نواكشوط تحتضن المنتدى البرلماني الاقتصادي الأول بين المغرب وموريتانيا لتعزيز التعاون الثنائي    تراجع عجز السيولة البنكية ب 9,28 في المائة من 1 إلى 7 ماي    حالة الحرب بين الهند وباكستان تترسخ!    توقيف شخصين بالبيضاء بشبهة حيازة وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية    افتتاح الجناح المغربي في المعرض الدولي للعمارة بينالي البندقية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    ارتفاع حصيلة قتلى انهيار عمارة فاس    مجموعة برلمانية تدعو إلى بلورة استراتيجية وطنية شاملة ومندمجة خاصة بالذكاء الاصطناعي    علاء اللامي يكتب: ردا على المقولة المتهافتة «فوز مرشح ترامب» لباباوية الفاتيكان    مسؤول أمريكي: إسرائيل لن تشارك في خطة أميركية لتوزيع المساعدات في غزة    باير ليفركوزن يعلن رحيل تشابي ألونسو نهاية الموسم    أخبار الساحة    ألونسو يعلن الرحيل عن ليفركوزن بعد موسم تاريخي بلا هزيمة    تنفيذا للتعليمات الملكية السامية.. لوديي يستقبل وزير الدفاع بجمهورية كوت ديفوار    مقاولات مغربية تفوز بأغلب صفقات إنجاز الطريق السيار القاري الرباط – البيضاء    السعودية تشارك في معرض الدوحة للكتاب ب 10 آلاف إصدار دعوي وتوعوي    استئنافية البيضاء تُحدّد تاريج جلسة أخرى لمواصلة مناقشة ملف قضية "اسكوبار الصحراء"    تحريض على القتل الممنهج والإعدام يورط هشام جيراندو في قانون الإرهاب    بنعلي: المغرب أحدث رسميا ثماني محميات بحرية موزعة على طول سواحله المتوسطية والأطلسية    مطالب برلمانية برفع قيمة المنحة الجامعية    عمال النظافة بطنجة يحتجون ضد شركة "أرما"    الصويرة تحتضن الدورة الثالثة من المعرض الوطني للنزعة الخطوطية    بعد تتويجه بجائزة أحسن ممثل.. البخاري: المسار مستمر رغم المكائد    ندوة وطنية تكريما لسعيد حجي: المثقف والوطني    مهرجان ربيع الشعر الدولي بآسفي في دورته الثالثة يكرم محمد الأشعري    "الفراقشية" يضخون الأغنام المدعمة في السوق    أسرة أم كلثوم تستنكر استخدام الذكاء الاصطناعي لتشويه صوت "كوكب الشرق"    "انبعاثات" تضيء ليالي مهرجان فاس    نائبة أخنوش تعتذر عن إساءتها لساكنة أكادير.. وممثل ال "العدالة والتنمية" في أكادير يطالب "الرئيس الغائب" بتحمل مسؤليته    كوسومار تستهدف 600 ألف طن سكر    صلاح يفوز بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي للمرة الثالثة    أجواء معتدلة غدا السبت والحرارة تلامس 30 درجة في عدد من المدن    مجلس المنافسة يحقق في تواطؤ محتمل بين فاعلين بسوق السردين الصناعي دام 20 عامًا    "نقابة FNE" تكشف تفاصيل الحوار    نصف قرن في محبة الموسيقار عبد الوهاب الدكالي..    سؤال في قلب الأزمة السياسية والأخلاقية    انعقاد الاجتماع الوزاري المقبل للدول الإفريقية الأطلسية في شتنبر المقبل بنيويورك    منتدى البحر 2025: رهانات حماية المحيطات والتنوع البيولوجي البحري محور نقاش بالجديدة    سباق اللقب يشتعل في الكامب نو والكلاسيكو يحدد ملامح بطل الليغا    حكيم زياش يتصدر العناوين في قطر قبل نهائي الكأس    البطولة الاحترافية.. الجيش الملكي يتشبث بمركز الوصافة المؤهل إلى دوري أبطال إفريقيا    برلماني يطالب باختصاصات تقريرية لغرف الصناعة التقليدية    كيم جونغ يشرف على تدريبات نووية    الذهب يصعد وسط عمليات شراء وترقب محادثات التجارة بين أمريكا والصين    في ظل استمرار حرب الإبادة في غزة وتصاعب المطالب بوقف التطبيع.. إسرائيل تصادق على اتفاقية النقل البحري مع المغرب    8 قتلى و7 جرحى في حادث انهيار منزل من 4 طوابق بفاس    "مؤثِّرات بلا حدود".. من نشر الخصومات الأسرية إلى الترويج للوهم تحت غطاء الشهرة!    عملة "البيتكوين" المشفرة تنتعش وسط العواصف الاقتصادية العالمية    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    لقاح ثوري للأنفلونزا من علماء الصين: حماية شاملة بدون إبر    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    دراسة علمية تكشف قدرة التين المغربي على الوقاية من السرطان وأمراض القلب    تشتت الانتباه لدى الأطفال…يستوجب وعيا وتشخيصا مبكرا    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلى طلبة الحي الجامعي بتطوان…
نشر في تطوان نيوز يوم 08 - 03 - 2015


تحية شعرية ودونما بعد..
