تيمور الشرقية: ملف الصحراء المغربية يطرح بقوة على طاولة المؤتمر الإقليمي اللجنة ال24 الأممية    المغرب والإمارات يعلنان شراكات ب14 مليار دولار في مشاريع طاقة ومياه    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    نسبة ملء السدود بالمملكة بلغت 40.1 في المائة    توقيع مذكرة تفاهم بين شركة موانئ دبي العالمية والهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية السورية    بوريطة : حل الدولتين هو المفتاح الوحيد لأمن المنطقة واستقرارها    الاهتمام الثقافي في الصين يتجلى: أكثر من مليار و400 مليون زيارة للمتاحف خلال عام 2024    مشاركة أعرق تشكيلات المشاة في الجيش الإسرائيلي في مناورات "الأسد الإفريقي" بالمغرب    صلاح رابع لاعب أفريقي يصل إلى 300 مباراة في الدوري الإنجليزي    يوسف العربي يتوج بجائزة هداف الدوري القبرصي لموسم 2024-2025    لهذه الأسباب قلق كبير داخل الوداد … !    ماكرون وستارمر وكارني يهددون إسرائيل بإجراءات "عقابية" بسبب أفعالها "المشينة" في غزة    الجمعية المغربية لحماية المال العام ترفض تعديلات مشروع قانون المسطرة الجنائية وتعتبره تهديداً حقيقياً لجهود مكافحة الفساد    العدالة والتنمية يحذر من فساد الدعم وغياب العدالة في تدبير الفلاحة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    قيوح يترأس بجنيف اجتماع المجلس الاستشاري لصندوق الأمم المتحدة للسلامة الطرقية    رئيس الحكومة يعلق على فضيحة "سمسار بيع الماستر"    مكالمة الساعتين: هل يمهّد حوار بوتين وترامب لتحول دراماتيكي في الحرب الأوكرانية؟    "رواق المتحف".. فضاء متفرد يوثق مسار الأمن الوطني خلال حقب مختلفة    الخدمة العسكرية 2025 .. المعايير المعتمدة لاستخراج أسماء المستدعين ترتكز على تحقيق المساواة وضمان التوازن الترابي (مسؤول)    طقس حار نسبيا في توقعات اليوم الثلاثاء    الأبواب المفتوحة للأمن الوطني بالجديدة.. مناسبة لتحسيس الأطفال بموضوع اختفاء القاصرين    خلال لقاءه بوالي العيون وعامل بوجدور:    الاقتصاد الاجتماعي والتضامني رافعة أساسية لتنمية شاملة ومستدافة" شعار النسخة 6 للمعرض الجهوي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني بوجدة    جماعة الجديدة تطلق صفقة لتهيئة شارع K في حي المطار بقيمة 185 مليون سنتيم    احتجاج وتنديد بالتراجع غير المبرر عن الترخيص باستعمال قاعة عمومية    نداء إلى القائمين على الشأن الثقافي: لنخصص يوماً وطنياً للمتاحف في المغرب    أن تكون فلسطينياً حين تُستدعى أمنيّا: في انحطاط الخطاب الحقوقي وتحوّلات النضال الرمزي!    عامل إقليم العرائش في زيارة تفقدية إلى شاطئ رأس الرمل استعدادًا للموسم الصيفي 2025    شاطئ رأس الرمل... وجهة سياحية برؤية ضبابية ووسائل نقل "خردة"!    عامل إقليم العرائش يوافق مبدئيًا على استعمال الجيتسكي صيف 2025 بشروط صارمة    "win by inwi" تُتَوَّج بلقب "انتخب منتج العام 2025" للسنة الثالثة على التوالي!    