قال الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية السابق جوزيب بوريل إن صمت أوروبا سمح باستمرار إبادة الفلسطينيين دون رادع، مقوضا بذلك كل ما تمثله القارة العجوز، ودعا قادتها للتحرك الآن لأن رفضهم معاقبة إسرائيل يجعلهم متواطئين في جرائمها. وأوضح بوريل، في مقال بصحيفة ذي غارديان البريطانية، أن المحاكم الدولية إذا نجت من هجمات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لن تصدر حكمها النهائي إلا بعد سنوات، مع أنه لا شك أن الحكومة الإسرائيلية ترتكب إبادة جماعية في غزة، حيث تذبح وتجوع المدنيين بعد تدميرها الممنهج لجميع البنى التحتية في القطاع.
وذكر بأن المستوطنين والجيش الإسرائيلي يواصلون يوميا انتهاكاتهم الجسيمة المتكررة للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي في الضفة الغربية والقدس الشرقية، مشيرا إلى أن من لا يتحرك لوقف هذه الإبادة الجماعية وهذه الانتهاكات -مع امتلاكه القدرة على ذلك- يعد متواطئا فيها. وشدد بوريل أن الاتحاد الأوروبي يمتلك العديد من الأدوات التي يمكنه استخدامها للتأثير بشكل كبير على الحكومة الإسرائيلية، فهو أكبر شريك تجاري لها وشريكها الرئيسي في الاستثمار والتبادل التجاري بين الشعوب، كما أنه أحد مورديها الرئيسيين للأسلحة. ومع أن اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل تمنح الأخيرة الكثير من الامتيازات، فإن مادتها الثانية تشترط احترام القانون الدولي وحقوق الإنسان الأساسية، مما يجعل عدم تعليقها انتهاكا خطيرا لهذه الاتفاقية، ويضر بمكانة الاتحاد الجيوسياسية بشكل خطير، ليس فقط في العالم الإسلامي، بل في جميع أنحاء العالم. وندد بوريل بإصرار الاتحاد الأوروبي على عدم تعليق اتفاقية الشراكة رغم انتهاكها الواضح من قبل إسرائيل، وعدم منعه شحنات الأسلحة إليها رغم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في غزة، وعدم حظره الواردات من المستوطنات غير الشرعية رغم قرارات محكمة العدل الدولية في هذا الشأن، وعدم فرضه عقوبات على الوزراء والقادة السياسيين الإسرائيليين الذين يدلون بتصريحات إبادة جماعية، وعدم منعه نتنياهو من استخدام المجال الجوي الأوروبي رغم مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، وعدم دعمه لقضاة المحكمة ومسؤولي الأممالمتحدة الذين فرضت عليهم الولاياتالمتحدة عقوبات. وأكد أن الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء يُشوّهون سمعته أمام العالم، ويُقوّضون القانون الدولي والنظام متعدد الأطراف الذي يُفترض بهم الدفاع عنه. وأنه بينما يتعرض الاتحاد الأوروبي لهجوم من بوتين في الشرق وترامب في الغرب، فإنه يُعمّق عزلته بانعزاله عن بقية العالم. وأضاف بوريل من المرجح أن يُحاسب قادة الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء مستقبلاً على تورطهم في الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها حكومة نتنياهو. وبالنظر إلى الماضي، سيُدين الأوروبيون بلا شك إهمالهم للإبادة الجماعية الجارية. ومع ذلك، من المُلحّ الحدّ من الأضرار الآن. وخلص بوريل إلى القول بأن الاتحاد الأوروبي الذي يتعرض لهجوم من بوتين في الشرق وترامب في الغرب، يعمق عزلته عن بقية العالم، وبالتالي يجب عليه أن يقرر فرض عقوبات على إسرائيل دون تأخير، لأن هذه هي اللغة الوحيدة التي يمكن أن تجبر القادة الإسرائيليين على التوقف عن ارتكاب جرائمهم.