ما يزال سكان مدينة طنجة، يعيشون على وقع مسار إداري دقيق ومعقد يهم استصدار الشواهد الإدارية الخاصة بالربط بشبكتي الماء والكهرباء، وذلك في ظل حرص السلطات المحلية على تطبيق إجراءات تنظيمية تهدف إلى ضبط المجال العمراني وحماية النسيج الحضري للمدينة من الاختلالات. وتشهد أحياء تعرف كثافة سكانية مرتفعة، مثل بني مكادة ومسنانة وأكزناية وحي المرس، وتيرة معالجة تتسم بالتريث والتدقيق، حيث تمتد فترات دراسة الملفات من أسابيع إلى عدة أشهر، وهو الوضع الذي يجد فيه المرتفقون أنفسهم ملزمين باستيفاء سلسلة من الشروط التقنية والإدارية قبل التمكن من الاستفادة من هذه الخدمات الحيوية. وقد شكل هذا الموضوع محور نقاش خلال الدورة الأخيرة لمجلس جماعة طنجة المنعقدة يوم الجمعة الماضي، حيث تدخل المستشار الجماعي أحمد الغرابي عبر نقطة نظام لتسليط الضوء على التحديات التي تواجه طالبي الرخص، مشيرا إلى أن المساطر المعتمدة حاليا تأتي امتدادا لتدابير سابقة. وتعود أصول هذه الإجراءات التنظيمية إلى فترة ولاية الوالي السابق لجهة طنجةتطوانالحسيمة، محمد مهيدية، الذي كان قد أقر بروتوكولا صارما يهدف بالأساس إلى محاصرة البناء العشوائي والحد من التوسع العمراني غير القانوني الذي كان يشكل تحديا كبيرا للمدينة. وفي إطار استمرارية المرفق العام والحفاظ على المكتسبات التنظيمية، عملت السلطات الولائية الحالية على تثبيت هذه الإجراءات والسهر على استدامة تطبيقها، لضمان عدم عودة مظاهر البناء غير المهيكل، وهو ما جعل منح الرخص يخضع لتدقيق وتمحيص شاملين من قبل اللجان المختصة لضمان احترام القانون. واعتبر المستشار الغرابي في مداخلته أن السياق الذي فرض تلك الشروط الاستثنائية قد تغير، داعيا إلى ضرورة ملاءمة المساطر مع الحاجيات الراهنة للسكان، ومحملا عمدة المدينة منير ليموري مسؤولية تدبير هذا الملف وإيجاد صيغ توافقية تخفف الضغط على الإدارة والمواطن في آن واحد. وعلى المستوى التقني، تواجه عملية المعالجة إكراهات ملموسة تتمثل في وجود تباين أحيانا بين الوثائق الإدارية والواقع الميداني؛ إذ كشفت تقارير لجان المعاينة أن بعض المباني التي قد تتوفر على وثائق أولية لا تستوفي جميع أجزائها الشروط التقنية ومعايير السلامة اللازمة للربط، مما يحتم على السلطات التريث قبل التأشير النهائي. وتشرف لجنة مختلطة تضم ممثلين عن السلطات المحلية والمقاطعات والشركة المفوضة لتدبير القطاع على دراسة هذه الملفات حالة بحالة، حيث تلتزم الشركة المفوضة بتطبيق المعايير التقنية الدقيقة لضمان سلامة الشبكة والمستفيدين، وهو ما يساهم في أخذ وقت أطول للبت في الطلبات، خصوصا في المناطق التي تشهد تعقيدات عقارية مثل أكزناية. وقد أفرز هذا الحرص الإداري والتقني وضعا اجتماعيا خاصا، حيث لا تزال أسر في أحياء مثل حي المرس تنتظر تسوية وضعيتها القانونية والتقنية للاستفادة من الماء والكهرباء بشكل نظامي، بدل الاعتماد على حلول بديلة، وقد عبر بعض السكان في وقت سابق عن رغبتهم في تسريع وتيرة العمل عبر وقفات أمام المقاطعة. ويندرج هذا الوضع ضمن سياق وطني شامل، حيث تحث وزارة الداخلية الجماعات الترابية بمختلف ربوع المملكة على تفادي منح الشواهد الإدارية دون التأكد التام من مطابقة البنايات للتصاميم المرخصة والقوانين الجاري بها العمل، تفاديا لتشريع البناء العشوائي، وهي التوجيهات التي تسعى سلطات طنجة لتنزيلها بصرامة لضمان تنظيم محكم ومستدام للمجال الحضري.