مجلس النواب.. تباين بين مواقف الأغلبية والمعارضة حول مشروع القانون المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة    منتخبون عن إقليم الحسيمة يلتقون وزير الفلاحة للترافع حول توسيع المشاريع    الدين العمومي للمغرب سيصل إلى 79,2% من الناتج الداخلي الإجمالي خلال 2025    إيرادات الجمارك المغربية تتجاوز 47,3 مليار درهم في النصف الأول من 2025    إسبانيا: توقيف عشرة أشخاص إثر اشتباكات بين متطرفين يمينيين ومهاجرين من شمال أفريقيا    طقس حار في توقعات اليوم الثلاثاء بالمغرب    كيوسك الثلاثاء | توجه جديد لتقنين استعمال الهواتف داخل المؤسسات التعليمية    مراكش…حجز 37 ألف و150 قرص مخدر وتوقيف ثلاثة أشخاص يشتبه في تورطهم في قضية تتعلق بحيازة وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية    وفاة المسمى "بوعبيد" المعتدي على عنصر من الوقاية المدنية بالمستشفى بعد إلقاء نفسه من أعلى خزان مائي    بوريطة: الشراكة الأورو-متوسطية يجب أن تصبح تحالفا استراتيجيا حقيقيا        فيدرالية اليسار الديمقراطي تنتقد الوضع العام وتطالب بإسقاط "التطبيع" وإطلاق سراح الزفزافي ورفاقه    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يحتضن دورة تكوينية لفائدة وفد فلسطيني رفيع لتعزيز الترافع الحقوقي والدولي    الداخلة، "ملتقى طرق" يربط بين فضاء البحر المتوسط ومنطقة جنوب الصحراء (صحيفة كندية)            "OCP GREEN WATER" تطلق رسميا تشغيل خط أنابيب تحلية المياه بين الجرف الأصفر وخريبكة    اليونسكو تُدرج "مقابر شيشيا" الإمبراطورية ضمن قائمة التراث العالمي... الصين تواصل ترسيخ إرثها الحضاري    الصين تواكب المغرب في إطلاق الجيل الخامس: فتح باب التراخيص يعزز الشراكة التكنولوجية بين الرباط وبكين    المنتخب المغربي للسيدات يلاقي منتخب مالي في ربع نهائي كأس أمم إفريقيا    نيجيريا تعلن الحداد لمدة أسبوع على وفاة رئيسها السابق بخاري    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    حكيمي وبونو في التشكيلة المثالية لمونديال الأندية    رسميا.. ميلان يعلن تعاقده مع لوكا مودريتش    الحكومة تخرج عن صمتها بشأن ارتفاع استهلاك الكهرباء بالمغرب خلال يونيو    نتانياهو يصطدم بالجيش بسبب "المدينة الإنسانية" في غزة: ما هو سبب الخلاف؟    "فيفا" يصدر قرارات جديدة بشأن صحة وفترات راحة اللاعبين    أوروبا تستعد للحرب المدمرة    الملك محمد السادس يراسل الرئيس الفرنسي ماكرون    "مهرجان الشواطئ" لاتصالات المغرب يحتفي ب21 سنة من الموسيقى والتقارب الاجتماعي    ريال مدريد يجلب الظهير "كاريراس"    شارلوروا البلجيكي يتعاقد مع خليفي    الإصلاح الضريبي.. ارتفاع الموارد الجبائية ب 25,1 مليار درهم عند متم يونيو 2025    فيلم وثائقي إسباني يقرّ بمغربية جزيرة ليلى    الفريق الاشتراكي: الاقتراع الفردي لانتخاب ممثلي الصحافيين في "مجلس الصحافة" يتعارض مع الدستور    دراسة علمية: السمنة تسرّع الشيخوخة البيولوجية لدى الشباب وتعرضهم لأمراض الكهولة في سن مبكرة        الوزير البريطاني الأسبق للدفاع والتجارة الدولية: المملكة المغربية شريك أساسي للمملكة المتحدة    زيدان: اللجنة الوطنية للاستثمار صادقت على 237 مشروعا استثماريا بقيمة 369 مليار درهم        وفاة "تيكتوكر" مغربية بعد عملية تكميم المعدة تثير الجدل حول التنمر وضغوط "السوشيال ميديا"    المحلي بوصفه أفقا للكوني في رواية خط الزناتي    اللاّوعي بين الحياة النفسية والحرية    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    الذّكرى 39 لرحيل خورخي لويس بورخيس    لأول مرة.. دراسة تكشف تسلل البلاستيك إلى مبايض النساء    وفاة مؤثرة مغربية بعد مضاعفات جراحة في تركيا تشعل جدلا حول سلامة عمليات التخسيس    إنريكي ينفي اعتداءه على جواو بيدرو: "حاولت الفصل بين اللاعبين"    مهرجان ربيع أكدال الرياض يعود في دورته الثامنة عشرة    المغرب يستعرض حصيلة 3 سنوات من إطلاق التأشيرة الإلكترونية (E-Visa)    رولاني موكوينا مدربا جديدا لمولودية الجزائر    تواصل ‬موجات ‬الحر ‬الشديدة ‬يساهم ‬في ‬تضاعف ‬الأخطار ‬الصحية    وفاة الإعلامي الفرنسي تييري أرديسون عن عمر ناهز 76 عاما    "بوحمرون" يسلب حياة طفل في مدينة ليفربول    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تفلت اليوسفية من ارتدادات الزلزال؟ !
