أطلقت المعارضة في البرلمان المغربي مبادرتين ضد حكومة عزيز أخنوش، وذلك في أعقاب الجدل المستمر حول ملف الدعم المخصص لاستيراد الأغنام، خاصة بعد التصاريح والأرقام المتضاربة التي أدلت بها أصوات من داخل الحكومة. وتدفع المعارضة بإحداث لجنة تقصي الحقائق، وتقديم ملتمس رقابة، في حين تطالب الأغلبية بمهمة استطلاعية ترمي إلى تقييم البرامج والتدابير المعتمدة لدعم استيراد الأغنام واللحوم. وبخصوص تحركات المعارضة، كشف إدريس السنتيسي، رئيس الفريق البرلماني لحزب الحركة الشعبية، أن المسطرة الخاصة بإحداث لجنة تقصي الحقائق تستند إلى الفصل 67 من الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب، حيث يتعين على الفرق البرلمانية الأربعة المشكلة للمعارضة الحصول أولا على توقيع ما لا يقل عن ثلث أعضاء المجلس، أي 130 نائبا من أصل 395. وأوضح السنتيسي أن قبول هذه المبادرة رهين بتوجيه الطلب إلى رئيس مجلس النواب، مرفقا بالتوقيعات الضرورية، مضيفا أنه بدون دعم 130 نائبا، سواء من المعارضة أو من الأغلبية، فإن الطلب يعتبر غير مقبول، كما يرفض الطلب إذا تبين أن القضية المطروحة قيد المتابعة القضائية. أما في حالة قبول الطلب، فقد بين النائب البرلماني أن رئيس المجلس يقوم بتكليف أحد ممثلي المعارضة برئاسة أول اجتماع للجنة لتشكيل مكتبها، بما في ذلك انتخاب رئيسها وأمينها، على أن يتم منحها مهلة أقصاها ستة أشهر لإنجاز مهمتها، التي تشمل الاستماع إلى جميع الأطراف المعنية بالقضية. وعن أهمية هذه المبادرة، سجل المتحدث أنه في حالة توصل اللجنة إلى نتائج تتضمن معطيات تستدعي تدخل القضاء، فإنها تحال مباشرة إلى النيابة العامة، مردفا أن هذا الأمر لا يكون ممكنا بالنسبة إلى لجنة المعلومات البرلمانية، التي طالبت بها الأغلبية كرد فعل على تحركات المعارضة. وبالنسبة إلى ملتمس الرقابة، فيجب أن يتم توقيعه من طرف خمس أعضاء المجلس على الأقل، أي ما يعادل 79 نائبا، كي يباشر رئيس مجلس النواب المسطرة القانونية ويبلغ رئيس الحكومة الذي يتوفر على أجل أقصاه 15 يوما لتحديد موعد عرض الملتمس أمام النواب. وفي نفس الإطار، يتم عقد جلسة عامة تمتد لثلاثة أيام، تعرض خلالها مضامين الملتمس وتفتح النقاشات بين مختلف الفرق النيابية، ثم يعرض الملتمس للتصويت، حيث يتوجب أن يصادق عليه بالأغلبية المطلقة ليتم قبوله. ويأتي تقديم هاتين المبادرتين في الوقت الذي تتهم فيه المعارضة مكونات الأغلبية بمحاولة "عرقلة مبادرة لجنة تقصي الحقائق وتحريف أهدافها" من خلال إحداث لجنة معلومات بديلة، بحسب إدريس السنتيسي. وكانت فرق الأغلبية بمجلس النواب قد تقدم بطلب إلى رئيس لجنة القطاعات الإنتاجية، لإجراء مهمة استطلاعية، للوقوف على البرامج و الإجراءات المتخذة لدعم استيراد الأبقار والاغنام واللحوم، وذلك أياما بعد تقديم فرق المعارضة مبادرة لتشكيل لتقلصي الحقائق حول دعم استيراد المواشي. وتأتي هذه التحركات في أعقاب تصاعد الجدل السياسي والإعلامي حول ملف الدعم الحكومي لاستيراد المواشي، على خلفية القرار الملكي الأخير الذي دعا المواطنين إلى عدم ذبح الأضاحي هذا العام، في ظل الغلاء غير المسبوق والتداعيات المترتبة عن توالي سنوات الجفاف، ما فتح بابا واسعا أمام قوى سياسية، سواء من الأغلبية أو المعارضة، لإعادة طرح تساؤلات حول فعالية هذا الدعم وآليات توزيعه.