منظمة ببروكسل تدين الهجوم الإرهابي بالسمارة وتدعو إلى تصنيف "البوليساريو" تنظيما إرهابيا    حموشي يطلع على بروتوكول تأمين نهائي كأس العرش (صور)    لأول مرة في تاريخه.. أولمبيك أسفي يتوج بلقب كأس العرش بعد إطاحته بنهضة بركان    حكيمي يقود ال"PSG" لربع نهائي مونديال الأندية على حساب فريق ميسي    فوتسال.. منتخب أقل من 17 سنة يُتوج بلقب الدوري الدولي "كاسترو يل ريو" في إسبانيا    أمن طنجة يتدخل بساحة أمراح لردع الوقوف العشوائي وتحرير مخالفات في حق المخالفين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    أسود عبدة يكتبون التاريخ .. أول لقب لكأس العرش في خزائن آسفي    أولمبيك آسفي يحقق أول لقب في تاريخه بكأس العرش على حساب نهضة بركان    كأس العالم للأندية .. بايرن ميونيخ يقصي فلامنغو ويضرب موعدًا مع سان جيرمان    أخنوش يمثل جلالة الملك في مؤتمر إشبيلية الدولي لإصلاح النظام المالي العالمي    عبد اللطيف حموشي يطلع على الترتيبات الأمنية لمباراة نهائي كأس العرش بفاس    حريق مهول بمنطقة خضراء بحي الشرف شمال طنجة تسبب في اختناق سيدتين    بدر صبري يشعل منصة سلا في ختام موازين وسط حضور جماهيري    عائدات السياحة خلال خمسة أشهر تقدر ب34 مليار درهم    تنصت أمريكي على اتصالات إيرانية بعد ضربات واشنطن يكشف أن البرنامج النووي لم يدمر بالكامل    إشبيلية.. أخنوش يمثل جلالة الملك في مؤتمر الأمم المتحدة حول تمويل التنمية    اشتداد موجة الحر في جنوب أوروبا والحل حمامات باردة وملاجىء مكيفة    كواليس حرب شاملة تشنها الجزائر ضد المغرب بمشروع عدائي ممنهج؟    بالتيكا الروسي يتعاقد مع أيمن موريد    عودة الحجاج المكفوفين إلى المغرب    محكمة إسرائيلية تؤجل جلسة نتنياهو    "ميتا" تضيف خاصية ملخصات الذكاء الاصطناعي إلى "واتساب"    14 قتيلا في غزة بغارات إسرائيلية    مأساة طفل معلق تهز ضمير ميدلت    طباعة الأثمان على المنتجات الاستهلاكية تثير غضب تجار القرب بالمغرب    حفل شيرين يربك ختام "موازين"    القفز بالرأس في الماء قد يسبب ضرراً للحبل الشوكي    توقيف إسبانية من أصل مغربي حاولت إدخال أقراص مهلوسة عبر معبر المدينة المحتلة    الناظور: توقيف "أخطر" مطلوب للعدالة بموجب 25 مذكرة بحث وطنية    سقط في الحوض أمام أعين والديه.. مأساة تهز دوار لصفوف بإقليم الحسيمة    المغرب يعرض بنيته التحتية اللوجستية لتعزيز التكامل الإفريقي-التركي    الناظور في قلب مالقا.. دعوات لفتح خط بحري وشراكات استراتيجية بين الضفتين    نساء في الصفوف الأمامية.. مسيرة احتجاجية بالناظور دعماً لفلسطين ورفضاً للتطبيع    طبيب يحذر من المضاعفات الخطيرة لموجة الحرعلى صحة الإنسان    الموفد الأمريكي إلى سوريا: اتفاقات سلام مع إسرائيل أصبحت ضرورية لسوريا ولبنان" ووقف إطلاق النار في غزة" سيبصر النور "قريبا"    باريس سان جرمان الفرنسي يسحق إنتر ميامي الأمريكي بنتيجة 4-0    كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري "تفند" مزاعم "تدمير الثروة السمكية" بميناء العيون    روسيا تشن هجوما هو الأعنف على أوكرانيا منذ اندلاع الحرب    في الجلسة الثالثة حول «حقوق الإنسان بين التشريعات والسياسات العمومية والممارسات»    خريبكة.. الفيلم الصومالي "قرية قرب الجنة" يحصد الجائزة الكبرى    معهد الموسيقى في تمارة يتوج مساره الدراسي بتنظيم حفل فني    