قيادات "الأحرار" تلتئم بالداخلة.. تنويه بمنجزات الصحراء وحصيلة الحوار الاجتماعي    الأميرة للا أسماء تترأس بواشنطن حفل توقيع مذكرة تفاهم بين مؤسسة للا أسماء وجامعة غالوديت    جهة الداخلة-وادي الذهب.. الوزير البواري يتفقد مدى تقدم مشاريع كبرى للتنمية الفلاحية والبحرية    تعاف قوي لصادرات المندرين المغربي بعد سنوات الجفاف.. وروسيا في صدارة المستوردين    إسرائيل تهاجم بنيات عسكرية سورية    ولادة طفلة "بلا دماغ" بقطاع غزة ومطالب بالتحقيق في الأسلحة المحرمة التي تستعملها إسرائيل (فيديو)    توقيع اتفاقية إطار بشأن الشراكة والتعاون من أجل تطوير الحكومة الإلكترونية وتعميم استخدام ميزات الهوية الرقمية    إجهاض محاولة للتهريب الدولي للمخدرات وحجز طنين من الشيرا بمعبر الكركارات    حادثة سير بين بوعرك وأركمان ترسل سائق "تريبورتور" ومرافقه للمستعجلات    حين تصبح الحياة لغزاً والموت خلاصاً… "ياقوت" تكشف أسراراً دفينة فيلم جديد للمخرج المصطفى بنوقاص    رئيس برلمان دول الأنديز : أحب المغرب .. رسالة مؤثرة من قلب مراكش إلى العالم    الدار البيضاء تطلق قطبا تكنولوجيا جديدا بسيدي عثمان    أشغال تجهيز وتهيئة محطة تحلية مياه البحر بالداخلة تبلغ نسبة 60 بالمائة    شركة FRS DFDS تعلن عن موعد توقف استغلالها لخط "طريفة – طنجة المدينة"    بعد مقال "شمالي".. مجلس جماعة طنجة يؤجل التصويت على منح 45 مليون سنتيم لجمعية مقرّبة من نائبة العمدة وهذه أبرز النقاط المصادق عليها    جماهير الوداد الرياضي والجيش الملكي مع موعد تاريخي    هل يتجه حزب العدالة والتنمية إلى الحظر بعد أن تحول إلى جماعة إسلامية حمساوية    سوريا.. السلطات تعتبر القصف الإسرائيلي لمنطقة قريبة من القصر الرئاسي بدمشق "تصعيدا خطيرا"    توقيع اتفاقية إطار بشأن الشراكة والتعاون من أجل تطوير الحكومة الإلكترونية وتعميم استخدام ميزات الهوية الرقمية    لهذه الأسباب سيغيب الدولي المغربي مزراوي عن فريقه … !    يونس مجاهد: مجالس الصحافة وضعت للجمهور وليست تنظيمات بين-مهنية    الجامعة الملكية المغربية تكرم المنتخب الوطني النسوي المتوج بكأس الأمم الإفريقية للفوتسال    بسبب اختلالات رياضية.. الجامعة الملكية تصدر قرارات التوقيف والغرامة في حق عدد من المسؤولين    رغم القطيعة الدبلوماسية.. وفد برلماني مغربي يحل بالجزائر    مخاريق: لا يأتي من بنكيران سوى الشر.. وسينال "العقاب" في الانتخابات    توقعات أحوال الطقس في العديد من مناطق المملكة اليوم الجمعة    لبنان يحذر حماس من استخدام أراضيه للقيام بأي أعمال تمس بالأمن القومي    الفنان محمد الشوبي في ذمة الله    الصحة العالمية تحذر من تراجع التمويل الصحي عالميا    حقوقيون يسجلون إخفاق الحوار الاجتماعي وينبهون إلى تآكل الحريات النقابية وتنامي القمع    اللاعب المغربي إلياس أخوماش يشارك في جنازة جدته بتطوان    "إغلاق أخضر" في بورصة البيضاء    دراسة: هذه الأطعمة تزيد خطر الوفاة المبكرة    دراسة: مادة كيمياوية تُستخدم في صناعة البلاستيك قتلت 365 ألف شخص حول العالم    في كلمة حول جبر الأضرار الناجمة عن مآسي العبودية والاتجار في البشر والاستعمار والاستغلال بإفريقيا: آمنة بوعياش تترافع حول «عدالة تعويضية» شاملة ومستدامة    «غزة على الصليب: أخطر حروب الصراع في فلسطين وعليها»    "موازين" يعلن جديد الدورة العشرين    كلية الآداب بالجديدة وطلبتها يكرمون الدكتورة لطيفة الأزرق    عبد