التوظيف الإيديولوجي لحقوق الإنسان يضع البوليساريو تحت مجهر ندوة دولية    قانون جديد يكرس مهام مرصد الإجرام        بورصة البيضاء تنهي الأسبوع بارتفاع    اضطرابات في عدة مطارات أوروبية كبرى بسبب هجوم إلكتروني    بريطانيا تطلق موقعا إلكترونيا على "الإنترنت المظلم" لتجنيد جواسيس    إسرائيل تواصل التقتيل في قطاع غزة        ولاية أمن الدار البيضاء تتفاعل مع اتهامات سائح لسائق "طاكسي"    كيوسك السبت | الحكومة تتجه نحو الحد من تغول الوسطاء في أسواق المنتجات الفلاحية    الاتحاد الدولي لكرة القدم يتلقى 4.5 مليون طلب لشراء تذاكر كأس العالم    الانبعاثات الكربونية في أوروبا تبلغ أعلى مستوى منذ 23 عاما    تأهب داخل الحلف الأطلسي.. روسيا تنفي انتهاك مقاتلاتها المجال الجوي الإستوني        موسكو تُعيد رسم معالم النقاش حول الصحراء وتُضعف أطروحة الجزائر    فوز ثمين لأولمبيك آسفي أمام نجيليك النيجري في كأس الكاف            العمران تنظم محطة مدريد من معرض "إكسبو مغاربة العالم" لتعزيز روابط الجالية مع العرض العقاري الوطني    الرباط وبكين تؤسسان لحوار استراتيجي يرسخ المصالح المشتركة    المغرب والصين يرسّخان شراكتهما الاستراتيجية عبر حوار دبلوماسي مؤسساتي جديد    كأس العالم لكرة القدم لأقل من 20 سنة (الشيلي 2025) .. تركيز "أشبال الأطلس" منصب الآن على عبور الدور الأول (الناخب الوطني)    دوري أبطال أوروبا.. برشلونة لن يستضيف سان جرمان في ملعبه ال"كامب نو"    الرسالة الملكية في المولد النبوي        برادة: 800 مؤسسة مؤهلة هذا العام لاستقبال تلاميذ الحوز        سيدي بنور.. حظر جمع وتسويق المحار بمنطقة سيدي داوود    العداءة الرزيقي تغادر بطولة العالم    الداخلة.. حزب الأحرار يطلق أولى ندواته تخليداً للذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء وتعزيزاً للدفاع عن الوحدة الترابية    بعد الجزائر وموسكو .. دي ميستورا يقصد مخيمات تندوف من مدينة العيون    "الملجأ الذري" يصطدم بنجاح "لا كاسا دي بابيل"    سي مهدي يشتكي الرابور "طوطو" إلى القضاء    احتجاجات بالصويرة رفضا للمشاركة الإسرائيلية في منتدى نسائي    مشروع قانون يسمح بطلب الدعم المالي العمومي لإنقاذ الأبناك من الإفلاس    ترسيخا لمكانتها كقطب اقتصادي ومالي رائد على المستوى القاري والدولي .. جلالة الملك يدشن مشاريع كبرى لتطوير المركب المينائي للدار البيضاء    منتخب الفوتسال يشارك في دوري دولي بالأرجنتين ضمن أجندة «فيفا»    الصين تشيد بالرؤية السديدة للملك محمد السادس الهادفة إلى نهضة أفريقيا    مساء اليوم فى برنامج "مدارات" : صورة حاضرة فاس في الذاكرة الشعرية    ثقة المغاربة في المؤسسات تنهار: 87% غير راضين عن الحكومة و89% عن البرلمان    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    شكاية أمام القضاء للتحقيق في عبور عتاد عسكري إلى إسرائيل عبر موانئ مغربية    تقنية جديدة تحول خلايا الدم إلى علاج للسكتات الدماغية    السجن المؤبد لزوج قتل زوجته بالزيت المغلي بطنجة        زلزال بقوة 7.8 درجات يضرب شبه جزيرة كامتشاتكا شرقي روسيا    المغرب في المهرجانات العالمية    إسرائيل تجمد تمويل مكافآتها السينمائية الرئيسية بسبب فيلم «مؤيد للفلسطينيين»    تسجيل 480 حالة إصابة محلية بحمى "شيكونغونيا" في فرنسا    الكشف عن لوحة جديدة لبيكاسو في باريس    350 شخصية من عالم الدبلوماسية والفكر والثقافة والإعلام يشاركون في موسم أصيلة الثقافي الدولي    الذكاء الاصطناعي وتحديات الخطاب الديني عنوان ندوة علمية لإحدى مدارس التعليم العتيق بدكالة    ألمانيا تقلق من فيروس "شيكونغونيا" في إيطاليا    خبير: قيادة المقاتلات تمثل أخطر مهنة في العالم    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونسية اغتصبها رجال أمن وتحولت إلى متهمة بالفساد
نشر في الأحداث المغربية يوم 07 - 10 - 2012

تعرضت للاغتصاب لكنها مهددة بالسجن. لا أحد يعرف اسمها إلى الآن لأنها ترفض الكشف عن هويتها لكن التونسية ذات 27 عاما صنعت بمأساتها الحدث في تونس ووصل صدى قضيتها العالم بأسره بعد تعرضها للاغتصاب من قبل شرطيين اثنين.