تطوان تستقبل وفد أكاديمية الفجيرة للفنون الجميلة في زيارة لتعزيز التعاون الثقافي    وفد سعودي اقتصادي رفيع يحلّ بالمغرب لاستكشاف فرص الاستثمار وتعزيز مستوى الشراكة    معدل البطالة بين السعوديات يتراجع إلى 10.5%    "فرحتي كانت عارمة".. بودشار يحتفي بحفل جماهيري تاريخي في موازين    ماجدة الرومي تتألق في الرباط وتلتقي جمهورها المغربي ضمن فعاليات مهرجان موازين    جريمتي كانت تنفيذًا لأمر إلهي لإنقاذ إسرائيل من الشر    أكثر من 2000 مشارك من 3 قارات في مناظرة الذكاء الاصطناعي بالمغرب    موازين 2025 .. مسرح محمد الخامس يهتز طرباً على نغمات صابر الرباعي    تراجع تلقيح الأطفال في العالم يهدد حياة ملايين الأشخاص وفقا لدراسة حديثة    تراجع التلقيحات يعيد شبح الأوبئة .. والمختصون يطالبون بتعبئة مغربية    ضوء خافت يشع من العقل أثناء التفكير.. والعلماء يبحثون التفسير    ضجة الاستدلال على الاستبدال    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءات في كتابي (الأفعال) لابن العربي و"المحاضرات" للمقري
نشر في تطوان نيوز يوم 02 - 11 - 2018

دأب مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوث العقدية على ترسيخ تقليد علمي يتمثل في عقد لقاءات علمية لتقديم قراءات للأعمال التي يصدرها، وفي هذا الإطار نظم بالتعاون مع مؤسسة محمد داود للتاريخ والثقافة أمسية علمية قدم فيها قراءتين لعملين أصدرهما مؤخراً، وهما كتاب "المحاضرات" لأبي عبد الله المقري (ت.759ه) تحقيق دة. إكرام بولعيش، وكتاب "الأفعال" (أفعال الله عز وجل) لأبي بكر بن العربي (ت.543) تحقيق دة. نبيلة الزكري، وذلك يوم الجمعة 16 أكتوبر على الساعة الخامسة والنصف مساء بالمكتبة الداودية، بمشاركة مجموعة من الأساتذة والباحثين المتخصصين في الحقل الكلامي الأشعري.
استُهل اللقاء بكلمة منسق الجلسة جمال علال البختي تناول فيها العملين وتحقيقهما بالتعريف والتقديم العام، مدرجا إياهما في سياق الأعمال الصادرة ضمن سلسلة ذخائر من التراث الأشعري المغربي التي تهدف إلى تعريف الباحثين بأهم المتون الأشعرية في تاريخ الفكر المغربي، تلتها كلمة ترحيبية لمحافظة المكتبة الأستاذة حسناء داود، مثمنةً هذا اللقاء ومحتفية بالكتابين والمحققتين.
في المداخلة الأولى بيّن د.يوسف بلمهدي أن قراءته لكتاب المحاضرات للمقري نتجت عن مقارنة بين مضمونه وملخصه الذي وضعه صاحب نفح الطيب، موضحا هوية صاحبه المغربية الممثَّلة في البنية الدينية المعروفة (عقيدة وفقها وسلوكا)، ما جعل عنصر التكاملية بين التصور والتصديق يحضر فيه، ومنبها بعد ذلك على نوعية متن هذا العمل، الذي وإن كان يعكس طبيعة البحث العقدي في سياقه التاريخي من خلافات فكرية وجدالات وهيمنة لكتاب الإرشاد..، إلا أنه يصعب على المبتدي بحكم أن مادته المتمثلة في الشذرات والاقتباسات معزولة عن سياقها المعرفي، وخلص المتدخل إلى قسوة المؤلف على المتكلمين انتصارا لإيمان العجائز والصبيان مع تضمن العمل لبعض العيوب كالإلزامات الكثيرة للخصوم، والأدلة الفاسدة، واعتماد مقدمات غير مسلمة ولا مشهورة، معرجا بعد ذلك على توضيح بعض القضايا الشائكة مثل الخلاف في تحديد مذهبية ابن تومرت، وترسيم علم الكلام ومشروعيته، وهي قضايا تقتضي إعادة النظر، كقضية ابن تومرت التي دعا فيها الباحثين إلى رد المذهب إلى صاحبه وتسميته بالتومرتية بدل التماس الأعذار والتأويلات.
