البرلمان داير جلسة عمومية لمناقشة الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة    الحكومة توسع صلاحيات المراكز الجهوية للاستثمار.. "معالجة استثناءات التعمير وطعون المستثمرين"    مقعد الفايق منوّض جدل كبير.. السلاوني المرشح الرابع فلائحة "الأحرار" حط طعن فالمحكمة الدستورية ضد قنديل وصرّح ل"كود": قدمناه فالأجل القانوني    ندوة دولية بطنجة حول رهانات وتحديات مكافحة غسل الأموال    الإضراب مستمر في كليات الطب ومصدر رسمي يؤكد أن باب الحوار أغلق مع تنسيقية الطلبة    جهة طنجة-تطوان : المخزون المائي بالسدود يناهز مليار و 100 مليون متر مكعب    بذور مقاومة للجفاف تزرع الأمل في المغرب رغم انتشارها المحدود    جامعة الكورة: توصلنا بقرار الكاف القاضي برباح بركان وخسارة USMA ب3 لزيرو فالروتور وتأهل الفريق المغربي للفينال    المكتب الوطني للمطارات كيوجد لتصميم بناء مقر اجتماعي.. وها شنو لونصات لقلالش    توقيف مغربي وإسباني بميناء سبتة بحوزتهما شحنة من الحشيش    جامعة في نيويورك تهدد بفصل طلاب تظاهروا تأييداً للفلسطينيين    الحكومة ترفض اتهامات المعارضة وتنفي مقايضة رفع الأجور بتمرير ملفات الاتفاق الاجتماعي    الحكومة تصادق على إصلاح مراكز الاستثمار وإحداث اللجان الجهوية الموحدة    النفط يتراجع لليوم الرابع عالمياً    طاهرة تودع مسلسل "المختفي" بكلمات مؤثرة        البرلمان يستعرض تدبير غنى الحضارة المغربية بالمنتدى العالمي لحوار الثقافات    مؤسسة المبادرة الخاصة تحتفي بمهرجانها الثقافي السادس عشر    حزب الاستقلال يراهن على "الكوطا الشبابية" للخروج من أزمة اللجنة التنفيذية    حادثة سير خطيرة بمركز جماعة الرواضي باقليم الحسيمة    عاجل: إحالة مسؤول بالاتحاد الاشتراكي على "جرائم الأموال" بالرباط في فضيحة "الوظيفة مقابل المال" بوزارة العدل    رغم الهزيمة.. حكيمي ضمن التشكيلة المثالية لنصف نهائي أبطال أوروبا    آبل تعتزم إجراء تكامل بين تطبيقي التقويم و التذكيرات    بورصة الدار البيضاء : تداولات الافتتاح على وقع الانخفاض    إلقاء القبض على إعلامية مشهورة وإيداعها السجن    تسرب الوقود من سفينة بميناء سبتة كاد يتسبب في كارثة بيئية    الطيب حمضي ل"رسالة24″: ليست هناك أي علاقة سببية بين لقاح أسترازينيكا والأعراض الجانبية    اللجنة العلمية لكورونا تخرج عن صمتها بشأن أضرار أسترزينيكا وترمي الكرة بملعب الحكومة    "الراصد الوطني للنشر والقراءة" يعلن عن أسماء الفائزات والفائزين بجائزة "الشاعر محمد الجيدي" الإقليمية في الشعر    الرئيس الكولومبي يعلن قطع العلاقات مع إسرائيل    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    مسؤولة في يونيسكو تشيد بزليج المغرب    "دراسة": زيادة لياقة القلب تقلل خطر الوفاة بنحو 20 في المائة    الاتحاد الفرنسي لكرة القدم يصدر قرارا مثيرا للجدل تجاه اللاعبين المسلمين بمنع ارتداء سراويل داخلية تغطي الركبة    عبد الجبّار السحيمي في كل الأيام!    قمة "نارية" بين حامل اللقب نهضة بركان ومتزعم البطولة الجيش الملكي في دور السدس عشر    العربية للطيران ترفع عدد رحلاتها بين أكادير والرباط    نادي الشباب السعودي يسعى لضم حكيم زياش    السجن لبارون مخدرات مغربي مقيم بشكل غير قانوني بإسبانيا    حادثة سير تسلب حياة سيدة في مراكش    تراجع التضخم في كوريا إلى أقل من 3 في المائة    رونالدو يقود النصر إلى نهائي كأس السعودية لمواجهة غريمه التقليدي الهلال    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    دورة مدريد لكرة المضرب: الروسي روبليف ي قصي ألكاراس حامل اللقب    هل ستعود أسعار الخضر للإشتعال؟    غضب رسمي أردني من "اعتداء" إسرائيليين على قافلتي مساعدات إلى غزة    نائب رئيس مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية: زعماء دول عربية قالوا لي اهلكو "حماس" دمروهم لأننا سندفع الثمن    دراسة: مجموع السجائر المستهلكة "يلتزم بالثبات" في إنجلترا    الصين تعتزم إطلاق المسبار القمري "تشانغ آه-6" في 3 ماي    باحث إسرائيلي في الهولوكوست: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية في غزة.. وهناك أدلة كافية قبل أن صدور إدانة المحكمة الدولية    اتحاد جدة صيفطو كريم بنزيما لريال مدريد وها علاش    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    البيرو..إطلاق منصة لتعلم أي لغة إشارة في العالم باستخدام الذكاء الاصطناعي    مدينة طنجة عاصمة عالمية لموسيقى الجاز    الأمثال العامية بتطوان... (586)    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    الأمثال العامية بتطوان... (584)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحنش فالسروال
نشر في أكادير 24 يوم 08 - 12 - 2014

يبدو أن التلويح بإخراج «ملفات الفساد» من الثلاجات أصبح رياضة وطنية هذه الأيام لدى الأغلبية الحكومية.
