا وطيحت علينا الديور حتى واحد ماشاف فحالنا نتوما اللي جيتوا عندنا ونطلب منكم باش تكتبوا على حالتنا ..."
اما عن علاقة سكان الحي بمنتخبيهم فقد عبرالمواطنين عن استيائهم لأنهم منحوا أصواتهم لأناس لا يستحقونها يقول احد الشباب:" جعلونا نؤمن بالتغيير ودور الشباب في بناء مجتمع جديد ولكنها مجرد شعارات ، مارست حقي في التصويت ولكن لا أمارس حقي في الحياة ،حياتي حقيرة في حي حقير ، كانعيشوا الحكرة ولا نجد من يساندنا أصواتنا غير مسموعة لأننا فقراء ،نقطن بحي برحمون حي الجحيم والموت البطيء "
لقد تحملنا مسؤولية إيصال هذه الأصوات عبر هذا المنبر،و كلنا إيمان بأن القلوب الرحيمة لا زالت موجودة في وطننا ، قلوب تؤمن حقا بالعهد الجديد وتسعى إلى ترسيخه..... إلى هذده القلوب نتوجه بندائنا الذي هو نداء الساكنة حي برحمون ونقول للمسؤولين المحليين :" مدينة وجدة لا تتكون من شارع محمد الخامس وساحة جدة فقط وإنما هناك حي اسمه درب برحمون ومواطنون مغاربة يقطنون به ينتظرون ان تدخلوا على قلوبهم الفرحة ليبتسموا ابتسامة الحياة ...و ليستردوا كرامتهم.....


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.