نشر في تطوان بلوس يوم 06 - 01 - 2018

عندما أقدم الملك محمد السادس يوم 24 أكتوبر 2017 على تنفيذ ما وعد به من "زلزال سياسي"، في خطاب 13 أكتوبر 2017 بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الأولى، باتخاذه مجموعة قرارات جريئة لم يشهد لها تاريخ المغرب المستقل مثيلا، تم على إثرها إعفاء ومعاقبة وزراء وموظفين سامين وحرمان وزراء سابقين من تولي أي مهام رسمية مستقبلا. وما تلاه من ارتدادات عصفت بعدة رؤوس من مختلف الفئات في أم الوزارات، بموجب تقارير لمفتشيتين عامتين والمجلس الأعلى للحسابات كشفت عن اختلالات وتقصير في أداء الواجب وعدم الالتزام بإنجاز برامج تنموية هامة، منها ما أشرف هو شخصيا على توقيع اتفاقياتها، وما نجم عن ذلك القصور من احتجاجات شعبية واسعة وصاخبة في شتى المناطق. اهتزت فرائص مسؤولين كثر وباتوا يتحسسون رؤوسهم، فيما استبشر المواطنون خيرا بهذا "الزلزال" المبارك، يحذوهم الأمل الكبير في طي صفحة التساهل والإفلات من العقاب، والقطع مع كافة أشكال الفساد والتسلط والاستهتار، والتأسيس لعهد جديد قوامه الصرامة والجدية وإنفاذ القانون بغير تمييز.
فكيف إذن لا يشعر المغاربة بالانشراح وتغمر البهجة قلوبهم، ويتفاءلون خيرا بمثل هذه الزلازل التي تدك جبال الفساد وتطهر الأرض من الطفيليات السامة؟ لقد كبر حلمهم وتزايد الأمل بالغد الأفضل، وهم يرون سيف المحاسبة مسلطا على الرقاب، لاسيما أن معظم مناطق البلاد تعاني من الفقر والهشاشة والظلم والمهانة والتهميش والإقصاء، ومن ضمنها مدينة الفوسفاط، اليوسفية.
ولمن لا يعرف إقليم اليوسفية، فقد أحدث خلال عام 2009 باقتطاع مفاصله من الأقاليم المجاورة، تابع لجهة مراكش– أسفي، تبلغ مساحته 25,50 كلم مربع ولا يتجاوز عدد سكانه حوالي 70 ألف نسمة. يحده في الجزء الجنوبي الشرقي من الشرق والشمال الشرقي إقليما مراكش والرحامنة، ومن الشمال إقليم سيدي بنور، ومن الجنوب الغربي والجنوب الشرقي إقليما الصويرة وشيشاوة. ولم يكن في بدايته سوى جزء من نجد "الكنتور" لمجموعة هضاب مرتفعة وسهول، قبل اكتشاف الفوسفط سنة 1931 من طرف جيولوجي فرنسي من رموز الاستعمار، ظلت المدينة تحمل اسمه (لويس جونتي Louis Gentil) طوال عقود، قبل أن تعود لتحمل اسم "اليوسفية" مع فجر الاستقلال، تيمنا باسم السلطان العلوي: المولى يوسف رحمه الله.
