أوصى مشاركون في ندوة موضوعاتية حول التخطيط المجالي بطنجة، بإعادة صياغة الإطار القانوني والمؤسساتي لعملية إعداد وتصديق تصاميم التهيئة، مشددين على ضرورة توسيع صلاحيات الجماعات الترابية وتحجيم الهيمنة التقنية للوكالة الحضرية، التي وُصفت تدخلاتها بغير المتوازنة وذات الأثر السلبي على العدالة المجالية والاستقرار العقاري. الندوة، التي نظمتها جمعية الأعمال الاجتماعية للصحفيين الشباب، بشراكة مع عدد من المؤسسات الإعلامية، شهدت مشاركة منتخبين وفاعلين مهنيين ومدنيين، وخلصت إلى جملة من التوصيات، أبرزها منح الجماعات الترابية دورا تقريريا حقيقيا في مساطر التخطيط، وتجاوز منطق التمثيلية الشكلية داخل اللجان التقنية. ودعا المتدخلون إلى ضبط تدخل مكاتب الدراسات التقنية التي يتم التعاقد معها عبر الوكالة الحضرية، مطالبين بإخضاع هذه المكاتب لتوجيهات المجالس المنتخبة، وضرورة احترام الخصوصيات الاجتماعية والترابية للمجالات المشمولة بالتصاميم. كما شددت التوصيات على إلزامية إشراك المجالس في إعداد التصورات الأولية للتصاميم، قبل إحالتها على البحث العلني أو المسطرة الإدارية، مع توثيق هذا الإشراك بمحاضر رسمية تضمن الشفافية والمساءلة. وطالب المشاركون بإحداث لجان جهوية دائمة تجمع بين الجماعات والوكالات والمصالح اللاممركزة، لضمان تنسيق فعال بين مختلف المتدخلين، والقطع مع ما اعتبروه "فوضى مرجعية" ناجمة عن غياب الالتقائية بين التصميم الجهوي لإعداد التراب وتصاميم التهيئة وبرامج عمل الجماعات. واعتبرت التوصيات أن الوكالة الحضرية مطالبة بإعادة تعريف دورها كمؤسسة للدعم التقني، لا كجهة حصرية لاتخاذ القرار، مبرزين أن استمرار تحكّمها في مراحل حاسمة من إعداد الوثائق التعميرية، يُضعف من الممارسة الديمقراطية ويقوض الجهد الجماعي في بلورة سياسة ترابية منسجمة ومستجيبة لحاجيات السكان. كما دعت الندوة إلى تحيين التصميم الجهوي لإعداد التراب لجهة طنجة-تطوان-الحسيمة، بما يواكب التحولات الراهنة والمشاريع الهيكلية الجارية، وعلى رأسها استعداد مدينة طنجة لاحتضان تظاهرات دولية في أفق 2025 و2030، الأمر الذي يتطلب، بحسب التوصيات، وثائق تهيئة تعكس طموحات التنمية المستدامة والتموقع الدولي للمدينة. وشددت التوصيات أيضاً على ضرورة إدماج المقاربة البيئية والمناخية في محتوى التصاميم، وضمان الولوج المنصف إلى المعلومة، وتوسيع مشاركة المواطنين والمجتمع المدني في مراحل البحث العلني، باعتبار ذلك مدخلاً أساسياً لتحقيق الشفافية والعدالة المجالية. ويأتي هذا النقاش في وقت تشهد فيه مدينة طنجة تأخراً ملموساً في إخراج عدد من تصاميم التهيئة إلى حيز الاعتماد النهائي، ما ينعكس سلباً على استقرار السوق العقارية ويطرح تساؤلات متزايدة حول نجاعة الحكامة الترابية، ودور الفاعلين المركزيين في دعم المسار الديمقراطي المحلي.