«العالم كله يدعمني» هكذا صرحت الشابة لوسائل الإعلام وهي تلج المحكمة الابتدائية بالعاصمة تونس يوم الثلاثاء ثاني اكتوبر.
كانت تضع وشاحا أسود يغطي شعرها ووجهها وترتدي نظارات سميكة قاتمة إمعانا في عدم فضح هويتها.
دخول الشابة إلى قاعة المحكمة لم يكن بصفتها ضحية اغتصاب لكن كمتهمة. فالشابة التونسية التي تتهم شرطيين باغتصابها وابتزاز خطيبها متهمة بالمقابل ب «الإخلال بالحياء العام» لتتحول بذلك من مشتكية وضحية إلى متهمة.
القصة التي تثير جدلا واسعا في تونس بدأت في ليلة 2 من شتنبر الماضي. كانت الشابة رفقة خطيبها داخل سيارته بمحافظة عين زغوان بضواحي تونس العاصمة. لكن الحديث الشيق الذي كان الخطيبان يتبادلانه سرعان ما تحول إلى كابوس مرعب. ثلاثة من عناصر الشرطة ظهروا فجأة أمام الشابة وخطيبها.
وحسب الشكاية التي وضعتها الفتاة طلب عنصران من العناصر الثلاثة من المرأة الصعود معهما إلى سيارة الشرطة ثم ابتعدا بها نحو مكان خال وهناك تناوبا على اغتصابها طوال ساعة و15 دقيقة أما زميلهما الثالث فقد تكلف ب«مهمة» أخرى وهي ابتزاز خطيب الفتاة طالبا منه مرافقته إلى صراف آلي وصرف مبالغ مالية لفائدة عناصر الشرطة الثلاثة.
هذه هي الوقائع التي ضمنتها الشابة شكايتها ضد الشرطيين التابعين لمديرة الأمن الوطني بمنطقة حدائق قرطاج القريبة من القصر الرئاسي. إلى هنا كل شيء يأخذ مساره الطبيعي. لكن كيف تحولت الضحية إلى متهمة؟
تقدمت الشابة بشكايتها ضد عناصر الشرطة الثلاثة وتم استدعاء الشرطيين وحقق معهما وفي 27 شتنبر تمت مواجهة الفتاة وخطيبها مع الشرطيين الثلاثة.
كما أن نتائج اختبارات الطب الشرعي «أثبتت مبدئيا تعرض الشابة للاغتصاب» كما أكد فوزي جاب الله المسؤول في وزارة العدل لبعض وسائل الإعلام التونسية.
لكن القضية أخذت منحى مغايرا تمام لتجد الضحية نفسها في قفص الاتهام. عناصر الشرطة ال3 يتهمون الضحية وخطيبها ب«الإخلال بالحياء العام» وبأنهم ضبطوا الاثنين في وضعية غير أخلاقية.
والنتيجة كانت انتقال الشابة المغتصبة إلى قفص الاتهام رفقة خطيبها
طوال 3 ساعات ونصف من الزمن استنطق قاضي التحقيق محمد بن مفتاح الثلاثاء 2 أكتوبر الشابة وخطيبها بتهمة «التجاهر عمدا بفعل فاحش».
لقد كنا نتبادل الحديث أنا وخطيبي» تحكي الشابة نافية وجودهما في وضعية غير أخلاقية كما يدعي عناصر الشرطة الثلاثة. «أصبحت أنا المتهمة إنهم يغتصبوني من جديد. لقد فكرت في الانتحار» صرحت الضحية لعدد من وكالات الأنباء التي تتابع قضيتها باهتمام.
وبينما كانت الضحية/ المتهمة ترد على أسئلة القاضي، كان مئات من المحتجين يقفون أمام المحكمة لمناصرة الضحية التي أضحت فجأة في قفص الاتهام.
حوال 500 شخص تجمعوا استجابة لدعوات تمت عبر مواقع التواصل الاجتماعي: حقوقيون ومواطنون عاديون رفعوا شعارات تفاوتت مضامينها وجرأتها. «بالنقاب أو الحجاب أو المايو.. لا للاغتصاب» «تونس الحب حرام.. الاغتصاب فن» بينما انتقدت لافتات أخرى استقلالية القضاء... وتحسرت أخرى على «الثورة المسروقة».