الله زريقة.. علامة مضيئة في الشعر المغربي تحتفي به "أنفاس" و"بيت الشعر"    سفينة مساعدات لغزة تتعرض لهجوم بمسيرة في المياه الدولية قرب مالطا    للمرة الخامسة.. مهمة سير فضائية نسائية بالكامل خارج المحطة الدولية    العرائش تسجل أعلى نسبة تملك.. وطنجة تتصدر الكراء بجهة الشمال    رسالة مفتوحة إلى السيد محمد ربيع الخليع رئيس المكتب الوطني للسكك الحديدية    كوريا: الرئيس المؤقت يقدم استقالته لدخول سباق الانتخابات الرئاسية    خُوسّيه سَارَامَاغُو.. من عاملٍ فى مصنعٍ للأقفال إلى جائزة نوبل    الذهب يتعافى بعد بلوغ أدنى مستوى في أسبوعين    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة: المغرب يستهل مشواره بفوز مثير على كينيا    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    كرة القدم.. توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    الزلزولي يساهم في فوز بيتيس    منتجو الفواكه الحمراء يخلقون أزمة في اليد العاملة لفلاحي إقليم العرائش    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صاحب الجلالة يدعو إلى المحافظة على شجرة الأركان باعتبارها ثروة مغربية أصيلة
نشر في تيزبريس يوم 30 - 07 - 2010

دعا صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، اليوم الجمعة، في خطاب العرش الذي وجهه جلالته للأمة بمناسبة الذكرى الحادية عشرة لتربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين إلى المحافظة على رصيدنا النباتي والغابوي، ولاسيما شجرة الأركان; باعتبارها ثروة فلاحية مغربية أصيلة، ومن مقومات منظومتنا الإيكولوجية، وذلك بدعم مواصلة إنجاز مخطط المغرب الأخضر، ضمن منظورنا التضامني والبيئي والمجالي... . هذا المنظور الهادف إلى تنمية مناطق الواحات، بتوسيع المساحات المغروسة بالنخيل. وفي ما يلي نص الخطاب الملكي السامي...
" الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
شعبي العزيز،
نخلد اليوم، الذكرى الحادية عشرة لاعتلائنا العرش. وهي مناسبة مجيدة لتجديد أواصر البيعة المتبادلة، والإجماع الوطيد على ثوابت المغرب، في وحدة الوطن والتراب والهوية; وعلى مقدسات الأمة، التي نحن، كأمير للمؤمنين، لها ضامنون; عقيدة إسلامية سمحة، بخصوصيتها المغربية، القائمة على المذهب السني المالكي، والاحترام المتبادل بين الأديان السماوية، والانفتاح على الحضارات.
وقد ارتأينا أن نكرس خطابنا لهذه السنة، للوقوف الموضوعي، على ما قطعناه من أشواط متقدمة; وما يتعين إزاحته من معيقات، ورفعه من تحديات; لاستكمال مقومات النموذج التنموي الديمقراطي، الذي أردناه مغربيا متميزا. عماده تنمية متناسقة، مرتكزة على نمو اقتصادي متسارع، يعزز التضامن الاجتماعي; وقوامه تنمية مستدامة، تراعي مستلزمات الحفاظ على البيئة ومنهجه الحكامة الجيدة.
ومن هذا المنطلق، أقدمنا، منذ تولينا أمانة قيادتك، على انتهاج تحول نوعي في مسارنا التنموي; باعتماد اختيارات صائبة وناجعة تقوم على أربع دعامات أساسية :
أولاها : قيام الدولة، تحت قيادتنا، بدورها الاستراتيجي في تحديد الاختيارات الأساسية، والنهوض بالأوراش الكبرى والتحفيز والتنظيم وتشجيع المبادرة الحرة والانفتاح الاقتصادي المضبوط.
أما الدعامة الثانية فهي توطيد الصرح الديمقراطي; إذ ما فتئنا نعمل على ترسيخ دولة القانون، واعتماد إصلاحات حقوقية ومؤسسية عميقة، وتوسيع فضاء الحريات، والممارسة السياسية الناجعة، القائمة على القرب والمشاركة.
