صراع المخابز والأفران التقليدية .. التقنين يصطدم بالعدالة الاجتماعية    31 قتيلا و2939 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    "الكوديم" يتعاقد مع مومن والذنيبي    بطاريات المستقبل تصنع بالقنيطرة .. المغرب يدخل سباق السيارات النظيفة    مندوبية السجون تقدم روايتها بخصوص وفاة سجين من الحسيمة وعدم اخبار عائلته    رئيس مجلس النواب يستقبل وزراء بجمهورية سلوفاكيا    وزير الشباب والثقافة والتواصل يتوج الفائزات والفائزين بالجوائز في حفل الدورة الثانية لجائزة المغرب للشباب    تنزيلا للتوجيهات الملكية الصادرة عن المجلس الوزاري الأخير.. الحكومة تعلن برنامجا لدعم مربي الماشية وإعادة تشكيل القطيع الوطني    ارتفاع أسعار اللحوم بطنجة مع اقتراب عيد الأضحى وسط تهافت على الأضاحي    بوانو: ملتمس الرقابة ضد الحكومة تم إجهاضه من طرف الاتحاد الاشتراكي    بايتاس يكشف تفاصيل بخصوص العقوبات البديلة    المفتش العام للقوات المسلحة الملكية يستقبل قائد قوة البعثة الأممية بالأقاليم الجنوبية للمملكة    إجهاض محاولة لتهريب شحنة قياسية من الأقراص المهلوسة بالبيضاء    البيضاء.. قاضي التحقيق يقرر متابعة بودريقة في حالة اعتقال    الحكومة تُطلق دعما مباشرا لحماية القطيع الوطني وبرنامجا لتحسين السلالات    استقبال سيء لنهضة بركان بزنجبار    العلمي يلتقي بوزيرين من سلوفاكيا    موريتانيا تغلق "لبريكة" البوابة الخلفية لتسلل البوليساريو نحو المنطقة العازلة.    مقام النصر    مضيان يسائل الحكومة حول تعثر المشاريع الرياضية بإقليم الحسيمة    تشييع جنازة أسرة كاملة في أونان    امطار رعدية مرتقبة بمنطقة الريف والواجهة المتوسطية    بايتاس: تنزيل العقوبات البديلة يستهدف حماية الحقوق والتخفيف على السجون    منصة الرياضة نحو الغد: المغرب يبني المستقبل برؤية ملكية استراتيجية    استشهاد 52 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على غزة وإنذار بإخلاء 14 حيا في شمال القطاع    المخرجة المغربية راندا معروفي تهدي فيلمها لجرادة وترفع علم فلسطين.. «المينة» يتوج بجائزة أسبوع النقد في مهرجان»كان» السينمائي    إطلاق رصاصتين لتحييد مختل عقلي أصاب سائحاً أجنبياً بجروح على مستوى الوجه    مودريتش يرحل عن ريال مدريد عقب كأس العالم للأندية    غرناطة تسحر الحاضرين في الرباط: عرض سياحي يحتفي بالإرث الأندلسي ويعزز الروابط بين المغرب وإسبانيا    المنتخب النسوي U17 يختبر جاهزيته أمام كوريا    مندوبية التخطيط: الفقر متعدد الأبعاد انخفض بشكل شبه شامل بين سنتي 2014 و2024    احتجاجات دولية بعد إطلاق إسرائيل النار باتجاه دبلوماسيين في الضفة الغربية    هشام جيراندو يورط أفراد من عائلته ويتسبب في إدانتهم بالحبس والغرامة    الهدهد والطيور الاثنا عشر .. عرض تربوي فني يوقظ وعي أطفال سيدي مومن    السعودية تجري أول عملية لزرع جهاز ذكي داخل الدماغ في الشرق الأوسط    الكفيف ولذَّة الكفوف    حوار مع سلافوي جيجيك يحذر فيه من "جدران غير مرئية جديدة"    "مجموعة العمل من أجل فلسطين" تطالب بتوضيح رسمي بشأن مشاركة إسرائيل في مناورات "الأسد الإفريقي"    كأس العالم للأندية: فيفا يفتح نافذة انتقالات استثنائية من 1 إلى 10 يونيو    كأس العالم للأندية: مهاجم ريال مدريد اندريك يغيب عن المسابقة بسبب الاصابة    "نساء المحار" في تونس يواجهن خطر التغيرات المناخية و"السلطعون الأزرق"    ناصر بوريطة يقصف بقوة: دبلوماسية الحقيقة تربك عسكر الجزائر وتُسقِط الأقنعة    أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الدرهم ليوم الخميس    مقتل موظفين بسفارة إسرائيل