مسرح رياض السلطان يواصل مسيرة الامتاع الفني يستضيف عوزري وكسيكس والزيراري وكينطانا والسويسي ورفيدة    مستشفى صيني ينجح في زرع قلب اصطناعي مغناطيسي لطفل في السابعة من عمره    إننا في حاجة ماسة لحلبة سباق سياسي نظيفة    لقجع يهنئ اتحاد يعقوب المنصور    حفل "الكرة الذهبية" يقام في شتنبر    22 دولة تطالب إسرائيل بالسماح ب"دخول المساعدات بشكل فوري وكامل" إلى غزة    الرباط تستضيف أشغال الاجتماع الخامس للتحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين    النصيري يسجل هدفا في فوز فنربخشة أمام أيوب سبور (2-1)    تفشي إنفلونزا الطيور .. اليابان تعلق استيراد الدواجن من البرازيل    المهرجان الدولي لفن القفطان يحتفي بعشر سنوات من الإبداع في دورته العاشرة بمدينة طنجة    ستيفان عزيز كي يعزز صفوف الوداد    مهرجان "ماطا" للفروسية يحتفي بربع قرن من الازدهار في دورة استثنائية تحت الرعاية الملكية    إيهاب أمير يطلق جديده الفني "انساني"    ورشة مغربية-فرنسية لدعم أولى تجارب المخرجين الشباب    مدرب منتخب أقل من 20 سنة: اللاعبون قدموا كل ما لديهم والتركيز حاليا على كأس العالم المقبل    مرسيليا تحتفي بالثقافة الأمازيغية المغربية في معرض فني غير مسبوق    22 قتيلاً في غارات إسرائيلية على غزة    العيش البيئي واقتصاد الكارثة    تشخيص إصابة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بنوع "عدواني" من سرطان البروستاتا    تقرير رسمي.. بايدن مصاب بسرطان البروستاتا "العنيف" مع انتشار للعظام    من المغرب.. مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة"    التوصيات الرئيسية في طب الأمراض المعدية بالمغرب كما أعدتهم الجمعية المغربية لمكافحة الأمراض المعدية    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    أمير المؤمنين يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة برسم موسم الحج لسنة 1446 ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في التأسيس للمفاهيم السياسية و أنموذجها المرجعي - الحلقة الثانية "مفهوم الحزب السياسي نموذجا"


تصدير :
إن الغاية من السياسة هو خدمة المجتمع، فالبرنامج السياسي ينبغي أن يكون برنامج يعكس تطلعات وحاجيات المجتمع، والحزب السياسي ينبغي أن يكون حزبا للمجتمع منصتا إلى مشاكله ومعبرا عنها في برامجه وأهدافه، ومنبثقا في نشأته من رحم المجتمع، والدولة الكاسبة للشرعية هي من تكون دولة للمجتمع حاضنة لآماله خادمة له، ومعبرة عن اختياراته الكبرى، وعلى هذا الأساس وبكلمة عامة فالأداء السياسي قولا وفعلا ينبغي أن يكون أداء يتوخى رضا المجتمع عنه بما هو أداء غايته خدمته وتنزيل آماله في السياسة اليومية المعتمدة نضاليا وإجرائيا واستراتيجيا.
فما المفهوم المرجعي للحزب؟
أولا في المفهوم :
يمكن أن نعرف مفهوميا الحزب السياسي بمثابة إحدى التعبيرات المجتمعية المنظمة والمتجانسة من حيث الفكرة، المنبثقة من رحم المجتمع، الطامحة من خلال آلية التداول السلمي على السلطة إلى تنزيل برنامجها الإصلاحي، الذي تعتقد بصوابيته في الإجابات عن الإشكالات ذات الشأن العام المرتبطة بتحقيق التنمية والنهضة للبلاد، إذا ما حظي بالتأييد الشعبي الضروري لتنزيله عبر آلية صناديق الاقتراع في إطار انتخابات حرة ديمقراطية ونزيهة.