المعارضة فطنت إلى هذا السلاح الفتاك فاتهمت وزير العدل، صاحب الحق في تحريك الدعوى العمومية، ب«الفرزيات». أي أنه لا يتعامل مع جميع المسؤولين العموميين على قدم المساواة عندما يتعلق الأمر بتحريك الدعوى.
رد الوزير جاء في البرلمان على شكل تحدي، وطلب من البرلمانيين أن يتفضلوا عنده لكي يروا كيف أصبحت الدعوى العمومية في عهده شفافة. حتى إنه علم بالانتماء السياسي للمستشار الاستقلالي الذي تم اعتقاله بسبب الرشوة بفاس عن طريق الصحافة. الصحافة التي كان بنكيران يطالب وزراءه بالإعراض عن قراءتها لأنها تسبب الانقباض، وأصبح اليوم يدعو المعارضة لقراءتها لمعرفة أن المغرب يعرف أزمة معارضة وليس أزمة حكومة.
ويمكن اعتبار ما قامت به أحزاب المعارضة حركة استباقية لاعتراض ما تنوي فرق الأغلبية الحكومية الشروع في القيام به، خصوصا البدء في نبش القبور عن طريق لجان تقصي الحقائق بحثا عن جذور الفساد الذي عشش في المؤسسات العمومية ومؤسسات الدولة التي سيرتها الحكومات السابقة.
المصيبة هي أن الأحزاب المشكلة للتحالف الحكومي، عدا العدالة والتنمية، كلها متورطة بشكل أو بآخر في ملفات فساد التسيير العمومي. فعندما نتحدث عن التقدم والاشتراكية أو الأحرار أو الحركة الشعبية، فإننا نتحدث عن أحزاب سيرت وزارات ومؤسسات لعقود طويلة وتركت بصماتها واضحة عليها.
فهل سيقبل الحزب الحاكم بالنبش في مقابر الحلفاء، أم أن عمليات النبش ستقتصر على مقابر الخصوم السياسيين فقط، أم أن فزاعة لجان تقصي الحقائق التي تلوح بها الأغلبية الحكومية، ستنكمش لكي تتحول إلى لجان استطلاعية كما حدث مع كارثة الفيضان التي ضربت الجنوب؟
المهم أن بداية سنة 2015 تلوح من هنا ساخنة وهادرة، فقد جمع الفريق البرلماني للعدالة والتنمية ما يكفي من «الحجارة» لاستعمالها في المنجنيقات الإلكترونية التي فرخت في كل مكان، استعدادا لتحصين مواقعه الانتخابية ضد الخصوم الذين يريدون اجتثاثه منها.
ولعل المثير في كل هذه الملفات التي تفوح رائحتها النفاذة، والتي جمعها بعناية وكد وجهد جهيد جيش العدالة والتنمية السري والعلني الموزع في الإدارات والمؤسسات، أنها ليست ملفات للتقديم أمام القضاء، بل هي ملفات للتطويع.
بمعنى آخر، فالغاية من التلويح بملفات الفساد ولجان الاستطلاع ولجان تقصي الحقائق، ليست محاربة الفساد وعرض مقترفيه أمام القضاء لكي يقول كلمته فيهم، وإنما الهدف من ذلك الترويع والتطويع والتحكم.