بواشنطن    أمام نظيره الجنوب إفريقي وعلى مسمعه: ترامب يدين 'الإبادة الجماعية' ضد الأقلية البيضاء    من تطوان إلى إشبيلية.. مسيرة فنية تحتفي بجسور الثقافة بين المغرب وإسبانيا    مقتل موظفيْن إسرائيليين في واشنطن    إسبانيا تراقب عن كثب تقارب المغرب وكوريا الجنوبية بشأن قضية الصحراء    مدرب نهضة الزمامرة: الزعيم استحق التأهل إلى ربع نهائي كأس العرش    وزير الصحة المغربي يجري مباحثات ثنائية مع المدير العام لمنظمة الصحة العالمية    باحثون بريطانيون يطورون تقنية جديدة تسرع تشخيص أورام الدماغ    لإيقاف السرطان.. التشريح المرضي وطب الأشعة الرقمي أسلحة مدمرة للخلايا الخبيثة    البرازيل في ورطة صحية تدفع المغرب لتعليق واردات الدجاج    في مجاز الغيم: رحلة عبر مسجد طارق بن زياد    المغاربة... أخلاق تُروى وجذور تضرب في عمق التاريخ    تلك الرائحة    من المغرب.. مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة"    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بطلان عبادات المغاربة؟
نشر في أكادير 24 يوم 08 - 10 - 2014

أود في هذه العجالة أن أطرح بعض الاسئلة على الذين ينتقدون تدبير الشأن الديني في المغرب ويدعون احتكار المعرفة الدينية وبالخصوص ما صرح به بابا الأزهر أمين عام الفتوى فيما يتعلق ببعض الممارسات والعبادات والطقوس الدنية المغربية. فبطل وأنكر هذا الإنسان صوم المغاربة ليوم عرفات واحتفالهم بعيد الأضحى وأخرج المغاربة عن إجماع المسلمين كأن المغاربة والمسلمون في جميع أنحاء العالم يعيشون في مصر أو السعودية. ولقد عايشت شخصيا في بيروت حالات فرق بدأت الصوم في يوم وبدأته فرق أخرى في اليوم التالي, بل إننا نشاهده باستمرار كل سنة تختلف فيه البلدان الإسلامية في مواقيت بعض الشعائر ويقع الخلاف حى داخل بلد واحد. والغريب أن الضجة لم تثر إلا في الآونة الأخيرة لكثرة المتفيقهين في الدين والمهوسين بالسيطرة المركزية وإعادة حلم ما سموه بالخلافة الإسلامية لعل وعسى يتربع أحد منهم على سراب الماضي..
فأبدأ بالقول :ماذا لو انتقل بعض البشر ومنهم المغاربة إلى المريخ أو إلى أحد الكواكب الأخرى وأخذوا معهم القرآن وأخفى بعضهم بعض "الصحاح" ووجدوا هناك أناس آخرين وضوء الشمس لا يغيب ولا يوجد نظام الشهور والسنين والأيام كما نعرفها على ألأرض كيف سيتم احتساب المواقيت؟ وكيف سيكون الصوم والصلاة والأعياد؟ ونفترض أن الدولة القائمة هناك تضمن حرية المعتقد وتعتبر الدين مسألة شخصية والعرب والمسلمون لا يشكلون فيها الأغلبية. ونفترض أيضا أن الاتصالات مع الأرض مفقودة كما تنعدم في كوكب الهجرة المواشي والحبوب. فما العمل بالنسبة للأضاحي والأعياد مع قراءة المسلمين منهم " فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ‌ فَلْيَصُمْهُ ۖ" وهم لم يشاهدوا الشهر ولا هم يعرفون ما هو الشهر؟ كيف سيحجون وما هي الأضاحي والهدي عندهم علما انه لا يوجد محتاجون وفقراء وزيادة لم يتعاملوا بأي عملة ، كيف تكون الزكاة؟ ألا بد لهم من فتيا المتفيقهين في الازهر والسعودية وباكستان وايران وفقهاء الأحمدية والدولة الإسلامية التي لا وجود لها؟
لم يكن المغاربة يقصدون عند بناء الازهر أن تفرخ كهنوتا يشرع الوصاية عليهم والمغرب سيد مصيره في الدين والسياسة والوجود. المعرب مستقل منذ زمن بعيد في كل أموره حتى عندما اعتنق أهله الديانة اليهودية وبعدها المسيحية وبعدها الإسلام. لم يحكم الخلفاء أبدا المغرب والأمويون والعباسيون قد حاولوا ولم يتمكنوا خلسة وضل البلد مستقلا بكيانه المميز وفهمه للدين وممارساته له، بل إن إمارة المومنين خاصة به لا لغيره من الدول الإسلامية القائمة الآن.