ورغم ما لعبه المجمع الشريف للفوسفاط من دور هام، باعتباره شريكا أساسيا للجماعة الحضرية، بفتح مجموعة من الأوراش وإنجاز عدة مشاريع، فإنها لم ترق إلى مستوى انتظارات وتطلعات السكان. إذ لايعقل تهميش مدينة تشكل صادراتها من الفوسفاط أزيد من 33 بالمائة من إجمالي صادرات المغرب، الذي يمثل 80 بالمائة من الاحتياطي العالمي. وهي التي كانت تسمى في عهد المستعمر "مدينة الدولار" أو "باريس المغرب"، لما تزخر به من ثروة باطنية وتملكه من قوة اقتصادية كبيرة. فمن يا ترى يزدرد خيراتها؟ أليس من العار أن تهوي منطقة منجمية غنية، تعتبر عصب الاقتصاد الوطني، إلى الدرك الأسفل بين المناطق الأكثر بؤسا وشقاء، على مستوى الفقر والأمية والبطالة والتلوث البيئي، لا لشيء سوى أن حظها التعس رمى بها بين أيدي سماسرة الانتخابات ولوبيات الفساد ومنعدمي الضمير، ممن يستعملون المال الحرام ويتلاعبون بعقول الضعفاء ويدغدغون عواطفهم بالشعارات الزائفة، ويستهترون بالمصلحة العامة. حيث تعاقبت عدة مجالس على تدبير الشأن المحلي، ولم تتغير الأمور إلا للأسوأ وبات من الوهم نشدان تنمية شاملة في ظل نفس الأحزاب ونفس العقليات ونفس السياسات العمومية الخائبة.
فما يحز في النفس أن يتراجع مستوى الإقليم فور طرد المحتل، ويصبح العابثون بالخيرات هم أبناء الوطن من مسؤولين إداريين ومنتخبين، لغياب روح المواطنة والحس بالمسؤولية، وانشغالهم التام عن هموم وقضايا المواطنين بمصالحهم الشخصية. حيث ساءت أحوال الناس وتضببت صورة المدينة، لعدم وجود برامج تنموية واستراتيجيات مواكبة لسيرورة التحول، ومشاريع اجتماعية واقتصادية وثقافية وبيئية، فتناسلت الفضائح والاختلالات في تدبير الشأن المحلي، تكاثرت الخروقات المالية وطال الفساد كافة المجالات الاجتماعية والإدارية والصحية... وأمست الخدمات الاجتماعية خاضعة للابتزاز والمحسوبية والرشوة. فأي جحيم أفظع مما بات يعيشه المواطن الفقير والعاطل والأمي والمريض...؟
من المجحف بقاء مشاريع معلقة منذ الزيارة الملكية عام 2009، وتعثر أخرى رصدت لها ميزانيات ضخمة من أموال دافعي الضرائب، بسبب التهاون وانعدام الشفافية والصفقات المشبوهة وغياب المراقبة الصارمة وربط المسؤولية بالمحاسبة، وتواصل مسلسل التهميش والإقصاء واستنزاف الموارد الجماعية، دون معالجة الأوضاع المتأزمة وتوفير البنية التحتية ودور الشباب والمركبات السوسيو رياضية للقرب... في وقت يتميز الإقليم بخصائص سياحية واقتصادية وفلاحية، من شأنها إحداث نهضة تنموية حقيقية لو توفرت الإرادة القوية واستثمرت عائدات الفوسفاط في الاتجاه السليم. وخلق دينامية اقتصادية جديدة لإيجاد فرص شغل للعاطلين، حل المشاكل البيئية والاهتمام بالمطالب الاقتصادية والاجتماعية والصحية للساكنة.
ألم يكن حريا بأصحاب القرار والمسؤولين إعطاء انطلاقة قطار التنمية ليس فقط بإقليم اليوسفية، بل في جميع المناطق والأقاليم مباشرة بعد أن دق الملك ناقوس الخطر، في خطاب 30 يوليوز 2014 بمناسبة الذكرى 15 لاعتلاء العرش، متسائلا عن مآل الثروة؟ فإقليم اليوسفية اليوم في حاجة ملحة إلى نموذج اقتصادي متكامل ومتوازن، يأخذ بعين الاعتبار المقومات والإمكانات الأساسية المتوفرة، لمواجهة مظاهر الفقر والهشاشة والأمية والبطالة... فهل ننتظر أن تمسه ارتدادات "الزلزال السياسي"، لتحقيق النماء والرخاء وإعادة الكرامة المفقودة للمواطن"ة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.