قليلة هي اللحظات الصادقة في المصادفات الاجتماعية واللقاءات الثقافية.
الثقافة كتعبير عن وعي جمعي ونتاج حضاري؛ تنصهر فيه المعارف والفنون لخلق فضاء الحرية الضامنة لبروز أشكال الإبداعات الفردية والمبادرات الجماعية. تحقق وجود الفرد بذاته ومعارفه وبما يضيفه أو ينجزه من تجاوز لأساليب التعبير السائدة او المألوفة أو المرعية أو المفروضة أو المتماهية مع نزوة أو رغبة.
كثيرة هي المناسبات حيث تستسلم الثقافة لرغبة لا شعورية جامحة في إبراز الذات المتخنة بالجرح وبالإقصاء، ترسل وجودها أقمصة منمقة وأصواتا متقطعة وخليط عطور. تحاول صد فكرة: تكلم كي أراك واكتب كي أعرفك.
كثيرة هي اللقاءات حيث تعم المجاملات ويستكين الذوق أمام استيهامات ذات مقموعة تستلذ لحظة انتقام من الآخر المتخيل في موقع عدو طبقي أو قومي أو ديني أو ثقافي حتى…
يختلط الذوق الفني بأوشاب ثقافة تتعدد في صور نمطية… تتتعدد ولا تختلف… ولما ترسخت قيم الاستهلاك السريع في أسواق الثقافة السائدة، صار السلوك الثقافي يستجدي قيم البضائع المهربة بماركاتها المستنسخة…
لما قررت مشاركة طلبة الحي الجامعي بتطوان أمسيتهم الشعرية الفنية، انبأتهم حالة روحي الشعرية؛ والشعر مشتل قيم الحب والحرية والعدل والجمال والصدق…
أحببت احتجاجهم على إزعاج راحة ثقافتهم الرائجة، المحتمين بصخبها من برد الزمن الموحش… أحببت احتماءهم بالقول المباشر لرفض القهر والإقصاء… لكني أردت إزعاج وعيهم المستكين كي يصارع المستجد حتى يحسوا بحرقة إقصاء آخر ثقافي يسود، قد يكونون ضحيته غدا، ساعتها قد تكون شهوة القراءة نضبت ورغبة البحث ولت.
أعزتي بالانتماء وبعشق الإبداع: من يحب الناس يصارحهم.
السماع نشوة لحظة والكتابة قراءة غدا، فما تكتبونه الآن هو ما سيقرأ غدا إن امتلك مقومات وجوده وسمات الانتشار. فالثقافة فعل للمستقبل، فلا تستكينوا للشفهي كي لا تفاجأوا غدا بوجودكم خارج دوائر الكتاب والشعراء والمبدعين بانسياقكم اليوم مرتاحين مستسلمين لحرمان من معرفة قواعد الكتابة ومستلزمات الإبداع التي ننتظر أن تحققوا تجاوزات في صيروتها، لتغدو بإضافات جيلكم تعبيرا عن الإنسان في متنوع ثقافته ومختلف أوضاعه ومواقعه.
لا تكونوا أدوات إقصاء فني بمساهمتكم في إعادة إنتاج الأديب الذي تخالون اليوم أنكم تناهضون سلوكات موقعه الاجتماعي، بالدفاع عن أدب قد لا يمتلك مقومات الاستمرار.
من حق الجميع أن يكون مبدعا، لكن لا مناص من توفر من تهييئ ظروف. ولكي يكون، من واجبه هنا والآن، أن يوفي القراءة والبحث حقهما، وأن يعمل من أجل تعميم الاستفادة من وسائط المعرفة والتثقيف ليتمكن غدا من حقوقه في الكتابة والتأليف ومن الدفاع عن أحقيته في إنتاج الثقافة وتصريفها.