يحظى المغرب بعلماء اجلاء في جميع الميادين ولا احد يضاهيه في تدبير الشأن الديني منذ القدم. الكتاتيب القرآنية في كل مكان، الدراسات الشرعية والتأليف في شتى العلوم الشرعية متوفرة وتدرس في الجامعات والمدارس والمعاهد التي لا تحصى، ناهيك عن الموروث الثقافي والعلمي والديني من جهابذة أحفاد بناة الأزهر والقرويين والزيتونة وووو….أيتتجرأ بعض تجار الدين في الأزهر وفي المغرب وفي كل مكان أن يصرحوا بعدم جواز ما يقوم به 50 مليون مغربي في التعبير عن عباداتهم؟ وما بال القرون الاولى؟ أيعقل أن كل ما قام به المغاربة باطل ولا يجوز شرعا لمدة أربعة عشر قرنا من الزمن؟ أفعلا نحن خارجين عن جماعة المسلمين؟ ثم أين هي هذه الجماعة التي خرجوا عنها؟ مواقيت الصلاة تحددها الشمس والزوال في السعودية غير الزوال في اليابان وفي المغرب وفي امريكا والمواقيت في امريكا يختلف من منطقة إلى منطقة. وهل يجوز أن يصلي المغاربة بأوقاتهم ويصوموا بها؟
اللهم إن هذا منكر. ثم أين ورد العيد في القرآن؟ الصوم فريضة لا شك، لكن العيد؟ ُثم هل السعودية هي المعيار؟ ونفترض أن أهل الجزيرة العربية أصبحوا محتلين من قبل هولاكو جديد ومنع هذا الأخير كل مظاهر الدين. او نهم أخطئوا في الحساب، أيتبع المغاربة فتاوي دواعش الأزهر كما سماهم البعض؟ و سمى السيد الريسوني الفقيه الذي لا يطيق وزارة الاوقاف المغربية وزيرنا للأوقاف ب"بوكو حرام" كأني به يسعى إلى المنصب للإبتعاد عن بوكو حرام والالتحاق بجماعة السيد القرضاوي . كل هذه الانتقادات التي تصدر من هؤلاء لا ترمي إلا لفرض الوصاية وتقديس "الكهنوت الإسلامي" الذي يمثلونه.
سطوة الأزهريين وتدخلهم في ما لا يعنيهم أمر مشهود به في تاريخ المتفيقهين ومنهم الذين يضحكون على الناس ويرعبونهم بالتفكير والوعود بجهنم إذا خالفوا اوامرهم ويكنزون في الذهب والفضة ونكاح مثنى وثلاث ورباع. لا يمكن أبدا ان يملك شخص وحده الحقيقة كلها. الإسلام دين جماعي ومفتوح للتدبر من قبل كل المسلمين ولا وجود فيه لمكان البابا بالعمامة وبدونها. أختتم بما ورد في سورة المائدة ( لكل جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴿48﴾ وكفا الله المؤمنين والمؤمنات شر المحرمين لكل ما لا يفقهونه.
و يا ليت الدولة المصرية تتجرأ للجم أفواه الدعاة إلى الفتنة وتقيم نظاما معقولا لتدبير الشأن الديني بالتشارك مع المومنين والمومنات وسحب البساط من تحت أرجل الأفراد الذين يفتون في الشأن الذي يخص كل المصريين. المغرب بلد مستقل ولن يقبل الوصاية الدينية ولا غيرها ممن كان. مصر أم الدنيا وأهلها من اطيب الناس، لكن دواعشها ودواعش المغرب المساندين لهم يوشوشون عليهم وعلينا للتعلق بهم لحفظ مصالحهم على حساب كرامة المصريين وكرامتنا وسعادة المصريين وسعادتنا. وإذا كان الاسلام فعلا قد نبذ الطبقية الدينية واللاهوت عند العقائد الأخرى وساوى بين المسلمين فإن ذلك يقود حتما إلى رفض أحكامهم وفتياهم ومنع تقولهم وتأويلاتهم لشأن أكبر من حجمهم. وكل بلد له قوانينه وعاداته وأعرافه إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون.
ملاحظة: قد واجه اليهود نفس المشكل باعتمادهم من قبل التقويم القمري، فاجتمع المتنورين منهم واستعملوا عبقريتهم في عمليات رياضية بسيطة حتى ارسوا مواقيتهم وثبتوها بدقة لتقع في نفس الوقت من السنة الشمسية وقربوها بذلك من الأعياد المسيحية.
الدكتور عبد الغاني بوشوار-باحث وأستاذ العلوم الاجتماعية-اكادير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.