بيد أن هذه المكاسب السياسية، على أهميتها، ستظل شكلية، ما لم تقترن بالنهوض بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لمواطنينا، وبتوطيد التضامن; وجعلهما محورا للسياسات العمومية.
ومن هنا تبرز ضرورة الدعامة الثالثة، القائمة على جعل المواطن في صلب عملية التنمية. وهو ما جسدناه في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي حققت على مدى خمس سنوات، نتائج ملموسة في محاربة الفقر والإقصاء والتهميش; وذلك ما يحفزنا على مواصلة تطوير برامجها بالوقوف الميداني والتقويم والتعميم، لتشمل كافة المناطق والفئات المعوزة.
أما الدعامة الرابعة، فهي تمكين الاقتصاد الوطني، من مقومات التأهيل والإقلاع، بتوفير التجهيزات الهيكلية، واعتماد مخططات طموحة، أخذت تعطي ثمارها الملموسة، على المستويات الاستراتيجية، والقطاعية والاجتماعية.
فعلى المستوى الاستراتيجي، أتاحت هذه التجهيزات والمخططات، تحديث اقتصادنا، والرفع من إنتاجيته وتنافسيته، ومن حجم الاستثمار العمومي، وإقامة أقطاب للتنمية الجهوية المندمجة.
كما مكنت بلادنا، من إطار قار وواضح للتنمية الاقتصادية، ومن الصمود في وجه تداعيات الأزمة المالية العالمية; فضلا عن ترسيخ موقع المغرب، كوجهة محفزة للاستثمارات المنتجة، ومحور أساسي للمبادلات التجارية، الجهوية والعالمية.
وبنفس الإرادة والطموح، فإننا عازمون على مواصلة إنجاز التجهيزات الكبرى، بكل مناطق المملكة; تعزيزا للتقدم الذي حققه المغرب، في مجالات توسيع شبكات ومحطات النقل والمواصلات، وإقامة مناطق حرة، وأقطاب صناعية مندمجة، وإنجاز مركبات مينائية كبرى، وفي صدارتها مركب طنجة-المتوسط، الذي جعلنا منه، في ظرف وجيز، قطبا استراتيجيا، صناعيا وتجاريا واستثماريا، يحظى بثقة شركائنا.
أما على المستوى القطاعي، فإننا نحث الحكومة والبرلمان، وكافة الفاعلين، على مضاعفة الجهود للتطبيق الأمثل لكل الاستراتيجيات التنموية.
ففيما يخص الفلاحة، فإننا إذ نحمد الله تعالى، على ما من به على بلادنا من أمطار الخير، جعلتنا نحقق موسما زراعيا جيدا، نؤكد عنايتنا بالعالم القروي، بدعم مواصلة إنجاز مخطط المغرب الأخضر، ضمن منظورنا التضامني والبيئي والمجالي. هذا المنظور الهادف إلى تنمية مناطق الواحات، بتوسيع المساحات المغروسة بالنخيل، والمحافظة على رصيدنا النباتي والغابوي، ولاسيما شجرة الأركان; باعتبارها ثروة فلاحية مغربية أصيلة، ومن مقومات منظومتنا الإيكولوجية.
أما قطاع الصيد البحري، فإن نظرتنا المستقبلية لتطويره، ترتكز على جعل الاستثمار في تربية الأسماك محورا لمخطط "أليوتيس"; وموردا جديدا، يعزز تحديث وعقلنة استغلال ثرواتنا السمكية.
وفي ما يتعلق بالسياحة، فإن النقلة النوعية، لتفعيل رؤية 2010، ولاسيما بارتفاع عدد السياح إلى أزيد من تسعة ملايين وافد، تشكل خير محفز للانخراط في الرؤية الجديدة للعشرية القادمة 2010-2020.
وبنفس روح المبادرة، يجب الدفع بمخطط "إقلاع"، بالإقدام على صناعات ومهن جديدة، ذات صبغة عالمية; بموازاة مع تسهيل إحداث المقاولات، وخاصة منها الصغرى والمتوسطة.
أما قطاع السكن، فإن المجهود التحفيزي الكبير، الذي تبذله الدولة، يتطلب انخراط كافة الفاعلين، والتزام السلطات الحكومية المعنية، بالحزم والفعالية، والتطبيق الصارم للقانون، وتركيز جهودها لتحقيق ما نتوخاه، من تمكين ذوي الدخل المحدود، وقاطني الأحياء الصفيحية، من الحصول على سكن اجتماعي لائق، وفق برامج مضبوطة.