وعلى هامش الكتاب نفسه لفت الباحث وسام رزوق إلى أن مجموع النصوص والاقتباسات التي أوردها المقري تعكس بصورة واضحة موقفه السلبي من علم الكلام الأشعري، مبينا أن هذا الموقف استند على جملة من الاعتبارات كضعف التنزيه، وكثرة الخلافات، وتقديم المعقول على المنقول، وتقرير الشبه التي رأى أن تقديمها هو أشد من الانفصال عنها، منتقدا بعد ذلك منهجية المقري التي رأى فيها تعسفات لا تبرير لها، كإيراده لنص يذم الأشاعرة دون تسويغ لذلك، ما جعل الباحث ينبه إلى أن المقري ينقل المعنى لا النص بحرفه، مستشكلا بعد ذلك أسباب التغييرات التي طرأت على النقل في هذا الكتاب الذي يمثل رد فعل، ونبه الباحث إلى أن هذا الموقف تبعه فيه تلميذه ابن جزي في منهجيته التي خلت عن التقريرات الحجاجية، وتستند هذه المواقف على أن الدرس العقدي لم يعد يرتبط بالوظيفة الدفاعية لأنها لم تعد مجدية في سياقهم التاريخي.
أما كتاب الأفعال لابن العربي فقد تناوله الأستاذ يوسف احنانة من زاوية ابستيمولوجية استشكل من خلالها مقدمات معرفية تربط حقل الكلام بحقل النحو، فكان عمل ابن العربي الذي تهيب المتدخل كتابه قبل الشروع في قراءته ثم وجده ماتعا بعد ذلك ثمرة معرفية نتجت عن الصراع النظري بين مدرستين نحويتين تتجادلان حول مسألة الأولوية في أصل الكلام، هل المصدر أم الفعل، وهو ما يحضر في الجدل المعرفي على المستوى الكلامي بالنسبة للأسماء والأفعال. وارتباط الاسم بما هو مجرد عن الزمان بدل الفعل الذي يدل على حدوث في الزمان كان له انعكاساته على المتكلمين من حيث الخوض في موضوع الأفعال التي كانت مصدر الإشكال، وابن العربي بحدسه الثاقب ومنهجه الرصين كما عبر عن ذلك المتدخل تولى بمنهجه الإحصائي كل الأفعال وبرّرها تبريرا عقليا عبر منهج تأويلي ينفي عن الذات الإلهية كل أشكال التعدد، عارضا بعد ذلك جملة من الأمثلة في هذه الأفعال (النزول، الاستهزاء، الاستواء، الاستحياء،..) وموضحا منهجية ابن العربي التي كانت تهدف إلى تبيئة هذه الأفعال تبيئة أشعرية.
وتناول ذ.منتصر الخطيب في مداخلته الكتاب من زاويتين اثنتين، بالإضافة إلى إبداء مجموعة من الملاحظات، أولا وضع كتاب الأفعال في سياق مؤلفات ابن العربي العقدية، التي أبان فيها عن الصلة الشديدة بينها، إذ كل مصنف يأخذ إلى الآخر ويفضي إليه، مبينا أهمية "كتاب الأفعال" المتمثلة في اشتغال ابن العربي على مبحث صفات الله وأسمائه وأفعاله، وهي أهم المباحث الكلامية التي أنتجت جدالا كلاميا عميقا واختلافا في الموقف منها بين الفرق الكلامية ما بين مفوض ومشبه ومعطل ومؤول، ومن زاوية ثانية لاحظ المتدخل أن أول ما يبادرنا به ابن العربي في هذا الكتاب أنه اتبع ورود أفعال الله تعالى في القرآن الكريم مبتدئا بإيراد الآية الناصة على فعل من أفعاله تعالى حسب ترتيب الآي في القرآن، ثم ثنى بشرح شيء من ألفاظها، وبيان دلالتها ومقصدها، ثم يختار الموقف المؤيد للتأويل والداعي إليه، وكل آية متشابهة تفيد تشبيه الذات الإلهية وتجسيمها؛ أي يفيد ظاهرها مشابهة الذات الإلهية للحوادث، لابد من تأويلها تأويلا عقليا استنادا على الدليل اللغوي.
