انطلقت في مدينة أكادير، التحضيرات المكثفة لإطلاق النسخة المقبلة من مناورات "الأسد الإفريقي 2026″، والتي تُعد التدريب العسكري الأكبر من نوعه في القارة السمراء، وذلك عبر اجتماع التخطيط الرئيسي الذي يجمع كبار المسؤولين العسكريين من المغرب والولايات المتحدة وحلفائهما، لوضع اللمسات الاستراتيجية واللوجستية لهذا الحدث السنوي الضخم. وتحتضن القيادة العليا للمنطقة الجنوبية بأكادير، في الفترة الممتدة من 8 إلى 12 دجنبر الجاري، أشغال هذا الاجتماع الحيوي الذي يهدف، وفق ما أعلنته القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية، إلى تعميق النقاشات التقنية والعملياتية حول سيناريوهات التمرين المرتقب، إذ ينصب التركيز حالياً على تعزيز قابلية التشغيل البيني ودمج القوات متعددة الجنسيات في بيئة عمليات معقدة تشمل المجالات البرية والجوية والبحرية، إضافة إلى القوات الخاصة. ومن المقرر أن تجرى فعاليات "الأسد الإفريقي 2026" في الفترة ما بين 20 أبريل و8 ماي 2026، حيث تم تحديد مناطق استراتيجية متنوعة التضاريس لاحتضان المناورات، تشمل أكادير وطانطان وتارودانت والقنيطرة وبنجرير، وهو توزيع جغرافي يسمح باختبار القدرات العسكرية في ظروف مناخية وجغرافية متباينة، بدءاً من المناطق الساحلية وصولاً إلى العمق الصحراوي، مما يعزز واقعية التدريب الميداني. وتكتسي هذه التدريبات أهمية بالغة في ظل السياق الأمني المضطرب الذي تشهده منطقة الساحل والصحراء، حيث يسعى المغرب والولايات المتحدة، إلى جانب الدول الشريكة، إلى رفع مستوى التأهب العملياتي للجيوش المشاركة، وتطوير قدرتها على التخطيط وتنفيذ عمليات مشتركة ومختلطة لمواجهة التهديدات العابرة للحدود، وتعزيز ركائز الأمن والاستقرار الإقليميين اللذين باتا يشكلان أولوية قصوى للمنتظم الدولي. ويعكس حجم المشاركة المتوقع في نسخة 2026 الزخم المتزايد الذي يشهده هذا الموعد العسكري السنوي، حيث أشارت القوات المسلحة الملكية إلى أن النسخ الخمس الأخيرة عرفت مشاركة أكثر من 40 ألف عسكري، وهو رقم يبرز عمق الشراكة الاستراتيجية بين الرباط وواشنطن من جهة، والالتزام المتواصل للدول الحليفة بضمان جاهزية قواتها للعمل تحت قيادة مشتركة في إفريقيا من جهة أخرى. ويرى مراقبون أن انطلاق عملية التخطيط مبكراً وبهذا المستوى من التنسيق يؤكد عزم القائمين على المناورات على تجاوز الأبعاد التقليدية للتدريب العسكري، نحو ترسيخ مفاهيم حديثة في إدارة الأزمات واللوجستيك العسكري الضخم، مما يكرس مكانة المغرب كمنصة محورية للأمن والدفاع في القارة الإفريقية وشريكاً موثوقاً لحلف الناتو والولايات المتحدة.