فالحزب الحاكم لا مصلحة له في تطبيق شعار «محاربة الفساد والاستبداد»، عبر تفعيل مساطر المتابعة واقتياد الفاسدين إلى السجون واستعادة أموال الشعب المنهوبة، بل مصلحته تكمن في استعمال هذه الملفات للابتزاز السياسي من أجل حماية مكتسباته ومواقعه الانتخابية.
ومن خلال تتبعنا لكل الاتهامات التي «يتشاير» بها وزراء الحزب الحاكم، ونوابهم في البرلمان، نستخلص أن الهدف المرجو من هذا «التشيار» هو ترسيم الحدود الانتخابية وتأمين المقاعد عن طريق سياسة «دير ليه الحنش فالسروال وخليه».
ولو تعلق الأمر بصحافي أو مواطن عادي نطقا بربع تلك الاتهامات التي يلقي بها إخوان بنكيران، لوجدا استدعاءات الشرطة بانتظارهما من أجل تهم تتعلق بالتبليغ عن جرائم يعلمان بعدم حدوثها.
وقد سمعنا المستشار الحايا يتهم وزير المالية بتمكين شركة أخيه لما كان واليا على الدار البيضاء من صفقات التجهيز، وسمعنا أن الأوامر أعطيت للاستماع إلى المستشار من أجل إعمال القانون، وإلى اليوم لا أحد يعرف أين توجد الحقيقة.
وسمعنا رئيس الفريق النيابي للحزب الحاكم يتهم برلمانيين بتلقي رشاوٍ بمليارين من شركة للتبغ من أجل تمرير تعديلات في قانون المالية تخص الضريبة على التبغ. وسمعنا رئيس الفريق يطالب برلمانيي المعارضة الذين اتهموه بالتستر على جناية، بالانضمام إليه لتشكيل لجنة لتقصي الحقائق من أجل البحث في هذا الموضوع. وإلى اليوم لم نر أي شيء، فلا وزير العدل فتح تحقيقا في هذا الاتهام الخطير، ولا لجنة تقصي الحقائق تشكلت.
وسمعنا وزير التجهيز والنقل يتهم مكاتب دراسات فازت بصفقات عمومية يحملها أصحابها في «شكارتهم».
وسمعنا رئيس الحكومة يقول إنه يعرف رجال أعمال اضطروا لإعطاء رشوة من أجل تسهيل حصولهم على صفقات.
وسمعنا وزير العدل يعترف بوجود مافيا للعقار، ويحذر المواطنين منها ويطلب منهم مراقبة ممتلكاتهم في المحافظة العقارية كل أربع سنوات، حتى لا تزور هذه المافيا ملكيتها وتباع فوق ظهورهم.
«وملي نتوما بالسلامة عارفين هاد الإجرام كامل، طبقو القانون أعباد الله».
لكن الظاهر أن الغاية من التلويح بهذه الاتهامات ليست تطبيق القانون ورد الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة، فبنكيران سامحهم وكأنها أمواله التي سرقت وليست أموال الشعب، ولكن الغاية سياسية محضة.
غير أن لهذه الاستراتيجية مخاطرها التي لا يدركها أصحابها، وهي أن الرأي العام عندما تتهم موظفي أو أعضاء مؤسسة بعينها دون أن تعطيه أسماء المتهمين الذين تقصدهم، يعتبر المؤسسة بكاملها متهمة إلى أن يثبت العكس.
فاتهام النائب بوانو لبرلمانيين بتلقي رشوة من شركة التبغ دون إعطاء اسميهما، يجعلنا نشكك في كل البرلمانيين الذين ينتمون إلى هذه المؤسسة، وهو باتهامه هذا يضعهم جميعهم موضع شبهة.
وكذلك الشأن بالنسبة لمكاتب الدراسات التي يتهمها الوزير رباح بالتواجد في «شكاير» مدرائها. وكذلك الشأن بالنسبة لرجال الأعمال الذين قال عنهم رئيس الحكومة إنهم أعطوا رشوة للحصول على صفقات أو تسهيل ذلك.
إن هذا التعميم المقصود لديه هدف واضح، وهو جعل الكل مرعوبين بسبب احتمال كون أحدهم هو المقصود بالاتهام. وفي وسط سياسي كهذا الذي ابتلينا به، أغلب المنتمين إليه توجد في كروشهم عجينة، فإن هذه الاستراتيجية تؤتي أكلها، بحيث يحافظ الجميع على لسانه في فمه خوفا من الإشارة إليه بالأصابع.
وهنا تكمن بالضبط قوة العدالة والتنمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.