ثانيا في عناصر المفهوم :
على قاعدة التعريف السالف الذكر للحزب السياسي، يمكن استنباط أهم عناصر هذا المفهوم في التالي:
1. أنه حزب منبثق من رحم المجتمع:
وهذا يعني أن الحزب هو نتيجة التفاعلات الداخلية لحركية المجتمع والتي تنتج باستمرار تعبيراتها من ذاتها، وهذه الحركية المنتجة تتطلب شروطا موضوعية حتى تنتعش وتعطي بشكل تلقائي، ولهذه الشروط علاقة بظروف الفعل المجتمعي، من حيث إفساح المجال للحريات ومنها الحق في التنظيم والتشكل لكل التعبيرات المجتمعية المعتبرة المنصتة إلى نبض المجتمع، وإلى توجهاته العامة في مجمل الاختيارات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والمجتمعية الكبرى له، والساعية إلى حماية المجتمع من كل إرادة تسلطية تكبح نهوضه وتمسخ هويته وتأبد الاستبداد من داخله.
2. أنه حزب متعاقد مع المجتمع:
وهذا يعني أن الحزب ملتزم بوعوده التي قطعها على المجتمع في إطار برامجه وخطاباته، والالتزام هو السعي الحثيث إلى تمثل ما يقول وما يعد به قولا وفعلا بحسب المواقع التي يرتادها سواء في الدفاع عن الاختيارات المجتمعية الكبرى للمجتمع، أو في تنزيل وعوده البرنامجية في حال الحيازة على التأييد الشعبي الواسع المخول لهذا التنزيل، أو في التواضح مع المجتمع في حال عدم القدرة موضوعيا أو ذاتيا على هذا التنزيل، أو في استكمال مسلسل تحرير إرادة المجتمع حتى يستعيد سلطة قراره ويدفع مفسدة الاستبداد الكابحة له.
3. أنه حزب مستقل على أية جهة من خارج مؤسساته:
وهذا يعني أن الحزب لا يخضع إلا إلى ديناميكة إنتاج القرارات من داخله، مما يجعله وفيا لما يقول وما يعد به، ومتحررا من أية قيود خارجية تشوش على استقلالية قراراته، ومنحازا كليا للمجتمع وقضاياه الكبرى في مواقفه وبرامجه ومقترحاته.
4. أنه حزب طامح إلى الوصول إلى السلطة سلميا:
ذلك لأن مبرر وجود حزب هو طموحه إلى الوصول إلى السلطة سلميا، قصد تنفيذ برنامجه السياسي الذي يعتقد بصوابيته لإيجاد حلول لمشاكل البلاد، والذي هو أساس تعاقده مع المجتمع في حال حيازته على تأييد شعبي واسع عبر انتخابات حرة ديمقراطية ونزيهة.
ثالثا في عناصر الالتزام بمفهوم الحزب :
إن الالتزام بالعناصر الأربع لمفهوم الحزب يعد معركة في حد ذاتها، ذلك أن تمثلها يتطلب كفاحا ذاتيا وموضوعيا،
1. في الكفاح الذاتي:
ويبتدأ أصلا من ظروف النشأة، فالحزب الذي تكون نشأته نتاج حركية تبادل للأفكار والتوجهات بهدف صناعة عقل جماعي بهويته المعرفية والمذهبية الكبرى، هو الحزب الذي تكون ولادته سليمة، ومن كانت ولادته سليمة زرع البذور الأولى لقوة شخصيته وتواجده وقوة قراراته، فالحزب القوي ليس –تأسيسا- من يمتلك جمهورا كثيفا من الرواد والأتباع ، وليس –تأسيسا- ذاك الحزب الذي يمتلك عددا كافيا من الفروع والممثلين، وليس –تأسيسا- ذاك الذي يمتلك آلة تعبوية قوية مسخرة لحشد الكثافة العددية في المهرجانات، لأن ذاك كله زبد ما يلبث أن يذهب جفاء، الحزب القوي هو من كانت نشأته حرة وناتجة عن قرار ذاتي مستقل ومعافية من أي تشويش، وملتحمة في توجهاتها مع الاختيارات المجتمعية الكبرى للمجتمع في تحرير إرادته واستعادة سلطته.
