احمد الشهبي، كاتب ومدون مغربي ما حدث بكلية الآداب بتطوان، حين مُنع الدكتور سعد الدين العثماني من توقيع كتابه وسط شعارات غاضبة وطردٍ مهين، ليس نضالًا ولا موقفًا سياسيًا، بل إهانة صريحة لقيم الجامعة، وللفكر، وللحرية التي طالما تغنّى بها الطلبة أنفسهم. لم ننسَ ما جرى في زمن العثماني. نعم، وقع التطبيع في عهد حكومته، وأصيب جزء كبير من الرأي العام المغربي بالخذلان. لكن الردّ على ذلك لا يكون بالمطاردة، ولا بمنع شخص من التعبير عن نفسه أو تقديم كتاب ألّفه. العثماني ليس فوق النقد، ولا مقدّسًا، لكنه كذلك ليس خصمًا يستحق الإهانة والصفير. الجامعة ليست محكمة شعبية تُصفّى فيها الحسابات، بل فضاء للنقاش، للحوار، للاختلاف الراقي. وإن كانت فئة من الطلبة تعتبر نفسها حاملة لقضية فلسطين، فإن أول ما يجب أن يتقنوه هو فنّ النقاش مع من خالفهم، لا تقمّص دور القامع فقط لأن الخصم السياسي أصبح ضعيفًا. ثم دعونا نكون صرحاء: هذا السلوك لا يخدم فلسطين في شيء، بل يُعطي صورةً عبثية عن نضال طلابي أصبح أداة للتجييش لا للفكر. مَن أراد محاسبة العثماني، فليواجهه بالأسئلة، بالمناظرة، بالوثائق، لا بالطرد من كلية كان من المفترض أن تكون بيتًا مفتوحًا للفكر والاختلاف. السكوت المريب لإدارة الكلية، وعدم صدور أي موقف من الجهات المختصة، يُعطي الانطباع بأن ما حدث مقبول ومُرخص له، وكأننا نعيد الجامعة سنواتٍ إلى الوراء، حيث الصوت الوحيد هو الصوت الغاضب، والنضال يُختزل في منع فلان والسخرية من فلان. نعم، نرفض التطبيع ونرفض التنازلات التي وقعت في تلك المرحلة السياسية، لكننا أيضًا نرفض هذا الشكل الفجّ من رد الفعل، لأنه لا يُنتج وعيًا، بل يُكرّس الكراهية والفراغ. كل التضامن مع الجامعة حين تكون حرة، ومع الطلبة حين يكونون نقديين لا غوغائيين، ومع فلسطين حين تكون قضية وعي لا وسيلة للتنمر.