لا تركنوا لغضبة فاترة، دافعوا عن حقكم في كتابة المستقبل…
الكتابة إزعاج لراحة الشفهية، الكتابة كشف هوية والكتابة استقلالية لا تعترف بأية سلطة غير لغتها؛ لذلك تخشاها سلط مختلفة سياسية ومجتمعية. وحتى الكتاب يرتعدون أمام هيبتها، لأنها مكشوفة وكاشفة… وكثيرا ما يسارع جمهور إلى إبداء صدمته من سلوك ثقافي يزعج راحة مواقفه قبل أن تخلخل الصدمة حسه لتوقظ وعيه فيفسح مسارب أسئلة متلاحقة.
والكتابة تاريخ وحضارة. ولنا في التاريخ وفي الحاضر أمثلة مختلفة من منع إصدارات ومحاصرة أخرى ومن إحراق كتب وإتلافها ومن تحريم كتابات وتجريم كتابها وإعدامهم حتى… وقد طالت الحرب، وتطال اليوم كتب العلم والسياسة والدين والأدب حتى… وفي دول صنفت متقدمة، ورغم ذلك تستمر الكتابة ناقلة للحضارة الإنسانية ومساهمة في تطويرها.
تحارَب الكتابة من مؤسسات ومن مجموعات ومن أفراد، ويُحتفى بالشفهي من القول رغم تخطيه حدود الدين ومكروهات السياسة ومواضعات المجتمع وأعرافه… هلا جعلتم هذا سؤالا؟
أيها الحالمون: كانت أمسيتكم حوار الشفهي والكتابي، وكنت بينكم قارئا ومستمعا. قرأت النصوص واستمتعت بقراءات عاشقة.
على حين غرة يستهويك بناء الحكاية في أول نص قرأته لجواد استيتو، يوقظ الوعي بالشعر الحديث. ويشدك إلى تراثنا الشعري زواج قريب بين الفكرة والشكل العمودي العضوي في نص أنس اليوسفي.
ويستقر بك التأمل في ذاك الركن البعيد من دواخلك لتذرف الحسرة مع كلمات بشرى البدوي. ويطل قمر من سحاب ليل قاحل تضطرب فيه فكر وخواطر فاطمة الشيخ.
حتى تضيء النجوم رقعة السماء كأنها مصابيح مدينة حسن الدحان شفشاون تنير الدروب.
عشنا مع النصوص كما لو أننا في حلم افتراضي نتمنى مع زينب مهدي أن يتحقق قبل أن يجف حبر نصها السليم لغة وتركيبا والجديد في فكرته الشعرية الموحدة في صورة محورية رغم خفوت وهج الصور المفردة.
وددت لو قرأت قبل التقييم قصيدة غارقة في صور لوحات بكاء ارتسمت على محيا شفاء الشويدلي وترقرق في حشرجات صوتها وهي تناجي: دعني أمضي بك… يا أبت.
لن أنسى أثر أول ملاحظة على محمد هندا، مازحه قلبه وحاصرني بشغفه الشعري قبيل الرحيل، أظن به شاعرا سيصقل رغبته.
أغفلت ذوقي ليكون تقدير الأعمال من معايير مؤسسة على مقومات الكتابة الشعرية، لا تثير كبير اختلاف بين دارسي الشعر ومصنفيه. وإن كان الذوق نتاج ثقافة شعرية. فالحضور أذواق كان لها اعتبار، اقترحت في البداية إضافته خانة في التقويم.
الشعر حلم يخال تغيير الواقع، لذلك انعطف كثير الجمع لنصيحة أم فاطمة المنسية، لكن الشعر فن وعالم لغوي، وأول واقع يعمل الشاعر على تغييره والثورة عليه هو االلغة، فيخلق واقعا لغويا جديدا هو النص، يكسر فيه رتابة الكلام العادي والمنمطي. يولد من الكلمات إيحاءات جديدة، يكسر العلاقات العادية لتنجب اللغة صورا يعتقها بأحاسيسه التي توحد مكوناته في إيقاع يطرب القارئ والمستمع، تتآلف عناصره لإفادة المتلقي وإمتاعه.
سادتي السامرين رفقة الشعر حتى الثالثة صباحا، كلكم شعراء بالوجدان؛ طلبة وإداريون ومتعاونون، وفيكم شعراء بالحس وبالتعبير، وفيهم كتاب شعر أدعوهم إلى نشر تجاربهم للمساهمة في ثقافة الغد.
أحبتي: لم أعاين خارج حيكم، دار ثقافتكم، تآلف مكونات مؤسسة طلابية، تحابب الطلبة والمدير الودود الفصيح، له الود والتقدير ولكم تعبي ولوعة الضمير.
————————————————-
تطوان / 07 مارس 2015


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.