في لحظة إنسانية فارقة تعكس عمق الالتزام الأخلاقي والسيادي للمملكة المغربية تجاه القضية الفلسطينية، برز المغرب كالدولة الوحيدة التي اختارت التدخل المباشر على الأرض لتقديم مساعدات إنسانية وطبية عاجلة للفلسطينيين، دون أي وساطة أو اعتماد على منظمات دولية أو غير حكومية. هذه المبادرة، التي تجسّد بوضوح رؤية ملكية إنسانية واستراتيجية، تؤكد مرة أخرى أن المملكة المغربية لا تكتفي بالمواقف الرمزية، بل تترجم تضامنها إلى أفعال ملموسة تُنفّذ بسيادة كاملة وبتخطيط دقيق. خلافًا للعديد من الأطراف الدولية التي تتحرك في سياقات متعددة الأطراف أو عبر قنوات غير مباشرة، اختار المغرب أن يكون على تماس مباشر مع معاناة الفلسطينيين، وأن يُشرف ميدانيًا على إيصال المساعدات إلى مستحقيها عبر مسار خاص وسريع تم تأمينه بعناية فائقة. هذا المسار اللوجستي الاستثنائي مكّن من تجاوز العراقيل المعروفة في إيصال المساعدات، وضَمِن تسليمها في الوقت المناسب، وهو ما يعكس القدرة التنظيمية والسيادية للمملكة في الميدان الإنساني، حتى في المناطق الأكثر حساسية. لكن البُعد الأهم في هذا التحرك المغربي لا يتمثل فقط في السرعة أو المباشرة، بل في الطريقة التي وُزّعت بها المساعدات؛ حيث تم تسليمها للفلسطينيين في ظروف إنسانية راقية، تحترم الكرامة، وتكرّس قيم القرب والتضامن الحقيقي. لم يكن هناك أي مشهد استعراضي، بل كانت لحظات صادقة بين شعبين يرتبطان بعلاقات تاريخية وروحية راسخة. وقد عكست الصور المتداولة هذا الاحترام الكبير الذي أبداه الجانب المغربي في تعامله مع المحتاجين، وهو ما ترك صدىً عميقًا لدى الفلسطينيين أنفسهم الذين عبّروا عن امتنانهم لهذه المبادرة الفريدة. هذه المساعدة ليست مجرد دعم ظرفي، بل هي امتداد لنهج ثابت للمملكة المغربية، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، رئيس لجنة القدس، الذي جعل من الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني محورًا رئيسيًا في السياسة الخارجية المغربية، ومجالًا لتجسيد التضامن الفعلي لا الرمزي. فالمغرب لا يتحدث فقط عن دعم الفلسطينيين، بل يذهب إليهم، يحمل إليهم الدواء والغذاء والدعم، ويوصل إليهم رسالة واضحة: أن هناك بلدًا عربيًا ما يزال يؤمن بقضيتهم ويقف إلى جانبهم بكرامة ومسؤولية. بهذا التدخل، يرسّخ المغرب موقعه كفاعل إقليمي يتمتع بقراره السيادي الكامل، ويقدّم نموذجًا فريدًا في التضامن الإنساني النزيه والفعّال، في وقت باتت فيه الكثير من المواقف تُفرغ من محتواها الإنساني لصالح الحسابات السياسية. المغرب لم يدخل على خط الأزمة بالشعارات، بل بالحضور، وبالأثر، وبالاحترام الكامل لإنسانية الإنسان الفلسطيني.