«وزارة الداخلية حاولت التكتم على الجريمة ومارست ضغوطا على الفتاة» صرحت راضية نصراوي الناشطة الحقوقية والمحامية معتبرة أن رجال الشرطة المتهمين «مجرمون» ولا يمكن اعتماد «أقوالهم المقدوح فيها»
أما بن موسى عبد الستار رئيس الرابطة ... للدفاع عن حقوق الإنسان فقال: «أنا مصدوم من تحويل فتاة مغتصبة بوحشية إلى متهمة لتشويه سمعتها»
ويبدو أن محامية الضحية آمنة زهروني كانت متفائلة عند خروجها من جلسة الاستنطاق مصرحة لوكالة «فرانس بريس» بالقول إنه « سيكون من غير المعقول إدانتهما .. لدي ثقة في العدالة».
بعد ثلاث ساعات ونصف من الاستنطاق خرجت الشابة من القاعة حاملة مخاوفها معها فالقاضي لم يبث بعد في صلب القضية.
« كانت تبكي لم تتحمل الوضع الذي وجدت نفسها فيه‫..‬ بدروي بكيت لبكائها » تروي محاميتها راضية نصراوي لوسائل الإعلام عند خروجها من المحكمة بعد جلسة الاستنطاق الطويلة.
«أصبحت أنا المتهمة إنهم يغتصبوني من جديد. لقد فكرت في الانتحار» تقول الشابة التي تنتظر المنحى الذي ستأخذه قضيتها.
منحى قد يكون إيجابيا بعد أن حظيت الضحية باستقبال رئيس الجمهورية منصف المرزوقي مرفوقة بخطيبها والحقوقية سهام بن سردين. لكن هل اعتذار الدولة التونسية الذي قدمه الرئيس كاف حتى يلتئم الجرح الذي تعيشه الضحية؟ « حياتي انتهت ..لا يمكن أن أضحك أو أبتسم حتى الكلام العادي أعجز عنه فصور الذين اغتصبوني تطاردني استمرار»
تونس تنتفض ضد المحاكمة الظالمة
اعتبر رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي أن «ما فعله الشرطيان لا يغتفر، وليس هناك أي تبرير لهذا الفعل الهمجي الذي يتعارض مع كل قيمنا الأخلاقية». وأضاف «بصفتي رئيسا للحكومة أدين فعل هذين الشرطيين اللذين سيحاكمان بقسوة».
استنكرت هالة يوسفي المحاضرة في جامعة باريس دوفين والمختصة في علوم الاقتصاد والاجتماع في حديث مع فرانس 24 طبيعة التعامل القضائي مع الأحداث وقالت «كيف يقبل القضاء شهادات تنال من الأخلاق الحميدة للفتاة وخطيبها صادرة عن المعتدين عليها؟».
وأضافت هالة يوسفي أن الخطاب الأخلاقي حول خدش الحياء خطاب كان يستعمل في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين، وأن ما يعاب على حكومة النهضة ليس جرائم الاغتصاب التي تشهدها كل المجتمعات بل كونها تلقي بالمسؤولية على القضاء «وكأن القضاء مستقل في تونس والجهاز الأمني نظيف! في حين أن ما طالب به الشعب هو تطهير القضاء من الفساد والقطع مع نظام بوليسي قمعي وهي النقاط التي يجب محاسبة النهضة عليها. فكيف تحيلنا على الأمن والقضاء الفاسدين أو على الأقل غير المستقلين فيما كان من الأجدر القطع معهما؟».
تضامن واستنكار
أعلنت الناشطة الحقوقية سهام بن سدرين رئيسة المجلس الوطني للحريات، أن قاضيا هدد الفتاة بمقاضاتها خلال أول جلسة استماع لها إن تحدثت عن تعرضها لعملية اغتصاب من قبل الشرطيين. واتهمت بن سدرين وزارة العدل التي يتولاها نور الدين البحيري القيادي في حركة النهضة الاسلامية الحاكمة، بالسعي إلى «التستر على الجريمة».
دعت منظمة العفو الدولية في بيان إلى إسقاط التهمة الموجهة إلى الشابة ورفيقها واعتبرتها «محاولة ماكرة لتشويه سمعة الضحية».
وذكرت بأن إقدام رجال أمن على اغتصاب أشخاص «كان يستخدم في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي كأداة للقمع، وهو شكل من أشكال التعذيب».
وانتقدت إيمان الطريقي، رئيسة جمعية إنصاف وحرية المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، سير القضية، قائلة: ها هي نفس الممارسات التي حصلت في العهد البائد تعاد الآن. فمن يشتكي، يصبح متورطا ومتهما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.