أحفير.. توقيف شخصين بحوزتهما 5000 قرص مخدر في عملية أمنية مشتركة    "مهرجان الشواطئ" يجمع 200 فنان    تداولات الخميس ببورصة الدار البيضاء    أوقفوا المضاربات التي تستنزف القوة الشرائية للزوار والسياح    ترامب يقلّص إقامة الطلاب والصحافيين    رئيس الجزائر يُنهي مهام الوزير الأول    استدعاء العيناوي والحرار لأول مرة .. الركراكي يكشف قائمة "الأسود"    الركراكي: باب المنتخب مفتوح للجميع .. والهدف الأكبر لقب كأس إفريقيا    أوناحي يوقع رسميا مع جيرونا الإسباني    "البام" يدين استهداف الثوابت الوطنية    موظف أمن يتقدم بشكاية ضد "جبروت"    بوريطة يؤكد التزام المغرب بالحوار مع إسبانيا حول ملف ترسيم الحدود    دراسة: نمط الحياة الصحي في سن الشيخوخة يقي من الخرف        بورصة الدار البيضاء تفتتح تداولات الخميس على وقع الارتفاع                الركراكي يحسم الجدل حول زياش ويؤكد: الباب مفتوح أمام عودته للأسود    برنامج الأغذية العالمي: منظومة الغذاء في قطاع غزة على "حافة الانهيار الكامل"    "سبيس إكس" تطلق 28 قمرا جديدا من "ستارلينك" إلى الفضاء    كرة القدم ..ميسي يقود إنتر ميامي إلى نهائي كأس الرابطتين الأمريكية والمكسيكية    تحديث قواعد "الفار" بعد ركلة حرة مثيرة    اتهامات ثقيلة تلاحق صامويل إيتو وتضع مستقبله على رأس الاتحاد الكاميروني في مهب الريح    الغلوسي يرفض "استغلال" الإعلام الجزائري لتصريحاته ويهدد باللجوء إلى القضاء    لوفيغارو: مجلس الأمن قد يستبدل "المينورسو" ب"المنساسو" في أكتوبر المقبل لحل نزاع الصحراء    واتساب تطلق مساعدا للكتابة بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي    ناشطون مغاربة يدعمون بسفينتين "أسطول الصمود العالمي" المتجه لغزة    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    لذاك المسمار في الصدأ الصدارة / 5من5    دفاعًا عن التصوف المغربي الأصيل بيان صادر عن جمعية مولاي عبد السلام بن مشيش للتنمية والتضامن    غروب فرنسا    كيوسك الخميس | سحب دواء "لوديوميل" من الصيدليات لمخالفته معايير الجودة    جمعية الإعلام والناشرين: مقالات "لوموند" وصمة عار لن تُمحى في تاريخها            الشاف المغربي أيوب عياش يتوج بلقب أفضل صانع بيتزا في العالم بنابولي    أحمد المصباحي يتألق على مسرح The Voice Suisse    في القيصر – لا مكان لا زمان سلوم حداد يعيد إلى الأذهان وجه أمني يعرفه السوريون جيداً    تصفيات مونديال 2026.. مباراة الأسود ضد النيجر ستجرى بشبابيك مغلقة    المغاربة يغيرون وجهتهم نحو السيارات الصينية.. الجودة والسعر كلمة السر    أسئلة حارقة فجرها الإحصاء الوطني للماشية الجديد تفرض أجوبة مقنعة    إلياس الحسني العلوي.. شاعر شاب يقتحم المشهد الأدبي ب "فقيد اللذة"    "من صبرا وشاتيلا إلى غزة" .. عندما كتب الفيلسوف الفرنسي دولوز دفاعا عن الشعب الفلسطيني قبل أربعين عاما    أمن طنجة يوقف شخصين متورطين في سرقات بالعنف استهدفت نساء    شراكة استراتيجية بين مؤسسة طنجة الكبرى والمعهد الفرنسي خدمةً للشباب والثقافة    الحسيمة.. افتتاح قاعة رياضية متعددة التخصصات لفائدة موظفي الأمن الوطني    كيف تحوّل "نقش أبرهة" إلى أداة للطعن في قصة "عام الفيل"؟    الزاوية الكركرية تنظم الأسبوع الدولي السابع للتصوف بمناسبة المولد النبوي الشريف    اضطراب النوم يضاعف خطر الانتكاسات لدى مرضى قصور القلب (دراسة)        اختتام الدورة الثانية لمهرجان الموروث الثقافي بجماعة الحوزية بايقاعات روحانية و عروض للتبوريدة    تقرير أممي: ربع سكان العالم يفتقرون إلى مياه شرب آمنة    الصين تحقق سابقة عالمية.. زرع رئة خنزير معدل وراثيا في جسد بشري    ينقل فيروسات حمى الضنك وشيكونغونيا وزيكا.. انتشار بعوض النمر في بلجيكا    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شباب “تمازيرت” والفعل الحزبي..، ولهذا تخليت عن الفكرة الحزبية قبل أن أبدأ؟
نشر في تيزبريس يوم 11 - 02 - 2019

ليعذرني الأنثروبولوجي “عبد الله حمودي” وأقتبس منه مصطلحي “الشيخ والمريد” للتعبير عن واقع نسق ثقافي للأحزاب في مجتمعنا المغربي، وأشير بهذا إلى فئة من بني جلدتنا تتخذ هذا منطلقا في تعاملها مع “الآخر”، وتصرف طاقاتها الافتراضية والواقعية لمناصرة “شيوخ” الأحزاب السياسية وما يصدر عنها من كلام يصل حد التناقض في مجمله، ولأجله تناصب العداء للإخوة والأصدقاء والجيران في وسط قروي لم يتشرب بعد الفكرة الحزبية، ولم يرق بعد إلى مستوى خلق فضاءات النقاش وتقدير الاختلاف وتعدد الرؤى والأفكار.