وتظل غايتنا المثلى من الأوراش التنموية، ليس فقط تحفيز الاستثمار والمبادرة الحرة; وإنما بالأساس، تأثيرها الإيجابي على تحسين ظروف العيش لمواطنينا، خاصة المعوزين منهم، وتوفير فرص الشغل للشباب.
شعبي العزيز،
إن النتائج المشجعة، التي بلغتها المخططات القطاعية، لا ينبغي أن تحجب عنا كونها ستظل محدودة النجاعة، بدون إزاحة ثلاثة عوائق رئيسية. وفي مقدمتها ضعف التنافسية; مؤكدين على ضرورة التفعيل الأمثل للاستراتيجية الوطنية للمناطق اللوجستيكية.
أما العائق الثاني، فيتعلق باختلال تناسق حكامة هذه المخططات، الذي يجب إزاحته باعتماد الآليات اللازمة لتفاعلها; ضمن منظور استراتيجي مندمج; لا مجال معه للنظرة القطاعية الضيقة.
ويظل العائق الثالث، بل التحدي الأكبر، هو تأهيل الموارد البشرية. وهنا تجب المصارحة بأنه من مسؤولية الجميع، الإقدام على اتخاذ قرارات شجاعة، لتحقيق الملاءمة بين التكوين العلمي والمهني والتقني، وبين مستلزمات الاقتصاد العصري، وتشجيع البحث العلمي والابتكار، والانخراط في اقتصاد ومجتمع المعرفة والاتصال.
وبدون ذلك، فإن النظام التعليمي، الذي طالما واجه عراقيل ديماغوجية، حالت دون تفعيل الإصلاحات البناءة، سيظل يستنزف طاقات الدولة، ومواهب الفئات الشعبية، في أنماط عقيمة من التعليم، تنذر بجعل رصيدنا البشري عائقا للتنمية، بدل أن يكون قاطرة لها.
شعبي العزيز،
مهما بلغ نموذجنا التنموي من تطور، فإنه يتعين على الجميع، خاصة في سياق الأزمة العالمية، مضاعفة التعبئة واليقظة، والاستباق والمبادرة، لتحقيق طموحنا الكبير، للارتقاء بالمغرب إلى المكانة الجديرة به، في مصاف الدول المتقدمة. وهو ما يجعلنا أكثر عزما على تمكين بلادنا من مقومات تنموية ومؤسسية جديدة; كفيلة بتحقيق نقلة حاسمة، نحو الانخراط الإيجابي في العولمة، وفي المسار الجديد للتنمية البيئية الخضراء، وكسب رهانات الحكامة الجيدة، وتوسيع الطبقة الوسطى.
ولن يتأتى ذلك إلا بمواصلة الإصلاحات، والانخراط في التوجهات الأربعة التالية :
أولها : النهوض بالتنمية المستدامة، وفي صلبها المسألة البيئية; باعتبارها قوام النمو الأخضر والاقتصاد الجديد; بما يفتحه من آفاق واسعة، لانبثاق أنشطة مبتكرة، واعدة بالتشغيل.
ومن هنا، ندعو الحكومة لتجسيد التوجهات الكبرى للحوار الواسع، بشأن إعداد ميثاق وطني لحماية البيئة والتنمية المستدامة، في خطة عمل مندمجة، بأهداف مضبوطة، وقابلة للإنجاز في كل القطاعات.
وبموازاة ذلك، نحث الحكومة على بلورة هذا الميثاق في مشروع قانون-إطار، نريده مرجعا للسياسات العمومية لبلادنا.
وفي هذا الصدد، ينبغي الانخراط القوي في تنفيذ استراتيجية النجاعة الطاقية، لاسيما الطاقات المتجددة والنظيفة; وذلك بمواصلة الاستغلال الأمثل للطاقة الريحية، وتعميم محطاتها على كل المناطق الملائمة ببلادنا.
وفي نفس السياق، يتعين الإقلاع القوي بمشروعنا الكبير، لإنتاج الطاقة الشمسية، الذي رصدنا له وكالة مختصة، واستثمارات ضخمة; داعين لمضاعفة الجهود، لجلب شراكات مثمرة، لإنجاز هذا المشروع الرائد عالميا.
كما يجب استثمار المكاسب المشهود بها للمغرب، في مجال السدود، وتعزيزها بسياسة جديدة للماء، تقوم على تعبئة موارده، وعقلنة استعمالها.
