لم يجد سيد الوقفات الاحتجاجية عبد الحميد أمين من وسيلة لإلقاء خبائثه، سوى تسفيه ما قامت به هيئة الإنصاف والمصالحة التي لقيت إشادة عالمية، وحصلت على الدعم بعدما نجحت في تحويل العدالة الانتقالية إلى واقع عاشه المغرب، وخاصة ضحايا سنوات الرصاص، حيث قال بطل سيناريوهات الإغماء في الساحات العمومية إن توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة بلا جدوى مادامت لم تتوج باعتذار الملك عن الانتهاكات الجسمية لحقوق الإنسان التي وقعت في عهد الملك الراحل الحسن الثاني وقال حرفيا "مازلنا ننتظر اعتذار الملك محمد السادس". والواضح أن عبد الحميد أمين وهو يتقيأ بتلك العبارات، نسي في زحمة النشاط "الحقوقي" الذي شارك فيه، حيث تجده حاضرا في جميع المسيرات والوقفات، حتى لو كانت لتخليد عاشوراء، أن تنصيب هيئة الإنصاف والمصالحة وتنفيذ مقرراتها هو أكبر اعتذار من الدولة، وإلا ما معنى الاعتذار إذا لم يكن عبر إجراءات عملية، تروم جبر الضرر، وهو الأمر الذي تم، وبشهادة الضحايا الذين لم يكن أمين ولا تابعته الرياضي بينهم، مادام كل عملهم الحقوقي انصب على الذوبان في الوقفات الاحتجاجية وتدبيج البلاغات، دون أن يتوفر لديهما أي موقف سياسي حقيقي.
ويصر شيخ الوقفات الاحتجاجية ومسيرات يوم الأحد على إعادة النقاش إلى نقطة الصفر، خصوصا أنه لن يستفيد أبدا إذا سارت الأمور بشكل عادي، حيث سيفقد وظيفته الأساسية وهي منظم الوقفات الاحتجاجية وممونها، إذ يعتبر المصالحة مع الماضي لم تتم، ولازال هناك عمل كبير للقيام به، ونحن نتفق مع ممون الوقفات، في أنه لا زال هناك عمل كبير، وهو ما يتم اليوم تحت الإرادة السياسية للملك، وهو العمل الذي دشنه الدستور الجديد، الذي منح المغاربة فرصة التعبير عن آرائهم بكل حرية تماما كما يفعل اليوم ممون الحفلات الاحتجاجية لكنه يرفض الاقتناع بما تحقق ويصر على تكرار نفس الأغنية المنبعثة من أسطوانة مشروخة، وهو الذي كاد أن يموت لولا حركة 20 فبراير التي أعادته مؤقتا إلى الحياة.
وحتى إذا ماتت حركة 20 فبراير، وهذا ما حصل بالضبط، فإن ممون الحملات سيبحث له عن حركة جديدة يتبنى أفكارها، ويساوم بها تلك الجهات التي تعودت على أن تدفع له مقابل أعماله، لذلك لن يتراجع الشيخ أمين عن مواقفه حتى لو تبدل كل المغرب، لأن المهم ألا يتبدل هو، وتلك قصة أخرى.