مع اقتراب موعد الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، تزداد المؤشرات على تحوّل في طريقة تدبير العلاقة بين المنتخبين والمؤسسات الرقابية، في سياق يتسم بتصاعد حضور القضاء والإدارة في مراقبة أداء المجالس الترابية. في مدينة طنجة، التي تُعد من بين أكبر الحواضر الانتخابية في المغرب، لم تمر القرارات القضائية والإدارية التي طالت بعض المنتخبين خلال الأشهر الماضية دون أثر. ورغم أن هذه الإجراءات نُفذت في وقت سابق، فإن آثارها السياسية والتنظيمية ما زالت حاضرة في الكواليس، حيث يُعاد ترتيب خريطة التزكيات وتُراجع معايير الترشح. وتُعتبر هذه التطورات جزءا من سياق وطني أوسع، تُبرز فيه الدولة رغبتها في ربط ممارسة التمثيل المحلي بالمسؤولية القانونية والمؤسساتية. فالمتابعات الأخيرة، وإن كانت محدودة من حيث عددها على مستوى مدينة طنجة، أثبتت أن التدبير غير السليم لم يعد يمر دون محاسبة، وأن مساطر العزل والإحالة لم تعد مستبعدة كما في السابق. وقد دفع هذا التحول عددا من الأحزاب إلى إعادة النظر في مقاربتها الانتخابية. فالتزكية، التي كانت تُمنح غالبا على أساس الوزن الانتخابي أو التموقع داخل التنظيم، باتت اليوم تخضع لمعايير أكثر تدقيقا، خوفا من أن تتحول أسماء مرشحة إلى عبء سياسي أو قانوني في حالة تفجّر ملفات سابقة خلال الولاية المقبلة. وتعكس التحضيرات الجارية في طنجة هذا المناخ. فعلى الرغم من غياب أي إعلان رسمي للترشيحات، تشير المعطيات الأولية إلى رغبة لدى بعض التنظيمات في تجديد نخبها المحلية، إما بفعل الضغوط القانونية التي فُرضت في الفترة الماضية، أو استباقًا لأي طعن محتمل قد يطعن في أهلية المرشحين. بالنسبة لجزء من الرأي العام المحلي، فإن هذه الدينامية تُعد تطورا إيجابيا، ولو محدودا، في مسار ربط الانتخابات بالمحاسبة. غير أن فاعلين مدنيين يحذّرون من أن يقتصر التغيير على الأسماء، دون أن يمسّ بنية العلاقة بين المنتخب والمجال العمومي، وهي علاقة ظلّت لعقود محكومة بمنطق الولاء والمصالح أكثر من الكفاءة والتعاقد الديمقراطي. ويُنتظر أن تزداد وتيرة النقاش السياسي في المدينة خلال الأسابيع المقبلة، خاصة في ظل غموض يلف طبيعة التحالفات المنتظرة، والخطوط الحمراء التي ستُعتمد في قبول أو استبعاد بعض الأسماء من السباق الانتخابي. على المستوى الوطني، يُنظر إلى ما جرى في طنجة باعتباره مؤشرا على إرادة لإعادة ضبط قواعد اللعبة السياسية في المستوى المحلي، وفق منطق جديد يجعل من النزاهة والمساءلة عناصر محدّدة لمسار الترشيح وليس فقط لشكل التسيير بعد الفوز. ومع اقتراب موعد الانتخابات، يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كانت هذه المؤشرات ستترجم إلى واقع ملموس، أم أنها ستتوقف عند حدود الرمزية الظرفية التي لا تُغيّر بنية المشهد الانتخابي في العمق.