أما التوجه الثاني، فهو رفع تحديات الانفتاح والتنافسية، وذلك بالإقدام على الإصلاحات الضرورية، لإعادة هيكلة القطاعات، التي أبانت الأزمة العالمية عن محدوديتها; والاستفادة من بوادر انتعاش الاقتصاد العالمي.
كما يجب الحفاظ على التوازنات الاقتصادية الأساسية، وترشيد الإنفاق العمومي، وتحديث الإطار القانوني المحفز في مجال الأعمال; وكذا حسن استثمار مصداقية القطاع البنكي والمالي الوطني، والثقة التي يحظى بها المغرب كقطب لحركة رؤوس الأموال، والاستثمارات العالمية.
ويتعلق التوجه الثالث، بتوطيد الحكامة الجيدة; التي نحن عازمون على مواصلة إنجاز ما تقتضيه من إصلاحات تنموية ومؤسسية وسياسية. وفي صدارتها الجهوية الموسعة; التي لا نعتبرها فقط نمطا جديدا للحكامة الترابية، وإنما هي في العمق، إصلاح وتحديث لهياكل الدولة.
وبموازاة مع انشغالنا البالغ بإصلاح القضاء، عماد سيادة القانون، ليأخذ وجهته الصحيحة، وفق جدولة مضبوطة; فإننا حريصون على حسن انطلاق المجلس الاقتصادي والاجتماعي، ليساهم في توطيد الحكامة التنموية الجيدة.
أما التوجه الرابع، فهو تركيز السياسات العمومية على توسيع قاعدة الطبقة الوسطى; باعتبارها ركيزة للتوازن الاجتماعي والتنمية والتحديث.
شعبي العزيز،
إن ترسيخ مكانة المغرب، وإشعاعه الجهوي والدولي، يقتضي تعميق التكامل بين السياستين الداخلية والخارجية، ومواصلة انتهاج دبلوماسية فعالة، لتمتين انفتاح بلادنا على محيطها، خدمة لمصالحها العليا.
واعتبارا لانتمائه المتعدد، فإن المغرب يعطي الأسبقية في علاقاته الخارجية، لجواره ولمحيطه القريب والمتنوع; عاملا على جعل رهاناته المتعددة، فرصا حقيقية، يتعين استثمارها، لخدمة المصالح الجوهرية لكل شعوب المنطقة.
وإذ نعتبر الاندماج المغاربي تطلعا شعبيا عميقا، وضرورة استراتيجية وأمنية ملحة، وحتمية اقتصادية، يفرضها عصر التكتلات; فإننا حريصون على مواصلة التشاور والتنسيق، لتعميق علاقاتنا الثنائية مع الدول المغاربية الشقيقة. وذلك في انتظار أن تتخلى الجزائر، عن معاكسة منطق التاريخ والجغرافيا والمشروعية، بشأن قضية الصحراء المغربية، وعن التمادي في مناوراتها اليائسة، لنسف الدينامية، التي أطلقتها مبادرتنا للحكم الذاتي لأقاليمنا الجنوبية.
هذه المبادرة المقدامة التي تظل مقترحا واقعيا، يتسم بروح الابتكار والتوافق، لإيجاد حل نهائي لهذا النزاع الإقليمي، في نطاق منظمة الأمم المتحدة; مؤكدين استعداد المغرب، لمواصلة دعم جهود المنظمة الأممية، وأمينها العام، ومبعوثه الشخصي.
وفي جميع الأحوال، فإن المغرب سيظل مدافعا عن سيادته، ووحدته الوطنية والترابية، ولن يفرط في شبر من صحرائه.
وسنمضي قدما في تفعيل الرؤية الطموحة، التي حددناها في الخطاب الأخير للمسيرة الخضراء; سواء بجعل الصحراء المغربية في صدارة إقامة الجهوية الموسعة; أو بمواصلة جهودنا الدؤوبة، للتنمية التضامنية لأقاليمنا الجنوبية; أو بحرصنا على إعادة الهيكلة العميقة، للمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية.
كما سنكثف جهودنا، لرفع الحصار عن رعايانا بمخيمات تندوف، وتمكينهم من حقهم المشروع، في العودة إلى الوطن الأم، وجمع شملهم بعائلاتهم وذويهم، طبقا للاتفاقيات الدولية، ذات الصلة.