إني هنا أكتب معاتبا الفئات الشابة بشكل خاص من عالمنا القروي، والذين يلزمهم صرف طاقاتهم نحو التثقيف الذاتي والتحصيل العلمي والمعرفي والتكوين المهني، بما ينفع الأفراد، وبالشكل المنتظر من جيل الألفية الحالية، في أفق طاقات شبابية مواطنة تتوق للنماذج التنموية الناجحة، بنفس نقدي، في وسط مليء بالتغير والتفكك.
لا أحد يروقه أن يستيقظ شباب في مقتبل العمر وبكامل طاقاتهم العقلية والبدنية والنفسية، ليتصفحوا الفضاء الأزرق، ويكتبوا بكل صفاقة سبا وشتما في حق أصدقائهم الذين “يشاركونهم الطعام والشراب”، في شأن “زعامات” تلوك الكلمات، وتبتسم لبعضها سرا، وتدغدغ العواطف، وتقول اليوم الكلام الذي تتراجع عنه غدا، فيظل الشباب في لهو مع هذا وذاك دون الاشتغال بالأهم، وهو مشترك تمازيرت/الوطن.
إن العقل البشري اخترع الأحزاب السياسية كأدوات لتداول السلطة، وتنفيذ البرامج في مراحل التدبير والفعل العام، وفضاءات للحوار وعلامات تدل على النضج المجتمعي والتحضر، وخروج المجتمعات من حالة “التوحش” –بتعبير ابن خلدون- إلى حالة التحضر، ومن يبخسها، يجعل نفسه محط سخرية واستهزاء، ذلك أنه يود دحض مسار فكر إنساني متراكم، ومخاض فلسفي عسير، قبل أن يتم الاهتداء إلى هذه الصيغ في تداول السلطة تميزا عن الكائنات الحيوانية العجماء التي تنصرف بغريزتها الأصلية القوية نحو الصراع المميت والقاتل، للتربع على عرش التجمعات الحيوانية.
ويحصل أن يحتضن مجتمعنا فئة خاصة من هواة التصنيف، وهي بالتأكيد تبدع في وضع قوالب جاهزة لكل من يدب على الأرض، وهو أمر ابتلينا به في مجتمع تستهويه التفاصيل الدقيقة للإنسان سيما الفضائح منها، ومحاولة تتبع تفاصيله اليومية، ومنها بطبيعة الحال أفكاره وميولاته، إن وجدت، فإن لم توجد ألبس فكرا أو وصفا يتماشى والظروف التي تحقق المراد، وهي بالتأكيد تحشر الناس وتضيق عليهم، وتدفعهم نحو الإقصاء والأحادية المقيتة.
لم أستسغ يوما التحامل على أولئك الذين اختاروا الاصطفاف في حزب من الأحزاب السياسية ووضع قوالب جاهزة لهم، تحيل بينهم وبين الفعل المدني والاجتماعي والثقافي، كما أنني في الآن نفسه، لم أرض الطعن بالأوصاف القدحية في أولئك الذين نأوا بأنفسهم عن أي اصطفاف حزبي. فكل يتمتع بحرية الاختيار، واليوم، أجدني قريبا إلى الفئة الثانية، متحدثا بمنطق غالبيتها، لأسباب شخصية وموضوعية عدة، أذكر منها ما يلي:
أولا: مشاكل الأحزاب المغربية اليوم باتت لا تسر صديقا ولا عدوا، فهي أكبر من أن تحصى، وجلها يمكن أن تكون منفرة للشباب في انخراطهم بالعمل الحزبي، ويعزف عن كل ما يتصل بها، وهو أمر مؤسف، في مجتمع يتوق لبناء مؤسسات للحوار والتأطير وتقويتها، للحاق بركاب التحولات العالمية الرهيبة.
ثانيا: إن النتائج التي وصلنا إليها اليوم، من خلال نخب حزبية مهترئة، ونقاش حزبي يمتح من الرداءة والانتهازية، وأدوات حزبية تدبيرية مضحكة حينا ومبكية أخرى، في ضعف شديد للبرامج الجادة، والتأطير الفاعل، يجعل من واقعنا الحزبي مجالا منفرا للشاب ويدفعهم لركوب صهوة العزوف.
ثالثا: يُقال إن الفعل الحزبي أنشئ بالمدينة، ومنها يتطور، ويجد البيئة المناسبة له، منذ “أفلاطون”صاحب “المدينة الفاضلة”، مرورا بالأحزاب على شكلها الحالي في نصف القرن 19م إلى حدود واقعنا الحاضر…
رابعا: مثلنا الذي تشرب الثقافة البدوية بكل ما لها من حمولة قيمية، لا يستهوي التنظيمات الحزبية، بل تحاول جعله كعجلة “سوكور” تستعين به متى شاءت، وتلفظه متى أرادت..، ومن ثمة ينظر إليه على أنه مفتاح الغنائم المفترضة، وهذا سبب من أسباب العزوف أيضا.
خامسا: يبقى الاختيار بين طريق العلم والمعرفة أكثر نقاء وصفاء، إن أزيلت أمامه مظاهر التحزب، والاستقطاب. ويمتد ذلك لبناء الثقة بين الفاعل الثقافي وبين الجمهور متعدد المشارب.
وعليه، اخترنا النزول من سفينة الحزبية حتى قبل أن تنطلق، واخترنا أن نظل هكذا، بلا عناوين وألقاب، لما في هذا الوضع من تجرد كاف مع الذات ومع الآخر، واستراحة من منطق القولبة التي تنخرنا، وتقف بطريق الإبداع والابتكار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.