قبيل ساعات من حلول عيد الاضحى المبارك؛ تسارعت وتيرة الذبح في العديد من الفضاءات في مقابل تهافت "مجنون" من قبل المستهلكين على اقتناء الذبائح الجاهزة، في مشهد يصطدم مباشرة بروح التوجيهات الملكية الداعية الى تعليق شعيرة الاضحية هذا العام، تضامنا مع الفئات المتضررة من غلاء الاسعار وموجة الجفاف غير المسبوقة. وبحسب معطيات استقتها جريدة طنجة 24 الالكترونية من مصادر مقربة من اوساط مهنية، فان عدد رؤوس الاغنام التي تم نحرها خلال الايام الاخيرة تجاوز عتبة 15 الف راس، اغلبها ذبح في فضاءات غير مهيكلة او في محلات مؤقتة تفتقر الى الشروط الصحية، وفي اجواء توصف بالفوضوية، رغم المجهودات الكبيرة التي باشرتها السلطات في عدد من المناطق للحد من هذه التجاوزات. وشنت السلطات المحلية حملات ميدانية متتالية بمقاطعات مثل بني مكادة ومغوغة، تم خلالها اغلاق مستودعات مخالفة، وتفكيك نقاط عشوائية لبيع الذبائح، كما تم منع انشطة جزارة متنقلة كانت تشتغل خارج الاطار القانوني. غير ان اتساع رقعة هذه الظاهرة، واعتمادها على شبكات مرنة من الوسطاء والمجازرين غير المرخصين، جعل من الصعب احتواء الوضع بالكامل. وقالت مصادر مهنية، ان "الطلب الشعبي على اللحوم بلغ مستويات قياسية"، وان "فئات واسعة من المواطنين تعتبر قرار تعليق الذبيحة ظرفيا وغير ملزم، ما دام متخذا في شكل توجيه وليس بلاغا رسميا ملزما بالعقوبات". وعلى هامش هذه الدينامية، نشطت سوق غير رسمية لبيع اللحوم المغلفة والذبائح المذبوحة سلفا، داخل احياء هامشية وفي محيط الاسواق الكبرى، تحت شعارات "عرض العيد" او "لحم مبارك"، ما افرغ التوجيه الملكي من مضمونه الرمزي والاجتماعي، واعاد الشعيرة الى مربعها الاستهلاكي الصرف. وفي الاثناء، عبر عدد من المتابعين عن قلقهم من ان تتحول هذه السابقة الى نمط دائم من التحايل الجماعي، خاصة اذا غابت حملات التوعية المؤسساتية، او تم الاكتفاء بالتدابير الزجرية دون معالجة الجانب الثقافي والسوسيولوجي للموضوع. وبين سلطة تبذل مجهودا ميدانيا متواصلا، وواقع يعاند القرار من الداخل، يجد المواطن نفسه منقسما بين من اختار احترام التوجيه الملكي، ومن انساق وراء ضغط الجماعة، في وقت كانت فيه المملكة تراهن على عيد خال من الدماء… تضامنا لا تقصيرا.