وتجسيدا لانتمائه الإفريقي، فإن المغرب سيظل وفيا لانتهاج سياسة إفريقية متناسقة; هادفة لتحقيق التنمية البشرية، وتعزيز الأمن الإقليمي; خاصة في إطار التعاون مع بلدان الساحل والصحراء، ومع الدول الإفريقية الأطلسية، لمواجهة المخاطر الأمنية المتعددة.
ووفاء منا لأواصر الأخوة والتضامن، العربي الإسلامي، ما فتئنا نساهم بفعالية في نصرة القضايا العادلة لأمتنا، وفي الجهود الهادفة لإيجاد حل شامل وعادل ودائم، بمنطقة الشرق الأوسط، على أساس حل الدولتين.
ونهوضا بأمانة رئاسة جلالتنا للجنة القدس، كرمز للضمير الجماعي الإسلامي، في الدفاع عن الهوية الأصيلة لهذه المدينة السليبة، وحرمة مقدساتها; نؤكد ضرورة تضافر كل المبادرات والجهود، عربيا وإسلاميا ودوليا، وفق استراتيجية متكاملة ومتناسقة، وتحرك عالمي تضامني; انطلاقا من قرارات الشرعية الدولية، للتصدي الحازم للانتهاكات، والمخططات التوسعية الإسرائيلية المتمادية، في سياسة فرض الأمر الواقع، ومحاولات الاستفراد الإسرائيلي بمصير القدس الشريف.
ومن هنا، سنواصل الدفاع عن طابعها الروحي والحضاري والقانوني، كعاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة.
كما نجدد حرص المغرب على الالتزام بتطوير الشراكة الأورو-متوسطية الواعدة، والوضع المتقدم مع الاتحاد الأوروبي، الذي يتطلب تعبئة جميع السلطات والفعاليات الوطنية، في نطاق عمل جماعي ومتناسق، لتحديد فضاءاته، ومداه، ووتيرته; بغية الاستثمار الأمثل لما يتيحه من فرص.
وعلاوة على انشغالاته الإقليمية، ما فتئ المغرب يعمل على تطوير وتنويع شركائه; ولاسيما من خلال اتفاقيات متعددة الأبعاد، خاصة منها اتفاقيات التبادل الحر، والشراكات التعاقدية والتفضيلية.
كما أن بلادنا تضع في صدارة أسبقياتها، الانخراط القوي في الإجماع الدولي المتجدد، من أجل انبثاق حكامة عالمية إنسانية، قائمة على الإنصاف، والمسؤولية، والتشارك.
شعبي العزيز،
في هذا اليوم المجيد، نستحضر، بكل إجلال وترحم وخشوع، الأرواح الطاهرة لرواد التحرير والاستقلال وبناء صرح دولتنا الحديثة; جدنا ووالدنا المنعمين، جلالة الملكين محمد الخامس، والحسن الثاني، أكرم الله مثواهما، وكافة شهداء الوطن الأبرار.
كما نوجه إشادة خاصة، للقوات المسلحة الملكية، والدرك الملكي، والأمن الوطني، والإدارة الترابية، والقوات المساعدة، والوقاية المدنية، على تفانيهم، تحت قيادتنا، في الدفاع عن حوزة الوطن وسيادته وأمنه، وإسهامهم في عمليات الإغاثة الإنسانية.
وإذ ننوه بالعبقرية الخلاقة لشعبنا الوفي، وبروح الغيرة الوطنية والمسؤولية العالية لكافة فئاته; نعرب عن اعتزازنا بأفراد جاليتنا المغربية المقيمة بالخارج، لتشبثهم القوي بوطنهم وإقبالهم المتزايد على صلة الرحم بأهلهم وببلدهم، رغم تداعيات الأزمة على بلدان إقامتهم وكذا لانخراطهم الفاعل في تقدمه وفي الدفاع عن قضاياه ومصالحه العليا.
ووفاء لعهدنا المشترك، سنواصل عملنا الجماعي، بكل طموح وثقة لاستكمال بناء مغرب الوحدة والديمقراطية والتنمية. رصيدنا في ذلك، الإرادة الحازمة لخديمك الأول، والتلاحم المتين بين العرش والشعب، الذي شكل عبر تاريخنا الوطني، مصدر قوة لرفع التحديات، في إيمان بوعد الله الصادق : "ولينصرن الله من ينصره، إن الله لقوي عزيز". صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.