كثفت السلطات الإسبانية مساعيها لإعادة تشكيل ملامح الهوية الثقافية لمدينة سبتةالمحتلة، عبر مشاريع تستهدف أحياء بعينها، أبرزها حي الأمير ألفونسو (البرينسيبي)، الذي يعتبر واحدا من أكثر المجالات التصاقا بالمغرب على المستويات الاجتماعية والثقافية. ويأتي المشروع في سياق خطة ترمي، بحسب التصور المعلن، إلى تحسين صورة الحي الذي يشار اليه ب"حي المغاربة" وإدماجه في المسارات السياحية والثقافية، من خلال إعادة تهيئة المجال العمراني وتثمين المظاهر اليومية التي يراها البعض عناصر "جذب محلي". غير أن هذا التوجه يثير أسئلة أعمق حول الخلفية الرمزية للمسعى، في حي احتفظ طيلة عقود بطابع مغربي واضح، على مستوى اللغة والعادات والممارسات الدينية. وبالرغم من التهميش الذي طبع هذا المجال لعقود، عاد الاهتمام به في سياق مقاربة جديدة تراهن على إعادة تقديمه كوجهة مميزة للزوار. ويرى متابعون أن هذا التحول لا يخلو من محاولة لإعادة تأطير رمزية الحي داخل سردية ثقافية موجهة، تُدرجه ضمن "تعددية إسبانية" تمحو تدريجيا عمقه المغربي. ويُعد حي الأمير ألفونسو من أبرز الفضاءات العمرانية التي حافظت على هوية مغربية متجذرة، تتجلى في تفاصيل الحياة اليومية، من الدارجة المغربية إلى المناسبات الدينية وروابط القرابة الممتدة نحو الضفة الجنوبية. وقد شكل هذا الحي لعقود نقطة تماس إنساني وثقافي مع المجال المغربي، بعيدا عن الخطابات الرسمية التي حاولت تأطيره في أدوار نمطية. وتخشى بعض القراءات من أن تتحول مشاريع التأهيل إلى عملية "تجميل" رمزي تفرغ الحي من مضمونه الحقيقي، وتقدمه كمجال استهلاكي للسياحة، على حساب هويته الأصلية. ويظل السؤال مفتوحا حول ما إذا كانت هذه المبادرات تستهدف ساكنة الحي فعلا، أم أنها تُعيد إنتاجه بما يخدم رؤية إسبانية تبتعد عن جذوره المغربية.