أما المداخلة الأخيرة فقد نظر فيها ذ.محمد أمين السقال إلى الكتاب من جهتين، من جهة نظرية المعرفة عند الأشاعرة، ومن جهة ثانية بالآفاق الجديدة التي يفتحها هذا العمل إذا ما ربطناه بقراءة الأعمال الفلسفية واللاهوتية الأجنبية في موضوعات تنتهي فيما يسميه علماء الكلام بأفعال الله، مؤكدا أن من تأمل صرح البناء العقدي والكلامي لمذهب الاشاعرة وجد النظر في أفعال الله تعالى على سبيل التفسير أو التعليل مبنيا على الفروغ من معرفة صفات المعاني وإدراك لمعاني أسماء الله الحسنى، لافتا إلى أن ابن العربي جعل كتاب الأفعال من قبيل التتمة لكتاب الأمد الأقصى، ثم نبه الباحث أنه إذا ما أمعنا النظر في الإنتاج الفلسفي الغربي وجدنا طائفة كبيرة منه تندرج في محاولات لتفسير الواقع والأحداث بعيدا عن القول بفعل الإله أو تدخل الإله في العالم، بل وإذا تتبعنا تعليل من يسلك سبيل الإلحاد ألفينا أن تطريق الإلحاد مصدره النظر في الأفعال على ما يبدو فيها من تناقضات وظلم وجور وغياب للمعنى، مبرزا أمثلة على ذلك في موت الإله عند نيتشه، ونزع الطابع السحري عن العالم عند ماكس فيبر، وغيرها من المفاهيم والمقولات الفلسفية التي تفرغ العالم من الفعل الإلهي.
وبعد هذه القراءات تبعتها تعقيبات وملاحظات للمحققتين، في التعقيب الأول تطرقت الدكتورة إكرام بولعيش لمجموع الإشكالات التي ذكّرتها بها هذه القراءات أثناء عملها في التحقيق، وهي إشكالات عويصة تمثلت في افتقاد مفاتيح للتعامل مع هذا المتن المخطوط الذي وجدته بدون عنوان، ولا أبواب، ولا تقسيمات، ولا بيان غرضه ومقصده، وإنما جملة محتشدة من النصوص والاقتباسات والشذرات، مع غموض أراد منه صاحبه أن تكون للمتدبر، ما فرض عليها الإجابة ابتداء عن سؤال الإطار النوعي للعمل، فما تكشف عنه الملاحظة الأولية هو تأطيره ضمن النوع الأدبي المعروف ب"المحاضرات"، لكن مجموع خصائصه الأخرى أوقعت الناظرين في الكتاب في الاختلاف حول المجال المعرفي الذي ينتمي إليه، ما بين تصوف وإفادات من أجل الإمتاع ومناظرة وغيرها، لكن الباحثة حددت هويته النوعية في مجال الاعتقاد، مجيبة بعد ذلك عن مجموع الإشكالات الأخرى كالتشكيك في نسبة الكتاب للمقري، وهو تشكيك سببه توهم دعوة المقري إلى التقليد وحرمة الخوض في علم الكلام، موضحة أن المؤلف اختار الطريق الوسط بين الاستدلال العقلي والتقليد، داعية بعد ذلك إلى قراءة متدبرة لهذه النصوص كما أراد صاحبها لها، ومن شأن هذا التدبر أن يطلع القارئ على كذلك على طبيعة الفكر الأشعري في سياقه التاريخي.
وفي التعقيب الثاني ركزت الدكتورة نبيلة الزكري في مداخلتها على نقطتين، نقطة تتعلق بموضوع الكتاب الذي بينت أنه كان في الأصل بحثها لدرجة نيل الماستر، وسوغت اختيارها لابن العربي لسمته المركزية في الفكر الأشعري بالغرب الإسلامي، والمنزلة الكبرى التي يشغلها في تاريخ هذا الفكر، وقد بينت أن اختيارها كان في البداية على كتب أخرى لابن العربي، ثم استقرت على كتاب الأفعال، وهو عمل يكشف عن أشعرية الرجل من خلال مجموع الآراء والقضايا التي وقف عندها، كما أن من بين خصائصه البارزة أنه يصحح بعد الأحكام الرائجة كقضية الحضور الأشعري في العصر المرابطي، واعتبرت الباحثة أن التحقيق له الأولوية في خدمة الفكر والمعرفة، لأن الدراسات والبحوث غالبها مبني على النصوص والمتون، فإذا لم تكن هذه النصوص محققة فيصعب حينها الخلوص إلى أحكام علمية، لذلك كان العمل على التحقيق له أولويته وخطورته، أما النقطة الثانية فتتعلق بالملاحظات التي أبداها القراء، مشيرة إلى أن العمل قبل أن يطبع قد مر من محطات مختلفة قبل أن يخرج للناس، بداية من الإشراف إلى المناقشة إلى التعديل، كما لا يجب أن نغفل الصعوبات التي تعترض الباحث، وأهمها جمع نسخ الكتاب، كما أن العمل خلا من بعض المباحث التي اضطرت لنشرها مستقلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.