أكد محمد الطوزي أنه لا منافس قوي في المشهد السياسي الحالي لحزب العدالة والتنمية في ظل تنامي الفكر المحافظ. وقال الباحث السوسيولوجي ومدير مدرسة الحكامة والاقتصاد بالرباط أن الأحزاب السياسية الحالية عاجزة عن مجاراة حزب المصباح، الذي يقدم نفسه نموذجا ل «النزاهة والمصداقية والأمانة والصلاح». ونبه محمد الطوزي، الذي كان يتحدث في ندوة لتقديم «قراءة سياسية لما بعد اقتراع 4شتنبر» نظمها المعهد العالي للتدبير بالرباط يوم الجمعة 9شتنبر 2015، إلى أنه في غياب المعلومة المتصلة بالتصويت «يصعب دراسة الانتخابات بطريقة علمية وموضوعية علما أن دراسة نتائج الانتخابات هي مسألة معقدة». ومع ذلك، قدم الطوزي في معرض تدخله مجموعة من الاستنتاجات المتصلة بالحملة الانتخابية لحزب المصباح، الذي يقود التحالف الحكومي الحالي والذي حقق نتائج هامة في الاستحقاقات الأخيرة عززت قوته في المشهد السياسي المغربي. وفي هذا السياق، استعرض الطوزي، الذي أكد أن الانتخابات الأخيرة عكست حملات انتخابية حقيقية بخلاف ما عرفته اقتراعات سابقة واشتغالا سياسيا فعليا للأحزاب، مجموعة من الملاحظات، التي قال إنها تعكس نقط قوة حزب عبد الإله ابن كيران وآلته الانتخابية. وقد أجملها في توفر الحزب على قوة تنظيمية وتأطيرية محكمة، وعلى سياسة تواصلية فعالة ترتكز على خطاب القرب، يقدم رئيس الحكومة والأمين العام للحزب عبد الإله ابن كيران النموذج الأبرز والفعال لها، وعلى تقنية انتخابية فعالة، وعلى قدرة عالية في التحكم وضبط «قطيعه» على حد تعبير الباحث السوسيولوجي، وفي اعتماده لآلية انتخابية على الطريقة الأمريكية . ولفت الطوزي إلى أن العدالة والتنمية اشتغل على حملته على مدى سنة قبل انطلاق الحملة الرسمية، من خلال تنظيم قافلة «المصباح» واستغلاله عبرها ل«لوغو» الحزب، وأيضا من خلال تنظيم مجموعة من الأعمال الخيرية المتنوعة وفق تقاليد جماعة «الإخوان المسلمين» لضمان استقطاب الكتلة الناخبة. وقد استدل محمد الطوزي على رجاحة تحليله بالإشارة إلى أن حزب المصباح «نجح في تسجيل 300ألف ناخب في اللوائح الانتخابية برسم الاقتراع، وهو العدد ذاته تقريبا الذي ارتفعت به الكتلة الناخبة لفائدة الحزب. مما يعني أن الحزب استقطب الناخبين الذين سيصوتون فعليا لصالحه». علي بوعبيد الباحث والمندوب العام لمؤسسة عبد الرحيم بوعبيد، وفي سياق قراءته لنتائج الانتخابات الجماعية والجهوية ل4شتنبر 2015، فشدد على هيمنة الإشكال الأخلاقوي على النقاش السياسي العمومي برسم هذه الانتخابات. وأوضح أن كلا من حزبي الأصالة والمعاصرة و العدالة والتنمية، المتنافسين القويين فيها، استغلا لفائدتهما «تهريب النقاش السياسي العمومي وتحويره عن القضايا السياسية الحقيقية من قبيل المشروع المجتمعي». وقال إن الحزبان «تواطآ بشكل متناقض مع تنازعهما الإيديولوجي حينما جعلا من الإشكالية الأخلاقوية نقطة التقاء في خطاباتهما الموجهة إلى الناخبين ووقودا للمنافسة السياسية». ونبه بقوة إلى أنه «حينما يُختزل النقاش السياسي العمومي في القضايا ذات الطابع الأخلاقوي وفي مقدمتها النزاهة، فهذا يدل على أننا في الحضيض السياسي أو الدرجة صفر من السياسة». و إلى ذلك، أوضح علي بوعبيد أن الانتخابات أفرزت قطبين اثنين شكلهما أحزاب «الأعيان»، وفي مقدمتها حزب الأصالة والمعاصرة، وأحزاب «المناضلين» يتقدمها حزب العدالة والتنمية إلى جانب أحزاب اليسار. كما أنها كشفت تطور مفهوم «الأعيان»، الذي اعتبره اختيارا سياسيا، وانبنت نتائجها على تبادل المصالح بين المرشح والحزب وبين المرشح والناخب. وأجمع المتدخلون في الندوة، التي عرفت مشاركة كل من مونية الشرايبي بناني، أستاذة بمعهد الدراسات السياسية والتاريخية والدولية، ومعهد البحث السياسي بجامعة لوزان الفرنسية، والمحلل السياسي الاسباني بيرانبي لوبيز غارسيا، على أن حياد السلطة أثناء الانتخابات لم يُكسب بالضرورة الانتخابات «الشفافية اللازمة»، وذلك في ظل استمرار ما أسموه تعتيم وزارة الداخلية بشأن مجموعة من المعطيات المتصلة بنسبة المقاطعين للاقتراع، وطبيعة وهوية الكتلة المصوتة، وطبيعة القيمة التجارية، التي حصل عليها الناخبون في الصفقات الانتخابية التي جمعتهم بالمنتخبين والوعود الانتخابية المقدمة لهم.