رغم الإعلان في أبريل 2022 عن اتفاق بين المغرب وإسبانيا لإعادة فتح الجمارك التجارية في سبتة ومليلية، فإن تنفيذ هذا الالتزام ظل يسير بوتيرة تحددها الرباط، ما يعكس إدارتها الاستراتيجية للعلاقات الثنائية وفق أولوياتها السيادية والاقتصادية. وجاء الاتفاق في سياق التقارب الدبلوماسي الذي أعقب دعم رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز لمقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء في مارس 2022. وكان من المتوقع أن يدخل حيز التنفيذ الكامل أوائل 2023، غير أن المغرب تبنى مقاربة حذرة، حيث تم فتح المعابر بشكل محدود، مع استمرار تقييد الحركة التجارية التي كانت تشكل شريانًا اقتصاديا رئيسيا للمدينتين المحتلتين. ولم تكن إدارة هذا الملف مسألة تقنية بقدر ما عكست توجهًا مغربيا واضحا نحو تقليص ارتباط سبتة ومليلية بالاقتصاد المغربي وتعزيز البدائل الوطنية، مثل موانئ طنجة المتوسط والناظور غرب المتوسط. ويعتبر محللون أن هذه السياسة جزء من رؤية أشمل ترمي إلى إعادة هيكلة العلاقات التجارية مع إسبانيا على أسس جديدة، لا تعيد إنتاج الوضع السابق الذي كان يتيح تدفق السلع عبر المدينتين بمعزل عن الرقابة المغربية الكاملة. وفي المقابل، لم تبدِ مدريد اعتراضًا علنيا على هذا التريث، ما يعكس إدراكها بأن المغرب هو الطرف الذي يحدد إيقاع التعاون الثنائي. وتوضح إيرين فرنانديز مولينا، الباحثة في جامعة إكسيتر، أن "إسبانيا قد حصلت على إعادة فتح الجمارك رسميًا، لكن التنفيذ الفعلي لا يزال خاضعًا لاعتبارات مغربية بحتة"، مضيفة أن "الرباط تدير هذا الملف كأداة تفاوضية، وليس كإجراء تجاري صرف". ومع استمرار المغرب في احتلال موقع الشريك التجاري الأول لإسبانيا في إفريقيا، بحجم تبادل تجاوز 22 مليار يورو عام 2024، يبدو أن العلاقة الاقتصادية بين البلدين تسير وفق قواعد يضعها المغرب، حيث أصبحت مدريد أكثر اعتمادًا على استقرار العلاقات مع الرباط، بينما تواصل الأخيرة توظيف الملفات الثنائية وفق مقاربتها السيادية.