"السلام عليكم..انا لم تسمح لي ظروفي الخاصة أن ادرس في صغري، بسبب المسؤولين بالرشيدية، ولست اعلم هل الأمر يرجع إلى انعدام الضمير لديهم أم انهم لا يتحلون بما يكفي من إنسانية ..ام الروح الدينية هي التي يفتقرون إليها.."، بهذه الغبارات بدأ يحيى بولمان حديثه معنا عبر شريط فيديو سجل خصيصا بمناسبة اليوم الوطني للشخص المعاق الذي يصادف 30 مارس من كل سنة.. يحيى بولمان اختار الاحتفال بهذا اليوم، من خلال توجيه رسائل واضحة وصريحة إلى كل من وقف في وجهه وساهم في تكسير معنوياته وطموحاته التي لا تزيد عن مجرد توفير مقعد له داخل فصل للدراسة والنهل من معين العلم والمعرفة..
ويحكي يحيى عن قصته مع مدير المدرسة القرآنية "الإمام نافع للتعليم العتيق"، التي دشنها جلالة الملك سنة 2009 بقصر تيزوكاغين بالجماعة القروية فركلى السفلى (إقليمالرشيدية) القريبة لمدشر مروشة حيث يسكن يحيى، ويقول بهذا الصدد ان المسؤول عن هذه المؤسسة واجهه بالقول :" لا يمكنني قبولك في المدرسة إلا إذا كان هناك عشرة مكفوفين من أمثالك !!".. وهو ما استغرب له الشاب يحيى قائلا: "هل سأنتظر حتى يصاب عشرة مواطنون بالعمى لكي ادرس انا؟" مضيفا ان "الطامة الكبرى هو انهم استدعوني لكي اشارك معم في برنامج مصور عندما قدمت قناة محمد السادس إلى هناك، حيث صرحوا امام الكاميرا ان كل شيء على ما يرام وانني ادرس بذات المؤسسة، إلا انهم تراجعوا عن أقوالهم بعد "انطفاء الكاميرات" وذهاب طاقم الإذاعة..حيث واجهوني بضرورة توفير عشرة من امثالي لكي اتابع دراستي في المدرسة.."
وعنذما قمت بإعطاء تصريحات في الإعلام والصحافة، يضيف يحيى، "اتهمني المسؤول عن المدرسة بانعدام الروح الوطنية... ولست ادري من يتحلى بالوطنية؟ أهو الشخص الذي يطلب العلم ام الذي يحاول منعه والحيلولة دون ذلك؟ انها قمة انعدام الروح الانسانية والدينية..."
ويقول يحيى، إن المسؤولين في الرشيدية لا يتكبدون عناء الجواب عن رسائله.. مضيفا "ولست ادري سبب ذلك.. اهو التعالي والتكبر...لست ادري..لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.."
ومن بين اللحظات القوية في حديث يحيى قوله "إن هذه الامور هي التي تدفع بعض الأشخاص إلى الارتماء في أحضان التطرف كرد فعل على موقف المسؤولين.. إن هناك "داعشية" نفسية .. وهناك بعض الموظفين "الدواعش" الذين يدفعون المواطن لكي يرتكب أفعال مشينة وغير قانونية.."
وتساءل يحيى بكل براءة، "هل الامر يرجع إلى كوني لا أتوفر على معارف ام للفقر وقلة ذات اليد التي اعاني منها..؟ ألا يقدرون ظروف الانسان؟ انني الآن اقطع مسافة 600 كيلمتر من الرشيدية إلى الدارالبيضاء لأتابع دراستي، حيث احتضنني اهلها من ذوي العقول النيرة والمنفتحة، جازاهم الله عنا خيرا، بخلاف مسؤولي الرشيدية .."
كلام يحيى يعتبر دفاعا ومرافعة عن واقع 1,53 مليون شخص معاق في المغرب، أي 5,12 بالمائة من الساكنة، وهي رسالة نتمنى ان تصل إلى من يهمهم الامر ويفسحوا المجال امام هؤلاء لتحقيق احلامهم وطموحاتهم، والقطع مع الممارسات التي تنتمي إلى مرحلة ما قبل دستور المملكة لسنة 2011 ، الذي ينص على أن السلطات العمومية تبلور وتعمل على تفعيل سياسات موجهة لفائدة الأشخاص والفئات ذات الاحتياجات الخاصة، وكذا على منع التمييز على أساس الإعاقة، بالإضافة إلى دسترة الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للأشخاص في وضعية إعاقة.
فتصدير الدستور الجديد يؤكد على التزام المملكة بحظر ومكافحة كل أشكال التمييز بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي، كما ينص الفصل 34 منه على أن تقوم السلطات العمومية بوضع وتفعيل سياسات موجهة إلى الأشخاص والفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة.