لا يستطيع المرء تحليل الحياة و الممارسة الصحفية بمعزل عن طبيعة الثقافة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و التاريخية لمدينة تحتل فيها ثقافة الإشاعة، و القيل و القال... الحيز الأكبر من اهتمام طبقة من كتاب المُوٌقَفْ، طبقة اكتفت فقط بمحاربة الأمية و الاحتفال بفهم دروس المفعول به، و الجار والمجرور، مع محاولة ضبط علم الحساب و الرياضيات بدون ورقة أو قلم، و الاجتهاد في تحوير التاريخ لعلها تنعم بالرخصة (إياها) متناسية أن الذاكرة الجماعية، تتذكر كل شيء من "الصديق العيوني" إلى يومنا هذا مرورا بلاليجو، مع التحنقيز على الاعلام الالكتروني. لكن ما يلاحظ من خلال عملية تشخيص الممارسة الصحفية بالمدن الصغيرة أو مدن "الدفع" حسب تسمية بن خلدون، هو غياب ثقافة صحفية أصيلة و متأصلة تؤطر سلوك بعض الممارسين نحو الالتزام بأداء واجبهم اتجاه المجتمع، بعيدا عن رهن القلم لممثلي السلطات المحلية و الإدارية التي لا تتورع في نزعه من حامله، و القضاء على كينونته في الضبط و المراقبة و الكبح و تقويم الاعوجاج، ناهجة نوع من التنميط الأدائي غير المتمرد "تكريم، احتفاء، توقيع أو توظيف، أو المَنْ بحق عيني..."، كل ذلك بعد تحويله طبعا إلى "مونت كونترول" يتحرك فقط "بالنغيز و الدبيز" و بأمر أو تكليف بمهمة من السلطة الرمزية و المادية من أجل تحريك دواليب الاشتغال و التكوليس حسب ظروف الزمان و المكان، حفاظا على حضورها داخل النسق المجتمعي بنوع من الحرفية بهدف حصر حراك التغيير و تفعلاته داخل نطاق ضيق دون الخروج عن ما هو مألوف و مرغوب من طرفها "كالاكتفاء بإصدار جريدة واحدة في شهر ..."، "جرائد محلية لا تتعدى حدود القناطر البيضاء (الكارونت)" من جهة، و لكي لا تضيع مصالح مالكي القلم الهرمْ الجاف الذين أسسوا هالتهم الخرافية لما يزيد عن عقد من الزمن مستغلين الفراغ في البنية و المفهوم من جهة أخرى. و التدليل على هذا المعطى ما تعيشه الساحة المحلية من حراك على المستوى الإعلامي، و خاصة بعد بث جريدة تازة سيتي كأول جريدة إلكترونية بإقليم تازة "بالمعنى التقني، و الاصطلاحي و اللغوي" ، و ما يقابله حاليا من حراك موازي دجين يحاول تميع الإعلام الالكتروني المحلي و الجهوي، عبر زج ممارسين لا علاقة لهم بالإعلام الجديد New Media و لا بضوابطه او أسسه أو مرجعيته إلا الخير و الإحسان " أخطائهم أصبحت مادة دسمة تدرس في الدورات التكوينية على المستوى الوطني"، ممارسون متطفلون أعيد تصنيعهم recyclages من طرف مربع السلطة بين ليلة و ضحاها كي يتحولوا إلى أبواق تروج و تسوق كل ما يصدر عن الطبقة السياسية و الثقافية من قرارات و مبادرات "المهرجان الدولي لمسرح الطفل مثلا" و تبرير للأفعال "التدرع، و التلميع..."، ممارسون أحيلوا على المعاش المبكر من النشر على صفحات الجرائد الورقية الوطنية التي تحترم قرائها لكثرة هفواتهم المؤدية إلى المحاكم و المؤثر على خطها التحريري و سمعتها على الصعيد الجهوي، ممارسون لم يستطعوا استيعاب المفهوم النبيل للصحافة؟ و دور الصحفي؟ و أين تنتهي حرية الصحفي؟ ممارسون فقدوا مصداقيتهم لدى الرأي العام المحلي فتحولت القبلة إلى بعض الجرائد المحلية لنشر بعض ما نسميه مقالات من درجة خرق الأطفال على حبل الغسيل، تفوح منها دروس المفعول به و الجار والمجرور على بعد مترين من الاكشاك و الحمد لله انها مرة في كل شهر، و التطفل مع سبق الاصرار و الترصد على الإعلام الالكتروني... ؟؟؟ هذا التبخيس المقصود و المستهدف، يزكيه طرح التفاف بعض الأقلام من نوع HP ذات الصنع الصيني، أو بلغة أولاد القبة "أقلام مدرحة imitation" حول المصالح الشخصية مع طأطأت الرأس أمام سياسة الإملاءات و تقديم الولاءات، مع توظيفها في استقطاب أقلام أخرى حاقدة إن لم نقل محتقنة اجتماعيا، مع العمل على تشكيلها وفق مقاسات و قواليب سلطوية، لكي تصبح هي كذلك أقلام طيعة في حالة من التبعية الآلية لشروط العمل و الاشتغال و الانضمام إلى نادي الفوضى، نادي يضم حقيبة من الاقلام فاقدة للإرادة و الفعل و لا تملك سلطة التقرير و اتخاذ القرار، أقلام تحاول أن تخفي ارتباطها المصلحي بمالكي السلط المادية و الرمزية داخل المجتمع لكن في كل محطة يسقط عنها القناع، و تتطاير عنها العبايا لتكشف لنا الخبايا، تلك الخبايا المنفجرة قريبا جدا التي ستحقق نظرية الفوضى CHAOS أو "بلهاوس ديال ولاد القبة بالضربة لما كتنوض زغب" - (يتبع).