إن عربون الانحياز الكلي للمجتمع وقضاياه يمر عبر سلامة دواعي النشأة من كل تشويشات أو خلفيات تكون الغاية من ورائها تجديد إرادة الاستبداد ومصادرة سلطة المجتمع في التقرير والتنفيذ والتقويم.
2. في الكفاح الموضوعي:
ذلك أن انتزاع هوية الحزب المتمثلة في الأضلع الأربعة السابقة الذكر (حزب منبثق من رحم المجتمع، مستقل عن أية جهة خارجية، متعاقد مع المجتمع، وطامح إلى الوصول إلى السلطة)، درب دونه مكابدة مع الأشواك والمعيقات التي تعترض طريقه، فأن يكون الحزب متعاقدا مع المجتمع يعني أن يقول ما يفعل ويفعل ما يقول، وأن يكون كذلك، يعني إدراكه بقيمة ما يقول وما يعد به وحجمهما والقدرة على الالتزام بما يقول، وعلى هذا الأساس فالحزب الذي ينتصب راهنا أمام الناس مدعيا القدرة على حل مشاكل المجتمع وتحسين ظروف العيش ما حاز تأييدهم، هو حزب في تقديري يصنع الوهم، وهو يعلم يقينا أن آلية تنفيذ البرامج الموعود بها معطلة دستوريا.
أن يكون الحزب متعاقدا مع المجتمع، هو أن يكون مصداقيا في خطابه، أن يتبنى برنامجا ذو نفس نضالي وليس تقنيا، بمعنى أن يكون خطابه منسجما مع حال الوضع الدستوري والسياسي للبلاد الذي يؤطر العملية الانتخابية وآليات التقرير والتنفيذ،
الحزب المتعاقد مع المجتمع لا يصنع الوهم الانتخابي، بل هو يؤسس للوعي بمعيقات الإصلاح ويجعل من لحظات المهرجانات والتواصل مع الناس لحظات للتعبئة من أجل الإصلاح، ومن أجل الانخراط في مسلسله ومن أجل استكمال حلقات تحرير المجتمع واستعادة سلطته،
وأخيرا فإن الحزب بمفهومه الذي بيناه من خلال عناصره الأربع هو الحزب الذي يكافح من أجل إرساء المعنى الحقيقي دستوريا لمبرر وجوده المتمثل في سعيه السلمي والديمقراطي للوصول إلى السلطة بغاية تنفيذ برنامجه السياسي، وليس فقط بغاية تنظيم المواطنين وتمثيلهم.
خلاصات جامعة :
يمكن تكثيف أهم خلاصات هذه المقالة في التالي:
1. إن التلازم التبعي بين المعرفة والسياسة ينبغي أن يظل متصلا في الزمن، والطلاق بينهما (كما هو حاصل في الصورة المغربية) يؤسس للحربائية، وتتيه المبادئ ويضيع المعنى والمعقول،
2. إن إعادة الاعتبار لعلاقة السياسة بالمعرفة يعد في تقديري من الورشات الإصلاحية التي ينبغي أن تدرج ضمن أجندة ورشات الإصلاح الكبرى، وهي تحتاج أيضا إلى مجهود معرفي ثقافي وسلوكي أيضا غير مفصول على العملية الإصلاحية ذاتها ميداينا،
3. يمكن أن نقعد لمفهوم الحزب السياسي من خلال عناصر أربع: حزب منبثق من رحم المجتمع، حزب مستقل عن أية جهة خارجه، وحزب متعاقد مع المجتمع يقول ما يفعل ويفعل ما يقول سواء في وعوده أو في تنبيهه إلى معيقات الإصلاح عموما، وحزب طامح للوصول إلى السلطة لتنفيذ برنامجه السياسي عند حيازته على التأييد الشعبي الواسع عبر انتخابات حرة ديمقراطية ونزيهة.
في الحلقة القادمة نتطرق إلى مفهوم الإصلاح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.